responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 284
يَكُونَ طَاهِرًا وَمَا عَلَيْهِ طَاهِرٌ فَهُوَ أَحْسَنُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَقْرَبَهُ حَائِضٌ وَلَا جُنُبٌ وَأَرْخَصَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي الْقِرَاءَةِ عِنْدَ رَأْسِهِ بِسُورَةِ يَس ~ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ أَمْرًا مَعْمُولًا بِهِ

وَلَا بَأْسَ بِالْبُكَاءِ بِالدُّمُوعِ حِينَئِذٍ وَحَسُنَ التَّعَزِّي
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ لِيَكُونَ ذَلِكَ آخِرَ كَلَامِهِ، وَلِأَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ يَطْرُدُ الشَّيْطَانَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُلَقِّنَهُ غَيْرُ وَارِثِهِ مِمَّنْ لَهُ بِهِ مَحَبَّةٌ وَإِلَّا فَأَرْأَفُهُمْ بِهِ، وَلَا يُلِحُّ عَلَيْهِ وَلَا يَقُولُ لَهُ قُلْ لِئَلَّا يُوَافِقَ ذَلِكَ قَوْلَهُ لَا لِرَدِّ فِتْنَةِ الْفَتَّانِينَ أَوْ إبْلِيسَ؛ لِأَنَّهُمْ يَحْضُرُونَ لِلْمُحْتَضَرِ عَلَى صِفَةِ مَنْ تَقَدَّمَ مَوْتًا مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إلَيْهِ مِنْ أَقَارِبِهِ فَيَقُولُونَ لَهُ: مُتْ عَلَى دِينِ كَذَا فَإِنَّهُ خَيْرُ الْأَدْيَانِ، وَلَا يَشْكُلُ عَلَى هَذَا «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ لِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ عِنْدَ احْتِضَارِهِ: قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لَك بِهَا عِنْدَ اللَّهِ» ؛ لِأَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمْ يَكُنْ سَبَقَ مِنْهُ التَّلَفُّظُ بِهَا، وَإِذَا قَالَهَا الْمُحْتَضَرُ لَا تُعَادُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ فَتُعَادُ عَلَيْهِ لِتَكُونَ آخِرَ كَلَامِهِ فَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَضْجَرُ الْمُلَقِّنُ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ الْمُحْتَضَرِ لِمَا يُلَقِّنُهُ؛ لِأَنَّهُ يُشَاهِدُ مِنْ عَظَائِمِ الْمَوْتِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَا لَا نَطَّلِعُ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَسَ لِسَانُهُ أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ فَلَمْ يَنْطِقْ بِالشَّهَادَتَيْنِ حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يَخْطُرْ الْإِيمَانُ بِقَلْبِهِ مَاتَ مُؤْمِنًا وَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ، كَمَا أَنَّ الْكَافِرَ إذَا مَاتَ كَذَلِكَ يُحْكَمُ لَهُ بِالْكُفْرِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا كَانَ عَلَيْهِ الشَّخْصُ قَبْلَ مَوْتِهِ، حَيْثُ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ فِي حَالِ كَمَالِ عَقْلِهِ مَا يُنَافِي ذَلِكَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي صَدْرِ الْكِتَابِ مِنْ أَنَّ الْمَيِّتَ الْمُؤْمِنَ إيمَانُهُ بَاقٍ حُكْمًا بَعْدَ مَوْتِهِ.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَلْقِينُ الْمُحْتَضَرِ وَلَوْ كَانَ صَبِيًّا مُمَيِّزًا، خِلَافًا لِلنَّوَوِيِّ حَيْثُ قَالَ: لَا يُلَقَّنُ إلَّا الْبَالِغُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُلَقَّنُ بَعْدَ دَفْنِهِ.
قَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَيْسَ الْعَمَلُ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى التَّلْقِينِ بَعْدَ الدَّفْنِ، وَجَزَمَ النَّوَوِيُّ بِنَدْبِهِ، وَقَالَ ابْنُ الطَّلَّاعِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ: هُوَ الَّذِي نَخْتَارُهُ وَنَعْمَلُ بِهِ، وَقَدْ رَوَيْنَا فِيهِ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْقَوِيِّ لَكِنْ اُعْتُضِدَ بِالْقَوَاعِدِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ الشَّامِ، وَمِمَّنْ وَافَقَ عَلَى نَدْبِهِ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ وَالْقُرْطُبِيُّ وَالثَّعَالِبِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، حَتَّى قَالَ الْأَبِيُّ: وَلَا يَبْعُدُ حَمْلُ: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ» عَلَى التَّلْقِينِ بَعْدَ الدَّفْنِ وَلَعَلَّ وَجْهَ عَدَمِ الْبُعْدِ صَرِيحُ لَفْظِ الْحَدِيثِ حَيْثُ قَالَ: مَوْتَاكُمْ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّأْوِيلِ، وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ التَّعْلِيلُ بِصَيْرُورَتِهَا آخِرَ كَلَامِهِ فَافْهَمْ.
الثَّانِي: لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ عَلَى حُكْمِ مُلَازَمَةِ الْمُحْتَضَرِ وَلَا عَلَى مَنْ يَطْلُبُ مِنْهُ، وَمُحَصِّلُهُ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى أَقَارِبِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَعَلَى أَصْحَابِهِ مُلَازَمَتُهُ. فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَعَلَى جِيرَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَعَلَى عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى جِهَةِ الْكِفَايَةِ، فَقَدْ تَرَكَ ابْنُ عُمَرَ حُضُورَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ حِينَ دُعِيَ لِحُضُورِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَمَحَلُّ طَلَبِ الْحُضُورِ عِنْدَ الْمَرِيضِ عِنْدَ اشْتِدَادِ مَرَضِهِ مَا لَمْ يَكُنْ يَكْرَهُ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ صَارَ عَلَى حَالَةٍ لَا يُحِبُّ أَنْ يَرَاهُ أَحَدٌ عَلَيْهَا فَيَسْقُطُ طَلَبُ حُضُورِهِ بِمَنْعِهِ. وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ فِي حَقِّ الْمُحْتَضَرِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ قُدِرَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (عَلَى أَنْ يَكُونَ) جِسْمُ الْمُحْتَضَرِ (طَاهِرًا وَمَا عَلَيْهِ طَاهِرٌ فَهُوَ أَحْسَنُ) أَيْ مُسْتَحَبٌّ كَمَا يُسْتَحَبُّ وَضْعُ الرَّوَائِحِ الطَّيِّبَةِ عِنْدَهُ (وَيُسْتَحَبُّ) أَيْضًا (أَنْ لَا يَقْرَبَهُ) أَيْ الْمُحْتَضَرَ (حَائِضٌ وَلَا جُنُبٌ) وَلَا صَبِيٌّ يَعْبَثُ، وَلَا يَكُفُّ إذَا نُهِيَ، وَلَا كَلْبٌ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِي اتِّخَاذِهِ وَقِيلَ مُطْلَقًا، وَلَا تِمْثَالٌ وَلَا آلَةُ لَهْوٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا تَكْرَهُهُ الْمَلَائِكَةُ، وَالْمُرَادُ بِتَجَنُّبِ مَا ذُكِرَ أَنْ لَا يَكُونَ مَعَ الْمُحْتَضَرِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ.
(وَأَرْخَصَ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ اسْتَحَبَّ (بَعْضُ الْعُلَمَاءِ) وَهُوَ ابْنُ حَبِيبٍ (فِي الْقِرَاءَةِ عِنْدَ رَأْسِهِ) أَوْ رِجْلَيْهِ وَالضَّمِيرُ لِلْمُحْتَضَرِ (بِسُورَةِ يَس) لِخَبَرِ: «إذَا قُرِئَتْ، عَلَيْهِ سُورَةُ يَس بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا لِمَلَكِ الْمَوْتِ أَنْ هَوِّنْ عَلَى عَبْدِي الْمَوْتَ» وَحَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا مِنْ مَيِّتٍ تُقْرَأُ عِنْدَهُ سُورَةُ يَس إلَّا هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِ» .
وَقَالَ أَيْضًا: «اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ يَس» .
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: أَرَادَ بِهِ بَعْضَ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ لَا أَنَّ الْمَيِّتَ يُقْرَأُ عَلَيْهِ. (وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الْقِرَاءَةِ عِنْدَ الْمُحْتَضَرِ (عِنْدَ مَالِكٍ أَمْرًا مَعْمُولًا بِهِ) بَلْ تُكْرَهُ عِنْدَهُ قِرَاءَةُ يَس ~ أَوْ غَيْرِهَا عِنْدَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ عَلَى قَبْرِهِ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ: وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ مَالِكٍ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ إذَا فُعِلَتْ عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ، وَأَمَّا لَوْ فُعِلَتْ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّكِ بِهَا وَرَجَاءَ حُصُولِ بَرَكَةِ الْقُرْآنِ لِلْمَيِّتِ فَلَا، وَأَقُولُ: هَذَا هُوَ الَّذِي يَقْصِدُهُ النَّاسُ بِالْقِرَاءَةِ فَلَا يَنْبَغِي كَرَاهَةُ ذَلِكَ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَيْهَا.
قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ حُصُولُ بَرَكَةِ الْقُرْآنِ لِلْأَمْوَاتِ كَحُصُولِهَا بِمُجَاوَرَةِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يَنْبَغِي إهْمَالُ أَمْرِ الْمَوْتَى مِنْ الْقِرَاءَةِ وَلَا مِنْ التَّهْلِيلِ الَّذِي يُفْعَلُ عِنْدَ الدَّفْنِ، وَالِاعْتِمَادُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَسِعَةِ رَحْمَتِهِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حُصُولَ بَرَكَةِ قِرَاءَتِهِ وَثَوَابِهَا لِلْمَيِّتِ بِلَا خِلَافٍ فَلْيَجْعَلْ ذَلِكَ دُعَاءً فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ أَوْصِلْ ثَوَابَ مَا أَقْرَؤُهُ لِفُلَانٍ أَوْ مَا قَرَأْته، وَحِينَئِذٍ يَحْصُلُ لِلْمَيِّتِ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ وَلِلْقَارِئِ ثَوَابُ الدُّعَاءِ

[الْبُكَاء عِنْدَ مَوْتِ الْمَيِّت]
وَلَمَّا كَانَ الْمَوْتُ يَتَسَبَّبُ عَنْهُ الْبُكَاءُ وَالتَّفَجُّعُ بَيَّنَ حُكْمَهُ بِقَوْلِهِ: (وَلَا بَأْسَ بِالْبُكَاءِ) بِالْمَدِّ وَهُوَ مَا كَانَ (بِالدُّمُوعِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الِاحْتِضَارِ، وَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ حَيْثُ لَمْ يَصْحَبْهُ رَفْعُ صَوْتٍ وَلَا قَوْلٌ قَبِيحٌ.
قَالَ خَلِيلٌ: بِالْعَطْفِ عَلَى الْجَائِزِ وَبُكَاءٌ عِنْدَ مَوْتِهِ وَبَعْدَهُ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ وَقَوْلٍ قَبِيحٍ شَرْعًا، فَقَدْ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 284
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست