responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 161
بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ بَعْدَ مَا لَمْ يَنْزِعْهُمَا

وَذَلِكَ إذَا أَدْخَلَ فِيهِمَا رِجْلَيْهِ بَعْدَ أَنْ غَسَلَهُمَا فِي وُضُوءٍ تَحِلُّ بِهِ الصَّلَاةُ فَهَذَا الَّذِي أَحْدَثَ وَتَوَضَّأَ مَسَحَ عَلَيْهِمَا وَإِلَّا فَلَا،

وَصِفَةُ الْمَسْحِ أَنْ يَجْعَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَاب فِي الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]
(بَابٌ فِي) بَيَانِ صِفَةِ وَحُكْمِ (الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ) وَلَمْ يُعَرِّفْهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ حَدُّهُ بِأَنَّهُ إمْرَارُ الْيَدِ الْمَبْلُولَةِ فِي الْوُضُوءِ عَلَى خُفَّيْنِ مَلْبُوسَيْنِ عَلَى طَهَارَةٍ مَائِيَّةٍ تَحِلُّ بِهَا الصَّلَاةُ بَدَلًا عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَمَسْحُ الْخُفَّيْنِ رُخْصَةٌ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ فِي بَابِ جُمَلٍ وَحَقِيقَةُ الرُّخْصَةِ مَا شُرِعَ عَلَى وَجْهِ التَّخْفِيفِ وَالتَّسْهِيلِ، وَعَرَّفَهَا بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ الْمُتَغَيِّرُ مِنْ صُعُوبَةٍ لِسُهُولَةٍ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ، وَالْحُكْمُ خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ عَلَى رَأْي الْأَكْثَرِ، فَلَا تُشْرَعُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ عَلَى طَرِيقَةِ الْأَكْثَرِ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمُخْتَصَّ بِالْمُكَلَّفِ مِنْ الْحُكْمِ الْوُجُوبُ وَالْحُرْمَةُ، وَأَمَّا النَّدْبُ وَالْإِبَاحَةُ وَالْكَرَاهَةُ فَتَتَعَلَّقُ حَتَّى بِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ، وَعَلَى هَذَا فَتَجْرِي هَذِهِ الرُّخْصَةُ وَمَا شَابَهَهَا مِنْ نَحْوِ قَصْرِ الصَّلَاةِ حَتَّى فِي قَصْرِ الصَّبِيِّ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي حَقِّهِ مَنْدُوبَةٌ، بَلْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ الصَّبِيَّ أَحَقُّ بِالتَّخْفِيفِ مِنْ غَيْرِهِ وَحُكْمُ هَذِهِ الرُّخْصَةِ الْإِبَاحَةُ، وَقَدْ تَغَيَّرَ الْحُكْمُ هُنَا مِنْ صُعُوبَةٍ وَهِيَ وُجُوبُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ لِسُهُولَةٍ وَهِيَ جَوَازُهُ وَالْعُذْرُ مَشَقَّةُ النَّزْعِ وَاللُّبْسِ، وَالسَّبَبُ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ كَوْنُ الْعُضْوِ قَابِلًا لِلْغَسْلِ وَمُمْكِنًا.
وَلَا يُقَالُ: كَيْفَ تَكُونُ الرُّخْصَةُ هُنَا مُبَاحَةٌ مَعَ وُجُوبِ الْمَسْحِ؟ لِأَنَّا نَقُولُ: وُجُوبُ الْمَسْحِ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ أَرَادَ عَدَمَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ إذْ لَهُ فِعْلُهُ وَفِعْلُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَهَكَذَا حُكْمُ كُلِّ فِعْلَيْنِ يَجِبُ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ، فَإِنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُرِدْ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ يَكُونُ كُلٌّ جَائِزًا وَعِنْدَ إرَادَةِ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ يَكُونُ وَاجِبًا، وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ هُنَا مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ حَتَّى يَشْمَلَ الصَّبِيَّ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ إبَاحَةِ الْمَسْحِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: (وَلَهُ) أَيْ لِلَابِسِ الْخُفِّ عَلَى طَهَارَةٍ تَحِلُّ بِهَا الصَّلَاةُ وَانْتَقَضَتْ وَأَرَادَ الْوُضُوءَ (أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ) وَمِثْلُهُمَا الْجَوْرَبَانِ وَالْجَوْرَبُ مَا وُضِعَ عَلَى شَكْلِ الْخُفِّ مِنْ قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ وَجِلْدٍ ظَاهِرُهُ وَهُوَ مَا يَلِي السَّمَاءَ وَبَاطِنُهُ وَهُوَ مَا يَلِي الْأَرْضَ (فِي) زَمَنِ (الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ) الْمُبَاحِ وَغَيْرِهِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ الرُّخْصَةَ الَّتِي تُبَاحُ فِي الْحَضَرِ لَا يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ فِعْلِهَا فِي السَّفَرِ إبَاحَةٌ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ، وَلَا يَتَقَيَّدُ زَمَانُ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا بِزَمَنٍ خَاصٍّ بِحَيْثُ يَجِبُ نَزْعُهُمَا بِانْقِضَائِهِ بَلْ يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ مُوجِبُ غَسْلٍ (مَا لَمْ يَنْزِعْهُمَا) أَوْ أَحَدَهُمَا مِنْ غَيْرِ مُبَادَرَةٍ إلَى غَسْلِ رِجْلِهِ عَلَى حُكْمِ الْمُوَالَاةِ فَتَبْطُلُ طَهَارَتُهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ الْوُضُوءِ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ: وَإِنْ نَزَعَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا بَادَرَ لِلْأَسْفَلِ كَالْمُوَالَاةِ النَّاسِي يَبْنِي مُطْلَقًا وَالْعَاجِزُ وَالْعَامِدُ حَيْثُ لَا طُولَ، وَالْأَصْلُ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْمَسْحِ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: حَدَّثَنِي سَبْعُونَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ» وَإِنَّمَا فَعَلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَرَخَّصَ فِيهِ لِمَا يَلْحَقُ الشَّخْصَ مِنْ الْمَشَقَّةِ عِنْدَ خَلْعِهِ فِي كُلِّ طَهَارَةٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ تَجْدِيدِ مَسْحِهِ بِغَايَةٍ خَبَرُ: «إذَا أَدْخَلْت رِجْلَيْك فِي الْخُفَّيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ فَامْسَحْ عَلَيْهِمَا مَا لَمْ تَنْزِعْهُمَا» وَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَهَذَا لَا يُنَافِي اسْتِحْبَابَ نَزْعِهِمَا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ لِغَسْلِهَا.
(تَنْبِيهٌ) : عُلِمَ مِمَّا قَرَّرَنَا أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلْخُفَّيْنِ بَلْ مِثْلُهُمَا الْجُرْمُوقَانِ وَهُمَا خُفَّانِ غَلِيظَانِ لَا سَاقَيْنِ لَهُمَا، وَالْجَوْرَبَانِ وَهُمَا عَلَى شَكْلِ الْخُفِّ إلَّا أَنَّهُمَا مِنْ نَحْوِ قُطْنٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجِلْدٍ ظَاهِرُهُمَا وَبَاطِنُهُمَا كَمَا قَدَّمْنَا، وَلَا مَفْهُومَ لِمَا ذَكَرْنَا أَيْضًا مِنْ اتِّخَاذِ الْمَلْبُوسِ فِي كُلِّ رِجْلٍ بَلْ لَوْ لَبِسَ فِي كُلِّ رِجْلٍ خُفَّيْنِ أَوْ جَوْرَبَيْنِ أَوْ لَبِسَ صُحُفًا فَوْقَ جَوْرَبٍ أَوْ لَبِسَ فِي رِجْلٍ ثَلَاثَةً وَفِي رِجْلٍ أَقَلَّ حَيْثُ لَبِسَ الْأَعْلَى عَلَى طُهْرٍ كَالْأَسْفَلِ لَا إنْ لَبِسَ الْأَسْفَلَيْنِ عَلَى طُهْرٍ ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ لَبِسَ الْأَعْلَيَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَلَيْسَ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْأَعْلَيَيْنِ

(وَذَلِكَ) أَيْ جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ مَشْرُوطٌ بِمَا (إذَا أَدْخَلَ) الْمَاسِحُ (فِيهِمَا رِجْلَيْهِ بَعْدَ أَنْ غَسَلَهُمَا فِي وُضُوءٍ) أَوْ غُسْلٍ يَرْتَفِعُ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 161
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست