اسم الکتاب : حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح المؤلف : الطحطاوي الجزء : 1 صفحة : 585
اللهم صل على محمد وآل محمد إلى آخره "و" الرابعة من السنن "الدعاء للميت" ولنفسه وجماعة المسلمين "بعد" التكبيرة "الثالثة ولا يتعين له" أي الدعاء "شيء" سوى كونه بأمور الآخرة "و" لكن "إن دعا بالمأثور" عن النبي صلى الله عليه وسلم "فهو أحسن وأبلغ" لرجاء قبوله "ومنه ما حفظ عوف" بن مالك "من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم" لما صلى معه على جنازة "اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينق الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "اللهم صل على محمد الخ" يعني صلاة التشهد وهو أولى مما في الجلابي أنه يصلى بما يحضره والأولى أنه يصلى بعد الدعاء أيضا فقد أخرج أحمد والبراز وأبو يعلى والبيهقي في الشعب عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجعلوني كقدح الراكب فإن الراكب يملأ قدحه ثم يضعه ويرفع متاعه فإن احتاج إلى شرابه شربه أو الوضوء توضأ به إلا أهراقه ولكن اجعلوني في أول الدعاء وأوسطه وآخره" وما في السيد عن الجوهرة ومثله في السراج من حديث الأعمال موقوفة والدعوات محبوسة حتى يصلى علي أولا وآخرا اهـ قال بعض الفضلاء لم يوجد هذا اللفظ في المرفوع ومعناه صحيح لما ذكر من الحديث السابق قوله: "ولنفسه" ولوالديه المؤمنين كما في النهر ولكنه يقدم نفسه على الميت لأن من سنة الدعاء أن يبدأ فيه بنفسه كما نطق به القرآن في عدة مواضع كذا في السراج ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إبدأ بنفسك" الحديث وليس الدعاء من أركانها على التحقيق قوله: "ولا يتعين له شيء" لأن التعيين يذهب رقة القلب كذا في التبيين قوله: "سوى كونه بأمور الآخرة" فلو دعا بأمور الدنيا إن كان مما يستحيل طلبه لا تفسد إلا أنه لا يكون آتيا بالسنة وإن لم يستحل أفسدها كما تقتضيه القواعد قوله: "بالمأثور" أي المنقول قوله: "فهو أحسن" أي لما فيه من الاتباع قوله: "وعافه" أي من العذاب ونحوه قوله: "واعف عنه" أي ما ارتكبه من الذنوب قوله: "وأكرم نزوله" النزل ما يهيأ للضيف أي اجعل نزله كريما أي عظيما وهو يرجع إلى تكثير الثواب أو إلى نعيم القبر وفي نسخة منزله قوله: "مدخله" أي قبره قوله: "واغسله بالماء" هذا كناية عن تطهيره من الذنوب بالكلية والإحسان إليه بما يذهب عنه هم الدنيا وما اقترفه فيها وفي الكلام استعارة بالكناية حيث شبه الميت بثوب يغسل وطوى أركان التشبيه ما عدا المشبه وذكر الغسل تخييل والماء والبرد والثلج ترشيح ويحتمل أنه استعارة تمثيلية شبه فيها هيئة تطهير الميت من الذنوب تطهيرا بليغا بهيئة غسله من الأوساخ الحسية بمطهرات عديدة واستعمل التركيب الموضوع للمشبه به في المشبه قوله: "ونقه من الخطايا" يرجع إلى ما قبله والمقام للدعاء فيطلب فيه بسط القول قوله: "وأهلا خيرا من أهله" إن كان المراد بالأهل الزوج فالعطف للتفسير وإن كان المراد به ملائكة الرحمة أو المجاورين له من أموات المسلمين أو من سكان الجنة فالعطف للمغايرة
اسم الکتاب : حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح المؤلف : الطحطاوي الجزء : 1 صفحة : 585