responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : درر الحكام شرح غرر الأحكام المؤلف : منلا خسرو    الجزء : 1  صفحة : 327
لَا لِلِاسْتِعَانَةِ كَمَا فِي كَتَبْت بِالْقَلَمِ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي كَوْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ أَجْزَاءً مَادِّيَّةً وَالْمُرَادُ بِالْإِيجَابِ مَا يُقَدَّمُ مِنْ كَلَامِ الْعَاقِدَيْنِ سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ وُجُودَ الْعَقْدِ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبُولُ أَوْ يُثْبِتُ لِلْآخَرِ خِيَارَ الْقَبُولِ (وُضِعَا) فِي أَصْلِ اللُّغَةِ (لِلْمُضِيِّ) أَيْ لِلْإِخْبَارِ عَمَّا حَدَثَ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنْشَاءُ تَصَرُّفٍ شَرْعِيٍّ وَالنِّكَاحُ كَذَلِكَ وَالتَّصَرُّفُ الشَّرْعِيُّ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالشَّرْعِ، وَالشَّرْعُ قَدْ اسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ الْمَوْضُوعَ لِلْإِخْبَارِ عَنْ الْمَاضِي لُغَةً فِي الْإِنْشَاءِ لِيَدُلَّ عَلَى التَّحَقُّقِ وَالثُّبُوتِ، فَيَكُونُ أَدَلَّ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِالْكِتَابَةِ فِي الْحَاضِرِ فَإِنَّهُ لَوْ كَتَبَ عَلَى شَيْءٍ لِامْرَأَةٍ زَوِّجِينِي نَفْسَكِ فَكَتَبَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ عَقِبَهُ زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْكَ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ (كَزَوَّجْتُ) أَيْ نَفْسِي إنْ صَدَرَ عَنْ الْمَرْأَةِ أَوْ بِنْتِي أَوْ نَحْوَهَا إنْ صَدَرَ عَنْ الرَّجُلِ (وَتَزَوَّجْتُ، وَ) يَنْعَقِدُ أَيْضًا (بِمَا وُضِعَا) أَيْ لَفْظَيْنِ وُضِعَ أَحَدُهُمَا (لَهُ) أَيْ لِلْمُضِيِّ.
(وَ) الْآخَرُ (لِلِاسْتِقْبَالِ) يَعْنِي الْأَمْرَ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلِاسْتِقْبَالِ (كَزَوِّجْنِي وَزَوَّجْت) وَإِنَّمَا عَطَفَ قَوْلَهُ بِمَا وُضِعَا عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ إشَارَةً إلَى أَنَّ مَا وُضِعَ لِلِاسْتِقْبَالِ لَيْسَ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَإِنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ قَالَ النِّكَاحُ يَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِلَفْظَيْنِ يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنْ الْمَاضِي، ثُمَّ قَالَ وَيَنْعَقِدُ بِلَفْظَيْنِ يُعَبَّرُ بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْمَاضِي وَبِالْآخَرِ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ وَأَعَادَ لَفْظَ يَنْعَقِدُ بِلَفْظَيْنِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ اللَّفْظَيْنِ اللَّذَيْنِ أَحَدُهُمَا مَاضٍ وَالْآخَرُ مُسْتَقْبَلٌ لَيْسَا بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ، بَلْ قَوْلُهُ زَوِّجْنِي تَوْكِيلٌ، وَقَوْلُهُ زَوَّجْت إيجَابٌ وَقَبُولٌ حُكْمًا فَإِنَّ الْوَاحِدَ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَصَاحِبُ الْوِقَايَةِ وَالْكَنْزِ كَأَنَّهُمَا زَعَمَا أَنَّ قَوْلَهُ ثَانِيًا وَيَنْعَقِدُ بِلَفْظَيْنِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ بِنَاءً عَلَى زَعْمِ أَنَّ مَا وُضِعَ لِلْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ إيجَابٌ وَقَبُولٌ فَقَصَدَ الِاخْتِصَارَ فَقَالَ الْأَوَّلُ وَيَنْعَقِدُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ لَفْظُهُمَا مَاضٍ كَزَوَّجْتُ وَتَزَوَّجْتُ أَوْ مَاضٍ وَمُسْتَقْبَلٍ كَزَوِّجْنِي فَقَالَ زَوَّجْتُ، وَقَالَ الثَّانِي يَنْعَقِدُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ بِلَفْظَيْنِ وُضِعَا لِلْمَاضِي أَوْ أَحَدُهُمَا.
وَقَالَ شَارِحُهُ الزَّيْلَعِيُّ: أَيْ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِلَفْظَيْنِ وُضِعَا لِلْمَاضِي أَوْ وُضِعَ أَحَدُهُمَا لِلْمَاضِي وَالْآخَرُ لِلْمُسْتَقْبَلِ فَجَعَلُوا مَا وُضِعَ لِلْمُسْتَقْبَلِ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْكُتُبِ، وَالْعَجَبُ أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مَاضِيًا وَالْآخَرُ مُسْتَقْبَلًا، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ زَوِّجْنِي فَيَقُولُ الْآخَرُ زَوَّجْتُكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ زَوِّجْنِي تَوْكِيلٌ وَإِنَابَةٌ، وَقَوْلُهُ زَوَّجْتُكَ امْتِثَالٌ لِأَمْرِهِ فَيَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ يَجْعَلُ زَوِّجْنِي شَطْرَ الْعَقْدِ وَيُوَافِقُهُ الشَّارِحُ فِيهِ، ثُمَّ يَجْعَلُهُ تَوْكِيلًا وَإِنَابَةً وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ بَعْدَ مَا نَبَّهَ عَلَى هَذِهِ الدَّقِيقَةِ كَيْفَ لَمْ يَتَنَبَّهْ لَهَا هَؤُلَاءِ الْأَفَاضِلُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مُلْهِمِ الصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالِاسْتِقْبَالِ مَا يَتَنَاوَلُ الْمُضَارِعَ لِمَا نُقِلَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ فِيهِ تَبَعًا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِالْكِتَابَةِ فِي الْحَاضِرِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى انْعِقَادِهِ بِالْكِتَابَةِ مِنْ الْغَائِبِ لَكِنْ بِشَرْطِ إسْمَاعِ الشُّهُودِ قِرَاءَةَ الْكِتَابِ مَعَ قَبُولِهَا أَوْ حِكَايَتِهَا مَا فِي الْكِتَابِ مَعَ الْقَبُولِ، وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ كَزَوِّجِي نَفْسَكِ مِنِّي لَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُهَا الشُّهُودَ بِمَا فِي الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهَا تَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْمُصَفَّى عَنْ الْكَامِلِ.
(قَوْلُهُ: إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا وُضِعَ لِلِاسْتِقْبَالِ لَيْسَ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ) هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ لِمَا نَذْكُرُ.
(قَوْلُهُ: وَأَعَادَ لَفْظَ يَنْعَقِدُ بِلَفْظَيْنِ تَنْبِيهًا. . . إلَخْ) مُرَادُ الْمُصَنِّفِ مِنْ هَذَا أَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ جَهِلَ الصِّحَّةَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ تَوْكِيلٌ بِالنِّكَاحِ وَالْوَاحِدُ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ النِّكَاحِ، فَيَكُونُ تَمَامُ الْعَقْدِ عَلَى هَذَا قَائِمًا بِالْمُجِيبِ وَصَرَّحَ غَيْرُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ بِأَنَّ زَوِّجْنِي إيجَابٌ، فَيَكُونُ تَمَامُ الْعَقْدِ قَائِمًا بِهِمَا أَيْ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ وَلَفْظُ الْأَمْرِ فِي النِّكَاحِ إيجَابٌ، وَكَذَا فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ الْكَمَالُ، وَهَذَا أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ لَيْسَ إلَّا اللَّفْظُ الْمُفِيدُ قَصْدَ تَحْقِيقِ الْمَعْنَى أَوَّلًا وَهُوَ صَادِقٌ عَلَى لَفْظَةِ الْأَمْرِ فَلْيَكُنْ إيجَابًا اهـ. قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ فَقَدْ عَلِمْت اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ فِي أَنَّ الْأَمْرَ إيجَابٌ أَوْ تَوْكِيلٌ فَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ أَيْ الْكَنْزِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَانْدَفَعَ بِهِ مَا اعْتَرَضَ مُنْلَا خُسْرو مِنْ أَنَّ صَاحِبَ الْكَنْزِ خَالَفَ الْكُتُبَ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ فَالْمُعْتَرِضُ غَفَلَ عَنْ الْقَوْلِ الْآخَرِ حَفِظَ شَيْئًا وَغَابَتْ عَنْهُ أَشْيَاءَ مَعَ أَنَّ الرَّاجِحَ كَوْنُهُ إيجَابًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالِاسْتِقْبَالِ مَا يَتَنَاوَلُ الْمُضَارِعَ. . . إلَخْ) يَرْجَحُ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْإِيجَابَ هُوَ الصَّادِرُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْمِثَالَ الَّذِي جَعَلَهُ لِهَذَا بِقَوْلِهِ إنِّي أَتَزَوَّجُكِ فَتَقُولُ الْمَرْأَةُ زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْكَ لَا يَقْتَضِي الِانْعِقَادَ بِالتَّوْكِيلِ بِلَفْظِهَا فَقَطْ لِعَدَمِ صَلَاحِيَةِ إنِّي أَتَزَوَّجُكِ لِلتَّوْكِيلِ، فَيَكُونُ تَمَامُ الْعَقْدِ قَائِمًا بِهِمَا اهـ.
وَيَنْعَقِدُ بِالْمُضَارِعِ الْمَبْدُوءِ بِالتَّاءِ تُزَوِّجُنِي بِنْتَكَ فَقَالَ قَبِلْتُ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِ الِاسْتِبْعَادِ؛ لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ فِيهِ هَذَا الِاحْتِمَالُ بِخِلَافِ الْمَبْدُوءِ

اسم الکتاب : درر الحكام شرح غرر الأحكام المؤلف : منلا خسرو    الجزء : 1  صفحة : 327
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست