responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 187
لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَإِنْ سَلَّمْت بَعْدَ هَذَا أَجُزْأَك وَمِمَّا تَزِيدُهُ إنْ شِئْت وَأَشْهَدُ أَنَّ الَّذِي جَاءَ بِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَمَّا الْبُهَمُ بِضَمِّ الْبَاءِ وَفَتْحِ الْهَاءِ جَمْعُ بُهْمَةٍ فَهُوَ الرَّجُلُ الشُّجَاعُ.

(ثُمَّ) بَعْدَ تَمَامِ جُلُوسِك عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِك مِنْ سُجُودِ الثَّانِيَةِ مِنْ الصُّبْحِ (تَتَشَهَّدُ) أَيْ تَشْرَعُ فِي التَّشَهُّدِ عَلَى جِهَةِ السَّبَبِيَّةِ، وَتَحْصُلُ بِمُطْلَقِ تَشَهُّدٍ سَوَاءٌ الْوَارِدُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَوْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْ الْوَارِدُ عَنْ عُمَرَ، وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ عِنْدَ مَالِكٍ اللَّفْظُ الْوَارِدُ عَنْ عُمَرَ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي عَلَّمَهُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ يُعَلِّمُهُ النَّاسَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ بَلْ قُبِلَ خُصُوصِهِ سُنَّةً، وَلِذَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَالتَّشَهُّدُ) الَّذِي ارْتَضَاهُ مَالِكٌ (التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ) جَمْعُ تَحِيَّةٍ وَاخْتُلِفَ فِيهَا فَقِيلَ مَعْنَاهَا الْمُلْكُ وَقِيلَ الْعَظَمَةُ وَقِيلَ السَّلَامُ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى السَّلَامِ فَالتَّقْدِيرُ جَمِيعُ التَّحِيَّاتِ الَّتِي تُحَيَّا بِهَا الْمُلُوكُ مُسْتَحَقَّةٌ لِلَّهِ، وَعَلَى تَفْسِيرِهَا بِالْمُلْكِ فَيَكُونُ جَمْعُهَا بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِ الَّذِي هُوَ اسْتِحْقَاقُ التَّصَرُّفِ فِي سَائِرِ الْمَوْجُودَاتِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى سَبَبٍ. (الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ) الْمُرَادُ بِهَا الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ الَّتِي تَزْكُو وَتَنْمُو بِكَثْرَةِ الْإِخْلَاصِ.
(الطَّيِّبَاتُ) أَيْ الْكَلِمَاتُ الطَّيِّبَاتُ وَهِيَ ذِكْرُ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ. (الصَّلَوَاتُ) الْخَمْسُ وَقِيلَ كُلُّ الصَّلَوَاتِ، وَقِيلَ الْعِبَادَاتُ كُلُّهَا وَالْأَدْعِيَةُ وَهُوَ الْأَوْلَى. (لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْك) أَيْ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْك؛ لِأَنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى (أَيُّهَا النَّبِيُّ) أَيْ أَخُصُّ النَّبِيَّ وَهُوَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ، وَيَنْبَغِي إذَا قَالَهُ الْمُصَلِّي أَنْ يَقْصِدَ الرَّوْضَةَ الشَّرِيفَةَ. (وَرَحْمَةُ اللَّهِ) الْمُرَادُ بِهَا مَا تَجَدَّدَ مِنْ نَفَحَاتِ إحْسَانِهِ، وَلِهَذَا أَظْهَرَ مِنْ تَفْسِيرِ الرَّحْمَةِ بِالْإِرَادَةِ، وَإِنْ صَحَّ لِأَنَّ الْإِرَادَةَ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ.
(وَبَرَكَاتُهُ) أَيْ خَيْرَاتُهُ الْمُتَزَايِدَةُ. (السَّلَامُ عَلَيْنَا) أَيْ اللَّهُ شَهِيدٌ وَمُطَّلِعٌ عَلَيْنَا أَوْ أَمَانُهُ وَحِفْظُهُ عَلَيْنَا. (وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ) أَيْ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إذَا قَالَهَا الْعَبْدُ أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» قَالَ ابْنُ نَاجِي: أُقِيمُ مِنْ هَذَا الشَّخْصِ إذَا لَقِيَ آخَرَ فَقَالَ لَهُ فُلَانٌ يُسَلِّمُ عَلَيْك وَلَمْ يَكُنْ فُلَانٌ أَمَرَهُ بِذَلِكَ الْقَوْلِ أَنَّهُ غَيْرُ كَاذِبٍ لِقَوْلِ الْمُصَلِّي مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُؤْمِنُونَ، وَهَذِهِ إقَامَةٌ ظَاهِرَةٌ حَيْثُ كَانَ الْقَائِلُ لِذَلِكَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ يَعْلَمُ مَعْنَى مَا وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ مِنْ كَوْنِهِ يَعْلَمُ مَدْلُولَ مَا هُوَ مُتَكَلَّمٌ بِهِ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَعْنَى مَا يَقُولُ أَوْ شَكَّ فِي عِلْمِهِ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ كَاذِبًا.
(أَشْهَدُ) أَيْ أَعْتَرِفُ (أَنْ لَا إلَهَ) أَيْ لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ (إلَّا اللَّهُ) زَادَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْ عُمَرَ (وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) بِالضَّمِيرِ وَفِي بَعْضِهَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ.
وَفِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَيُعْلَمُ مِنْ مَجْمُوعِ تِلْكَ الصِّيَغِ التَّوْسِعَةُ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا، وَأَمَّا نَبِيُّنَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا كَانَ يَتَشَهَّدُ فِي صَلَاتِهِ فَقَالَ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إنِّي رَسُولُ اللَّهِ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَا أَصْلَ لِذَلِكَ بَلْ أَلْفَاظُ التَّشَهُّدِ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَوْ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» فَالْكَلَامُ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ ابْنِ حَجَرٍ مَا يُخَالِفُ هَذَا.
(تَنْبِيهٌ) هَذَا آخِرُ التَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ التَّشَهُّدِ عَلَمٌ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ السُّنَّةَ تَحْصُلُ بِمُطْلَقِ تَشَهُّدٍ، وَاخْتُلِفَ فِي خُصُوصِ هَذَا فَقِيلَ فَضِيلَةٌ وَقِيلَ سُنَّةٌ، فَالْآتِي بِهَذَا اللَّفْظِ آتٍ بِسُنَّتَيْنِ وَقِيلَ سُنَّةٌ وَفَضِيلَةٌ، وَالْآتِي بِغَيْرِهِ آتٍ بِالسُّنَّةِ فَقَطْ.
قَالَ ابْنُ نَاجِي: وَلَيْسَ جَمِيعُهُ سُنَّةً بَلْ إتْمَامُهُ مُسْتَحَبٌّ وَالسُّنَّةُ تَحْصُلُ بِبَعْضِهِ قِيَاسًا عَلَى السُّورَةِ، فَإِذَا قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَقَدْ أَدَّى السُّنَّةَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبَعْضِ مَا يَشْمَلُ نَحْوَ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ فَإِنَّ هَذَا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ تَشَهُّدٌ لَا لُغَةً وَلَا شَرْعًا، وَسُمِّيَ هَذَا اللَّفْظُ تَشَهُّدًا لِتَضَمُّنِهِ الشَّهَادَتَيْنِ، وَبَحَثَ بَعْضُ شُيُوخِنَا فِي ذَلِكَ الْقِيَاسِ قَائِلًا: الْمَسْنُونُ التَّشَهُّدُ وَهُوَ اسْمٌ لِهَذَا اللَّفْظِ، وَالْمَسْنُونُ قِرَاءَةُ مَا زَادَ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِبَعْضِ سُورَةٍ، وَرُبَّمَا يُقَوِّي بَحْثَ بَعْضِ شُيُوخِنَا قَوْلُهُ: (فَإِنْ سَلَّمْت بَعْدَ هَذَا) أَيْ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إلَى قَوْلِهِ: وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ (أَجْزَأَك) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَجْزَأَك فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ وَلَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُهَا عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافًا لِبَعْضِ الْأَئِمَّةِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِهِ لَمْ يَجْزِهِ فَيُخَالِفُ قِيَاسَهُ عَلَى السُّورَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ بِالْإِجْزَاءِ الَّذِي لَا سُجُودَ مَعَهُ وَلَا إثْمَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْإِجْزَاءَ الَّذِي لَا يَصِحُّ غَيْرُهُ، فَلَا يُنَافِي مَا قَالَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فِي التَّشَهُّدِ أَجْزَأَهُ أَيْ لِصِدْقِ التَّشَهُّدِ عَلَيْهِ.
(وَمِمَّا تَزِيدُهُ) بَعْدَ التَّشَهُّدِ (إنْ شِئْت) لِكَمَالِ الْمُوجِبِ لِكَثْرَةِ الثَّوَابِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْتَ مُخَيَّرٌ فِي الزِّيَادَةِ وَعَدَمِهَا مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْحُكْمِ فَإِنَّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا لَا يَخْفَى، أَوْ أَنَّهُ قَصَدَ بِقَوْلِهِ: إنْ شِئْت الرَّدَّ عَلَى مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ أَرَادَ التَّخْيِيرَ بَيْنَ هَذَا الدُّعَاءِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَدْعِيَةِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ مِنْ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا عَلَّمَهُمْ التَّشَهُّدَ قَالَ: وَلْيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 187
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست