responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنفي المؤلف : الحلبي، نجاح    الجزء : 1  صفحة : 103
تعريفه:
الوتر لغة: بفتح الواو وكسرها هو الفرد خلاف الشَّفع.
شرعاً: صلاة مخصوصة، ثلاث ركعات بتسليمة واحدة، وقنوت في الثالثة وبه فارق المغرب، كما فارقه بوجوب قراءة الفاتحة والسورة في الثالثة.
حكمه:
هو فرض عملي على أصح الأقوال، وهو أعلى أنواع الواجب، وقيل: هو واجب. لما روي عن بريدة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا، الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا) [1] .
ويترتب على كونه فرضاً عملياً:
-1 - يجب على المكلف اعتقاد وجوبه ولا يكفر جاحده.
-2 - تفسد صلاة الصبح بتذكرة كصلاة العشاء عند الإمام لا الصاحبين.
-3 - يجب قضاؤه إن فات.
-4 - لا يصح قضاؤه قاعداً ولا راكباً اتفاقاً كالفرض.
-5 - لا يصلّى بغير نية.
-6 - إذا أجمع قوم على تركه أدبهم الإمام وحبسهم، فإن لم يصلوه قاتلهم.

[1] أبو داود: ج [2] / كتاب الصلاة باب 337/1419.
دليل وجوبه:
ثبت وجوب الوتر بالسنة في أحاديث كثيرة، منها الحديث المتقدم عن بريدة رضي الله عنه، وحديث خارجة بن حذافة قال: قال أبو الوليد العدوي: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إن الله عز وجل أمدكم بصلاة وهي خير لكم من حمر النَّعم، وهي الوتر، فجعلها لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر) [1] .
وما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) [2] . فصيغة الأمر، وكلمة "حق" في حديث بريدة رضي الله عنه تدلان على الوجوب.

[1] أبو داود: ج [2] / كتاب الصلاة باب 336/1418.
[2] البخاري: ج [1] / كتاب الوتر باب [4]/953.
كيفيته:
ثلاث ركعات يشترط فعلها بتسليمة واحدة، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث لا يسلم إلا في آخرهن" [1] .
ولا يصح الوتر بركعة واحدة ولا تنعقد، حتى إنه ذكر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى رجلاً يوتر بركعة واحدة فقال: "ما هذه البُتَيْراء؟ لتشفعنَّها أو لأؤدبنّك".
وتجب فيه القراءة بكل ركعة، بالفاتحة وسورة معاً، وروي عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بـ {سبح اسم ربك الأعلى} و {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد} ) [2] . وعن عبد العزيز بن جريج قال: سألت عائشة أم المؤمنين: بأي شيء كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فذكر معناه، وقال: وفي الثالثة بـ (قل هو الله أحد والمعوذتين) [3] .
كما يجب فيه الجلوس على رأس الركعتين لقراءة التشهد. ثم القيام إلى الركعة الثالثة ولا يقرأ فيها دعاء الاستفتاح، فإذا أنهى قراءة الفاتحة والسورة رفع يديه حذاء أذنيه وكبَّر ثم يقنت قائماً قبل الركوع، لما روي عن أبي بن كعب رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت - يعني في الوتر - قبل الركوع) [4] . وذلك في جميع السنة. ويقف للقنوت كما يقف لقراءة الفاتحة عند الإمام، وعند أبي يوسف يرفع يديه إلى صدره وبَطْناهما إلى السماء كما في الدعاء.

[1] المستدرك: ج [1] / ص 304.
[2] ابن ماجة: ج [1] / كتاب إقامة الصلاة باب 115/1171.
[3] أبو داود: ج [2] / كتاب الصلاة باب 34/1424.
[4] أبو داود: ج [2] / كتاب الصلاة باب 340/1427.
دعاء القنوت:
القنوت هو الدعاء في الوتر.
لفظه: "اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك، ونتوب إليك، ونؤمن بك، ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، نشكرك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونَحْفِدُ [1] ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجِدّ [2] بالكفار ملحق، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم" [3] .

[1] نسعى ونحفد: نجهد في العمل لتحصيل ما يقربنا إليك، ونحفد: نسرع في تحصيل عبادتك بنشاط.
[2] الجدّ: الحق.
[3] هذه الصيغة الواردة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وروى البيهقي نحوه عن عمر رضي الله عنه: ج [2] / ص 211.
ويقرأ الإمام والمقتدي كلاهما القنوت سراً. ويستحب للإمام الجهر به للتعليم.
ويستحب الجمع بين هذا الدعاء ودعاء الحسن بن علي رضي الله عنهما: "اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شرّ ما قضيت، فإنك تقضي ولا يُقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت" [1] .
ومن لم يحسن الدعاء يقول: "اللهم اغفر لي" ويكررها ثلاثاً. ويجوز أن يدعو بأي دعاء مأثور غيرهما، أو يقول: يا رب، يا رب، يا رب.
- لا يجوز القنوت في غير الوتر إلا في النوازل فيقنت الإمام في الفجر فقط.
- وإذا اقتدى بشافعي في الفجر جازت له المتابعة على قول أبي يوسف، وهو الأفضل ويؤمن بعد دعائه بأن يقول "آمين".
- وإذا نسي المصلي القنوت في الوتر يسجد للسهو. ولو قنت بعد الركوع لا يعيد الركوع بل يسجد للسهو لتأخيره القنوت عن محلّه.
- وإذا كان في جماعة وركع الإمام وهو في القنوت يتابع الإمام. ولو سها الإمام عن القنوت يقنت هو إن أمكنه اللحاق بالإمام، وإلا يتابعه ثم يسجد معه للسهو.
- وإذا دخل المؤتم في الصلاة بالركعة الثالثة بعد أن قنت الإمام يقضي الركعتين بدون قنوط.
ويُصلى الوتر فرادى كما في السنن إلا في رمضان فالأفضل صلاته جماعة، لأن عمر رضي الله عنه كان يؤمهم في الوتر، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَوْتَر بهم في رمضان ثم بيَّن عذر الترك خشية أن يكتب عليهم قيام رمضان. وقد روي عن شتير بن شكل وكان من أصحاب علي رضي الله عنه "أنه كان يؤمهم في شهر رمضان بعشرين ركعة ويوتر بثلاث" [2] .

[1] الترمذي: ج [2] / كتاب الصلاة باب 341/464.
[2] البيهقي: ج [2] / ص 496.
وقته:
من بعد فريضة العشاء ويمتد إلى طلوع الفجر الصادق. ويستحب تأخيره إلى آخر الليل لمن أيقن القيام، وإلا فصلاته قبل النوم أفضل. لما روي عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة الليل مشهودة وذلك أفضل) [1] .
وإذا صلى الوتر قبل النوم لا يعيده إن تهجد بعده، لحديث طلق بن علي عن أبيه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا وتران في ليلة) [2] .
أما في رمضان فيستحب الوتر أول الليل بعد صلاة التراويح جماعة.

[1] مسلم: ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 21/162.
[2] الترمذي: ج 2 / كتاب الصلاة باب 344/470.
اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنفي المؤلف : الحلبي، نجاح    الجزء : 1  صفحة : 103
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست