responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 347
بَابٌ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى كُلِّ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ صَاعًا عَنْ كُلِّ نَفْسٍ بِصَاعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

وَتُؤَدَّى مِنْ جُلِّ عَيْشِ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ مِنْ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ سُلْتٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (بَابٌ فِي) : حُكْمِ (زَكَاةِ الْفِطْرِ) : وَيُقَالُ لَهَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ، وَيُقَالُ لَهَا الْفِطْرَةُ بِكَسْرِ الْفَاءِ أَوْ الْخِلْقَةِ فَتَكُونُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ زَكَاةُ الْخِلْقَةِ، وَالْفِطْرَةُ لَفْظَةٌ مُوَلَّدَةٌ لَا عَرَبِيَّةٌ وَلَا مُعَرَّبَةٌ بَلْ اصْطَلَحَ عَلَيْهَا الْفُقَهَاءُ، وَالْمُعَرَّبَةُ هِيَ الْكَلِمَةُ الْأَعْجَمِيَّةُ الَّتِي اسْتَعْمَلَتْهَا الْعَرَبُ فِيمَا وُضِعَتْ لَهُ عِنْدَ الْعَجَمِ، وَفُرِضَتْ فِي ثَانِيَةِ الْهِجْرَةِ سَنَةَ فُرِضَ صَوْمُ رَمَضَانَ، وَسَبَبُ مَشْرُوعِيَّتِهَا لِتَكُونَ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَلِلرِّفْقِ بِالْفُقَرَاءِ فِي إغْنَائِهِمْ عَنْ السُّؤَالِ فِي هَذَا الْيَوْمِ.
قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الصَّوْمُ مَوْقُوفٌ عَلَى زَكَاةِ الْفِطْرِ، فَإِنْ أَخْرَجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ قَبْلَ صَوْمِهِ، وَعَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ زَكَاةَ الْفِطْرِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ بِقَوْلِهِ: إعْطَاءُ مُسْلِمٍ فَقِيرٍ لِقُوتِ يَوْمِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ أَوْ جُزْئِهِ الْمُسَمَّى لِلْجُزْءِ وَالْمَقْصُودُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ، وَبِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ صَاعًا مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ أَوْ جُزْئِهِ الْمُسَمَّى بِالْجُزْءِ إلَخْ، فَلَا تُدْفَعُ إلَّا لِمَنْ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا كَمَا يَرْشُدُ لَهُ حَدِيثُ: «أَغْنُوهُمْ عَنْ ذُلِّ السُّؤَالِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ» هَذَا مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ: فَقِيرٍ لِقُوتِ يَوْمِ الْفِطْرِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ فَقِيرَ الزَّكَاةِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ جُزْءٍ إلَخْ أَشَارَ بِهِ إلَى مَا يُخْرَجُ عَنْ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ فَإِنَّهُ بِحَسَبِ الْجُزْءِ، وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِحُكْمِهَا بِقَوْلِهِ: (وَزَكَاةُ الْفِطْرِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) أَيْ مَفْرُوضَةٌ بِالسُّنَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ «فَرَضَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَعِبَارَةُ خَلِيلٍ ظَاهِرَةٌ وَنَصُّهَا: يَجِبُ بِالسُّنَّةِ صَاعٌ أَوْ جُزْؤُهُ فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ وَإِنْ بِتَسَلُّفٍ، فَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَدَقَةُ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ» وَحَمْلُ الْفَرْضِ عَلَى التَّقْدِيرِ بَعِيدٌ خُصُوصًا وَقَدْ خَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنَادِيًا يُنَادِي فِي فِجَاجِ مَكَّةَ أَلَا إنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» هَكَذَا فِي التَّتَّائِيِّ وَالشَّاذِلِيِّ.
قَالَ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَالصَّوَابُ أَنَّ الَّذِي فِي خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ فِجَاجُ الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى فَرْضِهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَكَّةَ كَانَتْ حِينَئِذٍ دَارَ حَرْبٍ فَلَا يَبْعَثُ مُنَادِيًا يُنَادِي فِي أَزِقَّتِهَا، وَهَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ الْأُجْهُورِيِّ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ بِالسُّنَّةِ وَبِالْقُرْآنِ أَيْضًا، إمَّا بِآيَةِ {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14] أَوْ بِآيَةِ {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] لِعُمُومِهَا، وَلَكِنْ إذَا تَرَكَهَا أَهْلُ بَلَدٍ لَا يُقَاتَلُونَ عَلَيْهَا كَمَا لَا يُقَاتَلُونَ عَلَى تَرْكِ صَلَاةِ الْعِيدِ، بِخِلَافِ الْأَذَانِ وَالْجَمَاعَةِ فَيُقَاتَلُونَ عَلَى تَرْكِهَا، وَرَجَّحَ بَعْضٌ أَنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى وُجُوبِهَا كَمَا قَالَهُ الْأُجْهُورِيُّ، وَعَدَمُ الْقِتَالِ عَلَى تَرْكِهَا عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهَا وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمُعْتَمَدِ، وَلِذَلِكَ لَا يُكَفَّرُ مُنْكِرُ وُجُوبِهَا بِخِلَافِ مُنْكِرِ مَشْرُوعِيَّتِهَا، وَلَعَلَّهُ وَجْهُ شُهْرَةِ مَشْرُوعِيَّتِهَا دُونَ فَرْضِيَّتِهَا، وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ صَاعًا هَكَذَا رُوِيَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَجَعَلْتهَا صَاعًا، وَأَعْرَبَهُ بَعْضُهُمْ حَالًا، وَرُوِيَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهِيَ صَاعٌ وَلَيْسَ خَبَرَ الصَّدَقَةِ وَإِنَّمَا خَبَرُهَا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَلَعَلَّ هَذَا اللَّفْظَ رِوَايَةٌ لِلْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى، وَإِلَّا فَنَصُّ الْمُوَطَّإِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ» إلَخْ وَصِلَةُ فَرَضَهَا (عَلَى كُلِّ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ) : كَائِنَيْنِ (مِنْ الْمُسْلِمِينَ) : وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْوُجُوبَ مُتَعَلِّقٌ بِوَلِيِّ الصَّغِيرِ وَسَيِّدِ الْعَبْدِ، وَمَفْعُولُ فَرَضَ (صَاعًا عَنْ كُلِّ نَفْسٍ بِصَاعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ بِمُدِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) : وَتَقَدَّمَ أَنَّ كُلَّ مُدٍّ رَطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ.
قَالَ فِي الْقَامُوسِ نَقْلًا عَنْ الدَّاوُدِيِّ: الصَّاعُ الَّذِي لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ أَرْبَعُ حَفَنَاتٍ بِكَفَّيْ الرَّجُلِ الَّذِي لَيْسَ بِعَظِيمِ الْكَفَّيْنِ وَلَا صَغِيرِهِمَا، إذْ لَيْسَ كُلُّ مَكَان يُوجَدُ فِيهِ صَاعُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْرُ الصَّاعِ بِالْكَيْلِ الْمَصْرِيِّ قَدَحٌ وَثُلُثٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا أَبُو الْإِرْشَادِ عَلِيٌّ الْأُجْهُورِيُّ، فَعَلَى تَحْرِيرِهِ الرُّبُعُ الْمَصْرِيُّ يُجْزِئُ عَنْ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 347
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست