responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 422
رَاكِبًا لِصَلَاةٍ نَذَرَهَا وَلْيُصَلِّ بِمَوْضِعِهِ.

وَمَنْ نَذَرَ رِبَاطًا بِمَوْضِعٍ مِنْ الثُّغُورِ فَذَلِكَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَشْيٌ لِمَسْجِدٍ، وَإِنْ لِاعْتِكَافٍ إلَّا الْقَرِيبَ جِدًّا فَقَوْلَانِ.
قَالَ شَارِحُهُ: أَيْ إنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَسْجِدٍ غَيْرِ الثَّلَاثَةِ وَلَوْ لِاعْتِكَافٍ أَوْ صَلَاةٍ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مَا نَذَرَهُ فِيهِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ بِمَوْضِعِ نَذْرِهِ إلَّا الْقَرِيبُ جِدًّا فَفِيهِ قَوْلَانِ بِالْإِتْيَانِ إلَيْهِ وَعَدَمِهِ وَيَفْعَلُ مَنْذُورَهُ بِمَوْضِعِهِ كَالْبَعِيدِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ خَبَرُ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ وَالْمَسْجِدُ الْأَقْصَى» ، وَلَا يَشْكُلُ عَلَى الْمَشْهُورِ خَبَرُ: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِهَذِهِ وَخُصَّتْ لِزِيَادَةِ الْفَضْلِ بِهَا فَلَا يَلْحَقُ بِهَا غَيْرَهَا.
(تَنْبِيهٌ) لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْمَشْيِ إلَى غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، وَبَيْنَ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ نَاذِرَ زِيَارَةَ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ زِيَارَةَ رَجُلٍ صَالِحٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ يَلْزَمُهُ، وَلَوْ كَانَ بِمَوْضِعٍ بَعِيدٍ عَنْ النَّاذِرِ، وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ؛ لِتَوَقُّفِ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ عَلَى السَّعْيِ إلَيْهِ، بِخِلَافِ نَاذِرِ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ يَحْصُلُ لَهُ الثَّوَابُ فِي أَيِّ مَسْجِدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ تَفَاضُلَهَا فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ.
وَلَكِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ دُونَهُمَا فِي الْفَضْلِ، فَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّ الْمَدِينَةَ أَفْضَلُ وَوَافَقَهُ عَلَى هَذَا أَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ: إنَّ مَكَّةَ أَفْضَلُ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَالْمَدِينَةُ أَفْضَلُ، ثُمَّ مَكَّةُ أَفْضَلُ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الْمَسَاجِدِ الْمَنْسُوبَةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَسْجِدِ قُبَاءَ وَمَسْجِدِ الْفَتْحِ، وَمَسْجِدِ الْعِيدِ، وَمَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَغَيْرِهَا، اُنْظُرْ التَّتَّائِيَّ وَالْأُجْهُورِيَّ فِي شَرْحِهِ عَلَى خَلِيلٍ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَالتَّفْضِيلُ مَبْنِيٌّ عَلَى كَثْرَةِ الثَّوَابِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْعَمَلِ فِيهِمَا، وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي غَيْرِ قَبْرِ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقِيَامِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى سَائِرِ بِقَاعِ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ وَعَلَى الْكَعْبَةِ وَعَلَى الْعَرْشِ كَمَا نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ لِضَمِّهِ أَجْزَاءِ الْمُصْطَفَى الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْخَلْقِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلَعَلَّ مَعْنَى فَضْلِ الْقَبْرِ عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنْ غَيْرِهِ، لَا لِمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَفْضِيلِ الْمَسَاجِدِ عَلَى بَعْضِهَا فَافْهَمْ.

وَلَمَّا كَانَ الرِّبَاطُ كَالْجِهَادِ فِي الثَّوَابِ فِي الْجُمْلَةِ قَالَ: (وَمَنْ نَذَرَ رِبَاطًا) أَيْ إقَامَةً (بِمَوْضِعٍ مِنْ الثُّغُورِ) بِالْمُثَلَّثَةِ جَمْعُ ثَغْرٍ مَحَلُّ الْخَوْفِ كَدِمْيَاطَ وَعَسْقَلَانَ، وَإِسْكَنْدَرِيَّة (فَذَلِكَ) الرِّبَاطُ الْمَذْكُورُ (عَلَيْهِ) أَيْ النَّاذِرِ (أَنْ يَأْتِيَهُ) ؛ لِأَنَّ الرِّبَاطَ قُرْبَةٌ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِنَذْرِهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ نَذَرَ الرِّبَاطَ بِمَحَلٍّ، وَهُوَ بِثَغْرٍ آخَرَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ مُحَصَّلُهُ: إنْ كَانَ مَا نَذَرَ الرِّبَاطَ فِيهِ مُسَاوِيًا لِمَا هُوَ بِهِ فِي الْخَوْفِ أَوْ أَقَلَّ رَابَطَ بِمَحَلِّ نَذْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مَا نَذَرَ الرِّبَاطَ فِيهِ أَشَدَّ خَوْفًا انْتَقَلَ إلَيْهِ لِفَضْلِ الرِّبَاطِ فِيمَا كَثُرَ فِيهِ الْخَوْفُ عَلَى مَا هُوَ دُونَهُ فِي الْخَوْفِ، هَكَذَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ.
(تَنْبِيهٌ) كَمَا يَلْزَمُ الْإِتْيَانُ لِلثَّغْرِ لِلرِّبَاطِ فِيهِ، يَلْزَمُ الْإِتْيَانُ لِنَذْرِ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ بِهِ، وَلَوْ كَانَ حِينَ النَّذْرِ بِمَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ لَا لِنَذْرِ اعْتِكَافٍ، لِأَنَّ مَحَلَّ الرِّبَاطِ لَيْسَ مَحَلًّا لِلِاعْتِكَافِ، وَأَيْضًا الْمُرَابَطَةُ تُنَافِي الِاعْتِكَافَ؛ لِقِصَرِهِ عَلَى مُلَازَمَةِ الصَّلَاةِ وَالتِّلَاوَةِ وَالذِّكْرِ، بِخِلَافِ نَذْرِهِ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَيَلْزَمُ كَلُزُومِ الْإِتْيَانِ إلَيْهَا لِلصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ بِهَا.

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 422
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست