responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنفي المؤلف : الحلبي، نجاح    الجزء : 1  صفحة : 77
ما تتوقف عليه صحة الصلاة قسمان: شروط وأركان.
والشروط هي ما تتوقف عليها صحة الصلاة وغير داخلة في ماهيتها، أما الأركان فهي ما تتوقف عليها صحة الصلاة أيضاً ولكنها داخلة في ماهيتها.
وشروط الصلاة هي:
أولاً: الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر: وذلك بالوضوء والغسل أو التيمم، لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ... وإن كنتم جنباً فاطهروا} [1] ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول) [2] .

[1] المائدة: [6].
[2] مسلم: ج [1] / كتاب الطهارة باب [2]/[1].
ثانياً: طهارة الثوب والجسد والمكان من كل نجاسة غير معفوّ عنها. قال تعالى: {وثيابك فطهّر} [1] ، وعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الثوب يصيبه الدم من الحيضة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حُتِّيهِ، ثم اقرصيه بالماء ثم رشيه وصلي فيه ... ) [2] . والبدن أولى بالتطهير من الثوب، ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إني لا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما ذلك عِرْق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قَدْرها فاغسلي عنك الدم وصلي) [3] ، ولحديث المعذبين في القبر.
وأما طهارة المكان الذي يصلي فيه، فلحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (دعوه وهَرِيقوا على بوله سَجْلاً [4] من ماء، أو ذَنوباً [5] من ماء، فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين) [6] ، وطهارة المكان أولى من طهارة الثوب.
ويشترط في طهارة المكان طهارة موضع السجود وخاصة الجبهة ثم القدمين والركبتين واليدين والأنف.
فروع:
-1 - لا يضر وقوع ثياب المصلي على أرضة نجسة جافة أثناء الصلاة ما دام يسجد على طاهر.
-2 - إذا كانت الأرض نجسة فوضع عليها ثوباً ثخيناً لا يشف النجاسة جاز.
-3 - تصح الصلاة على سجادة أحد أطرافها نجس إن لم يصلِّ المصلي على الطرف النجس.
-4 - تصح الصلاة على سجادة ذات بطانة وجهها طاهر والوجه الآخر نجس إن كانت غير مضربة؛ بحيث يمكن فصل كل وجه على حدة.
-5 - يعتبر حامل النجاسة كلابسها، وكذا حمل الطفل أو جلوسه في حضن المصلي إذا كان معه نجاسة، يبطل الصلاة إذا كان الطفل لا يستمسك وحده.
-6 - يصلي فاقِد ما يزيل به النجاسة بالثوب النجس ولا يعيد لأن التكليف قدر الوسع.
-7 - لا عذر بالجهل ولا بالنسيان، فلو صلى بثوب نجس ناسياً أو جاهلاً وجبت عليه الإعادة إن علم في الوقت أو بعده.

[1] المدثر: [4].
[2] الترمذي: ج [1] / أبواب الطهارة باب 104/138.
[3] البخاري: ج [1] / كتاب الحيض باب 8/300.
[4] السَجْل: الدلو العظيمة فيها ماء قل أو كثر.
[5] الذَنوب: الدلو.
[6] البخاري: ج [1] / كتاب الوضوء باب 57/217.
ثالثاً: ستر العورة:
العورة لغة: مأخوذة من العَوَر، وهو النقص والعيب، وسميت بذلك لقبح ظهورها. وتعرف شرعاً بأنها ما يُطلب سَتْره.
وستر العورة من الواجبات الدينية في الصلاة وخارجها، لحديث بهز بن حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: (احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك. قال: قلت يا رسول الله إذا كان القوم بعضهم مع بعض؟ قال: إن استطعت أن لا تِريها أحداً فلا ترينّها. قلت: يا رسول الله فإن كان أحدنا خالياً؟ قال: فالله أحق أن يستحيي منه من الناس) [1] .
وحد العورة:
أ - للرجل: هي ما بين السرة والركبة، لحديث أبي أيوب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما فوق الركبتين من العورة، وما أسفل من السرة من العورة) [2] .
وليست السرة على أرجح القولين من العورة، أما الركبة فمن العورة لما روي عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الركبة من العورة) [3] . وقيل: وإن كان في الحديث ضعف ولكن الأحوط هو الستر.
ب - المرأة: عورة المرأة جميع بدنها عدا الوجه والكفين، بدليل حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان) [4] ، وحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) [5] .
واختلف في ظاهر الكفين: قيل هو عورة، وقيل إنه ليس بعورة في الصلاة، وقيل إنه ليس بعورة مطلقاً وذلك لعموم البلوى.
أما ظاهر القدمين وباطنهما فليسا من العورة على المعتمد، وقيل هما عورة خارج الصلاة. وتمنع الشابة من كشف وجهها في غير الصلاة خوف الفتنة، أما في الصلاة فترفع الغطاء عن وجهها عند السجود.
ولا عورة للصغير دون أربع سنوات، ثم تكون عورته مخففة إلى عشر سنوات.
وعورة الأمة كعورة الرجل مع ظهرها وبطنها.
ويمنع من صحة الصلاة كشفُ ربعِ أيّ عضو من أعضاء الجسم قدر أداء ركن ولو بدون قصد. وإذا تعدد أماكن الكشف يجمع ما تكشف، فتبطل الصلاة إن كان مجموع ما انكشف ربع أصغر عضو انكشف.
ويشترط في الساتر للعورة أن يكون سميكاً مانعاً من وصف لون البشرة دون حجمها، فلو صلى بثوب ضيق يظهر شكل العورة صحت صلاته مع الكراهة.
كما يشترط أن لا تظهر العورة من الجوانب، أما إذا كانت عورته ترى من الأسفل أو من الجيب فلا يضر.
ويستحب أن يصلي الرجل في ثلاثة أثواب من أحسن ثيابه: قميص وإزار وعمامة، ويجب أن يشمل الساتر عامة جسده، روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: قال عمر رضي الله عنه: (إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما، فإن لم يكن إلا ثوب واحد فليَّتزر به ولا يشتمل اشتمال اليهود) [6] .
ويكره تحريماً أن يصلي الرجل في ثوب واحد كاشفاً كتفيه، كما يكره أن يصلي في ثوب حرير أو ثوب مغصوب إلا عند الضرورة.
أما المرأة فتصلي في ثلاثة أثواب، لما روي عن عمر رضي الله عنه قال: "تصلي المرأة في ثلاثة أثواب، درع وخمار وإزار" [7] .
ومن عُدِم ثوباً طاهراً يصلي في الثوب النجس إذا كان ربعه فأكثر طاهراً، أما إذا كان أقل من الربع طاهراً أو كان الثوب كله نجساً يخير بين أب يصلي فيه أو يصلي عرياناً، والأفضل أن يصلي بالثوب النجس.
ومن عدم ما يستر به عورته يصلي ولا يعيد، ويصلي العاري قاعداً مومياً بالركوع والسجود، ماداً رجليه نحو القبلة مبالغة في الستر.

[1] ابن ماجة: ج [1] / كتاب النكاح باب 28/1920.
[2] الدارقطني: ج [1] / ص 231.
[3] الدارقطني: ج [1] / ص 231.
[4] الترمذي: ج [3] / كتاب الرضاع باب 18/1173، واستشرف الشيء: أَبْصَره.
[5] ابن ماجة: ج [1] / كتاب الطهارة باب 132/655.
[6] أبو داود: ج [1] / كتاب الصلاة باب 82/635.
[7] البيهقي: ج [2] / ص 235.
رابعاً: استقبال القبلة:
القِبلة لغةً: مطلق الجهة، تقول العرب: من أين قبلتك: أي جهتك.
شرعاً: جهة يصلي نحوها مَنْ في الأرض السابعة إلى السماء السابعة، مما يحاذي الكعبة [1] أو جهتها.
كانت القبلة في أول الإسلام - إلى بيت المقدس، وقبل الهجرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس (أي يقف ما بين الركنين اليمانين) ثم حوله الله تعالى إلى الكعبة بعد الهجرة بستة عشر شهراً وأيام، في يوم الاثنين لنصف رجب من السنة الثانية في صلاة الظهر عند بداية الركعة الثالثة.
وثبت وجوب استقبال القبلة في قوله تعالى: {فولّ وجهك شطر المسجد الحرام} [2] . وفي حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (بينما الناس في صلاة الصبح بقباء إذ جاءهم آت فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُنزل عليه الليلة، وقد أمر أن يستقبل القبلة، فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة) [3] ، وعن البراء رضي الله عنه قال: (صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس سِتة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً. ثم صُرِفْنا نحو الكعبة) [4] .
ويشترط استقبال بقعة الكعبة لأبنائها، حتى لو رفعت عن مكانها فالبلة باتجاه أرضها. ومن كان مشاهداً بمكة وجب استقبال عين الكعبة في الصلاة، إلا أن يحجبه عنها أبنية فتكفي الجهة.
أما من كان بعيداً فيجب عليه استقبال جهة الكعبة، وذلك بأن يكون مسامتاً أي محاذياً للكعبة أو لهوائها تحقيقاً أو تقريباً.
ومعنى التحقيق: أنه لو فرض خط من تلقاء وجه المصلي على زاوية قائمة مع الأفق يكون ماراً على الكعبة أو هوائها.
ومعنى التقريب: أن يكون منحرفاً عنها انحرافاً لا تزول به المقابلة بالكلية.

[1] وتسمى أيضاً محراباً، لأن من يقابلها يحارب النفس والشيطان.
[2] البقرة: 144.
[3] مسلم: ج [1] / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب [2]/13.
[4] مسلم: ج [1] / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب [2]/12.
معرفة القبلة: تعرف القبلة في الأمصار بالمحاريب التي نصبها الصحابة والتابعون، فإن لم توجد فبسؤال أهل المصر، وفي البحار والمَفَاوز [1] تعرف القبلة بالنجوم، لما روي عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تعلموا من النجوم ما تهتدون به إلى القبلة) .
ويجب التحري [2] عند عدم العلم، ويصلي بما أدى إليه تحريه، فإن علم خطأ تحريه بعد الصلاة فلا يعيد، لما روي عن عامر بن ربيعة عن أبيه قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفره، في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة، فصلى كل رجل منا على حياله، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت: فأينما تولوا فثم وجه الله) [3] . وإن تبين خطأه أو تبدل اجتهاده أثناء الصلاة استدار وبنى على ما أداه بالتحري. وإذا صلى إلى غير جهة تحريه لا تصح صلاته ولو أصاب. وإن صلى بدون اجتهاد لم تصح صلاته وإذا علم بالخطأ في الصلاة أو بعدها كما لو لم يعلم إصابته أصلاً أو علم في الصلاة أنه أصاب. أما إذا علم إصابته بعد الصلاة فتصح.
أما المريض والعاجز عن استقبال القبلة فتكون قبلته جهة قدرته، ولو وجد من يوجهه إلى القبلة؛ لأن القادر بقدرة غيره ليس قادراً. وقبلة الخائف جهة أمنه سواء كانت الصلاة فريضة أو نافلة.
ومن اضطر إلى الصلاة وهو راكب طائرة أو سيارة فيقال فيها: إذا كان الإنسان في الطائرة وأدركه وقت الصلاة، فإن استطاع أن يصلي قائماً يركع ويسجد فعل، وإلا قعد وصلى بالإيماء مستقبلاً متحرياً جهة القبلة. وأما السيارة، فإن كانت له أوقفها ونزل وصلى، وإن كانت لغيره ولم يرض سائقها أن يقف له ليصلي؛ فإنه يصلي فيها بالإيماء مستقبلاً حسب الإمكان. والأحوط الإعادة فيهما [4] .
أما الصلاة في السفينة فيشترط فيها استقبال القبلة، وتجوز قاعداً إذا كان الغالب فيها دوران الرأس وكانت السفينة سائرة.
هذا كله بالنسبة لصلاة الفرائض والوتر. وأما على الدابة فلا تجوز صلاة الفرض والواجب إلا لعذر، أما النوافل فالأصح جوازها على الدابة خارج المِصْر، وقال الإمام أبو يوسف بجوازها في المصر، فيصلي الراكب مومياً إلى أي جهة، ويفتتح الصلاة حيث توجهت به دابته. ولا يشترط عجزه عن إيقافها للتحريمة، وذلك لما روي عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُسبِّح على ظهر راحلته حيث كان وجهه، يومئ برأسه، وكان ابن عمر يفعله) [5] .
ويجوز الإيماء بالصلاة على الدابة ولو كانت السنن مؤكدة حتى سنة الفجر، وقيل: إن الإمام أبا حنيفة كان ينزل عن الدابة لسنة الفجر لأنها آكد من غيرها.

[1] المَفَازة: البَرِّية القَفْر، والجمع المَفَاوز.
[2] التحري: هو بذل المجهود لنيل المقصود.
[3] الترمذي: ج [1] / كتاب تفسير القرآن باب [3]/2957.
[4] أو يقلد بجمع الصلاتين بشروط الجمع، وجمع التأخير أوْلى.
[5] البخاري: ج [1] / كتاب تقصير الصلاة باب 12/1054.
الصلاة في الكعبة:
تصح الصلاة داخل الكعبة فرضاً أو نفلاً إلى أي جزء منها، لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أنه إذا دخل الكعبة.. يتوخى المكان الذي أخبره بلال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فيه، وليس على أحد أن يصلي في أي نواحي البيت شاء) [1] .
كما تصح الفريضة داخل الحِجْر [2] بشرط استقبال الكعبة لا جدار الحِجْر.
وإذا أقيمت الصلاة جماعة داخل الكعبة فيصح للمؤتم أن يقف إلى أي جهة، إلا أنه يكره وقوفه إذا قابل وجهُه وجهَ إمامه، وإذا جعل ظهره إلى وجه إمامه لم يصح اقتداؤه لتقدمه على إمامه. ويصح أن يكون الإمام داخل الكعبة والمصلون خارجها إذا كان الباب مفتوحاً، ويصح اقتداء جميعهم، أي حولها، إلا من كان أقرب إلى الكعبة في جهة إمامه.

[1] البخاري: ج [1] / كتاب الحج باب 51/1522. ومعنى ليس على أحد أن يصلي: أي ليس على أحد حرج أن يصلي.
[2] الحِجْر: اسم الحائط المستدير إلى جانب الكعبة الشمالي.
خامساً: دخول الوقت:
يعتبر دخول الوقت سبباً لوجوب الصلاة، وشرطاً لأدائها، قال تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً} [1] ، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (.. فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل) [2] . فيجب أن يدخل الوقت جزماً في علم المصلي حتى تصح الصلاة، ولو صلّى دون علم جازم بدخول الصلاة لم تصح صلاته ولو صادف دخول الوقت.

[1] النساء: 103.
[2] البخاري: ج [1] / كتاب التيمم حديث 328.
سادساً: النية:
وهي لغة: العزم، شرعاً: فصد الطاعة والتقرب إلى الله في إيجاد الفعل.
وبالنية تتميز العبادة عن العادة، ويتحقق الإخلاص، والمعتبر في النية عمل القلب ويستحب أن يوافقه اللسان، والمهم أن يعلم بقلبه أي صلاة يصلي. قال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} [1] ، وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) [2] .
ويشترط فيها:
-1 - اتصال النية بالصلاة بدون فاصل بينها وبين التحريمة بعمل لا يليق بالصلاة، ولا يعتبر المشي إلى الصلاة والوضوء فاصلاً.
-2 - تعيين الفرض واسمه كالظهر مثلاً، ولو نوى الفرض وشرع فيه ثم نسي كونه يصلي فرضاً أو سنة أتمه نفلاً وجاز (أي سقط عنه الفرض) . ولو جمع بين نية الفرض والنفل صح للفرض. كما يشترط تعيين الواجب. أما في النفل المطلق فلا يشترط التعيين بل تكفي نية فعل الصلاة مطلقاً، وكذا في السنن الرواتب والتراويح على المعتمد؛ إذ أن وقوعها في وقتها يغني عن التعيين ولكن الأحوط تعيينها.
-3 - يجب تعيين الصلاة ويومها [3] في قضاء الفوائت على المعتمد، والأسهل أن ينوي أول ظُهر عليه مثلاً، أو آخر ظهر فاته. وقيل لا يشترط ذلك بل تكفيه نية الظهر لا غير، ولكن الاشتراط أحوط وبه جزم البعض.
-4 - يشترط للمقتدي أن ينوي المتابعة، بينما لا يشترط للإمام لصحة الاقتداء به أن ينوي الإمامة بل ينوي لينال الثواب عند اقتداء أحد به.

[1] البينة: 5.
[2] البخاري: ج [1] / كتاب بدء الوحي باب [1]/[1].
[3] هذا عند وجود المزاحم، أما عند عدمه فلا. كما لو كان في ذمته ظهراً واحداً فائت فإنه يكفيه أن ينوي ما في ذمته من الظهر الفائت وإن لم يعلم أنه من أيّ يوم.
سابعاً: التحريمة [1] :
وهي أن يقول الداخل في الصلاة: "الله أكبر"، لما روي عن عائشة رضي الله عنها (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين) [2] .
وأجمع العلماء على أن الدخول في الصلاة لا يكون إلا بالتحريمة؛ ويقصد بها الذكر الخالص لله تعالى، الذي يحرم به المصلي على نفسه الاشتغال بما سوى الله.
أما الأدلة على أن التحريمة شرط:
قوله تعالى: {وذكر اسم ربه فصلى} [3] ، وقيل: المراد هنا للتحريمة وقد عطفت عليها الصلاة، ومقتضى العطف المغايرة.
وحديث علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مفتاح الصلاة الطَّهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم) [4] .
ويترتب على كون التحريمة شرط أنه لو أحرم ثم توجه نحو القبلة جاز، أو إن أحرم وهو يحمل نجاسة فتذكرها وألقاها بعد التحريم جازت صلاته.

[1] تعتبر تكبيرة الإحرام في المذاهب الأخرى ركن من أركان الصلاة داخلة فيها.
[2] البيهقي: ج 2 / ص 15.
[3] الأعلى: 15.
[4] أبو داود: ج [1] / كتاب الطهارة باب 31/61.
شروط التحريمة:
-1 - مقارنة التكبير للنية حقيقية أو حكماً. والمقارنة الحقيقية: أن ينوي مقارناً للشروع بالتكبير، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للمسيء في صلاته: (إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن) [1] . أما المقارنة حكماً: فهي أن يقدم النية على الشروع، فلو نوى مثلاً عند الوضوء أنه يريد صلاة الظهر، ولم يشتغل بعد النية بعمل يدل على الإعراض كأكل أو شرب، ثم انتهى إلى محل الصلاة ولم تحضره النية جازت صلاته بالنية السابقة. وكذا يجوز تقديمها على الوقت كسائر الشروط ما لم يوجد ما يقطعها.
-2 - أن يأتي بها قائماً أو أقرب إلى القيام، فلو أتى بها راكعاً لم يصح الشروع.
-3 - النطق بها بصوت أقل ما فيه أن يسمع نفسه. والسماع شرط فيما يتعلق بالنطق باللسان وهي: التحريمة، القراءة السرية، التشهد، الأذكار، الطلاق، الاستثناء، اليمين، النذر. فلو أجرى هذه الأمور على القلب من غير تلفظ يسمع لم تثبت.
-4 - نية المتابعة مع نية أصل الصلاة للمقتدي.
-5 - كونها باللفظ العربي للقادر عليها.
-6 - أن لا يمد همزة فيها أو باء أكبر، وأن يأتي بالألف المحذوفة في اللام الثانية للفظ الجلالة.
-7 - أن تكون التحريمة جملة تامة من مبتدأ وخبر.
-8 - أن تكون بذكر خالص فيه تعظيم لله تعالى.
-9 - أن لا يقرن التكبير بما يفسده، أي أن لا يتكلم بألفاظ تشبه كلام الناس.

[1] البخاري: ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 39/760.
اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنفي المؤلف : الحلبي، نجاح    الجزء : 1  صفحة : 77
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست