responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 399
يُقَاتِلُوا، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تُقْتَلُ إذَا قَاتَلَتْ.

وَيَجُوزُ أَمَانُ أَدْنَى الْمُسْلِمِينَ عَلَى بَقِيَّتِهِمْ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَالصَّبِيُّ إذَا عَقَلَ الْأَمَانَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى كَذَا.
(تَنْبِيهٌ) يَكْثُرُ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ اقْتَرَضَ الْأَسِيرُ مِنْ بَعْضِ الْحَرْبِيِّينَ مَالًا مِنْ غَيْرِ إكْرَاهٍ لَهُ عَلَى الِاقْتِرَاضِ لِيَدْفَعَهُ فِي خَلَاصِ نَفْسِهِ فَيُقْرِضُهُ الْحَرْبِيُّ عَلَى شَرْطِ الْإِتْيَانِ بِضَامِنٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ فَيَفْعَلُ، فَهَلْ لِلضَّامِنِ الطَّلَبُ عَلَى الْمُقْتَرِضِ بِمَا ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَرِضَ ائْتَمَنَهُ عَلَى مَا أَقْرَضَهُ لَهُ طَائِعًا أَمْ لَا؟ اسْتَظْهَرَ الْأُجْهُورِيُّ أَنَّ لَهُ الطَّلَبَ عَلَى الْمُقْتَرِضِ، وَأَفْتَى بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ الْمُقْتَرِضَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِمَّا اقْتَرَضَهُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ غَيْرُ مَعْصُومٍ، وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَلَى فَتْوَى بَعْضِ الشُّيُوخِ لَيْسَ لِلضَّامِنِ طَلَبٌ عَلَى الْمُقْتَرِضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (فَرْعٌ) ذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْأَسِيرَ إذَا أَطْلَقَهُ الْعَدُوُّ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِفِدَائِهِ فَلَهُ بَعْثُ الْمَالِ دُونَ رُجُوعِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِدَاءً فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ، وَأَمَّا لَوْ عُوهِدَ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ بِالْمَالِ فَعَجَزَ عَنْهُ فَلْيَجْتَهِدْ فِيهِ أَبَدًا، وَلَا يَرْجِعْ، وَقَالَ أَصْبَغُ: وَلَمَّا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِسْلَامِ أَوْ مِنْ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ يَجُوزُ قِتَالُهُ وَقَتْلُهُ، وَكَانَ الشَّارِعُ اسْتَثْنَى أَفْرَادًا لَا يَجُوزُ قَتْلُهَا أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (وَلَا) يَجُوزُ أَنْ (تُقْتَلَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ) اللَّذَانِ لَمْ يُقَاتِلَا؛ لِأَنَّهُ «- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَهَى عَنْ قَتْلِ الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ» ، وَكَذَا لَا تُؤْخَذُ مِنْهُمَا جِزْيَةٌ، وَيُخَيَّرُ فِيهِمَا الْإِمَامُ بَيْنَ الِاسْتِرْقَاقِ وَالْفِدَاءِ، وَسَيَأْتِي مُحْتَرِزُ قَوْلِنَا اللَّذَانِ لَمْ يُقَاتِلَا.
(وَ) كَذَا يَجِبُ أَنْ (يُجْتَنَبَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (قَتْلُ الرُّهْبَانِ) بِالْأَدْيِرَةِ أَوْ الصَّوَامِعِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ رَأْيٌ، وَلَا تَدْبِيرٌ، بِخِلَافِ رُهْبَانِ الْكَنَائِسِ قَتْلُهُمْ فِي الْحَرْبِ فَإِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ لِمُخَالَطَتِهِمْ أَهْلِ دِينِهِمْ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ رَأْيٌ، وَلَا تَدْبِيرٌ، وَإِنَّمَا لَمْ تُقْتَلْ الرُّهْبَانُ الْمَذْكُورَةُ؛ لِأَنَّ انْقِطَاعَهُمْ بِالْأَدْيِرَةِ وَالصَّوَامِعِ أَلْحَقَهُمْ بِالنِّسَاءِ، أَمَّا لَوْ كَانَ لَهُمْ رَأْيٌ أَوْ تَدْبِيرٌ لَجَازَ قَتْلُهُمْ.
(وَ) كَذَا يَجِبُ أَنْ يُجْتَنَبَ قَتْلُ (الْأَحْبَارِ) جَمْعُ حِبْرٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ عَلَى اللُّغَةِ الْفَصِيحَةِ، وَهُمْ عُلَمَاءُ الْكُفَّارِ، وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْأُجَرَاءُ جَمْعُ أَجِيرٍ أَيْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ، فَفِي الشَّيْخِ زَرُّوقٍ الْمَشْهُورُ عَدَمُ جَوَازِ قَتْلِ الْفَلَّاحِ وَالْأَجِيرِ وَالصَّانِعِ إذَا لَمْ يُقَاتِلُوا وَقَدَرَ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ، وَعِنْدَ سَحْنُونٍ يُقْتَلُونَ، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ خَلِيلٍ إذْ لَمْ يَسْتَثْنِهِمْ مِمَّنْ يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَيَدُلُّهُ عَلَى جَوَازِ قَتْلِهِمْ أَيْضًا مَا يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ قَوْلِهِ: (وَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ إنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ الْحَدِيثُ الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ الْأَجِيرِ وَيُقْتَلُ هُوَ وَغَيْرُهُ) وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: وَأَكْثَرُ النُّسَخِ إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَقَدْ قَالَ إلَخْ، وَمَحَلُّ عَدَمِ جَوَازِ قَتْلِ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الرُّهْبَانِ وَالْأَحْبَارِ وَالْأُجَرَاءِ وَالصُّنَّاعِ. (إلَّا أَنْ يُقَاتِلُوا) ، وَإِلَّا جَازَ قَتْلُهُمْ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ لَمْ يَقْتُلُوا أَحَدًا. (وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ) يَجُوزُ أَنْ (تُقْتَلَ إذَا قَاتَلَتْ) عَلَى تَفْصِيلٍ مُحَصَّلُهُ: إنْ قَتَلَتْ أَحَدًا قُتِلَتْ، وَإِنْ بَعْدَ أَسْرِهَا، وَأَمَّا إنْ لَمْ تَقْتُلْ أَحَدًا فَإِنْ قَاتَلَتْ بِالسِّلَاحِ وَنَحْوِهِ كَالرِّجَالِ قُتِلَتْ أَيْضًا، وَلَوْ بَعْدَ الْأَسْرِ، وَإِنْ قَاتَلَتْ بِالْحِجَارَةِ لَمْ تُقْتَلْ، وَإِنْ أُخِذَتْ فِي حَالِ الْمُقَاتَلَةِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الصَّبِيِّ، وَأَشَارَ خَلِيلٌ إلَى مَا يَحِلُّ قَتْلُهُ مِمَّنْ ذُكِرَ بِقَوْلِهِ: إلَّا الْمَرْأَةَ إلَّا فِي مُقَاتَلَتِهَا، وَالصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ كَشَيْخٍ فَانٍ وَزَمِنٍ وَأَعْمَى وَرَاهِبٍ مُنْعَزِلٍ بِدَيْرٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ بِلَا رَأْيٍ، وَتَرَكَ لَهُمْ الْكِفَايَةَ فَقَطْ وَاسْتَغْفَرَ قَاتِلَهُمْ كَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةٌ أَيْ فَلَا شَيْءَ عَلَى قَاتِلِهِ إلَّا التَّوْبَةُ، وَكُلُّ مَنْ قَتَلَ مَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ سِوَى الرَّاهِبِ وَالرَّاهِبَةِ بَعْدَ حَوْزِهِ فِي أَيْدِي الْغَانِمِينَ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ يَجْعَلُهَا الْإِمَامُ فِي الْغَنِيمَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ خُيِّرُوا فَقِيمَتُهُمْ، وَقَاتِلُ الرَّاهِبِ وَالرَّاهِبَةِ يَلْزَمُهُ الدِّيَةُ لِأَهْلِ دِينِهِمَا.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ نَهَى عَنْ قَتْلِهِ مِنْ نَحْوِ صَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ وَشَيْخٍ فَانٍ أَوْ زَمِنٍ أَوْ أَعْمَى يَجُوزُ أَسْرُهُ وَيَرَى الْإِمَامُ فِيهِ رَأْيَهُ إلَّا الرَّاهِبَ وَالرَّاهِبَةَ فَإِنَّهُمَا حُرَّانِ لَا يُسْتَرَقَّانِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُؤْسَرَانِ.
الثَّانِي: مَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ مِنْ الرَّاهِبِ، وَمَنْ مَعَهُ مِمَّنْ ذُكِرَ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ لَهُ قُوتُهُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مَالِ غَيْرِهِ مِنْ الْكُفَّارِ، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مُوَاسَاتُهُ بِمَا يَعِيشُ بِهِ، وَقَدَّمْنَا عَنْ خَلِيلٍ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ أَحَدًا قَبْلَ الْحَوْزِ إلَّا التَّوْبَةُ وَبَعْدَهُ يَلْزَمُهُ غُرْمُ الْقِيمَةِ إلَّا الرَّاهِبَ وَالرَّاهِبَةَ فَيَلْزَمُهُ دِيَتُهُمَا تُدْفَعُ لِأَهْلِ دِينِهِمَا.

ثُمَّ شَرَعَ فِي حُكْمِ الْأَمَانِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: رَفْعُ اسْتِبَاحَةِ دَمِ الْحَرْبِيِّ وَرِقِّهِ، وَمَالِهِ حِينَ قِتَالِهِ مَعَ الْعَزْمِ عَلَيْهِ مَعَ اسْتِقْرَارِهِ تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ مُدَّةً مَا بِقَوْلِهِ: (وَيَجُوزُ أَمَانٌ) أَيْ تَأْمِينُ (أَدْنَى) وَأَدْلَى أَشْرَفُ (الْمُسْلِمِينَ) بَعْضَ الْكُفَّارِ حَيْثُ كَانَ عَدْلًا عَارِفًا بِمَصْلَحَةِ الْأَمَانِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَدْلَ شَهَادَةٍ بِأَنْ يَكُونَ خَسِيسًا لَا يُسْأَلُ عَنْهُ إنْ غَابَ، وَلَا يُشَاوَرُ إنْ حَضَرَ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِأَدْنَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ خَارِجًا عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ، وَفَائِدَةُ جَوَازِ الْأَمَانِ مِنْ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ وُجُوبُ الْوَفَاءِ بِذَلِكَ الْأَمَانِ حَتَّى (عَلَى يَقِينِهِمْ) أَيْ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ التَّعَرُّضُ لِذَلِكَ الْحَرْبِيِّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ» فَأَمَانُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ، وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ بَعْضُ الْكُفَّارِ كَمَا قَدَّمْنَا.
(تَنْبِيهٌ) إنَّمَا جَعَلْنَا مَفْعُولَ الْمَصْدَرِ لَفْظَ بَعْضٍ الَّذِي هُوَ الْعَدَدُ الْمَحْصُورُ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ غَيْرَ الْمَحْصُورِ كَالْإِقْلِيمِ إنَّمَا يَقَعُ تَأْمِينُهُ مَعَ الْإِمَامِ، فَإِنْ أَمَّنَّهُ غَيْرُهُ كَانَ لَهُ النَّظَرُ فِيهِ، كَمَا يَنْظُرُ فِي التَّأْمِينِ الْوَاقِعِ مِنْ غَيْرِ الْعَدْلِ أَوْ الْجَاهِلِ فَإِنْ رَآهُ صَوَابًا أَمْضَاهُ، وَإِلَّا رَدَّهُ.
وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ أَمَانَ الذِّمِّيِّ لِبَعْضِ الْحَرْبِيِّينَ لَا يَجُوزُ.
(وَ) كَمَا يَجُوزُ أَمَانُ أَدْنَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ الرِّجَالِ (كَذَلِكَ) يَجُوزُ أَمَانُ (الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ) الْمُسْلِمَيْنِ (إذَا

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 399
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست