responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الذخيرة المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 245
وَمَالك وَالشَّافِعِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولَانِ الْإِمْسَاكُ فِي رَمَضَانَ قَدْ يَكُونُ لِعَدَمِ الْمُفْطِرَاتِ وَالْوُضُوءُ قَدْ يَكُونُ لِلتَّعْلِيمِ فَيَحْتَاجَانِ إِلَى مَا يُمَيِّزُ كَوْنَهُمَا عِبَادَةً عَنْ غَيْرِهِمَا. الْبَحْثُ الْخَامِسُ فِيمَا يَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الْأَعْمَالُ كُلُّهَا إِمَّا مَطْلُوبٌ أَوْ مُبَاحٌ وَالْمُبَاحُ لَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَا مَعْنَى لِلنِّيَّةِ فِيهِ وَالْمَطْلُوبُ نَوَاهٍ وَأَوَامِرٌ. فَالنَّوَاهِي كُلُّهَا يُخْرِجُ الْإِنْسَانَ عَنْ عُهْدَتِهَا وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِهَا فَضْلًا عَنِ الْقَصْدِ إِلَيْهَا مِثَالُهُ زَيْدٌ الْمَجْهُولُ لَنَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْنَا دَمَهُ وَمَالَهُ وَعِرْضَهُ وَقَدْ خَرَجْنَا عَنْ عُهْدَةِ ذَلِكَ النَّهْيِ وَإِنْ لَمْ نَشْعُرْ بِهِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمَجْهُولَاتِ. نَعَمْ إِنْ شَعَرْنَا بِالْمُحَرَّمِ وَنَوَيْنَا تَرْكَهُ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَصَلَ لَنَا مَعَ الْخُرُوجِ عَنِ الْعُهْدَةِ الثَّوَابُ لِأَجْلِ النِّيَّةِ فَهِيَ شَرْطٌ فِي الثَّوَابِ لَا فِي الْخُرُوجِ عَنِ الْعُهْدَةِ. وَالْأَوَامِرُ عَلَى قِسْمَيْنِ الْأَوَّلُ مِنْهَا مَا يَكُونُ صُورَةُ فِعْلِهِ كَافِيَةً فِي تَحْصِيلِ مَصْلَحَتِهِ كَأَدَاءِ الدُّيُونِ وَالْوَدَائِعِ وَالْغُصُوبِ وَنَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ فَإِنَّ الْمَصْلَحَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ انْتِفَاعُ أَرْبَابِهَا وَذَلِكَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَصْدِ الْفَاعِلِ لَهَا فَيُخْرِجُ الْإِنْسَانَ عَنْ عُهْدَتِهَا وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا. وَالْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْأَوَامِرِ مَا تَكُونُ صُورَةُ فِعْلِهِ لَيْسَتْ كَافِيَةً فِي تَحْصِيلِ مَصْلَحَتِهِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ كَالصَّلَوَاتِ وَالطَّهَارَاتِ وَالصِّيَامِ وَالنُّسُكِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا تَعْظِيمُهُ تَعَالَى بِفِعْلِهَا وَالْخُضُوعُ لَهُ فِي إِتْيَانِهَا وَذَلِكَ إِنَّمَا يَحْصُلُ إِذَا قُصِدَتْ مِنْ أَجْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَإِنَّ التَّعْظِيمَ بِالْفِعْلِ بِدُونِ قَصْدِ الْمُعَظَّمِ مُحَالٌ كَمَنْ صَنَعَ ضِيَافَةً لِإِنْسَانٍ انْتَفَعَ بِهَا غَيْرُهُ فَإِنَّا نَجْزِمُ بِأَنَّ الْمُعَظَّمُ الَّذِي قُصِدَ إِكْرَامُهُ هُوَ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي فَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ الَّذِي أَمَرَ فِيهِ الشَّرْعُ بِالنِّيَّاتِ وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ يَتَخَرَّجُ خِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي إِيجَابِ النِّيَّةِ فِي إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَى عِبَادِهِ مُجَانَبَةَ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ حَالَةَ الْمُثُولِ بَيْنَ يَدَيْهِ تَعْظِيمًا لَهُ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْمَأْمُورَاتِ الَّتِي لَا تَكْفِي صُورَتُهَا فِي تَحْصِيلِ مَصْلَحَتِهَا فَتَجِبُ فِيهَا النِّيَّةُ

اسم الکتاب : الذخيرة المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 245
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست