responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 370
التَّمَتُّعِ وَمِنْ الْقِرَانِ

فَمَنْ قَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ يَذْبَحُهُ أَوْ يَنْحَرُهُ بِمِنًى إنْ أَوْقَفَهُ بِعَرَفَةَ وَإِنْ لَمْ يُوقِفْهُ بِعَرَفَةَ فَلْيَنْحَرْهُ بِمَكَّةَ بِالْمَرْوَةِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ بِهِ مِنْ الْحِلِّ

فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ يَعْنِي مِنْ وَقْتِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ كَعْبٍ وَلَا فِدْيَةَ فِي لُبْسِهِمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، بِخِلَافِ لُبْسِهِمَا لِمَرَضٍ أَوْ دَوَا: فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَلَوْ قَطَعَهُمَا أَوْ ثَنَاهُمَا.
(تَنْبِيهٌ) : إذَا عَلِمْت مَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: إحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَإِحْرَامُ الرَّجُلِ فِي وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ إحْرَامَ الرَّجُلِ فِي جَمِيعِ جَسَدِهِ لَا فِي خُصُوصِ وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ، وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَعَلُّقُ الْإِحْرَامِ بِالْوَجْهِ وَالرَّأْسِ أَشَدَّ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِبَقِيَّةِ الْجَسَدِ إذْ يَحْرُمُ سَتْرُهُمَا بِكُلِّ سَاتِرٍ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْجَسَدِ، إنَّمَا يَحْرُمُ سَتْرُهُ بِالْمُحِيطِ جَعَلَ إحْرَامَهُ مُخْتَصًّا بِوَجْهِهِ وَرَأْسِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ إحْرَامَ الرَّجُلِ عَلَى قِسْمَيْنِ: خَاصٍّ وَعَامٍّ، فَالْخَاصُّ هُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِبَعْضِ الْأَعْضَاءِ، وَالْعَامُّ هُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِجَمِيعِ أَعْضَائِهِ، وَالْمَرْأَةُ إنَّمَا لَهَا إحْرَامٌ خَاصٌّ فَقَطْ، وَالْمُنْقَسِمُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إنَّمَا هُوَ الْخَاصُّ الْمُتَعَلِّقُ بِبَعْضِ الْأَعْضَاءِ
1 -
(تَنْبِيهٌ آخَرُ) : لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ مَا إذَا فَعَلَ الْمُحْرِمُ شَيْئًا مِمَّا هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ وَمُحَصِّلُهُ أَنَّهُ يَفْتَدِي وَلَوْ لَبِسَ جَمِيعَ ثِيَابِهِ، وَكَذَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ وَلَوْ لَبِسَ جَمِيعَ ثِيَابِهِ لِضَرُورَةٍ، وَتَتَّحِدُ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ أَوْ تَعَدَّدَ مُوجِبُهَا بِفَوْرٍ أَوْ نَوَى التَّكْرَارَ أَوْ قَدَّمَ الثَّوْبَ عَلَى السَّرَاوِيلِ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ، وَشَرْطُهَا فِي اللُّبْسِ الِانْتِفَاعُ مِنْ الْحَرِّ أَوْ الْبَرْدِ، وَأَمَّا لَوْ نَزَعَ مَا لَبِسَهُ قَبْلَ انْتِفَاعِهِ بِهِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا غَيْرُ اللُّبْسِ كَمَسِّ الطِّيبِ أَوْ حَلْقِ الشَّعْرِ فَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ شَيْءٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[أَفْضَل أَنْوَاع الْحَجّ]
وَلَمَّا كَانَ فِعْلُ الْحَجِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ بَيَّنَ الْأَفْضَلَ مِنْهَا: بِقَوْلِهِ: (وَالْإِفْرَادُ بِالْحَجِّ أَفْضَلُ عِنْدَنَا) : مَعَاشِرَ الْمَالِكِيَّةِ (مِنْ التَّمَتُّعِ وَمِنْ الْقِرَانِ) : وَصِفَةُ الْإِحْرَامِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ، ثُمَّ إذَا فَرَغَ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ، وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَ الْعُمْرَةَ؛ لِأَنَّ الْإِفْرَادَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عُمْرَةٍ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ، بِخِلَافِ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ فَلَا بُدَّ فِي تَحَقُّقِهِمَا مِنْ فِعْلِ عُمْرَةٍ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ حَقِيقَةِ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُقَدِّمَ بَيَانَ صِفَتِهَا عَلَى صِفَةِ الْإِحْرَامِ تَحَاشِيًا عَنْ تَقْدِيمِ التَّصْدِيقِ عَلَى التَّصَوُّرِ؛ لِأَنَّهُ حَكَمَ عَلَى الْإِفْرَادِ بِالْأَفْضَلِيَّةِ وَعَلَى التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ بالمفضولية قَبْلَ بَيَانِهِمَا، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الَّذِي فِي كَلَامِهِ إنَّمَا هُوَ تَقْدِيمُ الْحُكْمِ عَلَى التَّصْوِيرِ لَا عَلَى التَّصَوُّرِ وَالْمَمْنُوعُ الثَّانِي فَقَطْ، وَإِنَّمَا كَانَ الْإِفْرَادُ أَفْضَلَ لِمَا فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ إنَّمَا حَجَّ مُفْرِدًا» وَاتَّصَلَ عَمَلُ الْخُلَفَاءِ وَالْأَئِمَّةِ بِذَلِكَ، فَقَدْ أَفْرَدَ الصِّدِّيقُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَعُمَرُ بَعْدَهُ عَشْرَ سِنِينَ، وَعُثْمَانُ بَعْدَهُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَيْضًا حَجُّ الْإِفْرَادِ لَا هَدْيَ فِيهِ، بِخِلَافِ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْهَدْيُ يَنْشَأُ عَنْ النَّقْصِ، وَمَا جَاءَ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ» فَأَجَابَ عَنْهُ الْإِمَامُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ أَمَرَ بَعْضَ الصَّحَابَةِ بِالْقِرَانِ وَأَمَرَ بَعْضًا بِالتَّمَتُّعِ، فَنُسِبَ ذَلِكَ إلَيْهِ عَنْ طَرِيقِ الْمَجَازِ، وَلَمْ يُعْلَمْ بِذَلِكَ هَلْ الْأَفْضَلُ الْقِرَانُ أَوْ التَّمَتُّعُ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْقِرَانَ أَفْضَلُ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَنُدِبَ إفْرَادٌ ثُمَّ قِرَانٌ ثُمَّ ذَكَرَ عِلَّةَ مَفْضُولِيَّةِ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ بِقَوْلِهِ:

(فَمَنْ قَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ) : الْمُقِيمِينَ بِهَا وَقْتَ الْإِحْرَامِ (فَعَلَيْهِ هَدْيٌ) : قَالَ خَلِيلٌ: وَشَرْطُ دَمِهَا عَدَمُ إقَامَةٍ بِمَكَّةَ أَوْ ذِي طُوًى وَقْتَ فِعْلِهِمَا وَإِنْ بِانْقِطَاعٍ بِهَا أَوْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ، وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُقِيمَ بِمَكَّةَ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا لَا يَلْزَمُهُ قِرَانٌ وَلَا تَمَتُّعٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
ثُمَّ بَيَّنَ مَحَلَّ تَزْكِيَةِ الْهَدْيِ بِقَوْلِهِ: (يَذْبَحُهُ أَوْ يَنْحَرُهُ بِمِنًى) : وَكُلُّهَا تَصِحُّ الزَّكَاةُ فِيهَا إلَّا أَنَّ الْأَفْضَلَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى، وَلَا يَجُوزُ دُونَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِنًى وَشَرْطُ ذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ بِمِنًى (إنْ أَوْقَفَهُ بِعَرَفَةَ) : هُوَ أَوْ نَائِبُهُ بِإِذْنِهِ سَاعَةَ لَيْلَةِ النَّحْرِ، وَبَقِيَ شَرْطَانِ آخَرَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَسُوقًا فِي إحْرَامِ حَجٍّ وَلَوْ كَانَ النَّقْصُ فِي عُمْرَةٍ أَوْ كَانَ تَطَوُّعًا أَوْ جَزَاءَ صَيْدٍ، وَثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ الذَّبْحُ فِي أَيَّامِ مِنًى فَتَخَلَّصَ أَنَّ الشُّرُوطَ ثَلَاثَةٌ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَالنَّحْرُ بِمِنًى إنْ كَانَ فِي حَجٍّ وَوَقَفَ بِهِ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ كَهُوَ بِأَيَّامِهَا.
(وَ) : مَفْهُومُ كَلَامِهِ (إنْ لَمْ يُوقِفْهُ بِعَرَفَةَ) : أَوْ كَانَ غَيْرَ مَسُوقٍ فِي إحْرَامِ حَجٍّ أَوْ كَانَ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى (فَلْيَنْحَرْهُ) : أَوْ يَذْبَحْهُ (بِمَكَّةَ) : وَالْمُرَادُ الْبَلَدُ وَمَا يَلِيهَا مِنْ مَنَازِلِ النَّاسِ وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَكُونَ (بِالْمَرْوَةِ) : لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الْمَرْوَةِ: «هَذَا الْمَنْحَرُ وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ وَطُرُقِهَا مَنْحَرٌ» . فَإِنْ نَحَرَ خَارِجًا عَنْ بُيُوتِهَا فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَلَوْ بِلَوَاحِقِهَا، فَقَدْ نَصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الذَّبْحُ أَوْ النَّحْرُ بِذِي طُوًى، وَلَمَّا كَانَ الْهَدْيُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ قَالَ: فِيمَا يُذْبَحُ بِمَكَّةَ وَقَدْ اشْتَرَاهُ مِنْ الْحَرَمِ (بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ بِهِ مِنْ الْحِلِّ) : وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَدْ اشْتَرَاهُ مِنْ الْحِلِّ فَالْجَمْعُ حَاصِلٌ فِيهِ قَطْعًا، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بَيْنَ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَالتَّطَوُّعِ.
1 -
(تَنْبِيهَانِ) : الْأَوَّلُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ تَذْكِيَةِ الْهَدْيِ فِي مِنًى مَعَ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ مَا إذَا

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 370
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست