responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 168
الشَّمْسَ بِوَجْهِك وَأَنْتَ قَائِمٌ غَيْرُ مُنَكِّسٍ رَأْسَك وَلَا مُطَأْطِئٍ لَهُ فَإِنْ نَظَرْت إلَى الشَّمْسِ بِبَصَرِك فَقَدْ دَخَلَ الْوَقْتُ وَإِنْ لَمْ تَرَهَا بِبَصَرِك فَلَمْ يَدْخُلْ الْوَقْتُ وَإِنْ نَزَلَتْ عَنْ بَصَرِك فَقَدْ تَمَكَّنَ دُخُولُ الْوَقْتِ وَاَلَّذِي وَصَفَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْوَقْتَ فِيهَا مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ.

وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ وَهِيَ صَلَاةُ الشَّاهِدِ يَعْنِي الْحَاضِرَ يَعْنِي أَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يَقْصُرُهَا وَيُصَلِّيهَا كَصَلَاةِ الْحَاضِرِ فَوَقْتُهَا غُرُوبُ الشَّمْسِ فَإِذَا تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ وَجَبَتْ الصَّلَاةُ لَا تُؤَخَّرُ وَلَيْسَ لَهَا إلَّا وَقْتٌ وَاحِدٌ لَا تُؤَخَّرُ عَنْهُ.

وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعَتَمَةِ وَهِيَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَهَذَا الِاسْمُ أَوْلَى بِهَا غَيْبُوبَةُ الشَّفَقِ وَالشَّفَقُ الْحُمْرَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ الْمُخْتَارِ أَنَّك إذَا (اسْتَقْبَلْت الشَّمْسَ بِوَجْهِك وَأَنْتَ قَائِمٌ) حَالَةَ كَوْنِك (غَيْرَ مُنَكِّسٍ رَأْسَك وَلَا مُطَأْطِئٍ لَهُ) تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ. (فَإِنْ نَظَّرْت إلَى الشَّمْسِ) أَيْ قَابَلَتْهَا (بِبَصَرِك) بِحَيْثُ صَارَتْ قُبَالَةَ بَصَرِك لَا مَرْفُوعَةً وَلَا مَخْفُوضَةً. (فَقَدْ دَخَلَ الْوَقْتُ) الْمُخْتَارُ لِلْعَصْرِ (وَإِنْ لَمْ تَرَهَا بِبَصَرِك) لِكَوْنِهَا عَلَى غَايَةٍ مِنْ الِارْتِفَاعِ (فَ) تَعْلَمُ أَنَّهُ (لَمْ يَدْخُلْ الْوَقْتُ) الْمُخْتَارُ لِلْعَصْرِ (وَإِنْ نَزَلَتْ عَنْ بَصَرِك فَ) تَحَقَّقَ أَنَّهُ (قَدْ تَمَكَّنَ دُخُولُ الْوَقْتِ) وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ لَا يَطَّرِدُ فِي كُلِّ الْأَزْمِنَةِ، لِأَنَّ الشَّمْسَ تَكُونُ فِي الصَّيْفِ مُرْتَفِعَةً وَفِي الشِّتَاءِ مُنْخَفِضَةً، حَتَّى قَالَ ابْنُ الْفَخَّارِ: لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ لَا يَصِحُّ بِنَاؤُهَا عَلَى مِثْلِ هَذَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا الْقَوْلَ رَحْمَةً لِلضُّعَفَاءِ الَّذِينَ لَا يُدْرِكُونَ مَعْرِفَةَ الْأَوْقَاتِ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مُوقِعٌ لِلصَّلَاةِ فِي اخْتِيَارَيْهَا، سَوَاءٌ كَانَ فِي صَيْفٍ أَوْ شِتَاءٍ، لِأَنَّهَا لَا تُقَابِلُ بَصَرَ النَّاظِرِ إلَّا وَقَدْ ظِلُّ كُلُّ شَيْءٍ مِثْلُهُ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: (وَاَلَّذِي وَصَفَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) فِي بَيَانِ آخِرِ الْمُخْتَارِ لِلْعَصْرِ (أَنَّ) أَوَّلَ (الْوَقْتِ فِيهَا) مِنْ آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَيَسْتَمِرُّ (مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ) فَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ الِاصْفِرَارِ صَارَ الْوَقْتُ ضَرُورِيًّا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ: وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ لِلِاصْفِرَارِ، وَهَذَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا صَدَّرَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ: وَآخِرُهُ أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ لِأَنَّ الِاصْفِرَارَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَتَكُونُ الشَّمْسُ نَقِيَّةً.
قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عُمَرَ مَا مَعْنَاهُ: وَهَذَا وَاضِحٌ فِي زَمَانِ الصَّحْوِ، وَأَمَّا فِي زَمَانِ الْغَيْمِ الَّذِي لَا يَظْهَرُ فِيهِ ظِلٌّ فَإِنَّهُ يُرْجَعُ إلَى قَوْلِ أَهْلِ الْأَوْرَادِ وَالصَّنَائِعِ مِمَّنْ لَهُ دِرَايَةٌ بِمَعْرِفَةِ الْأَوْقَاتِ وَالِاحْتِيَاطِ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ وَقْتِ الْعَصْرِ شَرَعَ فِي بَيَانِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ بِقَوْلِهِ: (وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ وَهِيَ صَلَاةُ الشَّاهِدِ) وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: (يَعْنِي الْحَاضِرَ) وَلَمَّا اسْتَشْعَرَ سَائِلًا عَنْ مَعْنَى الْحَاضِرِ قَالَ: (يَعْنِي أَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يَقْصُرُهَا) فِي سَفَرِهِ (وَيُصَلِّيهَا كَصَلَاةِ الْحَاضِرِ) وَنُقِضَ هَذَا التَّعْلِيلُ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ أَنَّهَا تَطْلُعُ عِنْدَ طُلُوعِ نَجْمٍ يُسَمَّى الشَّاهِدُ (فَوَقْتُهَا غُرُوبُ الشَّمْسِ) كَأَنَّ الصَّوَابَ إسْقَاطُ لَفْظِ فَوْقِهَا وَيَقْتَصِرُ عَلَى الْخَبَرِ وَهُوَ غُرُوبُ الشَّمْسِ وَلَا يُنْظَرُ لِلْحُمْرَةِ الْبَاقِيَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ: (فَإِذَا تَوَارَتْ) أَيْ غَابَ جَمِيعُ قُرْصِهَا فِي الْعَيْنِ الْحَمِئَةِ أَيْ ذَاتِ الْحَمْأَةِ وَهِيَ الطِّينُ الْأَسْوَدُ وَهِيَ الْمُرَادُ (بِالْحِجَابِ وَجَبَتْ الصَّلَاةُ لَا تُؤَخَّرُ عَنْهُ وَلَيْسَ لَهَا إلَّا وَقْتٌ وَاحِدٌ لَا تُؤَخَّرُ عَنْهُ) قَالَ خَلِيلٌ: وَلِلْمَغْرِبِ غُرُوبُ الشَّمْسِ بِقَدْرِ فِعْلِهَا بَعْدَ شُرُوطِهَا فَوَقْتُهَا مُضَيَّقٌ، وَيَجُوزُ لِمَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ مُحَصِّلًا لِشُرُوطِهَا مِنْ طَهَارَةٍ وَسَتْرٍ وَاسْتِقْبَالٍ تَأْخِيرُ فِعْلِهَا بِمِقْدَارِ تَحْصِيلِهَا وَذَلِكَ بِالنَّظَرِ لِعَادَةِ غَالِبِ النَّاسِ، فَلَا يُعْتَبَرُ حَالُ مُوَسْوِسٍ وَلَا مَنْ عَلَى غَايَةٍ مِنْ السُّرْعَةِ، وَيُرَاعَى زَمَنُ الِاسْتِبْرَاءِ الْمُعْتَادِ لِمَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: لَا يُؤَخَّرُ عَنْهُ لَوْ شَرَعَ فِيهَا وَطَوَّلَ بِحَيْثُ غَابَ الشَّفَقُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَالشَّفَقُ بِالنِّسْبَةِ لِلشُّرُوعِ فِيهَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ وَمُقَابِلُهُ يَمْتَدُّ وَقْتُهَا لِغُرُوبِ الشَّفَقِ الْأَحْمَرِ الَّذِي هُوَ وَقْتُ الْعِشَاءِ، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِيهِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ وَفِي أَحْكَامِهِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ، لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَا سِيَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ.
الثَّانِي: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ غُرُوبُ الشَّمْسِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يَكُونُ فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ أَوْ فِي فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ، وَأَمَّا مَنْ يَكُونُ خَلْفَ الْجِبَالِ فَلَا يُعَوِّلُ عَلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَإِنَّمَا يُعَوِّلُ عَلَى إقْبَالِ الظُّلْمَةِ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ، فَإِذَا ظَهَرَتْ كَانَ دَلِيلًا عَلَى مَغِيبِهَا فَيُصَلِّي وَيُفْطِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّالِثُ: رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: لَيْسَ لَهَا إلَّا وَقْتٌ وَاحِدٌ أَنَّهَا مَتَى أُخِّرَتْ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ تَصِيرُ قَضَاءً وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الشُّرُوعِ فِيهَا إلَّا بِمِقْدَارِ تَحْصِيلِ شُرُوطِهَا، فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَهَا وَقْتًا ضَرُورِيًّا كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَنْفِيُّ إنَّمَا هُوَ وَقْتُ التَّوَسُّعَةِ الْمَوْجُودُ فِي نَحْوِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَافْهَمْ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 168
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست