responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 254
إلَيْهَا أَوْ يُقَارِبَهَا بِأَقَلَّ مِنْ الْمِيلِ

وَإِنْ نَوَى الْمُسَافِرُ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِمَوْضِعٍ أَوْ مَا يُصَلِّي فِيهِ عِشْرِينَ صَلَاةً أَتَمَّ الصَّلَاةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَخُبْزٍ وَمَا يُحْتَاجُ إلَى شِرَائِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَسْكُونَةِ مَا تُسْكَنُ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، لِأَنَّ اعْتِبَارَ مُجَاوَزَتِهَا أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ مُجَاوَزَةِ الْبِنَاءِ الْخَرَابِ الْخَالِي مِنْ السُّكَّانِ فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَهُ، وَمِثْلُ الْبَسَاتِينَ فِي اعْتِبَارِ الْمُجَاوَزَةِ الْقَرْيَتَانِ إذَا اتَّصَلَتَا أَوْ اشْتَدَّ قُرْبُهُمَا بِحَيْثُ يَرْتَفِقُ أَهْلُ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِأَهْلِ الْأُخْرَى فَلَا يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ مِنْ إحْدَاهُمَا حَتَّى يُجَاوِزَ الْأُخْرَى وَيَنْفَصِلَ عَنْ الْقَرْيَتَيْنِ، لَا إنْ بَعُدَتْ إحْدَاهُمَا مِنْ الْأُخْرَى أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ بِحَيْثُ لَا يَرْتَفِقُ أَهْلُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى فَلَا يُعْتَبَرُ فِي قَصْرِ الْمُسَافِرِ مِنْ إحْدَاهُمَا مُجَاوَزَةُ الْأُخْرَى، وَأَمَّا الْمَزَارِعُ وَالْبَسَاتِينُ الْمُنْفَصِلَةُ حَقِيقَةً وَحُكْمًا فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَانَتْ بَلَدَ جُمُعَةٍ أَوْ غَيْرَهَا عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ، وَرَوَى مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنْ كَانَتْ قَرْيَةَ جُمُعَةٍ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ مِنْ سُورِ الْبَلَدِ وَإِلَّا فَمِنْ آخِرِ بُنْيَانِهَا وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْجُمُعَةَ كَمَا تَلْزَمُ مَنْ كَانَ دَاخِلَ الثَّلَاثَةِ أَمْيَالٍ، فَكَذَلِكَ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَهَا؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ، وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْبَسَاتِينِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى اعْتِبَارِ مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِين، وَأَمَّا الْقَرْيَةُ الَّتِي لَا بَسَاتِينَ لَهَا فَيَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِهِ عَنْ بِنَائِهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ غَيْطِهَا وَمَزَارِعِهَا، وَالْجَبَلِيُّ يَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِهِ عَنْ مَنْزِلِهِ، وَالْعَمُودِيُّ بِمُجَاوَزَتِهِ مَحَلَّتَهُ بِكَسْرِ الْحَاءِ مَنْزِلُ إقَامَتِهِ، وَأَمَّا لَوْ تَفَرَّقَتْ بُيُوتُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ الْجَمِيعِ حَيْثُ جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ، أَوْ اسْمُ الدَّارِ فَقَطْ، أَوْ اسْمُ الْحَيِّ حَيْثُ كَانَ يَرْتَفِقُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، وَإِلَّا قَصَرَ بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِهِ عَنْ مَنْزِلِهِ.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: بَقِيَ مِنْ شُرُوطِ الْقَصْرِ قَصْدُ قَطْعِ الْمَسَافَةِ دَفْعَةً وَاحِدَةً كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فِي الْمَزْحِ، لَا إنْ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ فِي خِلَالِهِمَا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ بِقَطْعٍ وَلَا إقَامَةٍ فَلَا يَقْصُرُ، وَلِذَلِكَ لَا يَقْصُرُ الرَّاعِي وَلَا التَّائِهُ وَلَا الْهَائِمُ، وَمِنْ الشُّرُوطِ كَوْنُ السَّفَرِ غَيْرَ مَنْهِيٍّ عَنْهُ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ، فَلَا يَقْصُرُ الْعَاصِي وَلَا اللَّاهِي، فَإِنْ قَصَرَ فَعِنْدَ ابْنِ نَاجِي أَسَاءَ وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، وَقَالَ اللَّقَانِيُّ. إنْ كَانَ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ يُعِيدُ أَبَدًا، وَإِنْ كَانَ سَفَرُهُ مَكْرُوهًا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ.
وَأَمَّا الْعَاصِي فِي سَفَرِهِ فَلَا نِزَاعَ فِي جَوَازِ قَصْرِهِ، وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَعْدِلَ عَنْ مَسَافَةٍ قَصِيرَةٍ إلَى طَوِيلَةٍ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَمِنْ الشُّرُوطِ أَيْضًا أَنْ لَا يَقْتَدِيَ بِمُقِيمٍ أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ وَإِلَّا امْتَنَعَ، وَلَيْسَ مِنْ الشُّرُوطِ الْبُلُوغُ عَلَى مَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنُصَّ أَحَدٌ عَلَى التَّصْرِيحِ بِاشْتِرَاطِهِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الْبَحْثُ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ فِي ذَلِكَ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ جَوَازُ الْقَصْرِ حَتَّى لِلصِّبْيَانِ؛ لِأَنَّ رُخْصَتَهُ شُرِعَتْ لِلتَّخْفِيفِ عَنْ الْمُسَافِرِ، وَالصَّبِيُّ الْمُسَافِرُ أَوْلَى بِالتَّخْفِيفِ مِنْ الْبَالِغِ، وَأَيْضًا الرُّبَاعِيَّةُ فَرْضٌ عَلَى الْبَالِغِ وَحُطَّ عَنْهُ شَطْرُهَا، وَمَنْدُوبَةٌ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ، فَكَيْفَ يُحَطُّ شَطْرُ الْوَاجِبِ دُونَ الْمَنْدُوبِ؟ وَأَيْضًا قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَأُلْحِقَ خِطَابُ الصِّبْيَانِ بِغَيْرِ الْفَرَائِضِ وَالْمُحَرَّمَاتِ، وَإِنْ قِيلَ: الرُّخْصَةُ مُخْتَصَّةٌ بِالْبَالِغِ، نَقُولُ: يَرُدُّهُ إبَاحَةُ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِيمَا نَعْلَمُ بِحُرْمَتِهَا عَلَى الصَّغِيرِ الْمُضْطَرِّ وَحُرِّرَ الْحُكْمُ.
الثَّانِي: حُكْمُ السَّفَرِ الْإِبَاحَةُ وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ الْوُجُوبُ كَالسَّفَرِ لِحُجَّةِ الْإِسْلَامِ مِنْ الْمُسْتَطِيعِ، وَكَسَفَرِ الْغَزْوِ فِي حَقِّ الذَّكَرِ الْقَادِرِ، وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ النَّدْبُ كَالسَّفَرِ لِزِيَارَةِ صَالِحٍ أَوْ طَلَبِ عِلْمٍ غَيْرِ وَاجِبٍ، وَقَدْ تَعْرِضُ لَهُ الْحُرْمَةُ كَالسَّفَرِ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ، وَقَدْ تَعْرِضُ كَرَاهِيَةٌ كَالسَّفَرِ لِصَيْدِ اللَّهْوِ وَالْإِبَاحَةُ كَالسَّفَرِ لِتَحْصِيلِ الرِّبْحِ لِتَكْثِيرِ الْأَمْوَالِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ قُرْبَةٍ بِهِ، وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ فِي سَفَرِ الطَّلَبِ، وَأَمَّا سَفَرُ الْهَرَبِ كَالسَّفَرِ مِنْ الْبَلَدِ الَّذِي يَكْثُرُ فِيهِ الْحَرَامُ بِحَيْثُ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ السَّاكِنُ، وَكَالسَّفَرِ مِنْ بَلَدٍ يَحْصُلُ لَهُ فِيهِ الْإِهَانَةُ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ ذَوِي الْفَضْلِ أَوْ تُسَبُّ فِيهِ الصَّحَابَةَ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ الْوُجُوبُ.
وَلَمَّا بَيَّنَ مَحَلَّ بَدْءِ الْقَصْرِ فِي حَالِ الْخُرُوجِ شَرَعَ فِي بَيَانِ مُنْتَهَاهُ فِي الرُّجُوعِ فَقَالَ: (ثُمَّ) بَعْدَ مُجَاوَزَةِ مَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ مِنْ بَسَاتِينِ الْمِصْرِ وَمَا فِي حُكْمِهَا يَسْتَمِرُّ يَقْصُرُ وَ (لَا يُتِمُّ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهَا) أَيْ فِي بُيُوتِ الْمِصْرِ الَّتِي سَافَرَ مِنْهَا وَيَدْخُلُهَا بِالْفِعْلِ (أَوْ يُقَارِبُهَا بِأَقَلَّ مِنْ الْمِيلِ) فَإِنْ دَخَلَهَا أَوْ قَارَبَهَا بِأَقَلَّ مِنْ الْمِيلِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِتْمَامُ،؛ لِأَنَّ دُخُولَ بَلَدِ الْمُسَافِرِ يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَلَوْ غَلَبَةً.
قَالَ خَلِيلٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَقَطْعُهُ دُخُولَ بَلْدَةٍ وَإِنْ بِرِيحٍ غَالِبَةٍ فَعَلَى هَذَا يَخْتَلِفُ حَالُ ابْتِدَاءِ الْقَصْرِ مِنْ انْتِهَائِهِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، خِلَافًا لِكَلَامِ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ التَّابِعِ لِابْنِ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ: مُنْتَهَاهُ فِي الدُّخُولِ كَابْتِدَائِهِ فِي الْخُرُوجِ فَإِنَّهُ قَالَ: سُنَّ لِمُسَافِرٍ قَصْرُ رُبَاعِيَّةٍ إنْ عَدَّى الْبَلَدِيُّ الْبَسَاتِينَ الْمَسْكُونَةَ إلَخْ إلَى مَحَلِّ الْبَدْءِ، وَأَجَابَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ عَنْهُ بِدَعْوَى حَذْفٍ فِي الْكَلَامِ وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ فِي قَوْلِهِ: إلَى مَحَلِّ الْبَدْءِ أَيْ إلَى مِثْلِ مَحَلِّ الْبَدْءِ، وَيَكُونُ إشَارَةً إلَى بَيَانِ مُنْتَهَاهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ إلَيْهِ لَا الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ بَلْ يَكُونُ سَاكِتًا عَنْهُ، وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ يَسْتَمِرُّ يَقْصُرُ حَتَّى يَدْخُلَ بِالْفِعْلِ أَوْ يُقَارِبَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْمُدَوَّنَةُ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُصَنِّفُ سَكَتَ عَمَّا بَيَّنَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَخَلِيلٌ وَهُوَ مُنْتَهَاهُ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 254
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست