responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 165
الْمُعْتَرِضِ بِالضِّيَاءِ فِي أَقْصَى الْمَشْرِقِ ذَاهِبًا مِنْ الْقِبْلَةِ إلَى دُبُرِ الْقِبْلَةِ حَتَّى يَرْتَفِعَ فَيَعُمَّ الْأُفُقَ وَآخِرُ الْوَقْتِ الْإِسْفَارُ الْبَيِّنُ الَّذِي إذَا سَلَّمَ مِنْهَا بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ وَمَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ وَاسِعٌ وَأَفْضَلُ ذَلِكَ أَوَّلُهُ.

وَوَقْتُ الظُّهْرِ إذَا زَالَتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالصُّبْحِ) بِالْإِضَافَةِ الْبَيَانِيَّةِ أَيْ الَّتِي هِيَ الصُّبْحُ (فَهِيَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) عَلَى مَا قَالَهُ مَالِكٌ (وَهِيَ صَلَاةُ الْفَجْرِ) وَصَلَاةُ الْغَدَاةِ فَلَهَا أَرْبَعَةُ أَسْمَاءٍ: الصُّبْحُ وَالْوُسْطَى وَالْفَجْرُ وَالْغَدَاةُ، وَحِينَئِذٍ فَإِضَافَةُ صَلَاةٍ إلَى تِلْكَ الْأَلْفَاظِ مِنْ قَبِيلِ إضَافَةِ الْمُسَمَّى إلَى اسْمِهِ، فَالصَّلَاةُ هِيَ الْمُسَمَّى وَمَا بَعْدَهَا الِاسْمُ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِوُجُوبِهَا عِنْدَ الصُّبْحِ، وَالصُّبْحُ وَالصَّبَاحُ هُوَ أَوَّلُ النَّهَارِ، وَالْغَدَاةُ لِوُجُوبِهَا أَوَّلَ النَّهَارِ وَهُوَ يُسَمَّى غُدْوَةً وَغَدَاةً، وَسُمِّيَتْ وُسْطَى إمَّا لِتَوَسُّطِهَا بَيْنَ أَرْبَعٍ مُشْتَرِكَاتٍ: الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ وَهِيَ مُسْتَقْبِلَةٌ، وَقِيلَ مَعْنَى الْوُسْطَى الْفُضْلَى وَلِذَلِكَ حَثَّ اللَّهُ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] مُشْتَقٌّ مِنْ الصَّبَاحِ هُوَ الْبَيَانُ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِأَوَّلِ النَّهَارِ، وَأَمَّا حَرْفٌ فِيهِ مَعْنَى الشَّرْطِ، وَالْفَاءُ الدَّاخِلَةُ عَلَى ضَمِيرِ الْفَصْلِ زَائِدَةٌ لِأَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ هُوَ قَوْلُهُ: (فَأَوَّلُ وَقْتِهَا) الْمُخْتَارُ (انْصِدَاعُ) أَيْ انْشِقَاقُ (الْفَجْرِ الْمُعْتَرِضِ) أَيْ الْمُنْتَشِرِ (بِالضِّيَاءِ فِي أَقْصَى) أَيْ أَبْعَدِ (الْمَشْرِقِ) وَيُقَالُ لَهُ الْفَجْرُ الصَّادِقُ، وَأَقْصَى الْمَشْرِقِ مَوْضِعُ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَوْلُهُ فِي أَقْصَى يُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهُ بِانْصِدَاعِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ يَطْلُعُ فِي أَقْصَى الْمَشْرِقِ دَائِمًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ ضَوْءُ الشَّمْسِ وَهُوَ يَطْلُعُ فِي مَوْضِعِ طُلُوعِهَا وَهُوَ تَارَةً أَقْصَى الْمَشْرِقِ وَذَلِكَ فِي غَيْرِ زَمَنِ الشِّتَاءِ وَتَارَةً إنَّمَا يَطْلُعُ مِنْ الْقِبْلَةِ وَذَلِكَ فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ، فَالْأَحْسَنُ تَعَلُّقُهُ بِالْمُعْتَرِضِ أَيْ الْمُنْتَشِرِ فِي أَقْصَى الْمَشْرِقِ، وَهَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَطْلُعُ دَائِمًا فِي أَقْصَى الْمَشْرِقِ، بَلْ يُفِيدُ أَنَّهُ يَطْلُعُ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَقْصَاهُ. وَإِيضَاحُ هَذَا أَنَّ الْفَجْرَ هُوَ ضَوْءُ الشَّمْسِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ تَابِعٌ لَهَا سَوَاءٌ طَلَعَتْ مِنْ أَقْصَى الْمَشْرِقِ أَوْ مِنْ الْقِبْلَةِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يَذْهَبُ مِنْ الْقِبْلَةِ إلَى دُبُرِهَا، وَخَرَّجَ بِالْمُعْتَرِضِ بِالضِّيَاءِ الْفَجْرَ الْكَاذِبَ وَهُوَ الْبَيَاضُ الَّذِي يَصْعَدُ كَذَنَبِ السِّرْحَانِ دَقِيقًا غَيْرَ مُنْتَشِرٍ فَهَذَا لَا حُكْمَ لَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَجْرَ مَعْنَاهُ الْبَيَاضُ وَيَتَنَوَّعُ إلَى كَاذِبٍ وَصَادِقٍ وَكِلَاهُمَا مِنْ نُورِ الشَّمْسِ، إلَّا أَنَّ الْكَاذِبَ لَا يَنْتَشِرُ لِدِقَّتِهِ وَيَنْقَطِعُ بِالْكُلِّيَّةِ إذَا قَرُبَ زَمَنُ الصَّادِقِ، وَالصَّادِقُ يَنْتَشِرُ لِقُرْبِهَا وَيَعُمُّ الْأُفُقَ، وَالسِّرْحَانُ هُوَ الذِّئْبُ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عُمَرَ: وَهَذَا بَيَانٌ شَافٍ لِصِفَةِ الْفَجْرِ فَكَانَ فِي غُنْيَةٍ عَنْ قَوْلِهِ: (ذَاهِبًا) أَيْ بَارِزًا وَجَائِيًا (مِنْ الْقِبْلَةِ إلَى دُبُرِ الْقِبْلَةِ) أَيْ مُقَابِلِهَا (حَتَّى يَرْتَفِعَ فَيَعُمَّ) أَيْ يَسُدَّ (الْأُفُقَ) وَالْمُرَادُ بِدُبُرِ الْقِبْلَةِ مُقَابِلُهَا.
قَالَ فِي الصِّحَاحِ: دُبُرُ الْأَمْرِ آخِرُهُ وَالْأُفُقُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِهَا هُوَ مَا وَالَى الْأَرْضَ مِنْ أَطْرَافِ السَّمَاءِ، وَقِيلَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ يَعُمُّ الْأُفُقَ أَيْ يَمْلَؤُهُ وَيَسُدُّهُ كَمَا بَيَّنَّا، ثُمَّ إنَّ فِي جَمْعِ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ قَوْلِهِ أَوَّلًا: الْمُعْتَرِضُ بِالضِّيَاءِ فِي أَقْصَى الْمَشْرِقِ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: ذَاهِبًا مِنْ الْقِبْلَةِ تَنَاقُضًا بَيَانُهُ أَنَّ قَوْلَهُ الْمُعْتَرِضُ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ الْفَجْرَ يَطْلُعُ مِنْ الْمَشْرِقِ، وَقَوْلُهُ ذَاهِبًا مِنْ الْقِبْلَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يَطْلُعُ مِنْ الْقِبْلَةِ لَا مِنْ الْمَشْرِقِ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا: إلَى دُبُرِ الْقِبْلَةِ يَقْتَضِي أَنَّ لِلْقِبْلَةِ دُبُرًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَافْتَرَقَ النَّاسُ فِي الْجَوَابِ فَمِنْ قَائِلٍ: إنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَذَ يُبَيِّنُ الْفَجْرَ لِأَهْلِ الْمَغْرِبِ بِقَوْلِهِ ذَاهِبًا مِنْ الْقِبْلَةِ إلَى دُبُرِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ الْجَوْفُ، أَوْ نَقُولُ ذَاهِبًا إلَى الْقِبْلَةِ وَإِلَى دُبُرِ الْقِبْلَةِ، فَمِنْ بِمَعْنَى إلَى لِأَنَّ حُرُوفَ الْجَرِّ يَنُوبُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ: فَيَنْتَشِرُ فِي الْمَشْرِقِ حَتَّى إلَى الْقِبْلَةِ وَحَتَّى إلَى الْجَوْفِ، وَمِنْ قَائِلٍ يَقُولُ ذَاهِبًا مِنْ الْقِبْلَةِ إلَى دُبُرِ الْقِبْلَةِ فِي زَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ، وَقَالَ بَعْضٌ: الْمَعْنَى ذَاهِبًا مِنْ قِبْلَةِ النَّاظِرِ إلَيْهِ إلَى دُبُرِ النَّاظِرِ إلَيْهِ، فَبِهَذِهِ ثَلَاثُ تَأْوِيلَاتٍ قَالَ بَعْضٌ: أَبْيَنُهَا أَوَّلُهَا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ مِنْ الْقِبْلَةِ إلَى دُبُرِ الْقِبْلَةِ أَنَّهُ يَنْتَشِرُ مِنْ مَبْدَأِ طُلُوعِهِ إلَى مُنْتَهَاهُ، فَالْمُرَادُ بِالدُّبْرِ الْآخِرُ لِأَنَّ دُبُرَ كُلِّ شَيْءٍ آخِرُهُ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْمَشْرِقِ تَارَةً وَبِالْقِبْلَةِ تَارَةً لَعَلَّهُ لِمُجَرَّدِ التَّفَنُّنِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَشْرِقِ وَالْقِبْلَةِ مَا قَابَلَ الْمَغْرِبَ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْقِبْلَةِ وَالْمَشْرِقِ يُقَابِلَانِهِ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّ الْقِبْلَةَ إذَا أُغْمِيَتْ عَلَى الْمُصَلِّي وَجُعِلَ الْمَشْرِقُ أَمَامَهُ أَوْ الْمَغْرِبُ خَلْفُهُ يَكُونُ مُسْتَقْبِلًا، لِأَنَّهُ إنْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ يَكُونُ انْحِرَافًا يَسِيرًا، قَالَهُ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى خَلِيلٍ، وَلَمَّا بَيَّنَ أَوَّلَ وَقْتِ الصُّبْحِ بَيَّنَ آخِرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَآخِرُ الْوَقْتِ) الِاخْتِيَارِيُّ لِلصُّبْحِ (الْإِسْفَارُ الْبَيِّنُ) أَيْ الْوَاضِحُ (الَّذِي إذَا سَلَّمَ مِنْهَا) فِيهِ (بَدَا) بِغَيْرِ هَمْزٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ ظَهَرَ (حَاجِبُ الشَّمْسِ) أَيْ طَرَفُ قُرْصِهَا فَلَا ضَرُورِيَّ لَهَا، وَعَزَا هَذَا الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ لِابْنِ حَبِيبٍ، وَعَزَاهُ ابْنُ نَاجِي لِرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَعِيَاضٍ لِكَافَّةِ الْعُلَمَاءِ وَأَئِمَّةِ الْفَتْوَى وَهُوَ مَشْهُورُ قَوْلِ مَالِكٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: عَلَيْهِ النَّاسُ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: هُوَ الصَّحِيحُ عَنْ مَالِكٍ، وَقِيلَ آخِرُ وَقْتِهَا الْمُخْتَارُ الْإِسْفَارُ الْأَعْلَى وَهُوَ الَّذِي يُمَيِّزُ فِيهِ الشَّخْصُ الذَّكَرَ مِنْ الْأُنْثَى وَمَا بَعْدَهُ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقْتٌ ضَرُورِيٌّ لَهَا كَمَا فِي

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 165
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست