responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 190
عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ

ثُمَّ تَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِكَ تَقْصِدُ بِهَا قُبَالَةَ وَجْهِكَ وَتَتَيَامَنُ بِرَأْسِك قَلِيلًا هَكَذَا يَفْعَلُ الْإِمَامُ وَالرَّجُلُ وَحْدَهُ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَيُسَلِّمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَلَدُ، وَالْأَحْسَنُ كُلُّ مَا يَشْغَلُ عَنْ اللَّهِ فِتْنَةُ الْمَحْيَا.
(وَ) أَعُوذُ بِك مِنْ فِتْنَةِ (الْمَمَاتِ) وَهِيَ التَّبْدِيلُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ بِالْخَوَاتِيمِ، وَذَلِكَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي الْإِنْسَانَ عِنْدَ خُرُوجِ رَوْحِهِ بِصِفَةِ مَنْ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ مِنْ أَقَارِبِهِ فَيَقُولُ لَهُ: قَدْ سَبَقْتُك إلَى الْآخِرَةِ فَأَحْسَنُ الْأَدْيَانِ دِينُ كَذَا لِغَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ فَمُتْ عَلَيْهِ وَيَكُونُ لَك مَا كَانَ لِي مِنْ الْخَيْرِ، فَيَتَحَيَّرُ الْمَيِّتُ فَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ ثَبَاتَهُ بَعَثَ إلَيْهِ مَلَكًا يَطْرُدُهُ، اللَّهُمَّ نَجِّنَا مِنْ كَيَدِهِ.
(وَ) أَعُوذُ بِك (مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ) وَهِيَ عَدَمُ الثَّبَاتِ عِنْدَ سُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ.
(وَ) أَعُوذُ بِك (مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ؛ لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْقَدَمَيْنِ، وَقِيلَ لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ أَيْ طَوَافِهِ فِيهَا فِي أَقَلِّ زَمَنٍ مِنْ فِتْنَةٍ عَظِيمَةٍ يُخَافُ مِنْهَا إذْ يَدَّعِي الرُّبُوبِيَّةَ وَتَتَبُّعَهُ الْأَرْزَاقَ فَمَنْ تَبِعَهُ كَفَرَ، وَيَسْلُكُ الدُّنْيَا كُلَّهَا إلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ وَيَمْكُثُ فِي الدُّنْيَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيَضَعُ رِجْلَهُ حَيْثُ يَنْتَهِي بَصَرُهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ الْيَوْمَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُهُ أَطْلَقَهُ اللَّهُ وَوَصَفَهُ بِقَوْلِهِ: (الدَّجَّالُ) ؛ لِأَنَّهُ يُغَطِّي الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَلِتَحْصُلَ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى بِالْمَسِيحِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مَمْسُوحٌ بِالْبَرَكَةِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ مَا مَسَحَ عَلَى ذِي عَاهَةٍ إلَّا وَيَبْرَأُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقِيلَ لِسِيَاحَتِهِ فِي الْأَرْضِ، وَقِيلَ بِأَنَّهُ مَمْسُوحٌ بِالدُّهْنِ، فَعِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَسِيحُ الْهُدَى، وَالدَّجَّالُ مَسِيحُ الضَّلَالِ أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهُ، رُبَّمَا قِيلَ فِيهِ مَسِيخٌ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لَكِنْ تَكَلَّمَ فِي هَذَا الضَّبْطِ.
(وَ) أَعُوذُ بِك (مِنْ عَذَابِ النَّارِ وَسُوءِ الْمَصِيرِ) وَنَاقَشَ ابْنُ نَاجِي الْمُصَنِّفَ قَائِلًا: إنْ أَرَادَ بِسُوءِ الْمَصِيرِ سُوءَ الْخَاتِمَةِ فَقَدْ قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَالْمَمَاتِ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ سُوءَ الْمُنْقَلَبِ أَيْ الْعَذَابَ فِي الْآخِرَةِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَمُمْكِنُ الْجَوَابِ بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّوْكِيدِ اللَّفْظِيِّ.
(السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ) أَيْ خَيْرَاتُهُ الْمُتَكَاثِرَةُ (السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى) سَائِرِ (عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ) أَيْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ زِيَادَةِ هَذَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ خِلَافًا لِابْنِ عُمَرَ، وَعَلَى نَدْبِ زِيَادَتِهِ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ، هَكَذَا قَالَ الْقَرَافِيُّ حَيْثُ قَالَ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ التَّسْلِيمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الدُّعَاةِ، وَعَنْ مَالِكٍ يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ إذَا سَلَّمَ إمَامُهُ أَنْ يَقُولَ: السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ إلَخْ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ مَا مَرَّ مِنْ كَرَاهَةِ الدُّعَاءِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ.

(ثُمَّ) بَعْدَ تَمَامِ التَّشَهُّدِ وَالدُّعَاءِ تُوقِعُ تَسْلِيمَةً بِأَنْ (تَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) بِالتَّعْرِيفِ وَالتَّرْتِيبِ وَصِيغَةِ الْجَمْعِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَسَلَامٌ عُرِّفَ بِأَلْ، فَلَوْ قَالَ: عَلَيْكُمْ السَّلَامُ أَوْ سَلَامِي عَلَيْكُمْ أَوْ سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَوْ أَسْقَطَ أَلْ لَمْ يُجْزِهِ، وَلَوْ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِالتَّعْرِيفِ وَالتَّنْوِينِ فَفِي صِحَّتِهِ قَوْلَانِ الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الصِّحَّةُ تَخْرِيجًا عَلَى صِحَّةِ صَلَاةِ اللَّاحِنِ فِي الْفَاتِحَةِ عَجْزًا عَنْ تَعَلُّمِ الصَّوَابِ لِعَدَمِ مُعَلِّمٍ أَوْ ضِيقِ وَقْتٍ مَعَ قَبُولِ التَّعَلُّمِ لَهُ وَإِلَّا اتَّفَقَ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ صَلَاتِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهِ بِاللَّفْظِ الْعَرَبِيِّ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، فَلَا يَكْفِي أَمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِلُغَةِ حِمْيَرَ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِالْعَجْزِ عَنْ بَعْضِهِ حَيْثُ كَانَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لَهُ مَعْنَى، وَمَنْ عَجَزَ عَنْهُ جُمْلَةً خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ بِنِيَّتِهِ، وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بِوُجُوبِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ، فَلَوْ سَلَّمَ بِاللُّغَةِ الْأَعْجَمِيَّةِ عَجْزًا عَنْ الْعَرَبِيَّةِ فَيَظْهَرُ لَنَا عَدَمُ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ، كَمَا لَوْ أَتَى بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ بِالْعَجَمِيَّةِ لِلْعَجْزِ عَنْهَا بِالْعَرَبِيَّةِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، وَمِمَّا لَا يَنْبَغِي الشَّكُّ فِيهِ عَدَمُ بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ لَحَنَ فِيهِ أَوْ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّ اللَّحْنَ فِيهِمَا عَجْزًا عَنْ الصَّوَابِ لَيْسَ بِأَقْبَحَ مِنْ اللَّحْنِ فِي الْفَاتِحَةِ عِنْدَ الْعَجْزِ كَمَا قَدَّمْنَا، وَلَا الْتِفَاتَ لِمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ لِلْقَوْلِ لَا لِلْقَائِلِ، وَتَسْلِيمَةُ التَّحْلِيلِ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ وَلَوْ مَأْمُومًا عِنْدَنَا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْخُرُوجُ مِنْهَا بِكُلِّ مُنَافٍ حَتَّى عَمْدُ الْحَدَثِ دَلِيلُنَا حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرَ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمَ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِزِيَادَةِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛ لِأَنَّهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ حُسْنِ الدُّعَاءِ فَهِيَ خَارِجُ الصَّلَاةِ خِلَافًا لِمَنْ كَرِهَهَا، وَجَرَى خِلَافٌ فِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ عِنْدَ السَّلَامِ، شَهَرَ الْفَاكِهَانِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ عَدَمَ اشْتِرَاطِهَا وَعَلَيْهِ فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِعَدِمِهَا وَتَبْطُلُ مُقَابِلُهُ، وَمِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَى الِاشْتِرَاطِ أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا كَانَ إمَامًا يَقْصِدُ بِسَلَامِهِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ وَالْمَلَائِكَةِ، وَالْمَأْمُومُ يَنْوِي بِالْأُولَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَبِالثَّانِيَةِ الرَّدَّ عَلَى الْإِمَامِ، وَالْفَذُّ يَنْوِي بِهَا التَّحْلِيلَ وَالسَّلَامَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ فَقِيلَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ الَّتِي لَا بُدَّ مَعَهَا مِنْ نِيَّةِ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ قَوْلًا وَاحِدًا بَيْنَ سَلَامِ التَّحْلِيلِ مَعَ أَنَّهُ فَرْضٌ أَيْضًا؟ وَالْفَرْقُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ مُتَعَدِّدٌ يَقَعُ فِيهِ الِاشْتِرَاكُ، فَاحْتَاجَتْ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ لِمُصَاحَبَتِهَا النِّيَّةَ وَرَفْعَ الْيَدَيْنِ مَعَهَا لَيَحْصُلَ التَّمْيِيزُ، وَثَانِيهِمَا ضَعْفُ أَمْرِ التَّسْلِيمِ وَعِظَمُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، أَلَا تَرَى أَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ يَكْتَفِي بِكُلِّ مُنَافٍ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ.
وَأَيْضًا نِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةُ وَاجِبَةٌ لِتَمْيِيزِ الْعِبَادَاتِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ، وَلَمَّا كَانَتْ صِفَةُ إيقَاعِ السَّلَامِ مُخْتَلِفَةً بِاخْتِلَافِ الْمُصَلِّينَ بَيْنَ مَفْعُولِ السَّلَامِ بِقَوْلِهِ: (تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً) عَلَى هَيْئَتِهَا السَّابِقَةِ (عَنْ يَمِينِك تَقْصِدُ بِهَا) أَيْ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 190
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست