responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : درر الحكام شرح غرر الأحكام المؤلف : منلا خسرو    الجزء : 1  صفحة : 219
وَالْعُمْرَةُ فِي الْحَرَمِ فَإِحْرَامُهَا مِنْ الْحِلِّ لِيَحْصُلَ لَهُ نَوْعُ سَفَرٍ

(مَنْ أَرَادَ إحْرَامَهُ) أَيْ كَوْنَهُ مُحْرِمًا (تَوَضَّأَ، وَغُسْلُهُ أَحَبُّ وَلَبِسَ إزَارًا وَرِدَاءً طَاهِرَيْنِ وَتَطَيَّبَ وَصَلَّى شَفْعًا، وَقَالَ الْمُفْرِدُ بِحَجٍّ: اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَيَسِّرْهُ لِي وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي ثُمَّ لَبَّى يَنْوِي بِهَا الْحَجَّ وَهِيَ) أَيْ التَّلْبِيَةُ أَنْ يَقُولَ (لَبَّيْكَ) وَرَدَ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ وَالْمُرَادُ تَكْثِيرُ الْإِجَابَةِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَمَعْنَاهَا أَنْ أُقِيمَ فِي طَاعَتِك إقَامَةً بَعْدَ إقَامَةٍ مِنْ أَلَبَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهَا وَلِأَنَّ أَدَاءَ الْحَجِّ فِي عَرَفَةَ؛ لِأَنَّهُ نَظَرَ فِيهَا بِأَنَّ اسْمَ الْمَوْقِفِ عَرَفَاتٌ سُمِّيَ بِجَمْعٍ كَأَذْرُعَاتٍ كَذَا فِي الْكَشَّافِ وَعَرَفَةُ اسْمُ الْيَوْمِ التَّاسِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَاَلَّذِي فِي الْحِلِّ الْمَوْقِفُ لَا الْيَوْمُ وَقَوْلُ النَّاسِ نَزَلْنَا بِعَرَفَةَ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ مَحْضٍ كَذَا نَقَلَ صَاحِبُ الْإِقْلِيدِسِ عَنْ الْفَرَّاءِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي شَرْحِ الْمُفَصَّلِ إنَّ عَرَفَةَ وَعَرَفَاتٍ جَمِيعًا عَلَمَانِ لِهَذَا الْمَكَانِ الْمَخْصُوصِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهِ - قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ

(قَوْلُهُ مَنْ أَرَادَ إحْرَامَهُ) الْإِحْرَامُ لُغَةً: مَصْدَرُ أَحْرَمَ إذَا دَخَلَ فِي الْحَرَمِ كَأَشْتَى إذْ دَخَلَ فِي الشِّتَاءِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَقَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ الْإِحْرَام مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ أَحْرَمَ الرَّجُلُ إذَا دَخَلَ فِي حُرْمَةٍ لَا تُهْتَكُ وَقَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ: الْإِحْرَامُ وَالتَّحْرِيمُ بِمَعْنًى.
وَقَالَ الْكَمَالُ حَقِيقَةُ الْإِحْرَامِ الدُّخُولُ فِي الْحُرْمَةِ وَالْمُرَادُ الدُّخُولُ فِي حُرُمَاتٍ مَخْصُوصَةٍ أَيْ الْتِزَامُهَا وَالْتِزَامُهَا شَرْطُ الْحَجِّ شَرْعًا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ ثُبُوتُهُ شَرْعًا إلَّا بِالنِّيَّةِ مَعَ الذِّكْرِ أَوْ الْخُصُوصِيَّةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَغُسْلُهُ أَحَبُّ) هَذَا الْغُسْلُ لِلتَّنْظِيفِ لَا لِلتَّطْهِيرِ فَتُؤْمَرُ بِهِ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَإِذَا كَانَ لِلنَّظَافَةِ وَإِزَالَةِ الرَّائِحَةِ لَا يُعْتَبَرُ التَّيَمُّمُ بَدَلَهُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْمَاءِ وَيُؤْمَرُ بِهِ الصَّبِيُّ وَيُسْتَحَبُّ كَمَالُ النَّظَافَةِ فِي الَّذِي أَرَادَ الْإِحْرَامَ مِنْ قَصِّ الْأَظْفَارِ وَالشَّارِبِ وَنَتْفِ الْإِبْطَيْنِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ وَجِمَاعِ أَهْلِهِ وَالدَّهْنِ، وَلَوْ مُطَيَّبًا مِنْ الْفَتْحِ وَقَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ وَلُبْسُ إزَارٍ أَوْ رِدَاءٍ) هَذَا هُوَ السُّنَّةُ وَالثَّوْبُ الْوَاحِدُ السَّاتِرُ جَائِزٌ قَالَهُ الْكَمَالُ (قَوْلُهُ طَاهِرَيْنِ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ جَدِيدَيْنِ لِنَفْيِ قَوْلِ مَنْ قَالَ بِكَرَاهَةِ لُبْسِ الْجَدِيدِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْعِنَايَةِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ الْأَفْضَلُ الْجَدِيدُ الْأَبْيَضُ. اهـ.
وَالْإِزَارُ مِنْ الْحِقْوِ أَيْ الْخَصْرِ، وَالرِّدَاءُ مِنْ الْكَتِفِ يُدْخِلُ الرِّدَاءَ تَحْتَ يَمِينِهِ وَيُلْقِيهِ عَلَى كَتِفِهِ الْأَيْسَرِ وَيَبْقَى كَتِفُهُ الْأَيْمَنُ مَكْشُوفًا، وَلَا يَزِرُّهُ، وَلَا يَعْقِدُهُ، وَلَا يُخَلِّلُهُ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كُرِهَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ أَقُولُ: فِي حِفْظِي أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ كَشْفُ الْمَنْكِبِ إلَّا عِنْدَ الطَّوَافِ لِيَكُونَ مُضْطَبِعًا وَسَنَذْكُرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَطَافَ لِلْقُدُومِ نَقْلًا عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَتَطَيَّبَ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا تَبْقَى عَيْنُهُ بَعْدُ كَالْمِسْكِ وَالْغَالِيَةِ وَكَرِهَ مُحَمَّدٌ مَا تَبْقَى عَيْنُهُ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَسُنَّ اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ فِي بَدَنِهِ قَيَّدَ بِالْبَدَنِ إذْ لَا يَجُوزُ التَّطَيُّبُ فِي الثَّوْبِ مِمَّا يَبْقَى عَيْنُهُ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُمَا قَالُوا: وَبِهِ نَأْخُذُ اهـ.
وَقَالَ الْكَمَالُ: الْمَقْصُودُ مِنْ اسْتِنَانِ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ حُصُولُ الِارْتِفَاقِ بِهِ حَالَةَ الْمَنْعِ مِنْهُ فَهُوَ عَلَى مِثَالِ السُّحُورِ لِلصَّوْمِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ يَحْصُلُ بِمَا فِي الْبَدَنِ فَيُغْنِي عَنْ تَجْوِيزِهِ أَيْ تَجْوِيزِ مَا تَبْقَى عَيْنُهُ فِي الثَّوْبِ إذْ لَمْ يَقْصِدْ كَمَالَ الِارْتِفَاقِ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَّ الشُّعْثَ التُّفْلُ، وَقَدْ قِيلَ: يَجُوزُ فِي الثَّوْبِ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِمَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَصَلَّى شَفْعًا) أَيْ عَلَى جِهَةِ السُّنَّةِ بَعْدَ اللُّبْسِ وَالتَّطَيُّبِ، وَلَا يُصَلِّيهِمَا فِي وَقْتٍ مَكْرُوهٍ وَتُجْزِئُهُ الْمَكْتُوبَةُ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْمُفْرِدُ بِحَجٍّ اللَّهُمَّ. . . إلَخْ) كَذَا عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ عَلَى رَاحِلَتِهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَيَسِّرْهُ لِي وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي فَيَسْأَلُ اللَّهَ التَّيْسِيرَ؛ لِأَنَّهُ الْمُيَسِّرُ لِكُلِّ عَسِيرٍ وَيَسْأَلُ مِنْهُ التَّقَبُّلَ كَمَا سَأَلَ الْخَلِيلُ وَإِسْمَاعِيلُ بِقَوْلِهِمَا: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّك أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، وَكَذَا يَسْأَلُ فِي جَمِيعِ الطَّاعَاتِ مِنْ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلسَّدَادِ، وَلَا يَكُونُ إلَّا مَا يُرِيدُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الصَّلَاةِ لَمْ يَذْكُرْ مِثْلَ هَذَا الدُّعَاءِ أَيْ سُؤَالَ التَّيْسِيرِ؛ لِأَنَّ مُدَّتَهَا يَسِيرَةٌ وَأَدَاؤُهَا - عَادَةً - مُتَيَسِّرٌ فَبِطَلَبِ التَّيْسِيرِ فِي الْعَسِيرِ مِنْ الْأُمُورِ لَا فِي الْيَسِيرِ مِنْهَا، وَكَذَا فِي الْكَافِي وَقَدَّمْنَا مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ اهـ.
وَقَالَ الْكَمَالُ، وَإِنْ ذَكَرَ بِلِسَانِهِ وَقَالَ نَوَيْت الْحَجَّ وَأَحْرَمْت بِهِ لِلَّهِ تَعَالَى لَبَّيْكَ. . . إلَخْ فَحَسَنٌ لِيَجْتَمِعَ الْقَلْبُ وَاللِّسَانُ وَعَلَى قِيَاسِ مَا قَدَّمْنَا فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ إنَّمَا يَحْسُنُ إذَا لَمْ تَجْتَمِعْ عَزِيمَتُهُ فَإِنْ اجْتَمَعَتْ فَلَا وَلَمْ تُعْلَمْ الرِّوَايَةُ لِنُسُكِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَصْلًا فَصْلًا قَطُّ، رَوَى وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ سَمِعَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَقُولُ نَوَيْت الْعُمْرَةَ، وَلَا الْحَجَّ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ تَكْثِيرُ الْإِجَابَةِ) أَيْ إجَابَةِ الدَّاعِي، وَالْكَلَامُ فِي التَّلْبِيَةِ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ فِي اشْتِقَاقِهَا فَقِيلَ: إنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ أَلَبَّ الرَّجُلُ إذَا أَقَامَ فِي مَكَان كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالثَّانِي أَنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاؤُهَا دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُلَبِّي حِينَ تَسْتَوِي بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ التَّلْبِيَةَ جَوَابٌ لِلدُّعَاءِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الدَّاعِي فَقِيلَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا قَالَ {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [إبراهيم: 10] وَقِيلَ رَسُولُ اللَّهِ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ سَيِّدًا بَنَى دَارًا وَاِتَّخَذَ مَأْدُبَةً وَبَعَثَ دَاعِيًا» وَأَرَادَ بِالدَّاعِي نَفْسَهُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الدَّاعِيَ هُوَ الْخَلِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ أُمِرَ أَنْ يَدْعُوَ النَّاسَ إلَى الْحَجِّ فَصَعِدَ أَبَا قُبَيْسٍ وَقَالَ أَلَا إنَّ اللَّهَ

اسم الکتاب : درر الحكام شرح غرر الأحكام المؤلف : منلا خسرو    الجزء : 1  صفحة : 219
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست