responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 280
بَابٌ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَصَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ سُنَّةٌ تُقَامُ

يَخْرُجُ لَهَا الْإِمَامُ كَمَا يَخْرُجُ لِلْعِيدَيْنِ ضَحْوَةً فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ يَقْرَأُ بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى وَالشَّمْسُ وَضُحَاهَا وَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَتَانِ وَرَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ

ثُمَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَاب فِي صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]
(بَابٌ فِي) بَيَانِ (صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ) بِالْمَدِّ وَهُوَ لُغَةً طَلَبُ السَّقْيِ، وَشَرْعًا طَلَبُ السَّقْيِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لِقَحْطٍ نَزَلَ بِهِمْ أَوْ بِدَوَابِّهِمْ، وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْأَئِمَّةِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ: لَا تُصَلَّى؛ لِأَنَّهَا بِدْعَةٌ وَحَمَلَ مَا وَرَدَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى فِعْلِهَا عَلَى الدُّعَاءِ وَدَلِيلُ الْمَشْهُورِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ} [البقرة: 60] وقَوْله تَعَالَى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10] الْآيَةَ، وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ: مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ» .
وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ: «جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ» وَالْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ، وَتُشْرَعُ عِنْدَ تَأْخِيرِ النِّيلِ وَالْمَطَرِ، وَقَدْ احْتَاجَ الزَّرْعُ أَوْ الْآدَمِيُّ أَوْ الْحَيَوَانُ الْبَهِيمِيُّ إلَى الْمَاءِ فَيَأْمُرُ الْإِمَامُ النَّاسَ بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالْإِتْيَانِ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَ الْحَالِ إنَّمَا يَكُونُ غَالِبًا لِارْتِكَابِ الذُّنُوبِ.
قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11] وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30] وَأَشَارَ إلَى بَيَانِ حُكْمِهَا بِقَوْلِهِ: (وَصَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ سُنَّةٌ) عَلَى الْأَعْيَانِ يَتَأَكَّدُ أَنْ (تُقَامَ) أَيْ تُصَلَّى.
قَالَ خَلِيلٌ: سُنَّ الِاسْتِسْقَاءُ لِزَرْعٍ أَوْ شُرْبٍ بِنَهْرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ بِسَفِينَةٍ رَكْعَتَانِ جَهْرًا وَكَرَّرَ إنْ تَأَخَّرَ، وَحَاصِلُ الْمَعْنَى: أَنَّهَا إنَّمَا تُسَنُّ لِلْمَحَلِّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْحَاءِ وَهُوَ احْتِيَاجُ الزَّرْعِ وَالْجَدْبُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ضِدُّ الْخِصْبِ بِكَسْرِ الْخَاءِ أَوْ لِشُرْبِ الْآدَمِيِّ أَوْ الدَّوَابِّ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَحَلٍّ وَلَا جَدْبٍ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الشُّرْبِ وَقَدْ أَتَاهُمْ مِنْ الْغَيْثِ الْكِفَايَةُ لَا مَعَ سَعَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي حَقِّهِمْ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَانٍ وَلَا نَدْبٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَتَرَتَّبُ عَلَى السَّعَةِ فِعْلُ خَيْرٍ فَيُنْدَبُ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي خَصْبٍ وَرَخَاءٍ وَأَرَادَ أَنْ يَطْلُبَ بِهِ الرَّخَاءَ أَوْ الْخَصْبَ لِغَيْرِهِ فَيُنْدَبُ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى الْخَيْرِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِعْلَ الِاسْتِسْقَاءِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ وَتُفْعَلُ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ،

[وَقْت صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]
ثُمَّ بَيَّنَ وَقْتَهَا بِقَوْلِهِ: (يَخْرُجُ لَهَا الْإِمَامُ) إلَى الْمُصَلَّى (كَمَا يَخْرُجُ لِلْعِيدَيْنِ) وَذَلِكَ عِنْدَ (ضَحْوَةِ) النَّهَارِ وَهِيَ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ إلَى الزَّوَالِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَخَرَجُوا ضُحًى مُشَاةً بِبِذْلَةٍ وَتَخَشُّعٍ مَشَايِخُ وَصِبْيَةٌ لَا مَنْ لَا يَعْقِلُ مِنْهُمْ وَلَا بَهِيمَةٌ وَلَا حَائِضٌ. (فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ) نَدْبًا كَمَا يُنْدَبُ أَنْ (يَقْرَأَ بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى) فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةِ (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ قَرَأَ فِي صَلَاتِهَا بِهَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ (وَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَتَانِ وَرَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ) أَيْ رُكُوعٌ وَاحِدٌ فَلَيْسَتْ كَصَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ. (وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ) وَتَحْصُلُ، السُّنَّةُ بِفِعْلِ الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ الذُّكُورِ الْبَالِغِينَ؛ لِأَنَّهُمْ الَّذِينَ تُسَنُّ فِي حَقِّهِمْ، وَأَمَّا الصِّبْيَانُ وَالْمُتَجَالَّاتُ مِنْ النِّسَاءِ فَتُنْدَبُ فِي حَقِّهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْمُرَادُ مِنْ غَيْثٍ أَوْ نِيلٍ كُرِّرَتْ عَلَى تَوَالِي الْأَيَّامِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَكَرَّرَ إنْ تَأَخَّرَ لَا فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا بَأْسَ بِهِ أَيَّامًا مُتَوَالِيَةً.
قَالَ أَصْبَغُ: اُسْتُقِيَ عِنْدَنَا بِمِصْرَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا مُتَوَالِيَةً عَلَى سُنَّةِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَحَضَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَرِجَالٌ صَالِحُونَ فَلَمْ يُنْكِرُوهُ.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: أَجْمَلَ الْمُصَنِّفُ فِي النَّاسِ مَعَ أَنَّهُمْ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يَخْرُجُ اتِّفَاقًا وَهُمْ الرِّجَالُ وَالْمُتَجَالَّاتُ مِنْ النِّسَاءِ وَمَنْ يَعْقِلُ فِي الْقَرْيَةِ مِنْ الصِّبْيَانِ، وَقِسْمٌ لَا يَخْرُجُ اتِّفَاقًا وَهُنَّ الشَّابَّاتُ الْمَخْشِيَّاتُ الْفِتْنَةَ، وَقِسْمٌ اُخْتُلِفَ فِيهِ وَهُوَ مَنْ لَا يَعْقِلُ فِي الْقَرْيَةِ وَالشَّابَّاتُ غَيْرُ الْمَخْشِيَّاتِ وَالْبَهَائِمُ، وَاَلَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ عَدَمُ خُرُوجِهِمْ فَإِنَّهُ قَالَ: لَا مَنْ لَا يَعْقِلُ مِنْهُمْ وَبَهِيمَةٌ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 280
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست