responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 261
وَيَجْلِسُ فِي أَوَّلِهَا وَفِي وَسَطِهَا

وَتُقَامُ الصَّلَاةُ عِنْدَ فَرَاغِهَا

وَيُصَلِّي الْإِمَامُ رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَبْلَ الْخُطْبَةِ لَمْ تَصِحَّ وَتَجِبُ إعَادَتُهَا بَعْدَ الْخُطْبَةِ، فَإِنْ خَطَبَ وَصَلَّى قَبْلَ الزَّوَالِ بَطَلَتَا وَأُعِيدَتَا، هَذَا مُلَخَّصُ شُرُوطِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَنَظَمَهَا عَلَّامَةُ الزَّمَانِ سَيِّدِي عَلِيُّ أَبُو الْإِرْشَادِ الْأُجْهُورِيُّ بِقَوْلِهِ:
شَرْطُ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ الذُّكُورَةُ ... تَوَطُّنٌ كَذَلِكَ الْحُرِّيَّةُ
إقَامَةٌ أَيْ لِلْوُجُوبِ تَبِعَا ... وَفَقْدُ عُذْرِ مِثْلِهَا فَاسْتَمِعَا
كَذَا دُخُولُ الْوَقْتِ وَأَلْحِقْ السَّبَبَ ... وُجُوبُهَا كَغَيْرِهَا مِمَّا وَجَبَ
وَشَرْطُ صِحَّةِ وُقُوعِ الْخُطْبَتَيْنِ ... فِي وَقْتِ ظُهْرٍ لَا سِوَاهُ دُونَ بَيْنِ
كَمَسْجِدٍ مُتَّحِدٍ ذِي بِنْيَةِ ... وَقَرْيَةٍ بِأَهْلِهَا تَقَرَّتْ
وَأَنْ يُصَلِّيَ مِنْهُمْ اثْنَا عَشَرَا ... لَهَا مَعَ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ مِرَا
وَكَوْنُهُ بِلَا خَفَا مَنْ خَطَبَا ... إلَّا لِعُذْرٍ وَمُقِيمًا صُوِّبَا
وَخُطْبَتَيْنِ قَبْلَهَا وَيَحْضُرُوا ... جَمِيعَ هَاتَيْنِ اللَّذَيْنِ عَبَّرُوا
ثُمَّ شَرَعَ فِي مَنْدُوبَاتِ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ: (وَ) يُسْتَحَبُّ أَنْ (يَتَوَكَّأَ الْإِمَامُ) أَيْ يَعْتَمِدُ حَالَ خُطْبَتِهِ (عَلَى عَصًا) أَوْ سَيْفٍ (أَوْ قَوْسٍ) قَالَهُ مَالِكٌ، وَالْمُرَادُ قَوْسُ الْعَرَبِ لَا قَوْسُ الْعَجَمِ، وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ ذَلِكَ لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ، وَاخْتُلِفَ فِي حُكْمِهِ ذَلِكَ فَقِيلَ لِئَلَّا يَعْبَثَ بِيَدِهِ فِي لِحْيَتِهِ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ لِلْخُطْبَةِ، وَقِيلَ تَخْوِيفِ الْحَاضِرِينَ، وَيَضَعُهُ بِيَمِينِهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى عُودِ الْمِنْبَرِ.
(وَ) يُسَنُّ أَنْ (يَجْلِسَ) الْخَطِيبُ (فِي أَوَّلِهَا) أَيْ الْخُطْبَةِ لِلِاسْتِرَاحَةِ حَتَّى يُفْرَغَ الْأَذَانُ (وَ) يُسَنُّ أَيْضًا أَنْ يَجْلِسَ (فِي وَسَطِهَا) وَيَقُومُ لِلْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ، وَالْجُلُوسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ قَدْرَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ رَقَى الْمِنْبَرَ فَجَلَسَ» وَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ» وَاسْتَمَرَّ الْعَمَلُ عَلَى ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ وَالْأَعْصَارِ مُنْذُ زَمَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْآنَ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْخُطَبِ فِي أَوَّلِهَا وَفِي وَسَطِهَا.
(تَنْبِيهٌ) : عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَيَجْلِسُ أَنَّهُ يَخْطُبُ قَائِمًا، وَاخْتُلِفَ فِي حُكْمِ ذَلِكَ الْقِيَامِ فَقِيلَ وَاجِبٌ عَلَى جِهَةِ الشَّرْطِيَّةِ فِي الْخُطْبَتَيْنِ جَمِيعًا، وَقِيلَ سُنَّةٌ، فَإِنْ خَطَبَ جَالِسًا أَسَاءَ وَصَحَّتْ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ كَمَا فِي عَزَّ وَابْنِ عَرَفَةَ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَفِي وُجُوبِ قِيَامِهِ لَهُمَا تَرَدُّدٌ (فَائِدَةٌ) : حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ الْخُطْبَةِ مَعَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ جَلَاءُ الْقُلُوبِ بِسَمَاعِ الْمَوَاعِظِ.
قَالَ الْقَرَافِيُّ: لَمَّا كَانَتْ الْقُلُوبُ تَصْدَأُ بِالْغَفْلَةِ وَالْخَطِيئَةِ كَمَا يَصْدَأُ الْحَدِيدُ اقْتَضَتْ الْحِكْمَةُ الْإِلَهِيَّةُ جَلَاءَهَا كُلَّ أُسْبُوعٍ بِالْمَوَاعِظِ وَالِاجْتِمَاعِ لِيَتَّعِظَ الْغَنِيُّ بِالْفَقِيرِ وَالْقَوِيُّ بِالضَّعِيفِ وَالصَّالِحُ بِغَيْرِهِ، وَلِذَلِكَ أَمَرَ بِاجْتِمَاعِ أَهْلِ الْآفَاقِ فِي الْحَجِّ فِي الْعُمُرِ مَرَّةً وَبِالِاجْتِمَاعِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ عِنْدَ فِعْلِهَا،

وَلَمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْخُطْبَةَ كَأُولَتَيْ الرُّبَاعِيَّةِ فَتَتَّصِلُ بِهَا قَالَ: (وَتُقَامُ الصَّلَاةُ) أَيْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ (عِنْدَ فَرَاغِهَا) أَيْ الْخُطْبَةِ وَهَذَا عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ، وَيُغْتَفَرُ الْفَصْلُ الْيَسِيرُ دُونَ الْكَثِيرِ فَتُعَادُ لِأَجْلِهِ الْخُطْبَةُ، وَمِنْ الْفَصْلِ الْيَسِيرِ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَوْ ذَكَرَ بَعْدَ خُطْبَتِهِ مَنْسِيَّةً فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا ثُمَّ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ بَعْدَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْإِمَامَ هُوَ الْخَطِيبُ، فَإِنْ طَرَأَ مَا يَمْنَعُ إمَامَتَهُ كَحَدَثٍ أَوْ رُعَافٍ فَقَالَ خَلِيلٌ: وَوَجَبَ انْتِظَارُهُ لِعُذْرٍ قَرُبَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَمَفْهُومُهُ لَوْ بَعُدَ لَوَجَبَ اسْتِخْلَافُهُ لِغَيْرِهِ بِاتِّفَاقٍ، وَيُسْتَحَبُّ اسْتِخْلَافُ حَاضِرِ الْخُطْبَةِ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُنْتَظَرُ وَلَوْ قَرُبَ زَوَالُ عُذْرِهِ، وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْخُطْبَةُ إلَّا مِمَّنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْإِمَامَةِ.

(وَ) صِفَةُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَنْ (يُصَلِّيَ الْإِمَامُ رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ) فَتَبْطُلُ بِتَعَمُّدِ زِيَادَةٍ كَسَجْدَةٍ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ مَعَ السَّهْوِ فَتَبْطُلُ بِزِيَادَةِ رَكْعَتَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ يَوْمِهَا، وَأَمَّا بِزِيَادَةِ أَرْبَعَةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ، وَحُكْمُ الْجَهْرِ فِيهَا كَجَهْرِ الْفَرَائِضِ السُّنِّيَّةِ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: كُلُّ صَلَاةٍ فِيهَا خُطْبَةٌ يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ مَا عَدَا خُطْبَةِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهَا لِلتَّعْلِيمِ، وَإِنْ قَرَأَ فِيهَا سِرًّا عَمْدًا كَانَ كَتَعَمُّدِ تَرْكِ سُنَّةٍ، فَقِيلَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَالنَّاسِي يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ إنْ أَسَرَّ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ فِي السُّورَةِ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ، وَتَوَهَّمَ أَبُو يُوسُفَ صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ صَلَّى الْجُمُعَةَ؛ لِأَنَّ وَقْفَتَهَا وَقَعَتْ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَحَاجَّهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ نَاظَرَهُ عِنْدَ الْأَمِيرِ هَارُونَ الرَّشِيدِ، فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: هِيَ جُمُعَةٌ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَلَا تَكُونُ جُمُعَةً إلَّا كَذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ: أَجَهَرَ فِيهَا؟ فَانْقَطَعَ أَبُو يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْوِ أَحَدٌ أَنَّهُ جَهَرَ فِيهَا، وَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى الْجَهْرِ فِي الْجُمُعَةِ.
(وَ) يُسْتَحَبُّ أَنْ (يَقْرَأَ فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى) بَعْدَ الْفَاتِحَةِ (بِالْجُمُعَةِ) لِمَا

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 261
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست