responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 96
مُعَذَّبَةٌ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.

، وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ، وَيُسْأَلُونَ، {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّالِثُ: فُهِمَ مِنْ تَخْصِيصِ الْحَيَاةِ وَالرِّزْقِ بِشَهِيدِ الْحَرْبِ أَوْ مَنْ مَعَهُ أَنَّ شَهِيدَ الْآخِرَةِ كَالْغَرِيقِ وَالْمَيِّتِ بِالطَّاعُونِ أَوْ بِالْإِحْرَاقِ أَوْ بِالْإِسْهَالِ، أَوْ كَالْمَقْتُولِ دُونَ أَهْلِهِ أَوْ دِينِهِ أَوْ مَاتَ غَرِيبًا أَوْ مُتَلَبِّسًا بِطَلَبِ الْعِلْمِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ شُهَدَاءِ الْآخِرَةِ لَيْسَ مِثْلَهُ فِي الْحَيَاةِ وَالرِّزْقِ وَإِنْ أُلْحِقَ بِهِ فِي مُطْلَقِ الْأَجْرِ.
الرَّابِعُ: قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ: قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا: إنَّ نَبِيَّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَإِنَّهُ يُسَرُّ بِطَاعَةِ أُمَّتِهِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يَبْلَوْنَ مَعَ أَنَّا نَعْتَقِدُ ثُبُوتَ الْإِدْرَاكَاتِ كَالْعِلْمِ وَالسَّمَاعِ لِسَائِرِ الْمَوْتَى وَنَقْطَعُ بِعَوْدِ حَيَاةِ كُلِّ مَيِّتٍ فِي قَبْرِهِ وَبِنَعِيمِ الْقَبْرِ وَعَذَابِهِ وَهُمَا مِنْ الْأَعْرَاضِ الْمَشْرُوطَةِ بِالْحَيَاةِ لَكِنْ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى بِنْيَةٍ، وَأَمَّا أَدِلَّةُ الْحَيَاةِ فِي الْأَنْبِيَاءِ فَمُقْتَضَاهَا أَنَّهَا مَعَ الْبِنْيَةِ فَقَدْ قَالَ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ: الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ وَالْعُلَمَاءُ لَا يَبْلَوْنَ وَالْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَأْكُلُونَ فِي قُبُورِهِمْ وَيَشْرَبُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَصُومُونَ وَيَحُجُّونَ، وَوَقَعَ الْخِلَافُ فِي نِكَاحِهِمْ نِسَاءَهُمْ، وَلِلشَّاذِلِيِّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ: إنَّ الشُّهَدَاءَ يَنْكِحُونَ حَقِيقَةً كَمَا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، وَقَائِلُ غَيْرِ هَذَا مُخَالِفٌ لِلْآيَةِ.
قَالَ صَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ:
وَصِفْ شَهِيدَ الْحَرْبِ بِالْحَيَاةِ ... وَرِزْقِهِ مِنْ مُشْتَهَى الْجَنَّاتِ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا حَقِيقَةَ الرِّزْقِ فِيمَا سَبَقَ ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرُّوحِ مِنْ حَيْثُ نَعِيمِهَا وَعَذَابِهَا وَمَحَلِّهَا وَحَقِيقَتِهَا فَقَالَ: (وَ) مِمَّا يُطْلَبُ الْجَزْمُ بِهِ أَنَّ (أَرْوَاحَ) جَمْعُ رُوحٍ وَيُرَادِفُهَا النَّفْسُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (أَهْلِ السَّعَادَةِ) وَهُمْ كُلُّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْإِيمَانِ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّعَادَةَ هِيَ الْمَنْفَعَةُ اللَّاحِقَةُ فِي الْعُقْبَى وَهِيَ الْمَوْتُ عَلَى كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ (بَاقِيَةٌ) لَا تَفْنَى عِنْدَ مَوْتِ صَاحِبِهَا وَلَا عِنْدَ النَّفْخَةِ الْأُولَى الَّتِي يَهْلِكُ عِنْدَهَا كُلُّ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ، وَكَمَا يَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ يَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّهَا (نَاعِمَةٌ) أَيْ مُنَعَّمَةٌ بِرُؤْيَةِ مَقْعَدِهَا فِي الْجَنَّةِ وَيَسْتَمِرُّ لَهَا ذَلِكَ (إلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) أَيْ يَقُومُونَ أَحْيَاءً مِنْ قُبُورِهِمْ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ.
(وَ) يَجِبُ أَنْ يُعْتَقَدَ (أَرْوَاحَ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ) وَهُمْ كُلُّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ وَلَوْ كَانَ مُسْلِمًا طُولَ عُمْرِهِ (مُعَذَّبَةٌ) بِرُؤْيَةِ مَقْعَدِهَا مِنْ النَّارِ وَيَسْتَمِرُّ لَهَا ذَلِكَ (إلَى يَوْمِ الدِّينِ) وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَإِذَا جَاءَ يَوْمُ الدِّينِ يَحْصُلُ النَّعِيمُ الْحَقِيقِيُّ وَالْعَذَابُ الْحَقِيقِيُّ الْأَبَدِيُّ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا بَعْدَ الْقِيَامَةِ يَنْقَطِعَانِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي مُدَّةِ الْبَرْزَخِ وَالدَّلِيلُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ فَيُقَالُ هَذَا مَقْعَدُك إلَى أَنْ يَبْعَثَك اللَّهُ» . وَالتَّنْعِيمُ وَالتَّعْذِيبُ إمَّا لِلْجَسَدِ كُلِّهِ أَوْ لِجُزْئِهِ بَعْدَ إعَادَةِ الرُّوحِ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَأَرْوَاحُ أَهْلِ السَّعَادَةِ. . . إلَخْ تَبِعَ فِيهِ مَذْهَبَ ابْنِ حَزْمٍ وَابْنَ هُبَيْرَةَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ التَّنْعِيمَ وَالتَّعْذِيبَ لِلرُّوحِ فَقَطْ.
قَالَ الْجَلَالُ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ: عَذَابُ الْقَبْرِ وَهُوَ عَذَابُ الْبَرْزَخِ أُضِيفَ إلَى الْقَبْرِ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ إلَى أَنْ قَالَ: وَمَحَلُّهُ الرُّوحُ وَالْبَدَنُ جَمِيعًا بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي النَّعِيمِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَسْنَدَ النَّعِيمَ وَالْعَذَابَ لِلْأَرْوَاحِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهَا مُتَّصِلَةٌ بِالْأَجْسَادِ، فَيَلْزَمُ مِنْ تَعْذِيبِ أَوْ تَنْعِيمِ الْأَرْوَاحِ تَنْعِيمُ أَوْ تَعْذِيبُ الْأَجْسَادِ، فَلَمْ يَخْرُجْ الْمُصَنِّفُ عَنْ كَلَامِ أَهْلِ السُّنَّةِ.
1 -
تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: عَذَابُ الْقَبْرِ قِسْمَانِ: دَائِمٌ وَهُوَ عَذَابُ الْكُفَّارِ وَبَعْضُ عُصَاةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمُنْقَطِعٌ وَهُوَ عَذَابُ مَنْ خَفَّتْ جَرَائِمُهُمْ فَإِنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ وَيُرْفَعُ عَنْهُمْ بِدُعَاءٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
وَقَالَ الْيَافِعِيُّ: بَلَغَنَا أَنَّ الْمَوْتَى لَا يُعَذَّبُونَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ تَشْرِيفًا لَهَا قَالَ: وَيَحْتَمِلُ اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِعُصَاةِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ الْكُفَّارِ، وَعَمَّمَهُ فِي بَحْرِ الْكَلَامِ فِي الْكَافِرِ أَيْضًا قَالَ: إنَّ الْكَافِرَ يُرْفَعُ عَنْهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتَهَا وَجَمِيعَ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَأَمَّا الْمُسْلِمُ الْعَاصِي فَإِنْ مَاتَ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتِهَا عُذِّبَ إلَيْهَا ثُمَّ يَنْقَطِعُ فَلَا يَعُودُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنْ مَاتَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَوْ يَوْمَهَا عُذِّبَ سَاعَةً وَاحِدَةً ثُمَّ لَا يَعُودُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَفِي الْحَدِيثِ: «مَا مِنْ مُسْلَمٍ أَوْ مُسْلِمَةٍ يَمُوتُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَوْ يَوْمَهَا إلَّا وُقِيَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ وَلَقِيَ اللَّهَ وَلَا حِسَابَ عَلَيْهِ» قَالَ الْعَلَّامَةُ الْأُجْهُورِيُّ: ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي عَدَمِ سُؤَالِ الْمَيِّتِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ عَدَمُ إعَادَةِ السُّؤَالِ وَالْعَذَابِ بَعْدَ مُضِيِّ اللَّيْلَةِ وَالْيَوْمِ لِفَضْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَمَا يُوهِمُ الْإِعَادَةَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ.
الثَّانِي: مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ضَغْطَتُهُ وَهِيَ الْتِقَاءُ حَافَّتَيْهِ عَلَى الْمَيِّتِ لَا يَنْجُو مِنْهَا صَالِحٌ وَلَا طَالِحٌ، وَلَوْ نَجَا مِنْهَا غَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ لَنَجَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الَّذِي اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِهِ وَحَضَرَ جِنَازَتَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ أَعْيَانِ الْمَلَائِكَةِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَوْ أَفْلَتَ مِنْهَا

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 96
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست