responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 180
وَسُجُودِكَ، وَلَا تَدْعُو فِي رُكُوعِكَ وَقُلْ إنْ شِئْت: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمَ وَبِحَمْدِهِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَوْقِيتُ قَوْلٍ وَلَا حَدَّ فِي اللُّبْثِ

ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَك وَأَنْتَ قَائِلٌ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ثُمَّ تَقُولُ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ إنْ كُنْت وَحْدَكَ وَلَا يَقُولُهَا الْإِمَامُ وَلَا يَقُولُ الْمَأْمُومُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ

وَتَسْتَوِي قَائِمًا مُطْمَئِنًّا مُتَرَسِّلًا

ثُمَّ تَهْوِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَسْوِيَةُ الْقَدَمَيْنِ فَلَا يَقْرِنُهُمَا وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الصِّفَةُ الْكَامِلَةُ فِي وَضْعِ الْيَدَيْنِ، وَبَقِيَ صِفَتَانِ إحْدَاهُمَا وَضْعُ الْيَدَيْنِ قُرْبَ الرُّكْبَتَيْنِ وَهَذِهِ أَدْنَى، وَيَلِيهَا صِفَةٌ أُخْرَى وَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَمْكِينٍ فَ الْمُصَنِّفُ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَفْضَلِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَصْلَ الْوَضْعِ وَالتَّمْكِينِ وَالْمُجَافَاةِ الْمَذْكُورَةِ وَتَسْوِيَةَ الظَّهْرِ وَعَدَمَ رَفْعِ رَأْسِهِ وَعَدَمَ خَفْضِهِ الِاسْتِحْبَابُ، فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِ شَيْءٍ مِنْهُ بَلْ يُكْرَهُ فَقَطْ.
(وَ) يُطْلَبُ مِنْك أَنْ (تَعْتَقِدَ) بِقَلْبِك (الْخُضُوعَ بِذَلِكَ) أَيْ (بِرُكُوعِك وَسُجُودِك) فَقَوْلُهُ بِرُكُوعِك بَيَانٌ لِاسْمِ الْإِشَارَةِ
، وَالْخُضُوعُ وَالتَّذَلُّلُ وَالْخُشُوعُ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى، وَهُوَ وُقُوعُ الْخَوْفِ فِي الْقَلْبِ، وَاخْتُلِفَ فِي حُكْمِ طَلَبِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ فَقِيلَ النَّدْبُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ مَنْ تَفَكَّرَ بِدُنْيَوِيٍّ إذْ لَمْ يَقُولُوا بِبُطْلَانِهَا مَعَ ضَبْطِهِ أَفْعَالَهَا، وَإِنَّمَا ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا، وَقِيلَ: إنَّهُ فَرْضٌ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ كَمَا عَدَّهُ عِيَاضٌ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّهُ مِنْ فَرَائِضِهَا الَّتِي لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجِبُ فِي جُزْءٍ مِنْهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، عَنْ الشَّيْخِ زَرُّوقٍ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ اللَّهُ عَنْهُ الْخَوَاطِرَ الرَّدِيئَةَ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى قَلْبِهِ وَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْخَلَّاقِ الْفَعَّالِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} [إبراهيم: 19] {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} [إبراهيم: 20] (وَلَا نَدْعُو) بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ أُرِيدَ بِهِ النَّهْيُ أَيْ يُكْرَهُ أَنْ تَدْعُوَ (فِي رُكُوعِك) وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ التَّعْظِيمُ لِذَلِكَ قَالَ: (وَقُلْ) نَدْبًا فِي حَالِ رُكُوعِك (إنْ شِئْت سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ) وَإِنْ شِئْت سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى، فَقَوْلُهُ: إنْ شِئْت لَيْسَ الْمُرَادُ التَّخْيِيرَ فِي الْقَوْلِ وَعَدَمِهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ التَّسْبِيحَ وَنَحْوَهُ مُسْتَحَبٌّ، وَقِيلَ سُنَّةٌ فَلَا يُكْرَهُ تَرْكُهُ سَوِيًّا لِفِعْلِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَرَاهَةِ الدُّعَاءِ وَنَدْبِ غَيْرِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَادْعُوا فِيهِ بِمَا شِئْتُمْ أَوْ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ» فَقَمِنٌ أَيْ حَقِيقٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا صَحَّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي؛ لِأَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَهُ لِبَيَانِ جَوَازٍ، وَالْأَوَّلُ لِبَيَانِ الْأَوْلَى، وَأَتَمُّ مِنْ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ الدُّعَاءَ هُنَا وَهُوَ قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي تَبَعٌ لِلتَّسْبِيحِ الَّذِي قَبْلَهُ.
وَمِمَّا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى اخْتِصَاصِ الرُّكُوعِ بِالتَّسْبِيحِ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74] قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ» .
وَلَمَّا نَزَلَ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] قَالَ: «اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ»
(تَنْبِيهٌ) : عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَرَاهَةُ الدُّعَاءِ فِي الرُّكُوعِ وَهُوَ أَحَدُ مَوَاضِعِ الْكَرَاهَةِ، وَمِنْهَا الدُّعَاءُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَقَبْلَ الْفَاتِحَةِ، وَمِنْهَا عَقِبَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَمِنْهَا أَثْنَاءَ الْفَاتِحَةِ وَأَثْنَاءَ السُّورَةِ فِي الْفَرِيضَةِ دُونَ النَّافِلَةِ، وَمِنْهَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَقَبْلَ السُّورَةِ، وَمِنْهَا بَعْدَ الْجُلُوسِ وَقَبْلَ التَّشَهُّدِ، وَمِنْهَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَقَبْلَ سَلَامِ الْمَأْمُومِ، وَلَيْسَ مِنْهَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَلَمَّا كَانَ إمَامُنَا يَفِرُّ مِنْ التَّحْدِيدِ فِي النَّوَافِلِ وَالْأَذْكَارِ قَالَ: (لَيْسَ فِي ذَلِكَ تَوْقِيتُ قَوْلٍ) أَيْ أَنَّ التَّسْبِيحَ لَا يَتَحَدَّدُ بِعَدَدٍ بِحَيْثُ إذَا نَقَضَ عَنْهُ يَفُوتُهُ الثَّوَابُ، بَلْ إذَا سَبَّحَ مَرَّةً يَحْصُلُ لَهُ الثَّوَابُ، وَإِنْ كَانَ يُزَادُ فِي الثَّوَابِ بِزِيَادَتِهِ. (وَلَا حَدَّ فِي اللُّبْثِ) أَيْ أَنَّ الرُّكُوعَ لَا حَدَّ لِزَمَنِ الْمُكْثِ فِيهِ زِيَادَةً عَلَى مَا يَطْلُبُ؛ لِأَنَّهُ يُحَصِّلُ فَرْضَهُ بِمُطْلَقِ الطُّمَأْنِينَةِ فِيهِ مَعَ الِاعْتِدَالِ، إذْ الطُّمَأْنِينَةُ فَرْضٌ فِي سَائِرِ الْأَرْكَانِ، وَأَمَّا الزَّائِدُ عَلَيْهَا فَهُوَ سُنَّةٌ وَلَا حَدَّ فِيهِ إلَّا أَنْ يَنْهَى عَنْ الطُّولِ الْمُفْرِطِ فِي الْفَرِيضَةِ بِخِلَافِ النَّافِلَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الْفَذِّ، وَأَمَّا الْإِمَامُ فَالْمَطْلُوبُ فِي حَقِّهِ التَّخْفِيفُ.

(ثُمَّ) إذَا فَرَغْت مِنْ الرُّكُوعِ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ (تَرْفَعُ رَأْسَك) مِنْهُ وُجُوبًا حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا (وَأَنْتَ) أَيْ وَالْحَالُ (أَنَّك قَائِلٌ) عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ: (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) إنْ كُنْت إمَامًا أَوْ فَذًّا، (ثُمَّ تَقُولُ) مَعَ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ: (اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ) بِالْوَاوِ (إنْ كُنْت وَحْدَك وَلَا يَقُولُهَا الْإِمَامُ) بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ (وَلَا يَقُولُ الْمَأْمُومُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ السُّنَّةَ سَاقِطَةٌ عَنْهُ.
(وَإِنَّمَا يَقُولُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ) ، وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْفَذَّ يَجْمَعُ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ، وَالْإِمَامُ يَقْتَصِرُ عَلَى التَّسْمِيعِ وَالْمَأْمُومُ عَلَى التَّحْمِيدِ، وَإِنَّمَا الْفَذُّ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 180
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست