responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 35
وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ» وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ.
وَرَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَا أَنَسُ إذَا هَمَمْت بِأَمْرٍ فَاسْتَخِرْ رَبَّك سَبْعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ اُنْظُرْ إلَى الَّذِي سَبَقَ إلَى قَلْبِك فَإِنَّ الْخَيْرَ فِيهِ» .
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بَعْدَ الْفَاتِحَةِ سُورَةَ الْكَافِرُونَ، وَفِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَإِذَا تَعَذَّرَتْ الِاسْتِخَارَةُ بِالصَّلَاةِ اسْتَخَارَ بِالدُّعَاءِ، وَالدَّالُ فِي قَوْلِهِ: وَاقْدُرْهُ لِي مَضْمُومَةٌ، وَالْهَمْزَةُ فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ مَقْطُوعَةٌ، وَقَوْلُهُ: إنْ كُنْت تَعْلَمُ فِيهِ إشْكَالٌ لَا يَخْفَى وَجَوَابُهُ أَنَّ إنْ بِمَعْنَى إذْ التَّعْلِيلِيَّةُ أَوْ الْمُرَادُ تَفْوِيضُ الْعِلْمِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنَّ مَعْنَى إنْ كُنْت تَعْلَمُ إنْ كَانَ تَعَلَّقَ عِلْمُك فِي الْأَزَلِ بِأَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي لِأَنَّ عِلْمَهُ تَعَالَى مُتَعَلِّقٌ بِكُلِّ شَيْءٍ تَعَلُّقًا تَنْجِيزِيًّا قَدِيمًا قَالَ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ: وَلَا تَسْتَخِرْ فِي الْمَنْدُوبَاتِ هَلْ تَفْعَلُهَا أَمْ لَا؟ بَلْ فِي فِعْلِ أَحَدِهَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ فِعْلِ الْجَمِيعِ أَوْ عِنْدَ إرَادَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى فِعْلِ بَعْضِهَا، وَالِاسْتِشَارَةُ كَالِاسْتِخَارَةِ فِي أَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ فِي تَقْدِيمِ بَعْضِ الْمَنْدُوبَاتِ عَلَى بَعْضٍ، لَا فِي فِعْلٍ وَتَرْكِهِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ، وَالِاسْتِشَارَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الِاسْتِخَارَةِ قَالَهُ الْأُجْهُورِيُّ، وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الَّذِي يُرَاعَى عِنْدَ التَّعَارُضِ مَا انْشَرَحَ لَهُ الصَّدْرُ عَلَى مَا أُشِيرَ بِهِ لِاحْتِمَالِ خَطَأِ الْمُسْتَشَارِ وَحَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ، كَمَا يَظْهَرُ جَوَازُ الِاسْتِخَارَةِ لِلْغَيْرِ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ.
(وَبِهِ) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (نَسْتَعِينُ) أَيْ نَطْلُبُ مِنْهُ الْإِعَانَةَ عَلَى مَا أَمَلْنَاهُ، وَالْإِقْدَارُ عَلَى فِعْلِ مَا قَصَدْنَاهُ، إذْ الْإِعَانَةُ التَّقَوِّي عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ أَوْ مَا يُؤَدِّي إلَى فِعْلِ الْخَيْرِ، وَقَدَّمَ الْمَعْمُولَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لِإِفَادَةِ الْحَصْرِ لِأَنَّ الْمَعْنَى: لَا نَسْتَخِيرُ إلَّا اللَّهَ وَلَا نَطْلُبُ الْإِعَانَةَ إلَّا مِنْ اللَّهِ.

ثُمَّ تَدَلَّى لِلتَّبَرِّي مِنْ حَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا حَوْلَ) لَنَا أَيْ لَا تَحَوُّلَ لَنَا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إلَّا بِعِصْمَةِ اللَّهِ وَحِفْظِهِ تَعَالَى (وَلَا قُوَّةَ) لَنَا وَإِنْ كُنَّا عَلَى غَايَةٍ مِنْ الْعَظَمَةِ وَالشِّدَّةِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ.
(إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ) الَّذِي يَصْغُرُ كُلُّ شَيْءٍ عِنْدَ ذِكْرِ صِفَاتِهِ، وَحَاصِلُ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى مُحَاوَلَةِ شَيْءٍ مِمَّا يُرِيدُهُ إلَّا بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ.
قَالَ «ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: سَمِعَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا أَقُولُهَا فَقَالَ: أَلَا أُخْبِرُك بِتَفْسِيرِهَا؟ قُلْت: بَلَى بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: لَا تَحَوُّلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إلَّا بِعِصْمَتِهِ وَلَا قُوَّةَ عَلَى طَاعَتِهِ إلَّا بِإِعَانَتِهِ وَفِي رِوَايَةٍ: كَذَا أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ عَنْ اللَّهِ» فَيَكُونُ تَفْسِيرُهَا عَنْ اللَّهِ تَعَالَى وَعَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ دَاءً أَدْنَاهَا اللَّمَمُ وَهُوَ طَرَفٌ مِنْ الْجُنُونِ» .
وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى: «أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ» .
وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِنِعْمَةٍ وَأَرَادَ بَقَاءَهَا فَلْيُكْثِرْ مِنْ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ» .
وَقَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ: لَمَّا أَسَرَنِي الْعَدُوُّ أَكْثَرْت مِنْ قَوْلِهَا فَانْقَطَعَ الْقَيْدُ الَّذِي كَانُوا يَشُدُّونِي بِهِ وَسَقَطَ فَخَرَجْت مِنْ دِيَارِهِمْ وَسُقْت إبِلَهُمْ إلَى أَنْ دَخَلْت بِهَا بَلَدِي.
وَعَنْ مَكْحُولٍ: مَنْ قَالَهَا كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُ سَبْعِينَ بَابًا مِنْ الضُّرِّ أَدْنَاهَا الْفَقْرُ.
وَأَجَازَ النَّحْوِيُّونَ فِي لَفْظِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ فَتْحَهُمَا بِغَيْرِ تَنْوِينٍ وَرَفْعَهُمَا مَعَ التَّنْوِينِ وَفَتْحَ الْأَوَّلِ غَيْرَ مُنَوَّنٍ وَرَفْعَ الثَّانِي مُنَوَّنًا أَوْ عَكْسَهُ.
قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ مُشِيرًا إلَيْهَا:
وَرَكِّبْ الْمُفْرَدَ فَاتِحًا كَلَا ... حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ وَالثَّانِي اجْعَلَا
مَرْفُوعًا أَوْ مَنْصُوبًا أَوْ مُرَكَّبَا ... وَإِنْ رَفَعْت أَوَّلًا لَا تَنْصِبَا.

(وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ) وَفِي نُسْخَةٍ زِيَادَةُ نَبِيِّهِ.
(وَ) عَلَى (آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ) ذَكَرَهَا بَعْدَ مَا سَبَقَ تَبَرُّكًا بِهَا وَقَصْدًا إلَى حُصُولِ مَا قَصَدَهُ، وَالصَّلَاةُ اسْمُ مَصْدَرٍ يُسْتَعْمَلُ مَكَانَ مَصْدَرِ صَلَّى الَّذِي هُوَ التَّصْلِيَةُ لِأَنَّهُ مَهْجُورٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ لِعَدَمِ صِحَّةِ مَعْنَاهُ، وَهِيَ فِي اللُّغَةِ الدُّعَاءُ بِخَيْرٍ، وَلِتَضَمُّنِهَا مَعْنَى الْعَطْفِ عَدَّاهَا بِعَلَى، وَالْعَطْفُ بِالنِّسْبَةِ إلَى اللَّهِ رَحْمَتُهُ، وَبِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَلَائِكَةِ الِاسْتِغْفَارُ، وَبِالنِّسْبَةِ إلَى الْآدَمِيِّينَ دُعَاءُ بَعْضِهِمْ إلَى بَعْضٍ، وَالسَّيِّدُ هُوَ الْكَامِلُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ، وَاسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِ اللَّهِ إشَارَةً إلَى الْجَوَازِ كَ «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ» .
وَقَوْلِهِ «فِي الْحَسَنِ: إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ» .
«وَفِي سَعْدٍ: قُومُوا لِسَيِّدِكُمْ» .
وَحَكَى ابْنُ النَّيِّرِ قَوْلًا بِمَنْعِهِ فِي غَيْرِ اللَّهِ وَاسْتِغْرَابِ جَوَازِهِ فِي غَيْرِ اللَّهِ بِالْأَلْفِ وَاللَّامِ، وَحَكَى فِي مَنْعِ إطْلَاقِهِ عَلَى اللَّهِ وَكَرَاهَتِهِ قَوْلَيْنِ عَنْ مَالِكٍ، وَتَقَدَّمَ فِي صَدْرِ الْخُطْبَةِ مَا يُغْنِي عَنْ الزِّيَادَةِ، وَمُحَمَّدٌ عَلَمٌ نَبِيُّنَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، وَآلِهِ الْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا أَتْقِيَاءُ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 35
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست