responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 30
الشَّيْءَ فِي الصِّغَرِ: كَالنَّقْشِ فِي الْحَجَرِ. وَقَدْ مَثَّلْت لَك مِنْ ذَلِكَ: مَا يَنْتَفِعُونَ إنْ شَاءَ اللَّهُ بِحِفْظِهِ، وَيَشْرُفُونَ بِعِلْمِهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْهُمْ» وَرُوِيَ أَيْضًا: «إذَا تَتَابَعَ النَّاسُ بِالْمَعَاصِي وَأَظْلَمَتْ الْأَرْضُ بِأَهْلِ الْفِسْقِ وَعُبِدَتْ الصُّلْبَانُ وَسُجِدَتْ لِلنِّيرَانِ وَاسْتَحَقُّوا الْعِقَابَ نَظَرَ اللَّهُ إلَى أَصْوَاتِ الْأَوْلَادِ فِي الْمَكَاتِبِ وَالْمُؤَذِّنِينَ فِي الْمَنَائِرِ فَيَحْلَمُ عَلَيْهِمْ وَيَرُدُّ مَا يَسْتَحِقُّونَ مِنْ الْعَذَابِ» .
(وَ) الْحَدِيثُ الثَّانِي مَا رُوِيَ (أَنَّ تَعْلِيمَ الشَّيْءِ فِي) حَالِ (الصِّغَرِ) يَثْبُتُ (كَالنَّقْشِ فِي الْحَجَرِ) زَادَ فِي النَّوَادِرِ عَلَى هَذَا: وَالتَّعْلِيمُ فِي الْكِبَرِ كَالنَّقْشِ عَلَى الْمَاءِ، وَمَا زَادَهُ فِي النَّوَادِرِ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مَرْفُوعًا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ بَلْ بِلَفْظٍ «مَثَلُ الَّذِي يَتَعَلَّمُ فِي صِغَرِهِ كَالنَّقْشِ فِي الْحَجَرِ، وَمَثَلُ الَّذِي يَتَعَلَّمُ فِي كِبَرِهِ كَاَلَّذِي يَكْتُبُ عَلَى الْمَاءِ» ، وَالْحَدِيثَانِ دَالَّانِ عَلَى فَضْلِ تَعَلُّمِ الْوِلْدَانِ، وَتَعْلِيمُ كِتَابِ اللَّهِ الْمُرَادُ مِنْهُ تَعْلِيمُ الْحُرُوفِ وَالْمَعَانِي حَتَّى تَحْصُلَ مَعْرِفَةُ الِاعْتِقَادِ وَالشَّرَائِعِ، وَحِينَئِذٍ صَحَّ الِاسْتِدْلَال بِالْحَدِيثِ وَسَقَطَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ هَذَا الدَّلِيلَ أَخَصُّ مِنْ الْمَدْلُولِ، لِأَنَّ تَعْلِيمَ كِتَابِ اللَّهِ بَعْضُ الْخَيْرِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُتَعَلَّمُ حُرُوفُهُ دُونَ مَعَانِيهِ، وَمِنْ شَرْطِ الدَّلِيلِ كَوْنُهُ أَعَمَّ مِنْ الْمَدْلُولِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ، وَالْحَدِيثُ بِهَذَا الْمَعْنَى لَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ مَعْرِفَةُ اعْتِقَادٍ وَلَا شَرَائِعَ، بِخِلَافِ مَا إذَا أُرِيدَ بِتَعْلِيمِ كِتَابِ اللَّهِ تَعْلِيمُ الْحُرُوفِ وَالْمَعَانِي صَارَ الدَّلِيلُ مُسَاوِيًا لِلْمَدْلُولِ بَلْ أَعَمَّ، لِأَنَّ مَعَانِيَ الْقُرْآنِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ الْمَدْلُولِ، وَإِنَّمَا رَغَّبَ الشَّارِعُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ قَلْبَ الصَّغِيرِ فَارِغٌ مِنْ وَسْوَاسِ هُمُومِ الدُّنْيَا، وَإِنْ كَانَ عَقْلُ الْكَبِيرِ أَرْجَحُ لَكِنَّ الْوَسْوَاسَ وَالْخَوَاطِرَ تُزِيلُهُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: لَوْ كُلِّفْت بِصِلَةِ مَا حَفِظْت حَدِيثًا.
تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ: يَنْبَغِي لِمَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى صَغِيرٍ الرِّفْقُ بِهِ فَلَا يُكَلِّفُهُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُهُ.
قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْجَامِعِ قَالَ: وَسَمِعْته يَسْأَلُ عَنْ صَبِيٍّ ابْنِ سَبْعِ سِنِينَ جَمَعَ الْقُرْآنَ، قَالَ: مَا أَرَى هَذَا يَنْبَغِي.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّمَا قَالَ هَذَا لَا يَنْبَغِي مِنْ أَجْلِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ التَّشْدِيدِ عَلَيْهِ فِي التَّأْدِيبِ وَالتَّعْلِيمِ وَهُوَ صَغِيرٌ جِدًّا وَتَرْكُ الرِّفْقِ بِهِ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ وَيَجِبُ الرِّفْقُ مِنْ الْأَمْرِ كُلِّهِ» .
الثَّانِي: أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ الْأَوْلَادَ فِي الْمَكْتَبِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيَّ أَنْ يُلَازِمَهُمْ لِلتَّعْلِيمِ وَجَعَلَ رِزْقَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَانَ مِنْهُمْ الْبَلِيدُ وَالْفَهِيمُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَكْتُبَ لِلْبَلِيدِ فِي اللَّوْحِ وَيُلَقِّنَ الْفَهِيمَ مِنْ غَيْرِ كَتْبٍ، وَكَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُشْهِدُهُمْ عَلَى الْأُمُورِ الَّتِي يَخَافُ عَلَيْهَا الِانْقِطَاعَ بِطُولِ الزَّمَانِ كَالنَّسَبِ وَالْجِنْسِ وَالْوَلَاءِ، فَسَأَلَتْهُ الْأَوْلَادُ أَنْ يَشْرَعَ لَهُمْ التَّخْفِيفَ فَأَمَرَ الْمُعَلِّمَ بِالْجُلُوسِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ إلَى الضُّحَى الْعَالِي، وَمِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَيَسْتَرِيحُونَ بَقِيَّةَ النَّهَارِ، إلَى أَنْ خَرَجَ إلَى الشَّامِ عَامَ فَتْحِهَا فَمَكَثَ شَهْرًا، ثُمَّ إنَّهُ رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ وَقَدْ اسْتَوْحَشَ النَّاسُ مِنْهُ فَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ فَتَلَقَّاهُ الصِّغَارُ عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَبَاتُوا مَعَهُ وَرَجَعَ بِهِمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَتَعِبُوا فِي خُرُوجِهِمْ وَرُجُوعِهِمْ فَشَرَعَ لَهُمْ الِاسْتِرَاحَةَ فِي الْيَوْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، فَصَارَ ذَلِكَ سُنَّةً إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَدَعَا بِالْخَيْرِ لِمَنْ أَحْيَا هَذِهِ السُّنَّةَ وَدَعَا بِضِيقِ الرِّزْقِ لِمَنْ أَمَاتَهَا.
(وَقَدْ مَثَّلْت) أَيْ بَيَّنْت (لَك) يَا مُحْرَزُ أَيْ جَعَلْت لَك الْمَسَائِلَ وَاضِحَةً كَالْمِثَالِ الْمُوَضِّحِ لِلْقَوَاعِدِ، وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ الْمَسَائِلَ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا الْجُمْلَةُ كَالشَّيْءِ الْمُدْرَكِ بِالْحِسِّ بِحَيْثُ يَفْهَمُهُ الْبَلِيدُ لِأَنَّهُ وَضَّحَ جَمِيعَ مَا يَذْكُرُهُ بِبَيَانِ صِفَتِهِ، كَبَيَانِ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِهَا مِنْ صِفَةِ الزَّكَاةِ، وَمَنْ اعْتَنَى بِكَلَامِهِ وَجَدَهُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَالْمُرَادُ تَمْثِيلُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّ هَذَا إخْبَارٌ عَمَّا يَحْصُلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَقَوْلُهُ: مَثَّلْت مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْمَاضِي عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ لِتَحَقُّقِ وُقُوعِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِعِلَّةِ رَجَائِهِ فِي إقْدَارِ اللَّهِ لَهُ عَلَى إتْمَامِ مَا قَصَدَ، فَفِي الْحَدِيثِ: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي» إلَخْ.
(مِنْ ذَلِكَ) الْمَذْكُورُ فِي السُّؤَالِ وَهُوَ الْجُمْلَةُ الْمُخْتَصَرَةُ، وَمَفْعُولُ مَثَّلْت (مَا يَنْتَفِعُونَ) أَيْ الْوِلْدَانُ (إنْ شَاءَ اللَّهُ) النَّفْعَ (بِحِفْظِهِ) وَأَتَى بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: 23] {إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 24] (وَيَشْرُفُونَ) بِضَمِّ الرَّاءِ (بِعِلْمِهِ) أَيْ يَنَالُونَ الرِّفْعَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِمَعْرِفَتِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَمَاضِيهِ شَرُفَ بِضَمِّ الرَّاءِ شَرَفًا بِفَتْحِهِ إذَا نَالَ الْعُلُوَّ، وَيُقَالُ: شَرَفَ بِفَتْحِ الرَّاءِ شُرُوفًا بِضَمِّ الشِّينِ إذَا كَبِرَ وَأَسَنَّ، وَيُقَالُ: أَشْرَفَ الشَّيْءُ إذَا ارْتَفَعَ، وَأَشْرَفَ الْمَرِيضُ إذَا انْتَهَى إلَى الْمَوْتِ، وَأَشْرَفْت عَلَى الشَّيْءِ إذَا عَلَوْت عَلَيْهِ، وَشَرَفُ الْعِلْمِ وَعُلُوُّ مَرْتَبَتِهِ وَمَنْزِلَةُ صَاحِبِهِ الْعَامِلِ بِهِ لَا يُنَازِعُ فِيهِ عَاقِلٌ، إذْ لَا شَيْءَ أَعْظَمُ مَرْتَبَةً مِنْ الْعِلْمِ، حَتَّى قِيلَ: إنَّهُ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 30
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست