اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنفي المؤلف : الحلبي، نجاح الجزء : 1 صفحة : 36
وهي أربع لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} [1] .
أولاً: غسل الوجه: الغسل هو إسالة الماء على الوجه حتى يتقاطر، والوجه هو ما تقع به المواجهة. وحدّه طولاً من مبدأ سطح الجبهة إلى أسفل الذقن، وعرضاً ما بين شحمتي الأذنين. وهو يشمل الحاجبين والشاربين شعراً وبشراً. أما اللحية فإن كانت خفيفة فيجب إيصال الماء إلى البشرة، وإن كانت كثيفة فيكفي غسل ظاهر الشعر، ولا يجب غسل ما زاد على دائرة الوجه مما استرسل من اللحية.
ثانياً: غسل اليدين مع المرفقين: وتشمل اليد: الكف والساعد والمرفق. وقد اتفق الفقهاء على أن المرفق داخل بالغسل وخالف الإمام زُفَر، ودليل الجمهور حديث نعيم بن عبد الله المجمر قال: (رأيت أبا هريرة يتوضأ، فغسل وجهه فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ) [2] .
ومن قطعت يده من المرفق فلا يغسل سوى محل القطع.
ثالثاً: مسح الرأس: والمسح إمرار اليد المبتلَّة على العضو. والمقدار المطلوب مسحه مُخْتَلَفٌ فيه على أقوال:
أ - مقدار ثلاث أصابع من أصابع اليد، ودليل أصحاب هذا القول أن الباء في قوله تعالى {برؤوسكم} للإلصاق. وهي إن اتصلت بالمسموح دلّ على استيعاب الآلة يعني اليد، والمراد أكثرها وهو يتحقق بثلاث أصابع.
ب - وقال بعضهم المقصود ربع الرأس سواء أكان من مقدم الرأس أو من الناصية على أن يكون فوق الأذنين، فلو مسح على أسفل الذوائب لا يصح، وذلك لأنه الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأن استيعاب اليد يقتضي مسح ربع الرأس؛ ففي حديث أنس رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وعليه عمامة قِطرية، فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مُقدَّم رأسه ولم ينقض العمامة) [3] .
جـ - وذكر الكرخي والطحاوي أن المقصود هو مقدار ناصية الرأس، لحديث المغيرة ابن شعبة رضي الله عنه قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح بناصيته وعلى العمامة وعلى الخفين) [4] .
رابعاً: غسل الرجلين مع الكعبين: والكعبان هما العظمان المرتفعان في جانبي القدم، وهما داخلان بالغسل مع القدمين للحديث المتقدم: (.. ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم بعدما غسل رجليه - فيما رواه بريدة عنه رضي الله عنه - (هذا الوضوء الذي لا يقبل الله الصلاة إلا به) [5] ، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أسبغوا الوضوء فإن أبا القاسم قال: ويل للأعقاب من النار) [6] . ويجب غسل شقوق الأرجل إن قدر، ولا يضر أن يمسح عليها إ لم يقدر أو كان عليها دواء، فإن لم يستطع الغسل ولا المسح ولا إمرار الماء على الدواء الذي وضعه عليها، يتوضأ ويدع ما يضره من شقوق في رجليه. [1] المائدة: 6. [2] مسلم: ج 1 / كتاب الطهارة باب 12/34. [3] أبو داود: ج 1 / كتاب الطهارة باب 57/147. [4] مسلم: ج 1 / كتاب الطهارة باب 23/83. [5] مجمع الزوائد: ج 1 / ص 231. [6] البخاري: ج 1 / كتاب الوضوء باب 28/163.
اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنفي المؤلف : الحلبي، نجاح الجزء : 1 صفحة : 36