responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 72
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَقَاءُ مِنْ أَوَّلِ الْعُمُرِ إلَى آخِرِهِ كَالْعِظَامِ وَالْأَعْصَابِ وَسَوْقِهِمْ إلَى مَحْشَرِهِمْ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَهُمْ لِثُبُوتِ ذَلِكَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ السَّلَفِ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ الْمُمْكِنَاتِ الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا الشَّارِعُ، أَمَّا الْإِمْكَانُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَلِمَا تَوَاتَرَ مِنْ الْأَخْبَارِ بِهِ، وَأَمَّا الْكِتَابُ فَقَدْ وَرَدَ فِي أَخْبَارٍ كَثِيرَةٍ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ مِثْلُ: {قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78] {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: 79] . {فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} [يس: 51] {فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الإسراء: 51] ، {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ} [القيامة: 3] {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القيامة: 4] ، {يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا} [ق: 44] ، {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف: 29] ، {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104] : {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} [يس: 81] .
(وَالْحَاصِلُ) أَنَّ الْبَعْثَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الدِّينِ، فَإِنْكَارُهُ كُفْرٌ وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ مَنْ يُحَاسَبُ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ، وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِمَنْ يُجَازَى، وَالْبَعْثُ وَالنُّشُورُ عِبَارَةٌ عَنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْقُبُورِ بَعْدَ جَمْعِ الْأَجْزَاءِ الْأَصْلِيَّةِ وَإِعَادَةِ الْأَرْوَاحِ إلَيْهَا، وَأُطْلِقَ عَلَى إحْيَاءِ الْأَمْوَاتِ نُشُورًا لِانْتِشَارِهَا مِنْ قُبُورِهَا يَوْمَ حَشْرِهَا، وَبِتَقَيُّدِ الْأَجْزَاءِ بِالْأَصْلِيَّةِ سَقَطَ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ لَوْ أَكَلَ إنْسَانٌ إنْسَانًا وَصَارَ جُزْءًا مِنْ أَجْزَائِهِ أَنَّهُ يَعُودُ بِغَيْرِ جَسَدِهِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِمَا عَرَفْت مِنْ أَنَّ الْمُعَادَ الْأَجْزَاءُ الْأَصْلِيَّةُ لَا الْفَضْلِيَّةُ، فَالْمُعَادُ فِي الْآكِلِ وَالْمَأْكُولِ الْأَجْزَاءُ الْأَصْلِيَّةُ هَكَذَا قَالُوا، وَأَقُولُ: لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا كُلِّهِ لِاسْتِحَالَةِ نَقْلِ جُزْءٍ مِنْ جِسْمٍ إلَى غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا الْحَاصِلُ لِلْأَكْلِ بَعْدَ الْأَكْلِ لِأَجْزَاءِ غَيْرِهِ النَّمَاءُ فِي جَسَدِهِ بِسَبَبِ الْأَكْلِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ صَيْرُورَةُ أَجْزَاءِ الْمَأْكُولِ أَجْزَاءَ الْآكِلِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّخْصَ يَأْكُلُ الثَّمَرَ وَالْخُبْزَ وَلَا يَصِيرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا جُزْءًا لَهُ، فَتَدَبَّرْهُ يَدْفَعُ عَنْك الْإِشْكَالَ الْمَذْكُورَ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِنَا بَعْدَ جَمْعِ الْأَجْزَاءِ وَإِعَادَةِ الرُّوحِ إلَيْهَا الرَّدُّ عَلَى الْفَلَاسِفَةِ فِي قَوْلِهِمْ: إنَّمَا تُعَادُ الْأَرْوَاحُ دُونَ الْأَجْسَادِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعَادَ بِمَعْنَى الْعَوْدِ الْجُسْمَانِيِّ وَالرُّوحَانِيِّ مِمَّا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، فَيُعْدِمُ اللَّهُ الذَّوَاتَ ثُمَّ يُعِيدُهَا لِلْجَزَاءِ، وَلَكِنْ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالْمَعَادِ الْجُسْمَانِيِّ فِي مَعْنَاهُ فَالصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَنَّ اللَّهَ يُعْدِمُ الذَّوَاتَ بِالْكُلِّيَّةِ ثُمَّ يُعِيدُهَا، وَقِيلَ: يُفَرِّقُ الْأَجْزَاءَ الْأَصْلِيَّةَ ثُمَّ يُرَكِّبُهَا مَرَّةً أُخْرَى، وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَيْنِ صَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ حَيْثُ قَالَ:
وَقُلْ يُعَادُ الْجِسْمُ بِالتَّحْقِيقِ ... عَنْ عَدَمٍ وَقِيلَ عَنْ تَفْرِيقٍ
، وَالْجِسْمَانُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ نِسْبَةٌ إلَى الْجِسْمِ الَّذِي هُوَ الْبَدَنُ وَأَنْكَرَهُمَا الْمُلْحِدَةُ وَالدَّهْرِيَّةُ، وَتَقَدَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى حَقِّيَّتِهِ مِمَّا لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ.
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَدِلَّتِهِ قِيَاسَ الْإِعَادَةِ عَلَى الِابْتِدَاءِ بِقَوْلِهِ: (كَمَا بَدَأَهُمْ يَعُودُونَ) يَعْنِي كَمَا أَنْشَأَهُمْ مِنْ الْعَدَمِ إلَى الْوُجُودِ كَذَلِكَ يُنْشِئُهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ إلَى الْحَشْرِ لِلْجَزَاءِ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِعَادَةِ وَالِابْتِدَاءِ بَلْ الْإِعَادَةُ أَهْوَنُ مِنْ الِابْتِدَاءِ.
قَالَ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: 27] أَيْ هَيِّنٌ، وَالتِّلَاوَةُ: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف: 29] فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُشَابِهٌ لِلْآيَةِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِنْ الْمُصَنِّفِ لِرِوَايَةِ الْقُرْآنِ بِالْمَعْنَى لِلِاتِّفَاقِ عَلَى حُرْمَتِهِ، وَشَبَّهَ الْإِعَادَةَ بِالِابْتِدَاءِ؛ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ أَحَدٌ، وَمِنْ الْأَدِلَّةِ أَيْضًا قِيَاسُ الْإِعَادَةِ عَلَى خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} [يس: 81] . وَمِنْ الْأَدِلَّةِ أَيْضًا قِيَاسُ الْإِعَادَةِ عَلَى إحْيَاءِ الْأَرْضِ بَعْدَ مَوْتِهَا بِالْمَطَرِ، الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} [الروم: 19] وَمِنْهَا إخْرَاجُ النَّارِ مِنْ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ، الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: 79] إلَى قَوْلِهِ: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} [يس: 80] .
تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى إعَادَةِ الذَّوَاتِ وَسَكَتَ عَنْ إعَادَةِ أَعْرَاضِهَا وَأَزْمَانِهَا وَفِيهِ خِلَافٌ، رَجَّحَ جَمَاعَةٌ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 72
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست