responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 337
أَهْلِ الذَّهَبِ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَيُخَفَّفُ عَنْ الْفَقِيرِ

وَيُؤْخَذُ مِمَّنْ تَجِرَ مِنْهُمْ مِنْ أُفُقٍ إلَى أُفُقٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQتُؤْخَذُ مِنْ الْمَجَانِينِ وَلَا مِمَّنْ لَا يَصِحُّ سَبْيُهُ كَالْمُعَاهِدِ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ عَهْدِهِ وَالْمُرْتَدِّ لِعَدَمِ صِحَّةِ سَبْيِهِمَا، وَيُشْتَرَطُ فِيمَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مُخَالِطًا لِأَهْلِ دِينِهِ، وَأَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى أَدَائِهَا، فَلَا تُؤْخَذُ مِنْ الْمُنْعَزِلِ بِدَيْرٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ كَالرُّهْبَانِ، وَلَا مِنْ الْعَاجِزِ عَنْ أَدَائِهَا، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ مِمَّنْ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ كَافِرٍ أَعْتَقَهُ كَافِرٌ أَوْ مُسْلِمٌ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ شَرْطَ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ الْجِزْيَةُ عَنْوِيَّةً أَوْ صُلْحِيَّةً: الذُّكُورَةُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَصِحَّةُ سَبْيِهِ وَعَدَمُ عِتْقِ مُسْلِمٍ لَهُ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْأَدَاءِ وَالْمُخَالَطَةُ لِأَهْلِ دِينِهِ وَلَوْ رَاهِبَ كَنِيسَةٍ، بِخِلَافِ رَاهِبِ الدَّيْرِ أَوْ الصَّوْمَعَةِ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُمَا لِعَدَمِ مُخَالَطَتِهِمَا.
قَالَ خَلِيلٌ: عَقْدُ الْجِزْيَةِ إذْنُ الْإِمَامِ لِكَافِرٍ صَحَّ سَبْيُهُ حُرٍّ قَادِرٍ مُخَالِطٍ لَمْ يَعْتِقْهُ مُسْلِمٌ سَكَنَ غَيْرَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنِ. ثُمَّ ذَكَرَ مُحْتَرَزَاتِ الْقُيُودِ السَّابِقَةِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا تُؤْخَذُ) : الْجِزْيَةُ (مِنْ نِسَائِهِمْ) : أَيْ رِجَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ (وَ) : لَا تُؤْخَذُ مِنْ (صِبْيَانِهِمْ وَ) : لَا مِنْ (عَبِيدِهِمْ) : وَلَا مِنْ الرُّهْبَانِ الْمُنْعَزِلِينَ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَرَهُّبُهُمْ بَعْدَ ضَرْبِهَا فَلَا يُمْنَعُ لِاتِّهَامِهِمْ عَلَى قَوْلِ الْأَخَوَيْنِ، وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ تَسْقُطُ بِالتَّرَهُّبِ، فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُمَا سَرِيعًا كَمَا لَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ، وَلَا يُنْتَظَرُ بِالْأَخْذِ مُرُورُ الْحَوْلِ. (وَتُؤْخَذُ) : الْجِزْيَةُ (مِنْ الْمَجُوسِيِّ) : نِسْبَةً إلَى مَحَلِّهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَأْنِهِمْ: «سُنُّوا لَهُمْ سُنَّةَ الْكِتَابِ» قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ: مَعْنَى ذَلِكَ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ وَلَيْسُوا أَهْلَ كِتَابٍ، فَعَلَى هَذَا لَمْ تَتَعَدَّ السُّنَّةُ إلَى ذَبَائِحِهِمْ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ الصَّحَابَةِ. (وَتُؤْخَذُ) : الْجِزْيَةُ أَيْضًا (مِنْ رِجَالِ نَصَارَى الْعَرَبِ) :؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَهَا مِنْ نَصَارَى نَجْرَانَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ نَصَارَى الرُّومِ أَوْ قُرَيْشٍ.
1 -
(تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْعَاقِدِ لَهَا مَعَ الْكُفَّارِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ بِأَنَّهُ الْإِمَامُ فَلَوْ عَقَدَهَا مُسْلِمٌ غَيْرُ الْإِمَامِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لَمْ يَصِحَّ عَقْدُهُ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُ الْكَافِرِ الْمَأْذُونِ لَهُ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ وَلَا أَسْرُهُ، وَيُفْعَلُ بِهِ غَيْرُ الْقَتْلِ وَالْأَسْرِ، وَسَكَتَ عَنْ مَحَلِّ إقَامَتِهِمْ مَعَ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ، وَبَيَّنَهُ خَلِيلٌ أَيْضًا بِأَنَّهُ غَيْرُ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ الَّتِي هِيَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَنُ، وَأَمَّا هَذِهِ الْأَمَاكِنُ الثَّلَاثَةُ فَلَا يَجُوزُ سُكْنَاهُمْ فِيهَا وَلَا يُدْفَنُونَ بِهَا إنْ مَاتُوا وَإِنْ كَانَ يَمْضِي بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَلَا يُخْرَجُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ إلَّا الْمَيِّتَ فِي الْحَرَمِ فَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهِ مِنْهُ وَلَوْ بَعْدَ دَفْنِهِ كَمَا قَالَهُ السَّنْهُورِيُّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ لِخَبَرِ: «لَا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ» نَعَمْ يَجُوزُ لَهُمْ الْمُرُورُ إذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ.
الثَّانِي: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مَفْسَدَةُ الْكُفْرِ أَعْظَمُ مَفْسَدَةً، فَكَيْفَ نُقِرُّهُمْ عَلَيْهَا بِأَخْذِ الْمَالِ مَعَ وُجُوبِ دَرْءِ الْمَفْسَدَةِ؟ وَأَجَابَ الْعَلَّامَةُ الْقَرَافِيُّ بَعْدَ اسْتِشْكَالِهِ الْمَسْأَلَةَ: بِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْتِزَامِ الْمَفْسَدَةِ الدُّنْيَا لِتَوَقُّعِ الْمَصْلَحَةِ الْعُلْيَا؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ إذَا قُتِلَ انْسَدَّ بَابُ الْإِيمَانِ، فَشُرِعَتْ الْجِزْيَةُ لِرَجَاءِ الْإِسْلَامِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إنْ لَمْ يُسْلِمْ هُوَ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ.
الثَّالِثُ: قَالَ بَعْضُ الْأَكَابِرِ: وَمَا الْحِكْمَةُ فِي تَغْيِيرِ حُكْمِ الشَّرْعِ عِنْدَ نُزُولِ عِيسَى بَعْدَ قَبُولِ الْجِزْيَةِ؟ وَبَيَّنَهُ ابْنُ بَطَّالٍ بِقَوْلِهِ: السِّرُّ فِي ذَلِكَ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ الْمَالِ بَعْدَ نُزُولِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -،؛ لِأَنَّهُ يَفِيضُ وَيَكْثُرُ فِي أَيَّامِهِ حَتَّى لَا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْ الْكَافِرِ إذْ ذَاكَ إلَّا الْإِيمَانُ أَوْ يَقْتُلُهُ، وَأَجَابَ وَلِيُّ الدِّينِ الْقَرَافِيُّ: بِأَنَّ قَبُولَ الْجِزْيَةِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لِشُبْهَةِ مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ لِتَعَلُّقِهِمْ بِزَعْمِهِمْ بِشَرْعٍ قَدِيمٍ، فَإِذَا نَزَلَ عِيسَى انْقَطَعَتْ شُبْهَتُهُمْ بِحُصُولِ مُعَايَنَتِهِ

[قَدْرُ الْجِزْيَةِ الْعَنْوِيَّةِ]
ثُمَّ ذَكَرَ الْقَدْرَ الْمَأْخُوذَ بِقَوْلِهِ: (وَ) : قَدْرُ (الْجِزْيَةِ) : الْعَنْوِيَّةِ (عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ) : فِي كُلِّ سَنَةٍ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ (وَ) : قَدْرُهَا (عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ) : أَيْ الْفِضَّةِ (أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا) : هَذَا هُوَ الْمُقَدَّرُ الَّذِي فَرَضَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ إلَّا الْمَوَاشِي فَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَهُ، وَنَقَلَ بَعْضٌ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّ عَلَيْهِمْ مَا أَرْضَاهُمْ عَلَيْهِ الْإِمَامُ مِنْ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ، وَقَصَرْنَا الْكَلَامَ عَلَى الْعَنْوِيَّةِ الْمَأْخُوذَةِ مِمَّنْ فُتِحَتْ بَلَدُهُمْ قَهْرًا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْجِزْيَةِ الصُّلْحِيَّةِ وَهِيَ الْمَأْخُوذَةُ مِمَّنْ مَنَعُوا أَنْفُسَهُمْ وَحَفِظُوهَا وَطَلَبُوا الْإِقَامَةَ بِأَمَاكِنِهِمْ فَلَا تَحْدِيدَ فِيهَا، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُمْ مَا شَرَطُوهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَرَضِيَ بِهِ الْإِمَامُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، إذْ لَهُ أَنْ لَا يَرْضَى وَيُقَاتِلَهُمْ، وَإِنْ أَطْلَقَ لَهُمْ الْإِمَامُ وَأَطْلَقُوا لَهُ وَلَمْ يُسَمُّوا قَدْرًا حِينَ الصُّلْحِ فَيَلْزَمُهُمْ مَا يَلْزَمُ الْعَنْوِيَّ. (تَنْبِيهٌ) : لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ هَلْ تُؤْخَذُ فِي أَوَّلِ الْعَامِ أَوْ آخِرِهِ؟ وَبَيَّنَهُ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَالظَّاهِرُ آخِرُهَا.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْبَاجِيُّ: لَا نَصَّ لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا تُؤْخَذُ بِآخِرِ الْعَامِ كَالزَّكَاةِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا صِفَةَ أَخْذِهَا وَبَيَّنَهَا خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: مَعَ الْإِهَانَةِ عِنْدَ أَخْذِهَا، وَلِذَا لَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِي دَفْعِهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْسُطَ الْكَافِرُ كَفَّهُ بِهَا وَيَأْخُذُهَا الْمُسْلِمُ مِنْ كَفِّهِ لِتَكُونَ يَدُ الْمُسْلِمِ هِيَ الْعُلْيَا، وَالْقَدْرُ الْمَذْكُورُ إنْ يَجِبُ عَلَى الْغَنِيِّ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: (وَيُخَفَّفُ عَنْ الْفَقِيرِ) : قَالَ خَلِيلٌ: وَنَقْصُ الْفَقِيرِ بِوُسْعِهِ وَلَا تُزَادُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى شَيْءٍ سَقَطَتْ عَنْهُ كَمَا تَسْقُطُ بِالْإِسْلَامِ صُلْحِيَّةً

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 337
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست