responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 310
الصِّبْيَانِ حَتَّى يَحْتَلِمَ الْغُلَامُ وَتَحِيضَ الْجَارِيَةُ وَبِالْبُلُوغِ لَزِمَتْهُمْ أَعْمَالُ الْأَبْدَانِ فَرِيضَةً قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: 59]
ـــــــــــــــــــــــــــــQ- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «عَنْ كُلِّ يَوْمٍ يَقْضِيهِ» إنْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَلَا يَرِدُ الشَّيْخُ الْهَرِمُ وَالْعَطِشُ فَإِنَّهُمَا يُطْعِمَانِ وَلَا يَقْضِيَانِ لِسُقُوطِ الصَّوْمِ عَنْهُمَا لِعَدَمِ إطَاقَتِهِمَا الْمَشْرُوطَةِ فِي وُجُوبِ الصَّوْمِ، وَيَكُونُ الْإِخْرَاجُ مَعَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فِيمَنْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْإِطْعَامُ إلَّا بَعْدَ الْوُجُوبِ، وَيَجِبُ أَنْ يَدْفَعَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدًّا وَاحِدًا، فَلَا يَصِحُّ إعْطَاءُ الْمُدِّ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ، وَلَا إعْطَاءُ أَكْثَرَ مِنْ مُدٍّ لِوَاحِدٍ، فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُعْتَدَّ بِالزَّائِدِ. (وَكَذَلِكَ) يَجِبُ أَنْ (يُطْعِمُ مَنْ فَرَّطَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ) قَالَ خَلِيلٌ عَاطِفًا عَلَى الْوَاجِبِ: وَإِطْعَامُ مُدٍّ بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِمُفَرِّطٍ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ لِمِثْلِهِ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ لِمِسْكِينٍ، وَلَا يُعْتَدُّ بِالزَّائِدِ إنْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهُ لِشَعْبَانَ لَا إنْ اتَّصَلَ مَرَضُهُ مَعَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، وَهَذَا شُرِعَ فِي الْكَفَّارَةِ الصُّغْرَى، وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ فَرَّطَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ إلَى أَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّكْفِيرُ بِإِخْرَاجِ مُدٍّ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ يَقْضِيهِ يَدْفَعُهُ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ أَعْطَى الْمُدَّ لِاثْنَيْنِ كَمَّلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ، وَإِنْ أَعْطَى مُدَّيْنِ لِوَاحِدٍ انْتَزَعَ وَاحِدًا إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ كَفَّارَةٌ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَرَّطَ أَنَّهُ تَمَكَّنَ مِنْ الْقَضَاءِ فِي آخِرِ شَعْبَانَ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَيَّامِ، فَلَوْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ حَتَّى بَقِيَ مِنْ شَعْبَانَ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَيَّامِ، فَمَرِضَ أَوْ سَافَرَ أَوْ حَاضَتْ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ لَمْ يَلْزَمْ كَفَّارَةٌ لِعَدَمِ التَّفْرِيطِ، وَأَمَّا لَوْ أَخَّرَهُ نَاسِيًا حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ لَكَانَ مُفَرِّطًا.
قَالَهُ الْحَطَّابُ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ، بِخِلَافِ التَّأْخِيرِ لِإِكْرَاهٍ أَوْ جَهْلٍ فَلَا كَفَّارَةَ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ الْكُبْرَى إذَا كَانَتْ لَا تَجِبُ بِالْفِطْرِ مَعَ الْإِكْرَاهِ أَوْ الْجَهْلِ فَأَحْرَى الصُّغْرَى، وَمِنْ الْعُذْرِ تَأْخِيرُ الْحَامِلِ الْقَضَاءَ لِتَأْخِيرِ وَضْعِهَا حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانَ لِأَنَّهَا مَرِيضَةٌ.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: اعْلَمْ أَنَّ التَّفْرِيطَ الْمُوجِبَ لِلْكَفَّارَةِ إنَّمَا يُنْظَرُ فِيهِ لِشَعْبَانَ الْوَالِي لِعَامِ الْقَضَاءِ خَاصَّةً، فَمَنْ اتَّصَلَ مَرَضُهُ بِرَمَضَانَ الْوَالِي لِعَامِ الْقَضَاءِ وَفَرَّطَ فِي الْعَامِ الثَّانِي حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ السَّنَةَ الثَّالِثَةَ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّدُ الْمُدُّ بِتَعَدُّدِ السِّنِينَ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ مُدٌّ إذَا فَرَّطَ فِي الْقَضَاءِ فِي شَعْبَانَ الْوَالِي لِعَامِ الْقَضَاءِ.
الثَّانِي: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ زَمَنَ الْقَضَاءِ وَبَيَّنَهُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: بِزَمَنٍ أُبِيحَ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا، فَلَا يَقْضِي فِي رَابِعِ النَّحْرِ وَلَا فِي سَابِقَيْهِ وَلَا فِيمَا وَجَبَ صَوْمُهُ وَلَوْ بِنَذْرٍ، وَيَصِحُّ فِي يَوْمِ الشَّكِّ؛ لِأَنَّهُ يُصَامُ تَطَوُّعًا

وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ طَلَبُ الصِّبْيَانِ بِالصَّوْمِ كَسَائِرِ التَّطَوُّعَاتِ قَالَ: (وَلَا صِيَامَ عَلَى الصِّبْيَانِ) لَا وُجُوبًا لَا نَدْبًا (حَتَّى يَحْتَلِمَ الْغُلَامُ) أَوْ يَرَى عَلَامَةً لِلْبُلُوغِ سَوَاءً.
(وَ) حَتَّى (تَحِيضَ الْجَارِيَةُ) أَوْ تَرَى عَلَامَةً سِوَى الْحَيْضِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَالصَّبِيُّ لِبُلُوغِهِ بِثَمَانِ عَشْرَةَ أَوْ الْحُلُمِ أَوْ الْحَيْضِ أَوْ الْحَمْلِ أَوْ الْإِنْبَاتِ، وَمَفْهُومُ الصِّيَامِ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الصَّلَاةِ وَشُرُوطِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا لَيْسَ كَذَلِكَ، فَيُنْدَبُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِهِ وَيُنْدَبُ لَهُمْ فِعْلُهُ وَيُكْتَبُ لَهُمْ ثَوَابُهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّوْمِ وَنَحْوِ الصَّلَاةِ مَشَقَّةُ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ، وَأَيْضًا تَكْرَارُ الصَّلَاةِ فَنَاسَبَ أَمْرَهُمْ بِهَا لِيَتَمَرَّنُوا عَلَيْهَا كَمَا تَقَدَّمَ، قَالَ الْعَلَّامَةُ الْأُجْهُورِيُّ: وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا ثَوَابَ فِي صِيَامِ الصِّبْيَانِ لِعَدَمِ أَمْرِهِمْ بِهِ، وَالثَّوَابُ إنَّمَا يَكُونُ فِي فِعْلِ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْفَاعِلُ، وَيُفْهَمُ مِنْ حَدِيثِ: «أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ وَلَك أَجْرٌ» أَنَّهُ يُنْدَبُ حَجُّ الصَّغِيرِ وَتَلِفَتْ النَّفْسُ لِلْفَرْقِ، ا. هـ.
كَلَامُ الْأُجْهُورِيِّ، وَأَقُولُ: لَعَلَّ الْفَرْقَ مَا مَرَّ مِنْ مَشَقَّةِ الصِّيَامِ دُونَ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ وَإِنْ عَظُمَتْ مَشَقَّتُهُ إنَّمَا هِيَ لِغَيْرِ الصَّبِيِّ، وَأَمَّا هُوَ فَيَحْمِلُهُ الْوَلِيُّ فِيمَا لَا يُطِيقُ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَحَمْلُ مُطِيقٍ وَرَمْيٍ إلَخْ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّ لَهُ حَجًّا وَلِمَنْ أَحَجَّهُ أَجْرًا» أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِفِعْلِهِ ابْتِدَاءً كَالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَنُصُّوا عَلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْوَلِيِّ إحْجَاجُ الصَّغِيرِ، وَإِنَّمَا نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ إذَا اتَّفَقَ أَنَّ الْوَلِيَّ أَخَذَ الصَّغِيرَ مَعَهُ إلَى الْحَجِّ يَأْمُرُهُ بِالْإِحْرَامِ إنْ كَانَ مُمَيِّزًا أَوْ يَنْوِي إدْخَالَهُ فِي حُرُمَاتِ الْحَجِّ إنْ كَانَ لَا تَمْيِيزَ عِنْدَهُ لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ، وَعَدَمِ جَوَازِ دُخُولِ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ لِغَيْرِ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَنْ اُسْتُثْنِيَ مِمَّنْ هُوَ مُتَرَدِّدٌ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مَحَلِّهِ وَحَرَّرَهُ، وَأَشَارَ إلَى مَفْهُومِ حَتَّى يَحْتَلِمَ بِقَوْلِهِ: (وَبِالْبُلُوغِ) وَهُوَ قُوَّةٌ تَحْدُثُ فِي الصَّغِيرِ يَخْرُجُ بِهَا مِنْ حَالِ الطُّفُولِيَّةِ إلَى حَالِ الرُّجُولِيَّةِ وَقَدْ قَدَّمْنَا عَلَامَاتِهِ (لَزِمَتْهُمْ) أَيْ فُرِضَتْ وَتَحَتَّمَتْ عَلَيْهِمْ (أَعْمَالُ الْأَبَدَانِ) كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَسَائِرِ الْمَأْمُورَاتِ وَشُرُوطِهَا وَجَمِيعِ مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَيْهِ، وَلَا مَفْهُومَ لِأَعْمَالِ الْأَبَدَانِ بَلْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ كَالنِّيَّةِ وَسَائِرِ الْمُعْتَقِدَاتِ الْوَاجِبَةِ الِاعْتِقَادِ، وَلَا يَرِدُ لُزُومُ الْعِدَّةِ وَالْإِحْدَادِ لِلصَّغِيرَةِ وَلُزُومُ نَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ بِذَلِكَ الْوَلِيُّ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَعْمَالِ الْأَبَدَانِ خُصُوصُ الصِّيَامِ وَمَا أَشْبَهَ مِنْ نَحْوِ الصَّلَاةِ وَالْغَزْوِ وَالْحَجِّ مِنْ كُلِّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْبُلُوغِ فَلَا تَرِدُ الْمَذْكُورَاتُ، وَقَوْلُهُ: (فَرِيضَةً) بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ الْمُؤَكِّدَةِ لِعَامِلِهَا؛ لِأَنَّ اللُّزُومَ وَالْفَرِيضَةَ مُتَرَادِفَانِ، وَاسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
قَالَ اللَّهُ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 310
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست