responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : درر الحكام شرح غرر الأحكام المؤلف : منلا خسرو    الجزء : 1  صفحة : 197
فَإِنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ (مِنْ أَهْلِهَا) احْتِرَازٌ عَنْ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْكَافِرِ (وَهُوَ) إمَّا (فَرْضٌ) وَهُوَ نَوْعَانِ مُعَيَّنٌ (كَصَوْمِ رَمَضَانَ أَدَاءً وَقَضَاءً) وَفَرْضِيَّتُهُ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ.
(وَ) غَيْرُ مُعَيَّنٍ نَحْوُ (الْكَفَّارَاتِ) أَيْ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ وَالظِّهَارِ وَالْقَتْلِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى فِي الْإِحْرَامِ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى (وَ) إمَّا (وَاجِبٌ كَالنَّذْرِ) الْمُعَيَّنِ وَالْمُطْلَقِ.
(وَ) إمَّا (نَفْلٌ كَغَيْرِهَا) ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ فَرِيضَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] وَعَلَى فَرْضِيَّتِهِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ وَلِهَذَا يَكْفُرُ جَاحِدُهُ وَالْمَنْذُورُ وَاجِبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج: 29] وقَوْله تَعَالَى {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} [النحل: 91] فَإِنْ قِيلَ: وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمَنْذُورُ أَيْضًا فَرْضًا لِثُبُوتِهِ بِالْكِتَابِ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْكِتَابَ عَامٌّ خُصَّ مِنْهُ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ كَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَتَجْدِيدِ الْوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ بِأَنَّ الْمَنْذُورَ إذَا كَانَ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْمَقْصُودَةِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلُزُومُهُ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ فَيَكُونُ قَطْعِيَّ الثُّبُوتِ، وَإِنْ كَانَ سَنَدُ الْإِجْمَاعِ ظَنِّيًّا وَهُوَ الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَرْضًا أَقُولُ الْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرْضِ هَاهُنَا الْفَرْضُ الِاعْتِقَادِيُّ الَّذِي يَكْفُرُ جَاحِدُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ وَالْفَرْضِيَّةُ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا تَثْبُتُ بِمُطْلَقِ الْإِجْمَاعِ بَلْ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى الْفَرْضِيَّةِ الْمَنْقُولِ بِالتَّوَاتُرِ كَمَا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ وَلَمَّا لَمْ يَثْبُتْ فِي الْمَنْذُورِ نَقْلُ الْإِجْمَاعِ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ بِالتَّوَاتُرِ بَقِيَ فِي مَرْتَبَةِ الْوُجُوبِ فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ الْمَنْقُولَ بِطَرِيقِ الشُّهْرَةِ أَوْ الْآحَادِ يُفِيدُ الْوُجُوبَ دُونَ الْفَرْضِيَّةِ بِهَذَا الْمَعْنَى كَمَا فِي الْحَدِيثِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ.

(صَحَّ صَوْمُ رَمَضَانَ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ وَالنَّفَلِ بِنِيَّةٍ مِنْ اللَّيْلِ إلَى الضَّحْوَةِ الْكُبْرَى لَا عِنْدَهَا) فَإِنَّ النَّهَارَ الشَّرْعِيَّ مِنْ الصُّبْحِ إلَى الْغُرُوبِ، وَالضَّحْوَةُ الْكُبْرَى مُنْتَصِفَهُ فَوَجَبَ أَنْ تُوجَدَ النِّيَّةُ قَبْلَهَا لِتَكُونَ مَوْجُودَةً فِي أَكْثَرِ النَّهَارِ فَتُوجَدُ فِي كُلِّهِ حُكْمًا، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ لَا مَا قِيلَ إلَى الزَّوَالِ؛ لِأَنَّهُ مُنْتَصَفُ نَهَارٍ اُعْتُبِرَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى غُرُوبِهَا.
(وَ) صَحَّ الصَّوْمُ (بِمُطْلَقِهَا) أَيْ النِّيَّةِ (وَبِنِيَّةِ النَّفْلِ وَبِخَطَإِ الْوَصْفِ فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ) لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِسَانِ الْفُقَهَاءِ خَاصَّةً حَيْثُ قَالَ وَالْمُرَادُ مِنْ النَّهَارِ الْيَوْمُ فِي لِسَانِ الْفُقَهَاءِ اهـ.
وَلَكِنْ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَا هُوَ أَعَمُّ حَيْثُ قَالَ النَّهَارُ عِبَارَةٌ عَنْ زَمَانٍ مُمْتَدٍّ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الْفِقْهِ وَاللُّغَةِ، وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُ دِيوَانِ الْأَدَبِ النَّهَارُ ضِدُّ اللَّيْلِ وَيَنْتَهِي اللَّيْلُ بِطُلُوعِ الصُّبْحِ الصَّادِقِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ إمَّا فَرْضٌ وَهُوَ نَوْعَانِ مُعَيَّنٌ كَصَوْمِ رَمَضَانَ أَدَاءً وَقَضَاءً) أَقُولُ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ قَضَاءَ رَمَضَانَ مُعَيَّنًا فَنَاقَضَ نَفْسَهُ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَشَرْطٌ لِلْبَاقِي وَهُوَ قَضَاءُ رَمَضَانَ إلَى أَنْ قَالَ إذْ لَيْسَ لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ، اهـ. وَالصَّوَابُ عَدَمُ التَّعْيِينِ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ وَنَحْوُ الْكَفَّارَاتِ) لَا يَظْهَرُ لِلَفْظَةِ نَحْوُ فَائِدَةٌ غَيْرُ الْإِقْحَامِ (قَوْلُهُ وَإِمَّا وَاجِبٌ كَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ وَالْمُطْلَقِ) هَذَا غَيْرُ الْأَظْهَرِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ صَوْمَ الْمَنْذُورِ فَرْضٌ كَالْكَفَّارَاتِ لِمَا سَنَذْكُرُ (قَوْلُهُ وَنَفْلٌ كَغَيْرِهَا) صَادِقٌ بِصَوْمِ الْمَسْنُونِ وَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ الْكَمَالُ إنَّ أَقْسَامَ الصَّوْمِ فَرْضٌ وَوَاجِبٌ وَمَسْنُونٌ وَمَنْدُوبٌ وَنَفْلٌ وَمَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا وَتَحْرِيمًا الْأَوَّلُ وَالثَّانِي كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَسْنُونُ صَوْمُ عَاشُورَاءَ مَعَ التَّاسِعِ وَالْمَنْدُوبُ ثَلَاثَةٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَيُنْدَبُ كَوْنُهَا الْأَيَّامَ الْبِيضَ يَعْنِي الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ وَكُلُّ صَوْمٍ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ طَلَبُهُ وَالْوَعْدُ عَلَيْهِ كَصَوْمِ دَاوُد - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَنَحْوِهِ، وَالنَّفَلُ مَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا لَمْ تَثْبُتْ كَرَاهَتُهُ وَالْمَكْرُوهُ تَنْزِيهًا عَاشُورَاءُ مُفْرَدًا عَنْ التَّاسِعِ وَنَحْوُ يَوْمِ الْمِهْرَجَانِ، وَالْمَكْرُوهُ تَحْرِيمًا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَالْعِيدَيْنِ اهـ لَكِنْ رَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِي عَنْ أُسْتَاذِهِ نَقْلًا عَنْ الْوَاقِعَاتِ يَجُوزُ صَوْمُ الْمِهْرَجَانِ بِلَا كَرَاهَةٍ.
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ اهـ. .
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَاضِي خَانْ إنْ وَافَقَ يَوْمُ النَّيْرُوزِ مُعْتَادَهُ لَا بَأْسَ بِهِ اهـ. .
وَفِي الْمُجْتَبَى يُكْرَهُ صَوْمُ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ إنْ تَعَمَّدَهُ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَصُومُ قَبْلَهُ فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَصُومَ اهـ.
فَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِحَمْلِ مَا عَنْ الْوَاقِعَاتِ وَالْوَلْوالِجِيَّة عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدُهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ قِيلَ فَوَجَبَ. . . إلَخْ) لَيْسَ مِنْ الْهِدَايَةِ بَلْ مِنْ الْمُحَشَّيْ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَلَمَّا لَمْ يَثْبُتْ فِي الْمَنْذُورِ نَقْلُ الْإِجْمَاعِ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ بِالتَّوَاتُرِ بَقِيَ فِي مَرْتَبَةِ الْوُجُوبِ) أَقُولُ هَذَا عَلَى غَيْرِ الْأَظْهَرِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ أَيْ صَوْمُ النَّذْرِ فَرْضٌ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى لُزُومِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ نُقِلَ إلَيْنَا بِالتَّوَاتُرِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَنَصَّ فِي الْبَدَائِعِ وَالْمَجْمَعِ عَلَى فَرْضِيَّةِ الْمَنْذُورِ، وَقَالَ فِي الْمَوَاهِبِ: وَفُرِضَ صَوْمُ الْكَفَّارَاتِ، وَكَذَا فُرِضَ الْمَنْذُورُ فِي الْأَظْهَرِ وَقِيلَ إنَّهُ وَاجِبٌ اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ الْمَنْقُولَ. . . إلَخْ) لَيْسَ الْمُدَّعَى مِمَّا ثَبَتَ بِهَذَا الطَّرِيقِ بَلْ بِتَوَاتُرِ نَقْلِ الْإِجْمَاعِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ

(قَوْلُهُ فَإِنَّ النَّهَارَ الشَّرْعِيَّ مِنْ الصُّبْحِ إلَى الْغُرُوبِ) أَقُولُ، وَكَذَا اللُّغَوِيَّ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ دِيوَانِ الْأَدَبِ (قَوْلُهُ فَوَجَبَ أَنْ تُوجَدَ النِّيَّةُ) أَيْ لَزِمَ إيجَادُ النِّيَّةِ قَبْلَهَا لِتَكُونَ مَوْجُودَةً فِي أَكْثَرِ النَّهَارِ، وَهَذَا خَاصٌّ بِالصَّوْمِ لِكَوْنِهِ رُكْنًا وَاحِدًا بِخِلَافِ الْحَجِّ وَالصَّلَاةِ فَلَا يَجُوزُ بِنِيَّةٍ فِي أَكْثَرِهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اقْتِرَانِهَا بِالْعَقْدِ عَلَى أَدَائِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا أَرْكَانٌ فَإِذَا لَمْ تُقَارِنْ الْعَقْدَ خَلَا بَعْضُ الْأَرْكَانِ عَنْهَا فَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ الرُّكْنُ عِبَادَةً كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَهَذَا عَلَى

اسم الکتاب : درر الحكام شرح غرر الأحكام المؤلف : منلا خسرو    الجزء : 1  صفحة : 197
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست