responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنفي المؤلف : الحلبي، نجاح    الجزء : 1  صفحة : 110
متى تُدرك الركعة مع الإمام:
-1 - من أدرك إمامه في جزء من القيام أو في الركوع معه يُعتبر مدركاً هذه الركعة، ولا يشترط له تكبيرة ثانية بل تكفي تكبيرة الإحرام بشرط أن يأتي بها قائماً.
ولو أدرك الإمام في السجود فاتته الركعة، وإذا ركع وحده ثم تابع الإمام في السجود، فعليه أن يأتي بالركعة في آخر صلاته. لما روي عن أي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جئتم ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوا شيئاً، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة) [1] ، وعن عبد العزيز بن رفيع عن رجل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جئتم والإمام راكع فاركعوا، وإن كان ساجداً فاسجدوا ولا تعتدوا بالسجود إذا لم يكن معه الركوع) [2] . أما لو أتى بركعة وحده، ثم تابع الإمام في الثانية بطلت صلاته لزيادة ركعة.
-2 - إن ركع المقتدي قبل الإمام:
أ - إن كان ركوعه بعد قراءة الإمام ما تصح به الصلاة وهو آية وبقي راكعاً حتى أدركه إمامه في ركوعه صح ركوعه لوجود المشاركة وكره لوجود المسابقة.
ب - إن لم يدركه الإمام في الركوع، أو ركع المقتدي قبل قراءة الإمام آية واحدة (القراءة الواجبة) ، لا يصح ركوعه لكونه قبل أوانه، فيلزمه أن يعيده مع الإمام وإلا بطلت صلاته. وكذا لو سبق المقتدي إمامه في السجود.
-3 - إن أطال الإمام السجود فرفع المقتدي رأسه ثم سجد:
أ - إن نوى متابعة الإمام وقعت عن السجدة الأولى.
ب - وإن نوى الثانية فقط دون المتابعة، صحت إن أدركه الإمام فيها.

[1] البيهقي: ج [2] / ص 89.
[2] البيهقي: ج [2] / ص 89.
تعريف الجماعة:
لغة: الفِرْقة.
شرعاً: ربط صلاة المأموم بصلاة الإمام.
وتتحقق الجماعة بواحد مع الإمام. سواءً كان رجلاً، أو امرأة، أو صبياً، حراً أو عبداً. في المسجد أو غيره. أما جماعة الجمعة فتتحقق باثنين أو ثلاثة مع الإمام.
حكم صلاة الجماعة:
-1 - هي سنة عينية مؤكدة في قوة الواجب على الرجال الأحرار غير المعذورين في أداء المكتوبة على أصح الأقوال. وقال بعض المشايخ الحنفية إنها واجبة مطلقاً، وقال الكرخي والطحاوي إنها فرض كفاية. وذلك لقوله تعالى: {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة، فلتقم طائفة منهم معك} [1] ، ولما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ناساً في بعض الصلوات فقال: (لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس، ثم أخالف إلى رجال يتخلفون عنها فآمر بهم فليحرقوا عليهم الحطب في بيوتهم. ولو علم أحدهم أنه يجد عظماً سميناً لشهدها) [2] .
-2 - هي سنة كفاية لصلاة التراويح.
-3 - مستحبة في وتر رمضان وصلاة الكسوف.
-4 - مكروهة في غير وتر رمضان، وفي سائر صلوات التطوع [3] ، وفي صلاة الخسوف، ولجماعة النساء بواحدة منهن.
-5 - هي شرط من شروط صحة الصلاة في الجمعة والعيدين.
حكم ترك صلاة الجماعة في أداء المكتوبة:
أ - بالنسبة للفرد: إن تركها بغير عذر واعتاد تركها يأثم.
ب - بالنسبة للجماعة: إن تركها أهل بلد بلا عذر، أمروا بها، فإن أصروا على تركها قوتلوا عليها، لأنها من شعائر الإسلام من خصائص هذا الدين.

[1] النساء: 102.
[2] مسلم: ج [1] / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 42/251.
[3] إذا كانت على سبيل التداعي بأن اقتدى بالإمام أكثر من ثلاثة.
ترتيب الصفوف:
يسن ترتيب الصفوف في صلاة الجماعة كما يلي:
-1 - إن كان مع الإمام رجل واحد، وقف عن يمينه مساوياً له متأخراً عنه بعقبه، لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (فأخذ برأسي أو بذؤابتي فأقامني عن يمينه) [1] .
-2 - إن كان مع الإمام مقتديات اثنان أو أكثر، صفّوا خلف الإمام، لما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن جدته مُلَيكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته، فأكل منه، ثم قال: (قوموا فلأصلّ لكم. قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسودّ من طول ما لُبس فنضحته بماء، فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا. فصلى لنا ركعتين ثم انصرف صلى الله عليه وسلم) [2] .
-3 - إذا كثروا، صفّوا صفوفاً وراء الإمام. ويكره قيام الإمام وسطهم تحريماً. ويصفّ الرجال أولاً ثم الصبيان ثم النساء، لحديث أبي مسعود رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: (استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، لِيَلِني منكم أولو الأحلام والنُّهى، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) [3] .
ويسن أن يتراصوا في الصفوف، ويسدوا الخلل، ويسوّوا مناكبهم وصدورهم، فعن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أقيموا صفوفكم فإني أراكم من وراء ظهري) . وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه [4] . ولو وجد فرجة في الصف الأول سدّها، وإن وجد الصفّ منتظماً ينتظر مجيء آخر فيصلي معه، وإن خاف فوت الركعة جذب رجلاً من الصف الذي قبله وصلى معه على أن يكون عالماً بالحكم وإلا قام في الصف التالي وحده. روي عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتموا الصف المقدم، ثم الذي يليه، فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر) [5] .
وأفضل الصفوف الأول ثم الأقرب فالأقرب، لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها) [6] .

[1] أبو داود: ج [1] / كتاب الصلاة باب 70/611.
[2] أبو داود: ج [1] / كتاب الصلاة باب 71/612.
[3] مسلم: ج [1] / كتاب الصلاة باب 28/122.
[4] البخاري: ج [1] / كتاب الجماعة والإمامة باب 47/692.
[5] أبو داود: ج [1] / كتاب الصلاة باب 94/671.
[6] مسلم: ج [1] / كتاب الصلاة باب 64/594.
ما يترتب على المكلف لإدراك الفريضة مع الإمام:
إذا شرع المصلي في أداء فرضه أو قضائه [1] منفرداً وحضرت جنازة أو أقيمت جماعة:
-1 - إذا كان لم يقيد ركعته بسجدة سلم واقفاً ثم اقتدى بالإمام.
-2 - إن كان سجد للركعة الأولى في غير الرباعية في الفجر والمغرب يقطع صلاته بعد السجود بتسليمة ويتابع الإمام [2] .
-3 - إن كان سجد للركعة الأولى في رباعية: ضم إليها ركعة ثانية صيانة للمؤدَّى عن البطلان وتشهدّ وسلم لتصير الركعتان له نافلة، ثم اقتدى مفترضاً لإحراز فضل الجماعة.
-4 - إن صلى ثلاثاً من رباعية ثم أقيمت الجماعة: أتمها أربعاً منفرداً، وقال الإمام محمد: يتم الرابعة جالساً لتنقلب صلاته نفلاً ثم يقتدي للفرض مع الإمام. وعلى القول الأول يقتدي متنفلاً إن شاء، لما روي عن جابر بن يزيد بن الأسود العامري عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ... إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة) [3] .
-5 - إن كان قائماً لثالثة في صلاة رباعية ثم أقيمت الجماعة قبل سجوده للثالثة سلّم قائماً بتسليمة واحدة.
-6 - إن شرع في سنة الجمعة فخرج الخطيب، أو سنة الظهر فأقيمت الجماعة، سلّم على رأس ركعتين ثم يقضي السنة بعد أداء الفرض.
-7 - إذا دخل المسجد وأقيمت المكتوبة بدأ فيها ولا يبدأ بسنة ولا تحية المسجد، لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أقيمت الصلاة فلا فصلاة إلا المكتوبة) [4] . إلا سنة الفجر إن أَمِن فَوْت الجماعة باشتغاله بها. صلاها أولاً، وإن لم يأمن فوتها ترك السنة واقتدى لأن ثواب الجماعة أفضل من سنة الفجر.

[1] أما النفل فلا يجوز قطعه إلا لأجل الجنازة، لأن الجنازة لا خلف لها. أما إذا شرع في النفل كالسنة وأقيمت الجماعة فإنه لا يقطعه بل يتمه شفعاً لأن القطع فيه إبطال.
[2] إذ لو أتمَّ الركعتين في الفجر لم يكن له أن يصلي مع الجماعة لعدم جواز التنفل بعدها مطلقاً. وفي المغرب لا يتنفل مع الإمام.
[3] الترمذي: ج [1] / كتاب الصلاة باب 163/219.
[4] أبو داود: ج [2] / كتاب الصلاة باب 294/1266.
أحكام المقتدي:
المقتدي ثلاثة أقسام: مدرك ولاحق ومسبوق.
-1 - المدرك: هو من صلى الركعات كلها مع الإمام، بأن ابتدأ معه وانتهى معه.
-2 - اللاحق: هو من دخل مع الإمام ثم فاته بعض الصلاة أو كلها، بأن عرض له نوم أو غفلة أو سبق حدث.
حكمه: إن أمكنه أن يقضي ما فاته ثم يتابع الإمام دون أن تفوته صلاة الجماعة، قضى ما فاته ثم يتابع الإمام. وإن خاف أن تفوته الصلاة مع الجماعة، تابع الإمام ثم يقضي ما فاته بعد أن يفرغ الإمام.
-3 - المسبوق: وهو من سبقه الإمام ببعض الصلاة، فيتابع الإمام ثم يقضي ما سبقه به الإمام. لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ... فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا) [1] .
حكمه: يعتبر ما يدركه المسبوق مع الإمام هو آخر صلاته، والذي يتمه هو أول صلاته وذلك في حق القراءة. أما بالنسبة للقعود فالذي يقضيه هو آخر صلاته.
والمسبوق منفرد فيما يقضيه إلا في أربعة أمور:
-1 - لا يجوز أن يقتدي بغير إمامه.
-2 - لا يجوز أن يقتدي به أحد.
-3 - أن يأتي بتكبيرات التشريق إجماعاً.
-4 - إذا قام لقضاء ما سبق قبل أن يسلّم الإمام ثم سجد الإمام للسهو يتابعه ما لم يقيد الركعة بسجدة، فإن قيدها يتابع صلاته ثم يسجد للسهو قبل التسليم في آخر صلاته. ولو تابع الإمام بعد أن قيد ركعته بسجدة فسجد للسهو مع الإمام فسدت صلاته.
والأصل في صلاة الجماعة أن المقتدي يتابع إمامه في صلاته لأن الإمام جعل ليؤتم به، لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنما جُعِل الإمام ليؤتم به) [2] .
ومن أدرك الإمام راكعاً فإن أتى بالتحريمة قائماً وقبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع ثم أدرك معه الركوع فقد أدرك الركعة، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها قبل أن يقيم الإمام صلبه) [3] .
أما لو سبق الإمام المقتدي أثناء الصلاة فينظر على اعتبار أن متابعة الإمام واجب: إن سبقه بسنّة يتركها ويتابع الإمام، وإن سبقه بركن لا يتابعه حتى يتم ركنه وهكذا.
- إذا سلم الإمام قبل فراغ المقتدي من التشهد فيتم المقتدي تشهده ثم يسلم، لأن قراءة التشهد في القعود الأخير واجب ومتابعة الإمام واجب وإدراك الواجبين مع تأخير أحدهما أفضل من ترك أحدهما. فإن أحدث الإمام قبل أن يسلّم المقتدي بطلت صلاة المقتدي قبل إتمام التشهد، أما بعد التشهد قبل السلام فلا تبطل.
- وإذا سلم الإمام والمقتدي ما زال بالصلوات الإبراهيمية يتابع المقتدي الإمام بالتسليم، لأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الصلاة سنة.
- إذا سلّم المقتدي قبل سلام الإمام بعد تشهد كلّ منهما كان ذك مكروهاً لتركه المتابعة، وتصح صلاة كليهما.
- إذا قام الإمام إلى الثالثة قبل أن ينتهي المقتدي من التشهد الأول أتمّه ثم يتابع الإمام لإمكان المتابعة.
- إذا رفع الإمام رأسه من الركوع قبل إتمام المقتدي ثلاث تسبيحات يتابعه ولا يتم التسبيح لأن المعتمد أنه سنة.
- وإذا زاد الإمام سجدة أو ركوعاً سهواً لا يتابعه المقتدي بل ينتظره ويسجد الإمام للسهو ويتابعه المقتدي.
- لو قام الإمام بعد القعود الأخير ساهياً لا يتابعه المؤتم بل ينتظره جالساً ويسبّح، فإن تذكر الإمام وعاد إلى القعود قبل أن يسجد، يسلم المقتدي مع الإمام ويسجد الإمام للسهو، وإن لم يتذكر الإمام حتى يسجد للركعة الزائدة سلَّم المقتدي وحده.
- إذا قام الإمام قبل القعود الأخير ساهياً لا يتابعه المقتدي بل يقعد للتشهد ويسبح ثلاثاً. فإن تذكر الإمام وعاد تابعه وإن ظل ناسياً وسجد تفسد صلاة الإمام لتركه القعود الأخير والتشهد وتفسد صلاة المقتدي لأنه متى فسدت صلاة الإمام فسدت صلاة المقتدي أيضاً.
- إذا أحدث الإمام عمداً بعد القعود قدر التشهد أو قهقهة بعده لا تصح صلاة المسبوق، وإنما تصح صلاة المدرك مع الكراهة لخروجه من الصلاة بغير السلام، أما المسبوق فقد لاقى الفساد جزء من صلاته لأنها لم تتم.

[1] أبو داود: ج [1] / كتاب الصلاة باب 55/572.
[2] مسلم: ج [1] / كتاب الصلاة باب 20/89.
[3] الدارقطني: ج [1] / ص 346.
أحق الناس بالإمامة:
أ - في المسجد:
-1 - السلطان: لحديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن الرجلُ الرجلَ في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه) [1] .
-2 - القاضي.
-3 - إمام الحي، لما روي عن نافع قال: "أقيمت الصلاة في مسجد بطائفة المدينة ... وإمام ذلك المسجد مولى لابن عمر ... فلما سمعه عبد الله جاء ليشهد معهم الصلاة، فقال له المولى صاحب المسجد تقدم فصلّ. فقال عبد الله: أنت أحق أن تصلي في مسجدك مني. فصلى المولى" [2] .
ب - في البيت: ساكنه، ويستحب له أن يقدم الأعلم.
جـ - في غير المسجد والبيت:
-1 - الأعلم بأحكام الصلاة.
-2 - الأقرأ لكتاب الله.
-3 - الأورع [3] .
-4 - الأسنّ لحديث مالك بن الحويرث رضي الله عنهما قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وصاحب لي. فلما أردنا الإقفال من عنده قال لنا: (إذا حضرت الصلاة فأذّنا. ثم أقيما وليؤمكما أكبركما) [4] .
-5 - الأحسن خُلقاً، ثم الأحسن خُلْقَاً، ثم الأشرف نسباً لاحترامه وتعظيمه، ثم الأحسن صوتاً، ثم الأنظف ثوباً، ثم الأحسن زوجة، ثم الأكثر مالاً. وذلك لعموم حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اجعلوا أئمتكم خياركم فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم) [5] .
وإذا قدموا غير الأَوْلى أساؤوا ولا إثم عليهم.
ويكره أن يؤم الرجل قوماً وهم له كارهون، والكراهة تحريمية، وذلك لما روي عن عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: (ثلاثة لا يقل الله منهم الصلاة: من تقدم قوماً وهم له كارهون، ورجل أتى الصلاة دِباراً، ورجل اعتبد محّرره) [6] . أما إذا كان أحق من غيره أصلاً فلا كراهة في تقدمه.

[1] مسلم: ج [1] / كتاب المساجد باب 53/290.
[2] البيهقي: ج [3] / ص 126.
[3] الورع: اجتناب الشبهات، وهو أعلى من التقوى، لأن التقوى هي اجتناب المحرمات.
[4] مسلم: ج [1] / كتاب المساجد باب 53/293.
[5] البيهقي: ج [3] / ص 90.
[6] أبو داود: ج [1] / كتاب الصلاة باب 63/593.
أعذار ترك الجماعة:
-1 - مطر وبرد شديدان أو وحل، لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة ذات برد ومطر يقول: (ألا صلوا في الرِّحال) [1] .
-2 - خوف ظالم أو ظلمة شديدة، لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر. قالوا: وما العذر؟ قال: خوف أو مرض، لم تقبل منه الصلاة التي صلى) [2] .
-3 - حبس.
-4 - مرض.
-5 - حضور درس فقه لا غير بجماعة يفوت الدرس لو صلى بجماعة وكان مواظباً على الدرس.
-6 - حضور طعام تتوق إليه نفسه، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا صلاة بحضرة الطعام) [3] .
-7 - إرادة سفر يتهيأ له.
وإذا انقطع عن الجماعة لعذر وكانت نيته حضوره حصل الثواب لحديث أبي بردة قال: سمعت أبا موسى رضي الله عنه مراراً يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً) [4] .

[1] البخاري: ج [1] / كتاب الجماعة والإمامة باب 12/635.
[2] أبو داود: ج [1] / كتاب الصلاة باب 47/551.
[3] مسلم: ج [1] / كتاب المساجد باب 16/67.
[4] البخاري: ج [3] / كتاب الجهاد باب 132/2834.
ثانياً: شروط صحة الاقتداء:
الاقتداء: لغة: الملازمة، وشرعاً: ربط صلاة شخص بصلاة الإمام.
ويشترط لصحة الاقتداء ما يلي:
-1 - أن ينوي المقتدي متابعاً الإمام مقارناً لتحريمته حقيقة وحكماً (أي لا يفصل بين النية والتكبيرة فاصل أجنبي) أما في صلاة الجمعة والعيدين فلا تشترط نية المتابعة لاختصاصهما بالجماعة.
-2 - أن لا يتقدم على الإمام بعقبه في جميع الصلاة، فإن تقدم بطلت صلاته، وإن حاذاه صح الإقتداء.
-3 - أن لا يقتدي مفترض بمتنفل.
-4 - أن تتحد نية الإمام والمأموم في الفرض نفسه والوقت ذاته، فلا يصح اقتداء من يصلي فريضة الوقت بمن يصلي فائتة ولو كانت الصلاة ذاتها. ويصح اقتداء متنفل بمفترض.
-5 - أن لا يقتدي مسافر بمقيم بعد خروج الوقت في قضاء الرباعية، لما يترتب عليه كون القعود الأول واجب في حق الإمام وفرض في حق المقتدي (المقتدي يصلي ركعتين فقط) . أما في الصلاة الحاضرة فيقتدي المسافر بالمقيم ويتابع إمامه فيصليها أربعاً، فعن أبي مجلز قال: قلت لابن عمر: "المسافر يدرك ركعتين من صلاة القوم - يعني المقيمين - أتجزيه الركعتان أو يصلي بصلاتهم. قال: فضحك وقال: يصلي بصلاتهم" [1] .
-6 - أن لا يقتدي بالمسبوق لشبهة اقتدائه.
-7 - أن لا يفصل بين الإمام والمقتدي صف من النساء.
-8 - أن لا يفصل بين الإمام والمأموم نهر أو طريق يسع فيه صفين أو أكثر في غير المسجد. أما في المسجد فلا مانع من اتساع الفاصل لأن المسجد كله بقعة واحدة.
-9 - أن لا يفصل بين الإمام والمأموم حائط كبير يؤدي إلى اشتباه حال الإمام على المأموم. أما إذا لم يشتبه حال الإمام على المأموم لسماعه أو رؤيته فلا يمنع الجدار من صحة الاقتداء. وبناء على ذلك أفتى بعض علماء الحنفية بجواز صحة اقتداء المأموم ولو من بيته إذا اتصلت الصفوف وكان بحيث يسمع الصلاة ويعرف حال إمامه، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في غرفة السيدة عائشة رضي الله عنها والناس في المسجد يصلون بصلاته، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل في حجرته وجدار الحجرة قصير فرأى الناس شخص النبي صلى الله عليه وسلم فقام أناس يصلون بصلاته) [2] .
-11 - أن لا يكون الإمام راكباً والمقتدي واقفاً، أو العكس، أو راكبين على دابتين أو زورقين غير مقترنين. أما لو كانا راكبين على دابة أو زورق واحد صح الاقتداء، لما روي عن أنس بن سيرين قال: "خرجت مع أنس بن مالك في أرض بلبق سرين حتى إذا كنا بدجلة حضرت الظهر فأمنا قاعداً على بساط في السفينة وإن السفينة لتجر بنا جراً" [3] .
-12 - أن لا يعلم المقتدي من حال إمامه المخالف لمذهبه مفسداً على مذهب المقتدي كخروج دم سائل أو قيء يملأ الفم.
- ويجوز عند الإمام أبي حنيفة وأبي يوسف أن يقتدي متوضئ بمتيمم، أما عند الإمام محمد فلا يصح. كما يصح اقتداء غاسل بماسح على الجبيرة أو ضماد أو على جرح لا ينزف.
- ويصح اقتداء قائم بقاعد مطلقاً، لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي بالناس في مرضه، فكان يصلي بهم، فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة فخرج، وإذا أبو بكر يؤم الناس، فلما رآه أبو بكر استأخر، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي كما أنت، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم حذاء أبي بكر، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس يصلون بصلاة أبي بكر) [4] .
- ويصح الاقتداء بالأحدب إن لم يبلغ حدبه حد الركوع، فإذا بلغ حد الركوع وهو ينخفض للركوع قليلاً يجوز عندها ولا يجوز عند الإمام محمد.
- وإذا ظهر بطلان صلاة الإمام وجبت الإعادة على المأموم، ويجب أن يُعِلم الإمام المقتدين ببطلان صلاته حتى يعيدوا صلاتهم، لأن علياً رضي الله عنه صلى بالناس ثم تبين أنه محدث فأعاد وأمرهم أن يعيدوا. وقيل لا يجب عليه إعلام القوم.

[1] البيهقي: ج [3] / ص 157.
[2] البخاري: ج [1] / كتاب إقامة الصلاة باب 51/696.
[3] مجمع الزوائد: ج [2] / ص 163، رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات.
[4] ابن ماجه: ج [1] / كتاب إقامة الصلاة باب 142/1233.
الحكمة من صلاة الجماعة:
قيام نظام الإلفة بين المصلين والتعلم من العالم.
إدراك فضيلة الجماعة:
يدرك المأموم الجماعة ويحصل على فضلها إذا أدرك الإمام بجزء من الصلاة ولو آخر القعود الأخير قبل السلام.
اختيار الجماعة:
اختُلف في اختيار الجماعة هل الأفضل أن يختار المأموم مسجد حيه أم جماعة المسجد الجامع؟
-1 - إن استوى المسجدان فأقدمهما هو الأفضل.
-2 - وإن استويا في القدم فأقربهما.
-3 - وإن استويا في القرب خُيّر العامي، والفقيه يذهب إلى أقلهما جماعة ليكثروا، والتلميذ يذهب إلى مجلس أستاذه.
شروط صحة الجماعة:
-1 - شروط يجب توفرها في الإمام.
-2 - شروط صحة الإقتداء.
أولاً: الشروط التي يجب توفرها في الإمام:
-1 - الإسلام: فلا تصح إمامة الكافر ولا إمامة صاحب بدعة مكفرة.
-2 - البلوغ: فلا تصح إمامة الصبي المميز [1] ، لأن صلاة الصبي نفل ولا يصح أن يأتم مفترض بمتنفل.
-3 - العقل.
-4 - الذكورة المحققة: فخرج بذلك الخنثى لأن ذكورتها غير محققة، والمرأة. فلا تصح إمامة النساء للرجال مطلقاً لا في فرض ولا في نفل، لما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (لا تؤمَنَّ امرأة رجلاً) [2] . أما إمامة المرأة للنساء فتصح مع الكراهة، ولا تصح إمامة الخنثى.
-5 - أن يحسن القراءة بما لا تصح الصلاة إلا به إذا كان المأموم قارئاً، وأقلها آية وقيل: ثلاث آيات. ويشترط أن يكون صحيح اللسان فلا تصح القراءة ممن عنده فأفأة أو تأتأة أو لثغ. ولا يصح اقتداء القارئ بأمي ولا بأخرس ولا أميّ بأخرس.
-6 - السلامة من الأعذار: كالرعاف الدائم وفقد أحد الطهورين، لأن صلاة المعذور ضرورية.
-7 - السلامة من فقد شرط من شروط صحة الصلاة: كالطهارة وستر العورة، إذ لا تصح إمامة من به نجس لطاهر، كما لا يقتدي مستور بكاشف عورة.

[1] خلافاً للسادة الشافعية.
[2] ابن ماجة: ج [1] / كتاب إقامة الصلاة باب 78/1081.
فضيلة صلاة الجماعة:
ثبتت فضيلتها بعدة أحاديث نذكر منها: ما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة) [1] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الرجل في الجماعة تُضَعَّفُ على صلاته في بيته، وفي سوقه، خمسة وعشرين ضِعفاً، وذلك أنه: إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد، لا يُخرجه إلاّ الصلاة، لم يَخطُ خطوة، إلا رُفعت له بها درجة، وحُطّ عنه بها خطيئة، فإذا صلى، لم تزل الملائكة تصلي عليه، ما دام في مُصَلاه: اللهم صلِّ عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة) [2] .
وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان كقيام ليلة) [3] .

[1] البخاري: ج [1] / كتاب الجماعة والإمامة باب [2]/619.
[2] البخاري: ج [1] / كتاب الجماعة والإمامة باب [2]/620.
[3] أبو داود: ج [1] / كتاب الصلاة باب 48/555.
ما يكره في صلاة الجماعة:
-1 - تكره إمامة الجاهل إذا وجد من هو أعلم منه، وإمامة الأعرابي والعبد. كما تكره إمامة الفاسق ولو عالماً، وإمامة المبتدع غير الكافر ببدعته؛ إذ روي عن الإمام أن الصلاة خلف أهل الأهواء لا تجوز، والأصح في المذهب أنها تصح مع الكراهة إن لم يكفر ببدعته لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصلاة المكتوبة واجبة خلف كل مسلم براً كان أو فاجراً وإن عمل الكبائر) [1] .
-2 - يكره للإمام تطويل الصلاة، لما روي عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس إن منكم منفّرين، فأيكم أمَّ الناس فليوجز، فإن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة) [2] .
-3 - تكره جماعة العراة تحريماً لما يترتب عليها من زيادة الكشف، بل يصلون قعوداً بالإيماء متباعدين.
-4 - تكره جماعة النساء تحريماً للزوم أحد المحظورين:
-1 - إن تقدمت عليهن فهذا مكروه في حق النساء.
-2 - إن حاذَتْهن فهو مكروه في حق صلاة الجماعة.
وإن فعلن تقف المرأة وسطهن وتتقدمهن بعقبها.

[1] أبو داود: ج 1 / كتاب الصلاة باب 64/594.
[2] مسلم: ج 1 / كتاب الصلاة باب 37/182.
اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنفي المؤلف : الحلبي، نجاح    الجزء : 1  صفحة : 110
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست