responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 409
الْيَمِينِ بِاَللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ.

، وَمَنْ حَلَفَ وَاسْتَثْنَى فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إذَا قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ وَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: لَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ اشْتِرَاطُ ذِكْرِ الِاسْمِ أَوْ الصِّفَةِ بِاللَّفْظِ الْعَرَبِيِّ وَفِيهِ خِلَافٌ، وَاَلَّذِي لِصَاحِبِ الْوَقَارِ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَمَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ بِشَيْءٍ مِنْ اللُّغَاتِ وَحَنِثَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَمَنْ حَلَفَ بِوَجْهِ اللَّهِ وَحَنِثَ كَفَّرَ، وَمَنْ حَلَفَ بِعَرْشِ اللَّهِ وَحَنِثَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَأَقُولُ: مِمَّا لَا كَفَّارَةَ فِي الْحَلِفِ بِهِ الْحَلِفُ بِالْعِلْمِ الشَّرِيفِ مُرَادًا بِهِ عِلْمَ الشَّرَائِعِ أَوْ أَطْلَقَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ بِاَللَّهِ، وَلَا بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ.
الثَّالِثُ: إنَّمَا قَدَّرْنَا بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ، وَلَا بِلَفْظٍ مُبَايِنٍ مُرَادٌ بِهِ اسْمُ اللَّهِ كَقَوْلِهِ: بِزَيْدٍ مَا فَعَلْت كَذَا يُرِيدُ بِهِ بِاَللَّهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ أَسْقَطَ الْهَاءَ مِنْ لَفْظِ الْجَلَالَةِ، وَيَظْهَرُ لِي إلَّا أَنْ يُسْقِطَهَا عَجْزًا وَحَرَّرَهُ.
الرَّابِعُ: الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْحَدِيثِ أَيْضًا جَوَازُ الْإِقْدَامِ عَلَى الْحَلِفِ بِالْأَيْمَانِ الشَّرْعِيَّةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْيَمِينُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مُبَاحَةٍ كَالْحَلِفِ بِاَللَّهِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِهِ. وَمَكْرُوهَةٍ كَالْحَلِفِ بِالْآبَاءِ وَالْمَسْجِدِ وَالرَّسُولِ، وَمَكَّةَ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ. وَمَحْظُورَةٍ كَالْحَلِفِ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، وَإِنْ اعْتَقَدَ تَعْظِيمَ هَذِهِ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ، هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، وَمَا قَالَ فِيهِ: إنَّهُ مَكْرُوهٌ اسْتَظْهَرَ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ فِي تَوْضِيحِهِ حُرْمَتَهُ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَلَفَ بِالْمَخْلُوقِ بَعْضَ الْأَحْيَانِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ أَوْ مَنْسُوخٌ «بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرَ: إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ مَنْ كَانَ حَالِفًا» الْحَدِيثَ.
الْخَامِسُ: فَإِنْ قِيلَ: يَشْكُلُ عَلَى حَصْرِ الِاسْمِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَصِفَاتِهِ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ نَحْوِ: وَالنَّجْمِ وَالشَّمْسِ وَاللَّيْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَهَذَا أَقْسَامٌ بِبَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ فَالْجَوَابُ: أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَالْحَدِيثَ بِالنِّسْبَةِ إلَى إقْسَامَاتِ الْبَشَرِ، وَمَا فِي الْقُرْآنِ أَقْسَامٌ مِنْ اللَّهِ عَلَى بَعْضِ خَلْقِهِ بِبَعْضِ مَا يُعَظِّمُونَهُ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ، وَلَهُ - تَعَالَى - أَنْ يُقْسِمَ بِمَا شَاءَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ مَخْلُوقَاتٍ، وَإِنْ أَجَابَ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُقْسَمُ بِهِ مَحْذُوفًا تَقْدِيرُهُ: وَرَبِّ النَّجْمِ أَوْ خَالِقِ النَّجْمِ فَخِلَافُ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَصَرَّحَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، وَلَمْ يَثْبُتْ.

ثُمَّ ذَكَرَ مَا هُوَ كَالدَّلِيلِ عَلَى حُرْمَةِ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ بِقَوْلِهِ: (وَيُؤَدَّبُ) بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ كُلُّ (مَنْ حَلَفَ) مِنْ الْمُكَلَّفِينَ (بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ) لِخَبَرِ: «لَا تَحْلِفُوا بِالطَّلَاقِ وَلَا بِالْعَتَاقِ فَإِنَّهُمَا مِنْ أَيْمَانِ الْفُسَّاقِ» وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَانَ الْحَالِفُ مُتَزَوِّجًا، وَمَالِكًا أَمْ لَا؟ أَكْثَرَ مِنْ الْحَلِفِ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ . وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَزِّرَ كُلَّ مَنْ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً كَرَّرَهَا أَمْ لَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا فَيُنْهَى، وَلَا يُؤَدَّبُ، وَقَوْلُنَا بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ، وَلِأَنَّ التَّعَازِيرَ لَيْسَ لَهَا حَدٌّ، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ تَأْدِيبُهُ بِالضَّرْبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَعْزِيرُهُ بِقَلْعِ الْعِمَامَةِ، وَالْمَحْدُودُ بِحَدٍّ إنَّمَا هُوَ الْحَدُّ كَحَدِّ الزِّنَا لِلْبِكْرِ، وَكَحَدِّ الشُّرْبِ وَالْقَذْفِ، وَمِثْلُ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ كِنَايَتُهُ كَالْحَلِفِ بِالْحَرَامِ أَوْ بِالْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ، وَيَلْزَمُهُ فِي الْحَلِفِ بِالْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ مَا نَوَاهُ أَوْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ، وَحَيْثُ لَا نِيَّةَ، وَلَا عُرْفَ لِأَهْلِ بَلَدِهِ أَوْ لَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سِوَى الْأَدَبُ.
(تَنْبِيهٌ) لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَدَبِ مَنْ حَلَفَ بِحَيَاةِ الْأَبِ أَوْ رَأْسِ السُّلْطَانِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُؤَدَّبُ عَلَى الْقَوْلِ بِحُرْمَةِ الْحَلِفِ بِهَا لَا عَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ وَحَرَّرَ الْحُكْمَ. وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ النَّهْيِ عَنْ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ عَدَمُ اللُّزُومِ قَالَ: (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْحَالِفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ حَيْثُ حَنِثَ فِي الطَّلَاقِ وَاحِدَةً إلَّا بِنِيَّةِ أَكْثَرَ، وَفِي الْعِتْقِ عَتَقَ مَنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ، وَكَانَ ذَا عَبِيدٍ اخْتَارَ وَاحِدًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَبِيدٌ وَقْتَ الْحَلِفِ لَمْ يَلْزَمْهُ كَالْحَالِفِ بِالطَّلَاقِ، وَلَا زَوْجَةَ لَهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ رُكْنَ الطَّلَاقِ الْمَحَلُّ الْمَمْلُوكُ لِلزَّوْجِ وَقْتَ الْحَلِفِ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا، كَقَوْلِهِ لِامْرَأَةٍ حِينَ عَرَضَهَا عَلَيْهِ: إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي حُكْمِ الِاسْتِثْنَاءِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: (وَلَا ثُنْيَا، وَلَا كَفَّارَةَ) مُفِيدَتَانِ (إلَّا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ أَسْمَائِهِ) كَالْعَلِيمِ وَالسَّمِيعِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ. (أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِهِ) أَوْ بِالنَّذْرِ الْمُبْهَمِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْحَالِفَ إذَا حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ وَاسْتَثْنَى بِأَنْ قَالَ بِأَثَرِ الْيَمِينِ: إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ قَضَى اللَّهُ، أَوْ أَرَادَ، أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ يَقْضِيَ أَوْ يُرِيدَ أَوْ وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَذْرٍ مُعَيَّنٍ لَا يُفِيدُهُ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ نَذْرٍ مُبْهَمٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِالنَّذْرِ الْمُبْهَمِ الَّذِي لَمْ يُسَمِّ النَّاذِرُ لَهُ مَخْرَجًا بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْ الشَّيْءَ الْمَنْذُورَ، فَإِذَا قَالَ: وَاَللَّهِ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ نَذْرٌ وَفَعَلَ الشَّيْءَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ قَالَ عَقِبَ يَمِينِهِ أَوْ نَذْرِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، بِخِلَافِ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، أَوْ يُرِيدَ، أَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَعَلَيَّ التَّصَدُّقُ بِهَذَا الدِّينَارِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ، وَلَمْ يُفِدْهُ الِاسْتِثْنَاءُ، وَعُلِمَ مِنْ تَقْرِيرِنَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ قَالَ لِلْعَبْدِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَلَوْ اسْتَثْنَى، وَالْمُنَجَّزُ كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتَ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 409
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست