responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 387
وَلَا يُبَاعُ.

وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى جُلُودِ السِّبَاعِ إذَا ذُكِّيَتْ وَبَيْعِهَا.

وَيُنْتَفَعُ بِصُوفِ الْمَيْتَةِ وَشَعْرِهَا، وَمَا يُنْزَعُ مِنْهَا فِي حَالِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQضَالَّةَ الْإِبِلِ، وَقَيَّدْنَا الْمَشْرُوبَ بِغَيْرِ الْخَمْرِ؛ لِاسْتِمْرَارِ حُرْمَةِ الْخَمْرِ لِعَدَمِ إزَالَتِهَا الْعَطَشَ بَلْ رُبَّمَا تَزِيدُهُ، وَأَمَّا شُرْبُهَا لِلْغُصَّةِ فَيَجُوزُ عِنْدَ خَلِيلٍ وَيَحْرُمُ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ جَوَازُ أَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ، وَلَوْ مُسَافِرًا عَاصِيًا بِسَفَرِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الرُّخْصَةَ لَا تَتَقَيَّدُ بِالسَّفَرِ.
الثَّانِي: مَحَلُّ جَوَازِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ طَعَامَ الْغَيْرِ، وَإِلَّا قَدَّمَهُ عَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ تَكُنْ ضَالَّةُ إبِلٍ، وَلَمْ يَخَفْ الْقَطْعَ فِيمَا فِيهِ الْقَطْعُ أَوْ الضَّرْبَ الشَّدِيدَ فِيمَا لَا قَطْعَ فِيهِ، فَإِذَا أَكَلَ مِنْ طَعَامِ الْغَيْرِ عِنْدَ عَدَمِ خَوْفِ الْقَطْعِ أَوْ الضَّرْبِ فَقِيلَ: يَقْتَصِرُ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ مِنْ غَيْرِ شِبَعٍ وَتَزَوُّدٍ وَعَلَيْهِ الْمَوَّاقُ، وَقِيلَ: يَشْبَعُ، وَلَا يَتَزَوَّدُ وَعَلَيْهِ الْحَطَّابُ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ: إذَا عَلِمَ طُولَ سَفَرِهِ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّدَ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِ لِوُجُوبِ مُوَاسَاتِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَإِذَا امْتَنَعَ صَاحِبُ الطَّعَامِ مِنْ مُوَاسَاةِ الْمُضْطَرِّ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنْ الْمَيْتَةِ مَا يَكْفِيهِ فَلَهُ أَنْ يُقَاتِلَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ إعْلَامِهِ بِالِاضْطِرَارِ وَبِالْمُقَاتَلَةِ إنْ مَنَعَهُ فَدَمُ صَاحِبِ الطَّعَامِ هَدَرٌ، بِخِلَافِ الْمُضْطَرِّ، وَحَيْثُ أَكَلَ طَعَامَ الْغَيْرِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ حَيْثُ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ أَكْلِهِ بِأَنْ خَافَ الْقَطْعَ أَوْ الضَّرْبَ، وَكَانَ مَعَهُ مِنْ الْمَيْتَةِ مَا يُغْنِيهِ عَنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَيْتَةٌ أَكَلَ مِنْهُ، وَلَوْ خَافَ الْقَطْعَ لِوُجُوبِ حِفْظِ النَّفْسِ، وَلِصَاحِبِهِ الثَّمَنُ إنْ وُجِدَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَيْتَةٌ، وَلَمْ يَخَفْ الْقَطْعَ فَقِيلَ لَا ثَمَنَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ إنْ وُجِدَ رَاجِعْ الْأُجْهُورِيَّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ.
الثَّالِثُ: الظَّاهِرُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِلَا بَأْسٍ إبَاحَةُ أَكْلِ الْمَيْتَةِ، وَجَرَى عَلَيْهِ خَلِيلٌ، وَقِيلَ إنَّهَا مِنْ بَابِ النَّجَسِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهِيَ طَاهِرَةٌ، وَعَلَى الثَّانِي هِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى نَجَاسَتِهَا، هَكَذَا قَالَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ، إذْ الضَّرُورَةُ لَيْسَتْ مِمَّا يَرْفَعُ حُكْمَ الْخَبَثِ، غَايَتُهَا رَفْعُ الْحَرَجِ عِنْدَ التَّنَاوُلِ كَمَا فِي الْمَعْفُوَّاتِ، فَظَهَرَ أَنَّهَا مِنْ النَّجَسِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ.

وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ حُرْمَةِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الِاخْتِيَارِ حُرْمَةُ الِانْتِفَاعِ بِسَائِرِ أَجْزَائِهَا قَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِجِلْدِهَا) أَيْ الْمَيْتَةِ، وَهِيَ كُلُّ مَا مَاتَ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ (إذَا دُبِغَ) أَيْ فُعِلَ بِهِ مَا يُزِيلُ الرِّيحَ وَالرُّطُوبَةَ وَيَحْفَظُهُ مِنْ الِاسْتِحَالَةِ كَمَا تَحْفَظُهُ الْحَيَاةُ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ: وَرُخِّصَ فِيهِ مُطْلَقًا إلَّا مِنْ خِنْزِيرٍ بَعْدَ دَبْغِهِ فِي يَابِسٍ، وَمَاءٍ، وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ كَانَ مِمَّا يَحِلُّ أَكْلُهُ أَوْ يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ الْيَابِسَ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَالْمَاءُ لَهُ قُوَّةُ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ فَيُخَزَّنُ فِي الْجُلُودِ نَحْوَ الْقَمْحِ وَالْفُولِ، وَلَا يُطْحَنُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَنْفَصِلَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَيَدْخُلُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ لُبْسُهُ وَالْجُلُوسُ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَلَا يَجُوزُ وَضْعُ نَحْوِ السَّمْنِ وَالْعَسَلِ وَالزَّيْتِ فِيهِ لِضَعْفِ تِلْكَ الْمَذْكُورَاتِ بِخِلَافِ الْمَاءِ، وَمَفْهُومُ دُبِغَ أَنَّ غَيْرَ الْمَدْبُوغِ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي شَيْءٍ، وَلَوْ يَابِسًا.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: إذَا عَلِمْتَ مَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ لَك أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْإِجْمَالَ مِنْ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا إطْلَاقُهُ فِي الِانْتِفَاعِ مَعَ تَقْيِيدِهِ بِالْيَابِسِ وَالْمَاءِ. وَالثَّانِي شُمُولُهُ لِجِلْدِ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ مَعَ أَنَّهُمَا لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا مُطْلَقًا لِقَذَارَةِ الْأَوَّلِ وَشَرَفِ الثَّانِي. الثَّانِي: إنَّمَا قَصَرَ الِانْتِفَاعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ عَلَى الْيَابِسِ وَالْمَاءِ لِعَدَمِ طَهَارَتِهَا عِنْدَنَا بِالدِّبَاغِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَيُّمَا إهَابٍ» أَيْ جِلْدٍ «دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» فَالْمُرَادُ الطَّهَارَةُ اللُّغَوِيَّةُ بِمَعْنَى النَّظَافَةِ لَا الشَّرْعِيَّةُ، وَقَدْ أَسْلَفْنَا مَا يُعْرَفُ بِهِ حَقِيقَةُ الدِّبَاغِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إزَالَةُ الشَّعْرِ عَلَى أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ.

وَلَمَّا كَانَ جِلْدُ الْمَيْتَةِ لَا يَطْهُرُ عِنْدَنَا بِالدِّبَاغِ قَالَ: (وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ) ، وَلَا فِيهِ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ مُرِيدُ الصَّلَاةِ سِوَاهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ السَّتْرُ بِهِ؛ لِأَنَّ طَهَارَةَ الْخَبَثِ إنَّمَا تَجِبُ فِي الصَّلَاةِ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ، وَأَفْهَمَ فَرْضُ الْكَلَامِ فِي الْجِلْدِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ شَعْرٌ طَوِيلٌ بِحَيْثُ يَسْتُرُ الْجِلْدَ سَتْرًا قَوِيًّا بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ مِنْهُ شَيْءٌ وَأَيْقَنَ بِطَهَارَتِهِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَلَوْ جِلْدَ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ عِنْدَنَا طَاهِرٌ فَيُشْبِهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ الْحَصِيرَ الْمُتَّصِلَ بِأَسْفَلِهِ نَجَاسَةٌ.

(وَ) كَذَا (لَا يُبَاعُ) جِلْدُ الْمَيْتَةِ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ عِنْدَنَا طَهَارَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا، وَكَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ، وَلَا دَفْعُهُ قِيمَةَ الشَّيْءِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ جُرْحَةً فِي شَهَادَةِ الْفَاعِلِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَدْبُوغًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَدْبُوغًا فَلَا يُجْرَحُ لِلْخِلَافِ فِيهِ بَعْدَ الدَّبْغِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يُرَدُّ الْبَيْعُ مَا لَمْ يَفُتْ، وَإِلَّا يَرُدَّ الثَّمَنُ وَغَرِمَ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ عَلَى تَقْدِيرِ جَوَازِ بَيْعِهِ، وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ حُرْمَةِ الْبَيْعِ وَغُرْمِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ حِلِّ الْبَيْعِ وَغُرْمِ الْقِيمَةِ، بِدَلِيلِ كَلْبِ الصَّيْدِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ فَإِنَّهَا لَا تُبَاعُ وَعَلَى مُتْلِفِهَا قِيمَتُهَا.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى جُلُودِ الْمَيْتَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى جِلْدِ الْمُذَكَّى فَقَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى جُلُودِ السِّبَاعِ) وَنَحْوِهَا مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ مَكْرُوهِ الْأَكْلِ لِيَشْمَلَ الْفِيلَ وَالذِّئْبَ وَالثَّعْلَبَ وَالضَّبُعَ وَالْهِرَّ، وَبَيَّنَ شَرْطَ الْجَوَازِ بِقَوْلِهِ: (إذَا ذُكِّيَتْ) ، وَلَوْ بِالْعُقْرِ عِنْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَبْحِهَا سَوَاءٌ ذُبِحَتْ لِجِلْدِهَا أَوْ لِلَحْمِهَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَبَعُّضِ الذَّكَاةِ، وَارْتَضَاهُ الْبُرْهَانُ اللَّقَانِيُّ، وَأَمَّا عَلَى مَا ارْتَضَاهُ الْأُجْهُورِيُّ. مِنْ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهَا تَتَبَعَّضُ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهَا إلَّا إذَا ذُكِّيَتْ لِأَخْذِ جِلْدِهَا، وَأَوْلَى لَوْ ذُكِّيَتْ لَهُمَا، وَمَفْهُومُ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 387
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست