responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 157
نَفَضَهُمَا نَفْضًا خَفِيفًا، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ كُلَّهُ مَسْحًا، ثُمَّ يَضْرِبُ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ فَيَمْسَحُ يُمْنَاهُ بِيُسْرَاهُ يَجْعَلُ أَصَابِعَ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يُمِرُّ أَصَابِعَهُ عَلَى ظَاهِرِ يَدِهِ وَذِرَاعِهِ وَقَدْ حَنَى عَلَيْهِ أَصَابِعَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْمِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ يَجْعَلُ كَفَّ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى بَاطِنِ ذِرَاعِهِ مِنْ طَيِّ مِرْفَقِهِ قَابِضًا عَلَيْهِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكُوعَ مِنْ يَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ صِفَتِهِ فَقَالَ: (يَضْرِبُ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا فَهِيَ وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ نَشَأَ مِنْ قَوْلِهِ: وَالتَّيَمُّمُ بِالصَّعِيدِ الطَّاهِرِ تَقْدِيرُهُ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَالَ: يَضْرِبُ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَدٌ تَيَمَّمَ بِغَيْرِهَا مِنْ أَعْضَائِهِ فَإِنْ عَجَزَ اسْتَنَابَ فَإِنْ لَمْ تُمْكِنُهُ الِاسْتِنَابَةُ مَرَّغَ وَجْهَهُ فَإِنْ عَجَزَ أَوْمَأَ إلَى الْأَرْضِ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ كَمَا قَالَ الْقَابِسِيُّ فِي الْمَرْبُوطِ الْمُعَلَّقِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَالْمُرَادُ بِالضَّرْبِ وَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى الصَّعِيدِ مُسَمِّيًا نَاوِيًا اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ وَهَذَا الْوَضْعُ فَرْضٌ فَلَوْ لَاقَى بِيَدَيْهِ الْغُبَارَ مِنْ غَيْرِ وَضْعٍ لَا يَكْفِي لِأَنَّ الْوَضْعَ مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ وَلَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِيَدَيْهِ شَيْءٌ مِنْ التُّرَابِ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ عَلَى الصُّخُورِ وَالْحِجَارَةِ الَّتِي لَا غُبَارَ عَلَيْهَا.
(فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِمَا شَيْءٌ) مِنْ غُبَارِ الْأَرْضِ (نَفَضَهُ) اسْتِحْبَابًا (نَفْضًا خَفِيفًا) لِئَلَّا يُؤْذِيَ الْمُتَعَلِّقُ وَجْهَ الْمُتَيَمِّمِ، وَلَا يُقَالُ: مِنْ سُنَنِ التَّيَمُّمِ نَقْلُ مَا تَعَلَّقَ بِالْيَدَيْنِ إلَى الْعُضْوِ فَكَيْفَ يُسْتَحَبُّ نَفْضُهُمَا؟ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ بِالنَّقْلِ الَّذِي هُوَ سُنَّةٌ عَدَمُ مَسْحِهِمَا بِشَيْءٍ قَبْلَ مُلَاقَاةِ الْعُضْوِ، وَلِذَا لَوْ مَسَحَ بِهِمَا عَلَى شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ صَحَّ تَيَمُّمُهُ وَإِنَّمَا فَاتَهُ السُّنَّةُ وَلَوْ كَانَ الْمَسْحُ قَوِيًّا، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ عِنْدَ وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ كَمَا ذَكَرْنَا فَلَوْ أَخَّرَهَا لِوَجْهِهِ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ، وَنِيَّةُ الْوُضُوءِ عِنْدَ فِعْلِ أَوَّلِ وَاجِبٍ لَا عِنْدَ أَخْذِ الْمَاءِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ ضَعْفُ الْفَرْعِ، وَيَنْوِي فَرْضَ التَّيَمُّمِ أَوْ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ مِنْ الْحَدَثِ وَيُلَاحَظُ الْأَكْبَرُ إنْ كَانَ، فَإِنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَعَرَّض لِلْأَكْبَرِ وَصَلَّى أَعَادَ صَلَاتَهُ أَبَدًا بَعْدَ تَيَمُّمِهِ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ، وَلَوْ كَانَ عَدَمُ التَّعَرُّضِ سَهْوًا أَوْ نِسْيَانًا وَلَا يَنْوِي رَفْعَ الْحَدَثِ.
وَظَاهِرُ إطْلَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَلَوْ عَلَى الْمُقَابِلِ فَكَيْفَ بِالْمَشْهُورِ الْقَائِلِ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ مُبِيحٌ لَا رَافِعٌ لِلْحَدَثِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُعَيِّنَ الصَّلَاةَ الَّتِي يُرِيدُ فِعْلَهَا مِنْ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ أَوْ هُمَا عَلَى الْعُمُومِ لِاسْتِبَاحَةِ مُطْلَقِ صَلَاةِ الصَّادِقِ بِالْفَرْضِ وَحْدَهُ أَوْ النَّفْلِ وَحْدَهُ فَيُصَلِّي بِهِ النَّفَلَ لَا الْفَرْضَ، لِأَنَّ الْفَرْضَ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ تَخُصُّهُ، فَيَكُونُ كَمَنْ نَوَى النَّفَلَ فَلَا يُصَلِّي بِهِ الْفَرْضَ.
وَمِثْلُهُ مَنْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ صَلَاةَ فَرْضٍ مُطْلَقٍ ثُمَّ ذَكَرَ فَائِتَةً فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّيهَا بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ تَيَمَّمَ لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا، وَكَمَنْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ فَرْضًا مُعَيَّنًا فَلَا يُصَلِّي بِهِ غَيْرَهُ بِخِلَافِ مَنْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ مُطْلَقَ فَرْضٍ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِهِ مَا حَضَرَ وَقْتُهُ مِنْ ظُهْرٍ أَوْ عَصْرٍ أَوْ الْمُتَقَدِّمِ مِنْهُمَا، وَقَدَّمْنَا أَنَّ مِنْ وَاجِبَاتِهِ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ أَفْعَالِهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فَعَلَ لَهُ فَيَبْطُلُ بِعَدَمِ الْمُوَالَاةِ وَلَوْ عَجْزًا أَوْ نِسْيَانًا.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ فَرَّقَ تَيَمُّمَهُ وَكَانَ أَمَدًا قَرِيبًا أَجْزَأَهُ وَإِنْ تَبَاعَدَ ابْتَدَأَ تَيَمُّمَهُ، لِأَنَّ كُلَّ مَا يُطْلَبُ فِيهِ الْمُوَالَاةُ يُغْتَفَرُ فِيهِ التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ. (ثُمَّ) بَعْدَ نَفْضِ يَدَيْهِ مِنْ الْغُبَارِ (يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ كُلَّهُ مَسْحًا) خَفِيفًا فَلَا يَتَتَبَّعُ أَسَارِيرَ الْجَبْهَةِ وَكَذَا سَائِرُ غُضُونِ الْوَجْهِ، وَإِنَّمَا يَتَتَبَّعُ الْوَتْرَةَ وَحُجَّاجَ الْعَيْنَيْنِ وَالْعُنْفُقَةَ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا شَعْرٌ، وَيُمِرُّ يَدَيْهِ عَلَى شَعْرِ لِحْيَتِهِ الطَّوِيلَةِ كَثِيفَةً أَوْ خَفِيفَةً وَلَا يُخَلِّلُهَا وَيَبْلُغُ بِهِمَا حَيْثُ يَبْلُغُ بِهِمَا فِي غَسْلِ الْوَجْهِ.
(ثُمَّ) بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ مَسْحِ وَجْهِهِ يُسَنُّ أَنْ (يَضْرِبَ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ) ضَرْبَةً ثَانِيَةً تُقَوِّي مَا بَقِيَ مِنْ أَثَرِ الضَّرْبَةِ الْأُولَى (فَيَمْسَحُ) وُجُوبًا وَالْمُسْتَحَبُّ فِي صِفَةِ الْمَسْحِ أَنْ يَمْسَحَ (يُمْنَاهُ بِيُسْرَاهُ) وَذَلِكَ بِأَنْ (يَجْعَلَ أَصَابِعَ يَدِهِ الْيُسْرَى) غَيْرَ الْإِبْهَامِ (عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِ الْيَدِ الْيُمْنَى) سِوَى الْإِبْهَامِ (ثُمَّ يُمِرُّ أَصَابِعَهُ عَلَى ظَاهِرِ يَدِهِ) يَعْنِيَ كَفَّهُ سِوَى الْإِبْهَامِ (وَ) عَلَى ظَاهِرِ (ذِرَاعِهِ وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (قَدْ حَنَى عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ظَاهِرِ ذِرَاعِهِ دُونَ كَفِّهِ (أَصَابِعَهُ) وَيَسْتَمِرُّ يَمْسَحُ (حَتَّى يَبْلُغَ الْمِرْفَقَيْنِ) تَثْنِيَةُ مِرْفَقٍ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ قَصَدَ بَيَانَ غَايَةِ الْمَسْحِ بِالنِّسْبَةِ لِلْيَدَيْنِ وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ الْمِرْفَقُ بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ لِأَنَّ كُلَّ يَدٍ لَهَا مِرْفَقٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مَا يَتَّكِئُ عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ.
وَقَيَّدَ مُرُورَ الْأَصَابِعِ عَلَى الذِّرَاعِ بِالْإِنْحَاءِ لِيَتَحَقَّقَ مَسْحُ جَانِبَيْ ذِرَاعِهِ فِي حَالِ مَسْحِ ظَاهِرِهِ، وَأَمَّا ظَاهِرُ الْكَفِّ فَالْأَصَابِعُ فَوْقُهُ وَغَيَّا بِحَتَّى لِلْإِشَارَةِ إلَى دُخُولِ الْمِرْفَقَيْنِ فِي الْمَسْحِ، لِأَنَّ الْأَصَحَّ دُخُولُ الْغَايَةِ مَعَ حَتَّى بِخِلَافِ إلَى، وَاخْتُلِفَ فِي الْمَسْحِ مِنْ الْكُوعِ إلَى الْمِرْفَقِ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِهِ لِلْكُوعَيْنِ فَقِيلَ سُنَّةٌ وَقِيلَ وَاجِبٌ، وَعَلَى كُلٍّ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى كُوعَيْهِ فَصَلَّى فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ.
وَيَجِبُ عَلَيْهِ فِي حَالِّ مَسْحِ يَدَيْهِ نَزْعُ خَاتَمِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي اتِّخَاذِهِ كَأَسَاوِرِ الْمَرْأَةِ وَلَوْ اتَّسَعَ مَا ذَكَرَ لِيَمْسَحَ مَا تَحْتَهُ وَيُخَلِّلَ أَصَابِعَ يَدَيْهِ، وَيَكْفِي تَخْلِيلُ وَاحِدٍ بَعْدَ تَمَامِ التَّيَمُّمِ وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ تَخْلِيلَ كُلٍّ عِنْدَ مَسْحِهَا، وَيَكُونُ التَّخْلِيلُ بِبَاطِنِ الْأَصَابِعِ لَا بِأَجْنَابِهَا لِعَدَمِ مَسْحِهَا لِلتُّرَابِ، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَمْسَحُ بِيَدَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْعَاجِزُ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِنَابَةُ. (ثُمَّ) بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ ظَاهِرِ الْيَمِينِ بِتَمَامِ مِرْفَقِهَا (يَجْعَلُ كَفَّ يَدِهِ الْيُسْرَى) وَالْمُرَادُ كَفَّ الْيَدِ لَا أَصَابِعَهَا لِأَنَّهُ قَدْ مَسَحَ بِهَا الظَّاهِرَ، وَإِنَّمَا قَالَ يَجْعَلُ يَدَهُ وَلَمْ يُضْمِرْ بِأَنْ يَقُولَ ثُمَّ يَجْعَلَهَا كَمَا هُوَ الصِّنَاعَةُ الْعَرَبِيَّةُ،

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 157
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست