responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 315
مُتَعَمِّدًا كَفَّارَةٌ

وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ لَيْلًا فَأَفَاقَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّوْمِ وَلَا يَقْضِي مِنْ الصَّلَوَاتِ إلَّا مَا أَفَاقَ فِي وَقْتِهِ

وَيَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ وَجَوَارِحَهُ

وَيُعَظِّمَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مَا عَظَّمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى

وَلَا يَقْرَبُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ الْأَفْضَلُ، أَوْ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، أَوْ عِتْقُ رَقَبَةٍ كَالظِّهَارِ، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا أَجَابَ بِهِ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى الْأَمِيرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ حِينَ سَأَلَ الْفُقَهَاءَ عَنْ وَطْئِهِ جَارِيَتَهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مِنْ لُزُومِ تَكْفِيرِهِ بِالصَّوْمِ، وَسَكَتَ الْحَاضِرُونَ ثُمَّ سَأَلُوهُ: لِمَ لَمْ تُخَيِّرْهُ؟ فَقَالَ: لَوْ خَيَّرْته لَوَطِئَ كُلَّ يَوْمٍ وَأَعْتَقَ فَلَمْ يُنْكِرُوا عَلَيْهِ.
قَالَ الْقَرَافِيُّ مَا مَعْنَاهُ: أَنَّ الْكَفَّارَاتِ شُرِعَتْ لِلزَّجْرِ، وَالْمُلُوكُ لَا تَنْزَجِرُ بِالْإِعْتَاقِ لِسُهُولَتِهِ عَلَيْهِمْ فَتَعَيَّنَ مَا هُوَ زَاجِرٌ لَهُمْ، وَهَذَا مِنْ النَّظَرِ فِي الْمَصْلَحَةِ وَلَا تَأْبَاهُ الْقَوَاعِدُ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُنَافٍ لِلتَّخْيِيرِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ التَّخْيِيرِ عَلَى فَقْدِ الْمُعَيِّنِ لِنَوْعٍ مِنْهَا، هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ الْقَرَافِيِّ، وَأَشَارَ إلَى ثَانِي أَنْوَاعِهَا بِقَوْلِهِ: (وَلَهُ) أَيْ الْحُرِّ الرَّشِيدِ (أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ) مُؤْمِنَةٍ سَلِيمَةٍ مِنْ الْعُيُوبِ وَمُحَرَّرَةٍ لِخُصُوصِ الْكَفَّارَةِ، وَرُتْبَتُهُ تَلِي رُتْبَةَ الْإِطْعَامِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً لِلْغَيْرِ فِي الْجُمْلَةِ، وَأَشَارَ إلَى ثَالِثِ الْأَنْوَاعِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ) يُكَفِّرُ بِ (صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ وَالْكَفَّارَةِ، وَقَيَّدْنَا بِالْحُرِّ الرَّشِيدِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْعَبْدِ فَإِنَّمَا يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ، إلَّا أَنْ يَعْجَزَ عَنْهُ أَوْ يَمْنَعَهُ سَيِّدُهُ لِإِضْرَارِهِ بِخِدْمَتِهِ فَيَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ، وَلِلِاحْتِرَازِ عَنْ السَّفِيهِ فَإِنَّ وَلِيَّهُ يَأْمُرُهُ بِالصَّوْمِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ أَوْ أَبَى كَفَّرَ عَنْهُ بِأَدْنَى النَّوْعَيْنِ أَيْ قِيمَةِ الْإِطْعَامِ أَوْ الرَّقَبَةِ، وَهَذَا فِي تَكْفِيرِ الشَّخْصِ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَفَّرَ عَنْ غَيْرِهِ فَإِنَّمَا يُكَفِّرُ عَنْهُ بِالْإِطْعَامِ أَوْ الْعِتْقِ إنْ كَانَ الْمُكَفَّرُ عَنْهُ حُرًّا، أَوْ بِالْإِطْعَامِ فَقَطْ إنْ كَانَ رَقِيقًا، كَمَا لَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ.
(تَنْبِيهٌ) كَمَا يَلْزَمُ الْمُعْتَمَدَ لِلْفِطْرِ الْكَفَّارَةُ يَلْزَمُهُ الْأَدَبُ أَيْضًا.
قَالَ خَلِيلٌ: وَأُدِّبَ الْمُفْطِرُ عَمْدًا إلَّا أَنْ يَأْتِيَ تَائِبًا.
قَالَ شُرَّاحُهُ: وَلَوْ كَانَ فِطْرُهُ بِمَا يُوجِبُ حَدًّا فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ عُقُوبَةُ الْمَالِ وَهِيَ الْكَفَّارَةُ، وَعُقُوبَةُ الْبَدَنِ وَهِيَ الْحَدُّ، وَالْأَدَبُ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ، فَإِنْ جَاءَ تَائِبًا سَقَطَ الْأَدَبُ فَقَطْ وَيَلْزَمُهُ الْحَدُّ وَالْكَفَّارَةُ، كَمَا يَسْقُطُ الْأَدَبُ إنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى عَدَمِ الِاسْتِفْتَاءِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُؤَدِّبْ الْأَعْرَابِيَّ الَّذِي جَاءَ مُسْتَفْتِيًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَمَّا كَانَتْ الْكَفَّارَةُ مُخْتَصَّةً بِالْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ الْحَاضِرِ شَرَعَ فِي مُحْتَرِزِهِ بِقَوْلِهِ: (وَلَيْسَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا كَفَّارَةٌ) لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا، خِلَافًا لِمُجَاهِدٍ الْقَائِلِ: بِوُجُوبِهَا، وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ مَا قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ مِنْ أَنَّ الْكَفَّارَةَ سَبَبُهَا انْتِهَاكُ حُرْمَةِ رَمَضَانَ بِإِفْسَادِ الصَّوْمِ فِيهِ وَالْوَقْتُ الْحَاضِرُ لَهُ حُرْمَةٌ، وَإِنَّمَا وَقَعَ خِلَافٌ فِي لُزُومِ قَضَاءِ الْقَضَاءِ عَلَى قَوْلَيْنِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَفِي لُزُومِ قَضَاءِ الْقَضَاءِ خِلَافٌ، فَعَلَى اللُّزُومِ يَلْزَمُهُ يَوْمَانِ: يَوْمٌ لِلْأَصْلِ وَيَوْمٌ لِلْمُفْسِدِ، وَقِيلَ: يَوْمٌ فَقَطْ، وَالْقَوْلَانِ جَارِيَانِ فِي الْفِطْرِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا عَلَى مَا ارْتَضَاهُ السَّنْهُورِيُّ وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ، وَمِثْلُ قَضَاءِ رَمَضَانَ قَضَاءُ النَّفْلِ الْمُفْسِدِ

وَلَمَّا كَانَ الْإِغْمَاءُ مُسْقِطًا لِوُجُوبِ الصَّوْمِ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ لِشَرْطِيَّةِ الْعَقْلِ فِيهَا وَكَانَ يُتَوَهَّمُ سُقُوطُ قَضَائِهِ كَالصَّلَاةِ قَالَ: (وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ لَيْلًا) فِي شَهْرِ رَمَضَانَ (فَأَفَاقَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ) وَلَوْ يَسِيرًا (فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّوْمِ) لِفَوَاتِ مَحَلِّ النِّيَّةِ الَّذِي هُوَ اللَّيْلُ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: أَنَّ الصَّائِمَ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ الْإِغْمَاءُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَزَالَ بَعْدَهُ بِيَسِيرٍ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ لِمُقَارَنَةِ الْإِغْمَاءِ لِوَقْتِ النِّيَّةِ، زَادَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَلَا يُؤْمَرُ بِالْكَفِّ عَنْ الْأَكْلِ بَقِيَّةَ النَّهَارِ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا اسْتَمَرَّ الْإِغْمَاءُ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ جُلَّ الْيَوْمِ وَلَوْ سَلِمَ أَوَّلُهُ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ دُونَ الْجُلِّ وَلَمْ يَسْلَمْ أَوَّلُهُ بَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ مَغْمِيٌّ عَلَيْهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَأَمَّا لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ دُونَ الْجُلِّ وَسَلِمَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ اسْتَمَرَّ سَالِمًا نَاوِيًا الصَّوْمَ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْإِغْمَاءُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ إلَخْ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ.
قَالَ خَلِيلٌ: لَا إنْ سَلِمَ أَوَّلُهُ وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ نِصْفَهُ، وَأَشْعَرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ إلَخْ أَنَّ مَنْ سَكِرَ بِحَرَامٍ لَيْلًا وَاسْتَمَرَّ عَلَى سُكْرِهِ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ مِنْ بَابِ أَوْلَى لِتَسَبُّبِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ اسْتِعْمَالُ الْفِطْرِ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَأَمَّا السَّكْرَانُ بِحَلَالٍ فَكَالْمَجْنُونِ، وَالْمَجْنُونُ فِي التَّفْصِيلِ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَأَمَّا النَّائِمُ يَمْضِي عَلَيْهِ أَيَّامٌ وَهُوَ نَائِمٌ بَعْدَ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِصِحَّةِ صَوْمِهِ وَبَقَاءِ تَكْلِيفِهِ، وَإِنَّمَا السَّاقِطُ عَنْ النَّائِمِ الْإِثْمُ فَقَطْ، حَتَّى لَوْ بَيَّتَ النِّيَّةَ بَعْدَ ثُبُوتِ الشَّهْرِ وَنَامَ جَمِيعَهُ صَحَّ صَوْمُهُ وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ، وَلَيْسَ السَّكْرَانُ بِحَلَالٍ كَالنَّائِمِ بَلْ كَالْمَجْنُونِ كَمَا عَلِمْت، فَمَا شَرَحَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْأُجْهُورِيِّ مِنْ أَنَّهُ كَالنَّائِمِ زَلَّةُ قَلَمٍ. (وَلَا يَقْضِي) أَيْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ (مِنْ الصَّلَوَاتِ) فَرْضًا (إلَّا مَا أَفَاقَ فِي وَقْتِهِ) وَلَوْ الضَّرُورِيَّ، وَإِنَّمَا كَرَّرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْجُمْلَةَ لِيُنَبِّهَ عَلَى مُخَالَفَةِ الصَّوْمِ لِلصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا سَقَطَتْ الصَّلَاةُ دُونَ الصَّوْمِ لِتَكَرُّرِهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ يَقْضِيَانِهِ دُونَ الصَّلَاةِ؟ (تَنْبِيهٌ) : كَانَ الْأَنْسَبُ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ لَوْ قَالَ: وَلَا يُطَالَبُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ بِفِعْلِ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ إلَّا مَا أَفَاقَ فِي وَقْتِهِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِتْيَانِ بِمَا خَرَجَ وَقْتُهُ، وَمَا أَفَاقَ فِي وَقْتِهِ أَدَاءٌ لَا قَضَاءٌ

. ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يُطْلَبُ مِنْ الصَّائِمِ وَمَا يُنْهَى عَنْهُ مُبْتَدِئًا بِالْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: (وَيَنْبَغِي لِلصَّائِمِ) أَيْ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 315
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست