responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 265
أَنْ يَنْصَرِفَ بَعْدَ فَرَاغِهَا وَلَا يَتَنَفَّلُ فِي الْمَسْجِدِ وَلْيَتَنَفَّلْ إنْ شَاءَ قَبْلَهَا وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْإِمَامُ وَلْيَرْقَ الْمِنْبَرَ كَمَا يَدْخُلُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّمْسِ، فَإِنْ قِيلَ: كَرَاهَةُ التَّبْكِيرِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، يُنَافِيه قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ وَدَنَا مِنْ الْإِمَامِ لِيَسْمَعَ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا» فَالْجَوَابُ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ مَعْنَى بَكَّرَ أَدْرَكَ بَاكُورَةَ الْخُطْبَةِ، وَمَعْنَى ابْتَكَرَ قَدِمَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، أَوْ أَنَّ مَعْنَى بَكَّرَ تَصَدَّقَ قَبْلَ خُرُوجِهِ لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: «بَاكِرُوا بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّ الْبَلَاءَ لَا يَتَخَطَّاهَا» وَقَوْلُهُ: " ابْتَكَرَ " تَأْكِيدٌ لِسَابِقِهِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، وَمَعْنَى غَسَّلَ أَوْجَبَ الْغُسْلَ عَلَى غَيْرِهِ بِالْجِمَاعِ وَاغْتَسَلَ هُوَ مِنْهُ (وَالتَّطَيُّبُ لَهَا) حَسَنٌ أَيْضًا بِمَعْنَى: مَنْدُوبٌ، وَمَعْنَى التَّطَيُّبِ اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ وَلَوْ لِمُؤَنَّثٍ، وَهُوَ مَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ وَرِيحُهُ، وَيَقْصِدُ بِذَلِكَ الْعَمَلَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طِيبٌ فَلَا يَضُرُّهُ أَنْ يَمَسَّ مِنْهُ وَلَا يَقْصِدُ بِهِ فَخْرًا وَلَا رِيَاءً» .
وَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " لَهَا " إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُخَاطِبُ بِالتَّطَيُّبِ مَنْ يَحْضُرُ الصَّلَاةَ، بِخِلَافِ الْعِيدِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ يَوْمَهُ اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ وَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ صَلَاتَهُ.
(وَ) يُسْتَحَبُّ لِمُرِيدِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَنْ (يَلْبَسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ) لِيَتَجَمَّلَ بِهَا بَيْنَ النَّاسِ، وَالْمُرَادُ بِأَحْسَنِهَا الْأَبْيَضُ وَلَوْ عَتِيقًا لِحَدِيثِ: «أَحْسَنُ مَا زُرْتُمْ اللَّهَ بِهِ فِي قُبُورِكُمْ وَمَسَاجِدِكُمْ الْبَيَاضُ» .
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْبِسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا خَيْرُ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» . حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْعِيدِ فَإِنَّ الْحَسَنَ فِيهِ الثِّيَابُ الْجَدِيدَةُ وَلَوْ غَيْرَ بَيْضَاءَ.
(تَتِمَّتَانِ) الْأُولَى: بَقِيَ مِنْ الْمُسْتَحَبِّ تَحْسِينُ الْهَيْئَةِ مِنْ قَصِّ شَارِبٍ وَظُفُرٍ وَنَتْفِ إبْطٍ وَحَلْقِ عَانَةٍ لِمَنْ احْتَاجَ إلَى شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنْدَبُ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَلَيْسَ مِنْ الْآدَابِ الْمُسْتَحَبَّةِ حَلْقُ الرَّأْسِ وَإِنَّمَا حَلْقُهُ مُبَاحٌ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَحْلِقْهُ إلَّا فِي الْحَجِّ، فَهُوَ مِنْ الْبِدَعِ الْمُبَاحَةِ أَوْ الْحَسَنَةِ لِمَنْ يَقْبُحُ مَنْظَرُهُ بِدُونِهِ، وَمِنْ الْمُسْتَحَبَّاتِ أَيْضًا الْمَشْيُ لَهَا فِي الْغُدُوِّ لِخَبَرِ: «مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» .
الثَّانِيَةُ: الْآدَابُ الْمَذْكُورَةُ مِنْهَا مَا هُوَ مَشْرُوعٌ فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ كَالتَّهْجِيرِ وَالْمَشْيِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِالرِّجَالِ كَتَحْسِينِ الْهَيْئَةِ وَالتَّطَيُّبِ وَالتَّجَمُّلِ بِالثِّيَابِ الْحَسَنَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ إنَّمَا هُوَ مَطْلُوبٌ لِلصَّلَاةِ لَا لِلْيَوْمِ بِخِلَافِهَا فِي الْعِيدِ فَإِنَّهَا لِلْيَوْمِ.
قَالَ خَلِيلٌ فِيهِ: وَتَطَيُّبٌ وَتَزَيُّنٌ وَإِنْ لِغَيْرِ مُصَلٍّ.

وَلَمَّا كَانَ الشَّأْنُ التَّنَفُّلَ قَبْلَ الظُّهْرِ كَبَعْدِهَا، وَقِيلَ: إنَّ الْجُمُعَةَ بَدَلٌ عَنْهَا كَانَ مَظِنَّةَ تَوَهُّمِ طَلَبِ التَّنَفُّلِ بَعْدَهَا قَالَ: (وَأَحَبُّ إلَيْنَا) مَعَاشِرَ الْمَالِكِيَّةِ (أَنْ يَنْصَرِفَ) مُصَلِّي الْجُمُعَةِ (بَعْدَ فَرَاغِهَا) وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَحْمِيدٍ وَتَكْبِيرٍ وَقِرَاءَةِ نَحْوِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ مِمَّا يُطْلَبُ عَقِبَ الْفَرَائِضِ إلَى بَيْتِهِ وَيَتَنَفَّلُ فِيهِ بِمَا أَحَبَّ مِنْ النَّوَافِلِ (وَلَا يَتَنَفَّلُ فِي الْمَسْجِدِ) لِكَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ إثْرَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ إذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ انْصَرَفَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ وَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ ذَلِكَ» ، وَتَسْتَمِرُّ الْكَرَاهَةُ بَعْدَ الْجُمُعَةِ لِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى يَنْصَرِفَ الشَّخْصُ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ حَتَّى يُحْدِثَ سَوَاءٌ كَانَ إمَامًا أَوْ غَيْرَهُ، لَكِنَّ الْكَرَاهَةَ فِي حَقِّ الْإِمَامِ أَشَدُّ هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَيَمْتَدُّ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ أَكْثَرُ الْمُصَلِّينَ لَا كُلُّهُمْ، أَوْ بِمَعْنَى زَمَنِ انْصِرَافِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَنْصَرِفُوا، وَالْكَرَاهَةُ قَيَّدَهَا بَعْضُهُمْ بِأَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ أَوْ يُخْشَى مِنْهُ اعْتِقَادُ وُجُوبِهَا، وَأَمَّا مَنْ يَفْعَلُهَا مَعَ الْعِلْمِ بِنَدْبِهَا فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا لَوْ فَعَلَهَا مُقَلِّدًا فِي فِعْلِهَا الْقَائِلَ بِطَلَبِهَا، وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ يَقَعُ التَّنَفُّلُ مِنْ جَمِيعِ الْحَاضِرِينَ. (وَلْيَتَنَفَّلْ) الْمَأْمُومُ فِي الْمَسْجِدِ (إنْ شَاءَ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَقَوْلُهُ إنْ شَاءَ يُوهِمُ أَنَّهُ غَيْرُ مَنْدُوبٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ نَدْبُ النَّفْلِ قَبْلَ خُرُوجِ الْخَطِيبِ مِنْ الْخَلْوَةِ لِغَيْرِ الْجَالِسِ وَقْتَ الْأَذَانِ مَعْلُومٌ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: إنْ شَاءَ أَنَّهُ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهُ بِخِلَافِ الْجَالِسِ عِنْدَ الْأَذَانِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَكُرِهَ تَرْكُ طَهَارَةٍ فِيهَا وَالْعَمَلُ يَوْمَهَا وَبَيْعٌ كَعَبْدٍ بِسُوقٍ وَقْتَهَا وَتَنَفُّلُ إمَامٍ قَبْلَهَا أَوْ جَالِسٍ عِنْدَ الْأَذَانِ، وَأَمَّا التَّنَفُّلُ بَعْدَ خُرُوجِ الْخَطِيبِ فَهُوَ حَرَامٌ وَلَوْ عَلَى الدَّاخِلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَنَفُّلَ الْمَأْمُومِ قَبْلَ الْأَذَانِ وَقَبْلَ خُرُوجِ الْخَطِيبِ مَنْدُوبٌ وَعِنْدَ الْأَذَانِ مَكْرُوهٌ لِلْجَالِسِ، وَأَمَّا بَعْدُ خُرُوجِهِ فَحَرَامٌ.
قَالَ خَلِيلٌ عَاطِفًا عَلَى الْحَرَامِ: وَابْتَدَأَ صَلَاةً بِخُرُوجِهِ وَإِنْ لِدَاخِلٍ، وَمِثْلُ خُرُوجِ الْخَطِيبِ دُخُولُهُ ذَاهِبًا لِلْمِنْبَرِ، فَإِنْ أَحْرَمَ بَعْدَ خُرُوجِهِ أَوْ عِنْدَ دُخُولِهِ مُتَوَجِّهًا إلَى الْمِنْبَرِ، فَإِنْ كَانَ جَالِسًا قَبْلَ ذَلِكَ قَطَعَ صَلَاتَهُ وَلَوْ ابْتَدَأَهَا سَاهِيًا عَنْ خُرُوجِهِ أَوْ دُخُولِهِ، وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ حِينَ خُرُوجِهِ أَوْ دُخُولِهِ وَأَحْرَمَ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِخُرُوجِهِ أَوْ دُخُولِهِ وَبِالْحُكْمِ قَطَعَ، وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا خَفَّفَ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مُحْرِمًا قَبْلَ خُرُوجِ الْخَطِيبِ أَوْ دُخُولِهِ فَلَا شَكَّ فِي عَدَمِ قَطْعِهِ.
قَالَ خَلِيلٌ بَعْدَ قَوْلِهِ وَابْتَدَأَ صَلَاةً بِخُرُوجِهِ: وَلَا يَقْطَعُ إنْ دَخَلَ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ خُرُوجِ الْخَطِيبِ وَلَوْ لِلدَّاخِلِ وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَمُقَابِلُهُ جَوَازُ إحْرَامِهِ وَلَوْ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ، وَعَلَيْهِ السُّيُورِيُّ مِنْ عُلَمَائِنَا وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا قَائِلًا: الرُّكُوعُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ لِمَا
فِي الصَّحِيحَيْنِ:

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 265
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست