responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 198
غَيْرِهَا

وَأَمَّا الْعِشَاءُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ الْعَتَمَةُ وَاسْمُ الْعِشَاءِ أَخَصُّ بِهَا وَأَوْلَى فَيَجْهَرُ فِي الْأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَقِرَاءَتُهَا أَطْوَلُ قَلِيلًا مِنْ قِرَاءَةِ الْعَصْرِ وَفِي الْأَخِيرَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سِرًّا، ثُمَّ يَفْعَلُ فِي سَائِرِهَا كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْوَصْفِ

وَيُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ

وَالْقِرَاءَةُ الَّتِي يُسِرُّ بِهَا فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا هِيَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مُرَغَّبٌ فِيهِ) أَيْ حَضَّ عَلَيْهِ الشَّارِعُ لِمَا قِيلَ: مِنْ أَنَّهَا صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ وَصَلَاةُ الْغَفْلَةِ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «عَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَإِنَّهَا تَذْهَبُ بِمُلَاغَاةِ النَّهَارِ وَتُهَذِّبُ آخِرَهُ» أَيْ تَطْرَحُ مَا عَلَى الْعَبْدِ مِنْ الْبَاطِلِ وَاللَّهْوِ وَتُصَفِّي آخِرَهُ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: نَعَمْ سَاعَةُ الْغَفْلَةِ يَعْنِي الصَّلَاةَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، قَالَ حُذَيْفَةُ: «أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّيْت مَعَهُ الْمَغْرِبَ فَصَلَّى إلَى الْعِشَاءِ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ. (وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ الْجَهْرِ وَالْقِرَاءَةِ مِنْ الْقِصَارِ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُ التَّنَفُّلِ مِمَّا هُوَ (مِنْ شَأْنِهَا) أَيْ الْمَغْرِبِ كَالتَّكْبِيرِ وَالْجُلُوسِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَطْلُوبٌ فِيهَا (فَ) حُكْمُهَا فِيهِ (كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي غَيْرِهَا) مِنْ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ فَلَا حَاجَةَ إلَى بَسْطِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ،

وَلَمَّا كَانَتْ الْعِشَاءُ تُخَالِفُ الْمَغْرِبَ فِي الْقِرَاءَةِ زِيَادَةَ رَكْعَةٍ أَتَى بِأَمَّا الْفَاصِلَةِ فَقَالَ: (وَأَمَّا الْعِشَاءُ) بِالْمَدِّ (الْأَخِيرَةُ) احْتِرَازٌ مِنْ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهَا لَفْظُ الْعِشَاءِ عَلَى جِهَةِ التَّغْلِيبِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُسَمَّ بِهِ لَا لُغَةً وَلَا شَرْعًا (وَهِيَ الْعَتَمَةِ) فَلَهَا اسْمَانِ (وَ) لَكِنْ (اسْمُ الْعِشَاءِ أَخَصُّ) وَفِي نُسْخَةٍ أَحَقُّ (بِهَا وَأَوْلَى) ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهَا بِهِ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ حَيْثُ قَالَ: وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَاخْتُلِفَ فِي حُكْمِ تَسْمِيَتِهَا بِالْعَتَمَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: الْجَوَازُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَالْكَرَاهَةُ وَالتَّحْرِيمُ وَهُمَا ضَعِيفَانِ بَلْ لَا وَجْهَ لِلْحُرْمَةِ، كَيْفَ وَقَدْ وَرَدَتْ تَسْمِيَتُهَا بِالْعَتَمَةِ فِي الْأَحَادِيثِ، وَعَلَى فَرْضِ وُرُودِ التَّسْمِيَةِ بِهَا أَيْ مَحْظُورٌ تَرَتَّبَ عَلَى تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ وَجُمْلَةٌ وَهِيَ الْعَتَمَةُ وَكَذَا جُمْلَةٌ وَاسْمُ الْعِشَاءِ أَحَقُّ بِهَا اعْتِرَاضٌ بَيِّنٌ، أَمَّا فِي قَوْلِهِ: وَأَمَّا الْعِشَاءُ وَجَوَابُهَا وَهُوَ قَوْلُهُ: (فَيَجْهَرُ فِي الْأُولَيَيْنِ) مِنْهَا (بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) مِنْهَا لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْمُسْتَمِرِّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ، فَإِنْ خَالَفَ وَأَسَرَّ أَعَادَ الْقِرَاءَةَ عَلَى سُنَّتِهَا إنْ لَمْ يَضَعْ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ إنْ أَعَادَ الْفَاتِحَةَ لَا السُّورَةَ فَقَطْ إلَّا مِنْ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ فَاتَ التَّدَارُكُ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ إنْ كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ كَمَا يَأْتِي فِي السَّهْوِ.
(وَ) يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ (قِرَاءَتُهَا) أَيْ الْقِرَاءَةُ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ بِسُورَةٍ (أَطْوَلُ) طُولًا (قَلِيلًا مِنْ قِرَاءَةِ الْعَصْرِ) فَتَكُونُ مُتَوَسِّطَةً بَيْنَ قِرَاءَةِ الظُّهْرِ وَقِرَاءَةِ الْمَغْرِبِ، فَيَقْرَأُ فِي الْعِشَاءِ بِ " سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى " " وَالشَّمْسِ " وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَطْوَلَ الصَّلَاةِ قِرَاءَةً الصُّبْحُ وَالظُّهْرُ قَرِيبَةٌ مِنْهَا فِي الطُّولِ، وَأَقْصُرَهَا الْمَغْرِبُ وَيَقْرُبُ مِنْهَا فِي الْقِصَرِ الْعَصْرُ، وَأَمَّا الْعِشَاءُ فَمُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ فَيَقْرَأُ فِيهَا: بِ سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَسُورَةِ وَالشَّمْسِ، هَذَا هُوَ التَّحْرِيرُ الَّذِي نَقَلَهُ الْأَئِمَّةُ، وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ خَلِيلٍ حَيْثُ قَالَ: وَتَطْوِيلُ قِرَاءَةِ صُبْحٍ وَالظُّهْرُ تَلِيهَا وَتَقْصِيرُهَا لِمَغْرِبٍ وَعَصْرٍ كَتَوَسُّطٍ بِعِشَاءٍ، تَقَدَّمَ أَنَّ مَحَلَّ النَّدْبِ التَّطْوِيلُ لِلْفَذِّ وَالْإِمَامِ لِمَنْ يَرْضَى بِالتَّطْوِيلِ.
(وَ) يَقْرَأُ (فِي الْأَخِيرَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ) وَحْدَهَا (فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) مِنْهَا (سِرًّا) وَلَا يَزِيدُ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ عَلَى مَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ، خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي زِيَادَةِ سُورَةٍ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ (ثُمَّ يَفْعَلُ فِي سَائِرِهَا) أَيْ فِي بَاقِي أَفْعَالِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ (كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْوَصْفِ) فِي غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُنَبِّهُ عَلَى مَا تُخَالِفُ فِيهِ إحْدَى الصَّلَوَاتِ غَيْرَهَا، فَأَمَّا مَا تَتَوَافَقُ عَلَيْهِ الصَّلَوَاتُ فَقَدْ عُلِمَ بَيَانُهُ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَرَحِمَهُ اللَّهُ مَا أَخْلَصَهُ، فَإِنَّهُ بَيَّنَ صِفَةَ الْعَمَلِ فِي الصَّلَوَاتِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي لَا كَمَالَ بَعْدَهُ، وَلِذَا نَصَّ بَعْضُ شُرَّاحِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ يَأْتِي بِالصَّلَاةِ عَلَى صِفَةِ مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لَا نِزَاعَ فِي صِحَّتِهَا؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِهَا عَلَى أَكْمَلِ الْهَيْئَاتِ، وَلَوْ لَمْ يُمَيِّزْ فَرْضَهَا مِنْ سُنَّتِهَا، وَهَا هُنَا قَدْ تَمَّ الْكَلَامُ عَلَى صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَوَاتِ.

(وَيُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَهَا) أَيْ الْعِشَاءِ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ إبَّانَ النَّوْمِ، فَإِذَا نَامَ قَبْلَ فِعْلِهَا رُبَّمَا يُخْرِجُهَا عَنْ وَقْتِهَا (وَ) يُكْرَهُ (الْحَدِيثُ) الْمُبَاحُ (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ صَلَاتِهَا (لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ) وَإِنَّمَا كُرِهَ الْحَدِيثُ بَعْدَهَا مَخَافَةَ النَّوْمِ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَأَمَّا الْكَلَامُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَقَبْلَ صَلَاتِهَا فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخْشَى مَعَهُ فَوَاتُهَا كَالنَّوْمِ قَبْلَهَا، كَمَا أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ بَعْدَهَا إذَا كَانَ لِضَرُورَةٍ دِينِيَّةٍ أَوْ دُنْيَوِيَّةٍ كَالْعِلْمِ أَوْ مَعَ الضَّيْفِ أَوْ الْعَرُوسِ، وَكَذَا كُلُّ مَا خَفَّ، وَكَذَا يُكْرَهُ السَّهَرُ بِلَا كَلَامٍ خَوْفَ تَفْوِيتِ الصُّبْحِ، وَقِيَامُ اللَّيْلِ كُلِّهِ لِمَنْ يُصَلِّي الصُّبْحَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ مَكْرُوهٌ اتِّفَاقًا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ النَّوْمِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَالَ: مَا أَعْلَمُهُ حَرَامًا، نَعَمْ وَرَدَ أَنَّ الْأَرْضَ عَجَّتْ مِنْ نَوْمِ الْعُلَمَاءِ بِالضُّحَى مَخَافَةَ الْغَفْلَةِ عَلَيْهِمْ، وَمَا وَرَدَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الصُّبْحَةُ تَمْنَعُ بَعْضَ الرِّزْقِ» فَحَدِيثٌ ضَعَّفَهُ أَهْلُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ مَالِكٍ، وَقَدْ رُوِيَ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 198
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست