responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي المؤلف : الدسوقي، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 10
الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى جَمِيلٍ اخْتِيَارِيٍّ عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ كَانَ نِعْمَةً أَوْ لَا وَاصْطِلَاحًا فِعْلٌ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ لِكَوْنِهِ مُنْعِمًا وَلَوْ عَلَى غَيْرِ الْحَامِدِ (حَمْدًا) مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ أَيْ أَحْمَدُهُ حَمْدًا لَا بِالْحَمْدِ الْمَذْكُورِ لِفَصْلِهِ عَنْهُ بِالْخَبَرِ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ مِنْ الْحَمْدِ أَيْ غَيْرُ مَعْمُولٍ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الثَّنَاءُ) هَذَا التَّعْرِيفُ لِنَوْعٍ خَاصٍّ مِنْ الْحَمْدِ وَهُوَ الْحَمْدُ الْحَادِثُ إذْ الْحَمْدُ الْقَدِيمُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ بِلِسَانٍ لِاسْتِحَالَتِهِ عَلَيْهِ تَعَالَى، وَلَوْ قَالَ: الثَّنَاءُ بِالْكَلَامِ لَكَانَ شَامِلًا لِأَنْوَاعِ الْحَمْدِ الْأَرْبَعَةِ: حَمْدِ الْحَادِثِ لِلْحَادِثِ وَالْقَدِيمِ وَحَمْدِ الْقَدِيمِ لِلْقَدِيمِ وَلِلْحَادِثِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ صَادِقٌ بِالْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ (قَوْلُهُ: بِاللِّسَانِ) الْمُرَادُ بِهِ آلَةُ النُّطْقِ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ نَطَقَتْ الْيَدُ بِالثَّنَاءِ عَلَى زَيْدٍ لِأَجْلِ جَمِيلٍ اخْتِيَارِيٍّ خَرْقًا لِلْعَادَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى جَمِيلٍ) أَيْ لِأَجْلِ جَمِيلٍ فَعَلَى لِلتَّعْلِيلِ فَهُوَ إشَارَةٌ لِلْمَحْمُودِ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ فِيهِ أَنْ يَكُونَ جَمِيلًا أَيْ فِي الْوَاقِعِ عِنْدَ الْمَحْمُودِ، وَلَوْ بِحَسَبِ اعْتِقَادِ الْحَامِدِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ اخْتِيَارِيًّا وَإِلَّا كَانَ مَدْحًا وَلِذَا يُقَالُ: مَدَحْتُ اللُّؤْلُؤَةَ عَلَى صَفَاءِ لَوْنِهَا وَلَا يُقَالُ: حَمِدْتهَا عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَحْمُودِ بِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ اخْتِيَارِيًّا كَأَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهِ بِصَبَاحَةِ الْوَجْهِ لِأَجْلِ إكْرَامِهِ إيَّاهُ وَلِذَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الْمَحْمُودَ بِهِ وَعَلَيْهِ تَارَةً يَخْتَلِفَانِ ذَاتًا وَاعْتِبَارًا كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَتَارَةً يَتَّحِدَانِ ذَاتًا وَيَخْتَلِفَانِ اعْتِبَارًا كَأَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهِ بِالْكَرَمِ لِأَجْلِ كَرَمِهِ فَالْكَرَمُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُثْنًى بِهِ مَحْمُودٌ بِهِ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ بَاعِثٌ عَلَى الْحَمْدِ مَحْمُودٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَضَمَّنَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْرِيفِ أَرْكَانَ الْحَمْدِ الْخَمْسَةَ وَهِيَ الْحَامِدُ وَالْمَحْمُودُ وَالْمَحْمُودُ بِهِ وَالْمَحْمُودُ عَلَيْهِ وَالصِّيغَةُ فَالثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ هُوَ الصِّيغَةُ، وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ مُثْنِيًّا وَهُوَ الْحَامِدُ وَمُثْنًى عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَحْمُودُ وَمُثْنًى بِهِ وَهُوَ مَدْلُولُ الصِّيغَةِ الْمَحْمُودِ بِهَا
وَقَوْلُهُ: عَلَى جَمِيلٍ اخْتِيَارِيٍّ إشَارَةٌ لِلْمَحْمُودِ عَلَيْهِ لَا يُقَالُ تَقْسِيمُهُمْ الْحَمْدَ لِمُطْلَقٍ وَمُقَيَّدٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَحْمُودَ عَلَيْهِ لَيْسَ رُكْنًا لِتَحَقُّقِ الْحَمْدِ بِدُونِهِ كَمَا فِي الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مُرَادُهُمْ بِالْمُطْلَقِ مَا كَانَ فِي مُقَابَلَةِ ذَاتِ اللَّهِ أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُقَيَّدِ مَا كَانَ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُطْلَقِ مَا كَانَ لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ أَصْلًا فَالْمَحْمُودُ عَلَيْهِ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي تَحَقُّقِ الْحَمْدِ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ ذَاتَ اللَّهِ أَوْ صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ فَالْحَمْدُ مُطْلَقٌ وَإِنْ كَانَ نِعْمَةً فَالْحَمْدُ مُقَيَّدٌ.
إنْ قُلْت: إنَّ الذَّاتَ وَالصِّفَاتِ لَيْسَتْ اخْتِيَارِيَّةً، وَالْمَحْمُودُ عَلَيْهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ اخْتِيَارِيًّا قُلْتُ مُرَادُهُمْ بِالِاخْتِيَارِيِّ مَا كَانَ غَيْرَ اضْطِرَارِيٍّ لَا مَا كَانَ حُصُولُهُ بِالِاخْتِيَارِ فَدَخَلَتْ الذَّاتُ وَالصِّفَاتُ فِي الِاخْتِيَارِيِّ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ
1 -
(قَوْلُهُ: عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ) قِيلَ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ عَلَى جَمِيلٍ اخْتِيَارِيٍّ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الثَّنَاءُ لِأَجْلِ جَمِيلٍ اخْتِيَارِيٍّ فَلَا يَكُونُ إلَّا عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَتَى بِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُوَافَقَةِ الْجِنَانِ لِلِّسَانِ عَلَى الثَّنَاءِ، أَمَّا إذَا أَثْنَى بِلِسَانِهِ، وَقَلْبُهُ مُعْتَقِدٌ خِلَافَهُ فَلَا يَكُونُ حَمْدًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ (قَوْلُهُ: كَانَ) أَيْ الْجَمِيلُ أَيْ الِاخْتِيَارِيُّ نِعْمَةً كَالْعَطَايَا أَوْ لَا كَالْعِبَادَاتِ وَحُسْنِ الْخَطِّ مَثَلًا فَهُوَ تَعْمِيمٌ فِي الْمَحْمُودِ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: فِعْلٌ) أَيْ مِنْ الْحَامِدِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَالِاعْتِقَادِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ مَا قَابَلَ الِانْفِعَالَ فَيَشْمَلُ الْكَيْفَ كَالِاعْتِقَادَاتِ (قَوْلُهُ: يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ) أَيْ يَدُلُّ مَنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ عَلَى تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ الَّذِي هُوَ الْمَحْمُودُ فَدَخَلَ الِاعْتِقَادُ فَلَا يُقَالُ: الْإِنْبَاءُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَلَا يَظْهَرُ فِي الِاعْتِقَادِ إذْ لَا اطِّلَاعَ لِغَيْرِ الْحَامِدِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى غَيْرِ الْحَامِدِ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ إنْعَامُهُ عَلَى غَيْرِ الْحَامِدِ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ لِكَوْنِهِ مُنْعِمًا لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُبَالَغَةِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ لِكَوْنِهِ مُنْعِمًا؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ التَّعْظِيمُ بِالْمُشْتَقِّ وَهُوَ الْمُنْعِمُ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِعِلِّيَّةِ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ (قَوْلُهُ: مَنْصُوبٌ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ

اسم الکتاب : الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي المؤلف : الدسوقي، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 10
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست