responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 305
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَاحِدَةُ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَكَفَتْ نِيَّةُ لِمَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ لَا مَسْرُودٌ وَيَوْمٌ مُعَيَّنٌ، وَالْمَنْفِيُّ إنَّمَا هُوَ وُجُوبُ التَّبْيِيتِ كُلَّ لَيْلَةٍ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَبْيِيتُهَا كُلَّ لَيْلَةٍ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ، فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ وَأَبَا حَنِيفَةَ يَقُولَانِ بِوُجُوبِ النِّيَّةِ كُلَّ لَيْلَةٍ.
وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ مَشْهُورِ مَذْهَبِهِ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ صَوْمُ رَمَضَانَ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ كُلُّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، فَالْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ إنْ تَمَادَيَا عَلَى الصَّوْمِ يَجِبُ عَلَيْهِمَا النِّيَّةُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ لِعَدَمِ وُجُوبِ التَّتَابُعِ فِي حَقِّهِمَا وَعِنْدَ صِحَّةِ الْمَرِيضِ، وَقُدُومِ الْمُسَافِرِ يَكْفِيهِمَا نِيَّةٌ لِمَا بَقِيَ كَالْحَائِضِ تَطْهُرُ وَالصَّبِيِّ يَبْلُغُ فِي أَثْنَاءِ الصَّوْمِ وَالْكَافِرِ يُسْلِمُ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ.
(وَ) يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ صَامَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا أَنْ (يُتِمَّ الصِّيَامَ إلَى) تَحَقُّقِ دُخُولِ (اللَّيْلِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: لِقَوْلِهِ {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» أَيْ انْقَضَى صَوْمُهُ، وَقَوْلُهُ: إلَى تَحَقُّقِ دُخُولِ اللَّيْلِ إشَارَةٌ إلَى خُرُوجِ الْغَايَةِ، وَإِلَى حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ الْمُفْطِرِ عِنْدَ الْغُرُوبِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ مِنْ غَيْرِ كَفَّارَةٍ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ أَكْلَهُ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَلَا قَضَاءَ، وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: إلَى اللَّيْلِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ الْوِصَالُ لِخَبَرِ: «لَا تُوَاصِلُوا» وَإِنْ أُبِيحَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوِصَالُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ شُرُوطَ الصَّوْمِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ فَقَطْ وَهُوَ اثْنَانِ: الْبُلُوغُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الصَّوْمِ. وَثَانِيهَا شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ فَقَطْ وَهُوَ أَرْبَعٌ: الْإِسْلَامُ وَالْكَفُّ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ وَالنِّيَّةُ الْمُبَيَّتَةُ وَالزَّمَنُ الْقَابِلُ لِلصَّوْمِ فِيمَا لَيْسَ لَهُ زَمَنٌ مُعَيَّنٌ. ثَالِثُهَا فِي الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: الْعَقْلُ وَالنَّقَاءُ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَدُخُولُ وَقْتِ الصَّوْمِ فِيمَا لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ كَرَمَضَانَ

. ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يُطْلَبُ مِنْ الصَّائِمِ أَوْ مَرِيدِ الصَّوْمِ بِقَوْلِهِ: (وَمِنْ السُّنَّةِ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ) بَعْدَ تَحَقُّقِ الْغُرُوبِ بِغُرُوبِ جَمِيعِ قُرْصِ الشَّمْسِ لِمَنْ يَنْظُرُهُ أَوْ دُخُولِ الظُّلْمَةِ، وَغَلَبَةِ الظَّنِّ بِالْغُرُوبِ لِمَنْ لَمْ يَنْظُرْ قُرْصَ الشَّمْسِ، كَمَحْبُوسٍ بِحُفْرَةٍ تَحْتَ الْأَرْضِ وَلَا مُخْبِرَ لَهُ، وَبَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ تَأْخِيرُ الْفِطْرِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ أَهْلِ التَّشْدِيدِ، وَأَمَّا مَنْ يُؤَخِّرُهُ لِعَارِضٍ أَوْ اخْتِيَارًا مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّ الصَّوْمَ قَدْ انْتَهَى بِالْغُرُوبِ فَلَا كَرَاهَةَ فِي فِعْلِهِ، وَيُسْتَحَبُّ فِطْرُهُ عَلَى شَيْءٍ حُلْوٍ فَفِي الْحَدِيثِ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ رُطَبَاتٍ فَثَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ» وَالْحَسَوَاتُ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَمَنْ كَانَ بِمَكَّةَ فَالْمُسْتَحَبُّ فِي حَقِّهِ الْفِطْرُ عَلَى مَاءِ زَمْزَمَ لِبَرَكَتِهِ، فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّمْرِ فَحَسَنٌ، وَإِنَّمَا نُدِبَ الْفِطْرُ عَلَى التَّمْرِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْحَلْوَيَاتِ؛ لِأَنَّهُ يَرُدُّ مَا زَاغَ مِنْ الْبَصَرِ بِالصَّوْمِ، وَيَقُولُ نَدْبًا عِنْدَ الْفِطْرِ: اللَّهُمَّ لَك صُمْت وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت، أَوْ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَك صُمْت وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت، ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَإِنَّ لِلصَّائِمِ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً قِيلَ هِيَ بَيْنَ رَفْعِ اللُّقْمَةِ وَوَضْعِهَا فِي فِيهِ.
(وَ) مِنْ السُّنَّةِ أَيْضًا (تَأْخِيرُ السُّحُورِ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ لِلْفِعْلِ، وَبِفَتْحِهَا الْمَأْكُولُ فِي السَّحَرِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ وَأَخَّرُوا السُّحُورَ» وَوَرَدَ أَيْضًا: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ الصَّلَاةِ» وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ سُنَّةِ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ وَتَأْخِيرِ السُّحُورِ مِثْلُهُ فِي الْقُرْطِيَّةِ وَالْجَوَاهِرِ لَكِنْ فِي تَعْجِيلِ الْفِطْرِ، وَاَلَّذِي فِي خَلِيلٍ أَنَّهُمَا مُسْتَحَبَّانِ وَلَفْظُهُ: وَنُدِبَ تَعْجِيلُ فِطْرٍ وَتَأْخِيرُ سُحُورٍ.
قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ: وَقَدْرُ التَّأْخِيرِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ أَنْ يَبْقَى بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ إلَى الْفَجْرِ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ الْقَارِئُ خَمْسِينَ آيَةً وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْقَارِئُ الْمُتَمَهِّلُ فِي قِرَاءَتِهِ.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى حُكْمِ تَأْخِيرِ السُّحُورِ وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ فِعْلِهِ، وَهَذَا النَّدْبُ لِخَبَرِ: «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ السُّحُورَ بَرَكَةٌ» ؛ لِأَنَّهُ يُقَوِّي عَلَى الصِّيَامِ وَيُنَشِّطُ ". الثَّانِي: فُهِمَ مِنْ نَدْبِ أَوْ سُنَّةِ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ تَقْدِيمُهُ عَلَى صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ وَقَعَ عَلَى نَحْوِ رُطَبَاتٍ مِنْ كُلِّ مَا خَفَّ، وَإِلَّا قُدِّمَتْ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ مُضَيَّقٌ، هَذَا هُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَابْنِ حَبِيبٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا فِي تَقْدِيمِ الطَّعَامِ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا قَالَاهُ عَلَى الْفِطْرِ بِغَيْرِ الْفِطْرِ عَلَى الرُّطَبِ أَوْ الْمَاءِ فَلَا يُخَالِفُ مَا قُلْنَاهُ، وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ طَلَبِ تَأْخِيرِ السُّحُورِ جَوَازُ فِعْلِهِ عِنْدَ الشَّكِّ فِي الْوَقْتِ قَالَ: (وَإِنْ شَكَّ) مَرِيدُ السُّحُورِ (فِي الْفَجْرِ فَلَا يَأْكُلْ) وَلَا يَشْرَبْ وَلَا يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ الْمُفْطِرَاتِ، وَمِثْلُ الشَّكِّ فِي الْفَجْرِ الشَّكُّ فِي الْغُرُوبِ، وَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ فِيهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْأَوَّلِ وَاتِّفَاقًا فِي الثَّانِي، وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ اللَّيْلِ وَفِي الثَّانِي بَقَاءُ النَّهَارِ، وَأَيْضًا اللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ غَايَةَ الصَّوْمِ اللَّيْلَ لَا الشَّكَّ فِيهِ.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَنْ أَكَلَ مَعَ الشَّكِّ وَهُوَ الْقَضَاءُ، إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّ الْأَكْلَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 305
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست