responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 194
وَالتَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ قُرْبِ طُلُوعِهَا وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ

وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ بَعْدَ الْفَجْرِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ يُسِرُّهَا

وَالْقِرَاءَةُ فِي الظُّهْرِ بِنَحْوِ الْقِرَاءَةِ فِي الصُّبْحِ مِنْ الطِّوَالِ أَوْ دُونَ ذَلِكَ قَلِيلًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَقَالَ: أَلَا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ إلَّا مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: تُسَبِّحُونَ اللَّهَ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَتَحْمَدُونَهُ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَتُكَبِّرُونَهُ كَذَلِكَ وَتَخْتِمُونَ الْمِائَةَ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، ثُمَّ رَجَعُوا إلَيْهِ فَقَالُوا: سَمِعَ إخْوَانُنَا فَفَعَلُوا مِثْلَ مَا فَعَلْنَا، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [المائدة: 54] » فَقَالَ الْفُقَهَاءُ: لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْفُقَرَاءِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [المائدة: 54] وَقَالَتْ الصُّوفِيَّةُ: بَلْ قَوْلُهُ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ إلَخْ يُرِيدُ هَذَا الْفَضْلُ مَخْصُوصٌ بِهِمْ لَا يَلْحَقُهُمْ غَيْرَهُمْ.

(وَيُسْتَحَبُّ) زِيَادَةٌ عَلَى الذِّكْرِ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ غَيْرِهِ (بِإِثْرِ صَلَاةِ الصُّبْحِ التَّمَادِي فِي الذِّكْرِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالتَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ قُرْبِ طُلُوعِهَا) لِمَا وَرَدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ» وَفِي الصَّحِيحِ: «مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ، وَجَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَ لَهُ ثَوَابُ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّتَيْنِ تَامَّتَيْنِ تَامَّتَيْنِ قَالَهُ ثَلَاثًا» وَوَرَدَ أَيْضًا: «أَنَّ مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ وَجَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ إلَّا بِخَيْرٍ إلَى أَنْ رَكَعَ سَجْدَةَ الضُّحَى غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ» وَعَلَى هَذَا مَضَى السَّلَفُ الصَّالِحُ كَانُوا يَحْرِصُونَ عَلَى الِاشْتِغَالِ بِالذِّكْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَإِنَّمَا رَغَّبَ الشَّارِعُ فِي إحْيَاءِ هَذَا الْوَقْتِ وَكَثَّرَ الثَّوَابَ فِي إحْيَائِهِ؛ لِأَنَّهُ زَمَنُ خُلُوِّ قَلْبِ الْإِنْسَانِ وَتَفَرُّغِهِ مِنْ شَوَاغِلِ الدُّنْيَا، حَتَّى كَانَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُحَدِّثُ بَعْدَ الْفَجْرِ فَإِذَا أُقِيمَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ تَرَكَ الْكَلَامَ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ.
قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: وَسَمِعْت مَنْ يَقُولُ: إنَّ زَمَانَ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ شَبِيهٌ بِزَمَنِ الْجَنَّةِ أَبَاحَهَا اللَّهُ لَنَا بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.
وَقَوْلُهُ: فِي الذِّكْرِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالتَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ تَرَدَّدَ بَعْضُ الشُّيُوخِ فِي فَهْمِهَا فَقَالَ بَعْضٌ: التَّسْبِيحُ خِلَافُ الِاسْتِغْفَارِ وَخِلَافُ الدُّعَاءِ، وَقَالَ بَعْضٌ: الْمُرَادُ بِالذِّكْرِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَمَا بَعْدَهُ تَفْسِيرٌ لَهُ، وَلِذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: الْقُرْآنُ أَفْضَلُ شَيْءٍ يَشْتَغِلُ بِهِ الْإِنْسَانُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ الْأَذْكَارِ، وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ: يَدْعُو ابْتِدَاءً بِالدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ بِالذِّكْرِ بَعْدَهُ ثُمَّ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ثُمَّ التَّفَكُّرِ فِي هَذَا الْعَالَمِ.
قَالَ أَبُو حَامِدٍ: وَأَفْضَلُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ.
قَالَ التَّادَلِيُّ: وَبِأَفْضَلِيَّةِ الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ فِي هَذَا الْوَقْتِ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ أَفْتَى بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ لَا سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا لِقِلَّةِ الْحَامِلِينَ لَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَبِهَذَا الْقَوْلِ أَقُولُ لِخَبَرِ: «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: إحْدَاهَا عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ وَتَعْلِيمُ الْعِلْمِ مِمَّا تَبْقَى فَائِدَتُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ» وَلَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا تَرْكُ مَالِكٍ لَهُ بَعْدَ الصُّبْحِ؛ لِأَنَّ زَمَنَهُ لَمْ يَقِلَّ فِيهِ حَامِلُ الْعِلْمِ.
(تَنْبِيهٌ) : كَمَا يُسْتَحَبُّ التَّمَادِي فِي الذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ بَعْدَ الصُّبْحِ يُسْتَحَبُّ كَذَلِكَ بَعْدَ الْعَصْرِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ كَانَ أَوَّلَ صَحِيفَتِهِ حَسَنَاتٌ وَفِي آخِرِهَا حَسَنَاتٌ مَحَا اللَّهُ مَا بَيْنَهُمَا» وَلِمَا وَرَدَ: «أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: يَا عَبْدِي اُذْكُرْنِي سَاعَةً بَعْدَ الصُّبْحِ وَسَاعَةً بَعْدَ الْعَصْرِ أَغْفِرْ لَك مَا بَيْنَهُمَا أَوْ أَكْفِك مَا بَيْنَهُمَا» فَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ صَاحِبُ هِدَايَةِ الْمُرِيدِ: أَنَّ فَضْلَ هَذَا الْوَقْتِ كَفَضْلِ مَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلِمَا قَالَ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ بِوُجُوبِ التَّسْبِيحِ بَعْدَ الصُّبْحِ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ} [طه: 130] رَدَّهُ بِقَوْلِهِ: (وَلَيْسَ) أَيْ التَّمَادِي فِي الذِّكْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ (بِوَاجِبٍ) وَلَوْلَا قَصْدُ الرَّدِّ لَاسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ: وَيُسْتَحَبُّ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى صِفَةِ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَمَا يَفْعَلُ بَعْدَهَا شَرَعَ فِيمَا هُوَ دُونَ الصُّبْحِ فِي الرُّتْبَةِ وَقَبْلَهَا فِي الْفِعْلِ، وَهُوَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَفَاءً بِمَا وَعَدَ بِهِ مِنْ ذِكْرِ الْفَرَائِضِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا مِنْ الرَّغَائِبِ وَالسُّنَنِ فَقَالَ: (وَيَرْكَعُ) أَيْ يُصَلِّي (رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ) لَكِنْ (بَعْدَ) تَحَقُّقِ طُلُوعِ (الْفَجْرِ) الصَّادِقِ الَّذِي هُوَ ضَوْءُ الشَّمْسِ فَإِنْ رَكَعَهُمَا قَبْلَهُ لَمْ يَصِحَّا.
قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا تُجْزِي إنْ تَبَيَّنَّ تَقَدُّمُ إحْرَامِهَا لِلْفَجْرِ وَلَمْ يَتَحَرَّ.
وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ تَبَيَّنَّ أَنَّ الْإِحْرَامَ وَقَعَ بَعْدَ دُخُولِهِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ أَنَّهَا تُجْزِي، وَهُوَ كَذَلِكَ مَعَ التَّحَرِّي، وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بِهَا مَعَ الشَّكِّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا تُجْزِي وَلَوْ تَبَيَّنَّ أَنَّ الْإِحْرَامَ وَقَعَ بَعْدَ دُخُولِهِ، فَ الْمُصَنِّفُ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ وَقْتُهَا وَلَمْ يَنُصَّ هُنَا عَلَى حُكْمِهَا لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابٍ جَمَلَ فِي الْقَوْلَيْنِ بِالسُّنِّيَّةِ وَالرَّغِيبَةِ، وَاقْتَصَرَ خَلِيلٌ عَلَى الثَّانِي حَيْثُ قَالَ: وَهِيَ رَغِيبَةٌ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَفَاوُتُ الثَّوَابِ؛ لِأَنَّ ثَوَابَ السُّنَّةِ أَوْفَى مِنْ ثَوَابِ الرَّغِيبَةِ، وَفِعْلَ السُّنَّةِ فِي الْمَسْجِدِ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 194
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست