responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنفي المؤلف : الحلبي، نجاح    الجزء : 1  صفحة : 198
هل يجب على العاجز أن يوصي أن يحج عنه:
-1 - إذا قدر على الحج فوجب عليه ولم يحج ثم عجز، يجب عليه أن ينيب من يحج عنه اتفاقاً.
-2 - إذا لم يقدر على نفقة الحج حتى عجز فأدركته فريضة الحج عاجزاً، اختلف فيه على قولين:
أ - قال الإمام: لا يجب عليه أن ينيب، لأن صحة البدن شرط لوجوب الحج.
ب - قال الصاحبان: يجب عليه أن ينيب، لأن صحة البدن عندهما شرط لوجوب الأداء. وتصح النيابة في النفل مطلقاً.
تعقيب:
هل يصح أن يهب الإنسان ثواب عمله؟
يصح مطلقاً أن يعمل الإنسان ويتعبد ويهب الثواب لغيره، فيكون الثواب له ولغيره، سواء نوى العمل أو نواه لنفسه ثم وهبه. وخالف المعتزلة مستدلين بقوله تعالى: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} [1] . وأجيب بأن هذا النص خاص فيما إذا لم يهبه، فإذا تبرع صاحب العمل فوهبه يصل ثوابه سواء كان الموهوب له حياً أو ميتاً. والأدلة على ذلك كثيرة وبلغت مبلغ التواتر: فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين واحد لنفسه وواحد عن أمته.
وروي عن مالك بن ربيعة الساعدي قال: بينا نحن عند رسول الله إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: (نعم، الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما) [2] .
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا تصدق بصدقة تطوعاً فليجعلها عن أبويه، فيكون لهما أجرها ولا ينتقص من أجره شيئاً) [3] .
وروي عن معقل بن يسار قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اقرؤوا يس على موتاكم) [4] .

[1] النجم: 39.
[2] أبو داود: ج 5 / كتاب الأدب باب 129/5142.
[3] مجمع الزوائد: ج 3 / ص 138، رواه الطبراني في الأوسط وفيه خارجة بن مصعب الضبي ضعيف.
[4] أبو داود: ج 3 / كتاب الجنائز باب 24/3121.
شروط قبول الحج عن الغير:
-1 - أن يكون الحج عن ميت، أو عاجزاً عجزاً مستمراً إلى الموت؛ فلو قدر على الحج بعد أن يحج عنه غيره لزمته الإعادة، إلا أن يكون زَمِناً أو أعمى فلا تلزمه الإعادة بالبرء بل يسقط عنه الفرض مطلقاً.
-2 - أن يُدخِل المستناب نية الحج عن الغير في نيته فيقول: أحرمت عن فلان بحجة لبيك اللهم بحجة عن فلان لبيك. ويقول بعد صلاة ركعتي الإحرام: اللهم إني أريد الحج عن فلان فيسره لي وتقبله مني ومن فلان. وتكفي نية القلب.
-3 - أن يأمر المحجوج عنه بذلك: فلا يقع فرض الحج لو حج إنسان عن غيره بدون إذنه، إلا الوارث فيحج عن مورثه.
-4 - أن يكون المأمور أهلاً للحج ولو امرأة أو عبداً. ولا يشترط له أن يكون حج عن نفسه حجة الفرض [1] .
وإن أوصى رجل بحجة مطلقاً، فيجل على الورثة إخراج نفقة الحج من منزله لأنه المتعارف، إلا أن تكون النفقة قليلة لا تكفي فمن حيث تبلغ.
وإذا أحصر المأمور كان دم الإحصار على الآمر، أما دم التمتع والقران والجنايات فهي على المأمور إن أذِن له الآمر بالتمتع أو القران.
وإذا أفسد المأمور حجه لزمه الضمان.

[1] وهذا ما يسمى حج الضَّرُورة بأن يحج المكلف عن غيره قبل أن يحج عن نفسه حجة الإسلام. وقيل إن حج الضرورة إذا كان بعد تحقق الوجوب عليه بملك الزاد والراحلة والصحة فهو مكروه كراهة تحريم خشية أن لا يدرك الفرض إلا أنه يصح.
هل يسقط الفرض بالنيابة:
قسم العلماء العبادات من هذه الناحية إلى أنواع:
-1 - العبادات المالية المحضة، كالزكاة وصدقة الفطر والعشر والنفقات: قالوا تصح فيها النيابة مطلقاً، لأن المقصود منها إيصال المال إلى الفقراء؛ وهو حاصل بفعل الإنابة وينوي المستنيب عند الدفع إلى النائب.
-2 - العبادات البدنية المحضة: لا تصح فيها النيابة مطلقاً لأن المقصود منها الابتلاء والمشقة وإتعاب النفس بأفعال مخصوصة؛ وهذه لا تتحقق بفعل النائب كالصلاة والصوم.
-3 - العبادات المالية والبدنية معاً كالحج والقياس أن لا تجزئ فيها النيابة، لكنه تعالى رخص في إسقاط فرض الحج عن المكلف بالنيابة عند العجز المستمر إلى الموت أو بعد الموت بأن أوصى أو تبرع عنه وارثه رحمة منه وفضلاً، بأن يتكلف المكلف المال ويقوم بالحج نائبه؛ فتقع الحجة فرضاً للمنيب ونفلاً للمأمور.
والدليل على ذلك ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة من جهينة، جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: (نعم. حجي عنها. أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء) [1] .
وروى ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً قال: جاءت امرأة من خثعم عام حجة الوداع، قالت: (يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج، أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يستوي على الراحلة، فهل يقضي عنه أن أحج عنه؟ قال: نعم) [2] .

[1] البخاري: ج 2 / كتاب الإحصار باب 33/1754.
[2] البخاري: ج 2 / كتاب الإحصار باب 34/1755.
اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنفي المؤلف : الحلبي، نجاح    الجزء : 1  صفحة : 198
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست