responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر المؤلف : شيخي زاده، عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 27
وَمَا يُوجِبُهُمَا وَمَا يُنْقِضُهُمَا شَرَعَ فِيمَا تَحْصُلُ بِهِ الطَّهَارَةُ
فَقَالَ: (وَتَجُوزُ الطَّهَارَةُ بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ) عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَالْمُطْلَقُ مَا يَتَعَرَّضُ لِلذَّاتِ دُونَ الصِّفَاتِ قَالَ أَهْلُ الْأُصُولِ هُوَ الْمُتَعَرِّضُ لِلذَّاتِ فَحَسْبُ وَالْمُقَيَّدُ هُوَ الْمُتَعَرِّضُ لِلذَّاتِ وَالصِّفَاتِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هَا هُنَا مَا يَسْبِقُ إلَى الْأَفْهَامِ بِمُطْلَقِ قَوْلِنَا: الْمَاءُ وَيُقَالُ: الْمُطْلَقُ مَا لَا يَحْتَاجُ فِي تَعَرُّضِ ذَاتِهِ إلَى شَيْءٍ آخَرَ وَالْمُقَيَّدُ مَا لَا يَتَعَرَّضُ ذَاتُهُ إلَّا بِالْمُقَيَّدِ (كَمَاءِ السَّمَاءِ وَالْعَيْنِ وَالْبِئْرِ وَالْأَوْدِيَةِ وَالْبِحَارِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48] كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الدَّعْوَى إنْ كَانَ أَصْلُ كُلِّ الْمِيَاهِ مِنْ السَّمَاءِ كَمَا نَطَقَ بِهِ قَوْله تَعَالَى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ} [الزمر: 21] الْآيَةَ وَعَلَى بَعْضِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَكِنَّ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الطَّهُورَ أُنْزِلَ مِنْ السَّمَاءِ وَالْمُدَّعَى كَوْنُ مَا أُنْزِلَ مِنْهُ مِنْ الْمَاءِ طَهُورًا فَلَا يَتِمُّ التَّقْرِيبُ وَلَوْ سُلِّمَ فَاللَّازِمُ مِنْ الْآيَةِ كَوْنُ الْمَاءِ طَهُورًا وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ مُطَهِّرًا لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَنَا يُصَرِّحُونَ بِأَنْ لَيْسَ مَعْنَى الطَّهُورِ لُغَةً مَا يُطَهِّرُ غَيْرَهُ بَلْ إنَّمَا هُوَ الْمُبَالَغُ فِي طَهَارَتِهِ أَيْ: طَهَارَتُهُ قَوِيَّةٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يُسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11] تَدَبَّرْ، وَإِنَّمَا جَعَلَ الْمُصَنِّفُ مَاءَ الْعَيْنِ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ قَسِيمًا لِمَاءِ السَّمَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْجَمِيعُ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ مَاءُ السَّمَاءِ كَمَا بَيَّنَ آنِفًا بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (غَيْرَ) شَيْءٍ (طَاهِرٍ بَعْضُ أَوْصَافِهِ) (كَالتُّرَابِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالصَّابُونِ) هَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَاءُ رَقِيقًا بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ أَمَّا إذَا كَانَ ثَخِينًا بِأَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ الْمُخْتَلَطُ فَلَا تَجُوزُ، وَقَيْدُ الْمُصَنِّفُ بِبَعْضِ أَوْصَافِهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُتَغَيِّرَ لَوْ كَانَ كُلَّهَا يَعْنِي اللَّوْنَ وَالطَّعْمَ وَالرَّائِحَةَ لَا تَجُوزُ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ تَجُوزُ أَلَا يَرَى إلَى مَا قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْأَسَاتِذَةِ: وَأَمَّا مَاءُ الْحَوْضِ إذَا تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ وَرَائِحَتُهُ إمَّا بِمُرُورِ الزَّمَانِ أَوْ بِوُقُوعِ الْأَوْرَاقِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ، وَفِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لَكِنْ يُمْكِنُ التَّوَجُّهُ بِأَنَّ مَا نَقَلَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الضَّرُورَةِ فَلَا يُنَافِي الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِمَاءِ الزَّعْفَرَانِ وَأَشْبَاهِهِ مِمَّا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ مُقَيَّدٌ أَلَا يَرَى أَنَّهُ يُقَالُ لَهُ: مَاءُ الزَّعْفَرَانِ بِخِلَافِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يَخْلُو عَنْهَا عَادَةً وَلَنَا أَنَّ الِاسْمَ بَاقٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ اسْمٌ عَلَى حِدَةٍ، وَإِضَافَتُهُ إلَى الزَّعْفَرَانِ وَأَشْبَاهِهِ كَإِضَافَتِهِ إلَى الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ أَنَّهَا لِلتَّعْرِيفِ لَا لِلتَّقْيِيدِ، وَعَلَامَةُ إضَافَةِ التَّقْيِيدِ قُصُورُ الْمَاهِيَّةِ فِي الْمُضَافِ كَانَ قُصُورُهَا قَيْدَهُ كَيْ لَا يَدْخُلَ الْمُطْلَقُ مِثَالُهُ حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَصَلَّى الظُّهْرَ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ مُطْلَقَةٌ وَإِضَافَتُهَا إلَى الظُّهْرِ لِلتَّعْرِيفِ وَلَا يَحْنَثُ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ مُطْلَقَةٍ

اسم الکتاب : مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر المؤلف : شيخي زاده، عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 27
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست