اسم الکتاب : حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح المؤلف : الطحطاوي الجزء : 1 صفحة : 50
زاد إخوانكم من الجن" فإذا وجدوهما صار العظم كأن لم يؤكل فيأكلونه وصار الروث شعيرا وتبنا لدوابهم معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم والنهي يقتضي التحريم "وطعام لآدمي أو بهيمة" للإهانة والإسراف وقد نهى عنه عليه الصلاة والسلام "وآجر" بمد الهمزة وضم الجيم وتشديد الراء المهملة فارسي معرب وهو الطوب بلغة أهل مصر ويقال له آجور على وزن فاعول - اللبن المحرق - فلا ينقي المحل ويؤذيه فيكره "وخزف" صغار الحصى فلا ينقي ويلوث اليد "وفحم" لتلويثه "وزجاج وجص" لأنه يضر المحل "وشيء محترم" لتقومه "كخرقه ديباج وقطن" لإتلاف المالية والاستنجاء بها يورث الفقر "و" يكره الاستنجاء "باليد اليمنى" لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا بال أحدكم فلا يمسح بيمينه وإذا شرب فلا يشرب نفسا واحدا" "إلا من عذر" باليسرى فيستنجي بصب خادم أو من ماء
ـــــــــــــــــــــــــــــ.
قوله: "صار العظم كأن لم يؤكل" أي العظم الذي ذكر اسم الله عليه لما في الحديث كل عظم بذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أو فر ما كان لحما وهل هذا متحقق ولو تقادم عهده وتكرر أو قاصر على قريب العهد الذي لم يطعمه أحد من الجن والظاهر الثاني وإن كانت الكراهة في الجميع لأن العلة تعتبر في الجنس وأفاد الحديث الشريف أن الجن يأكلون وقيل رزقهم الشم ولا خلاف إنهم مكلفون وإنما الخلاف في إثابتهم فروي عن الإمام التوقف وروي عنه أن إثابتهم أجارتهم من العذاب لقوله تعالى: {وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف 31] وهو لا يستلزم الإثابة وقالا ومالك وابن أبي ليلى لهم ثواب كما عليهم عقاب قوله: "وفحم لتلويثه" ولما روي أنه لما قدم وفد الجن على النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله إنه أمتك أن يستنجوا بعظم أو روث أو حممة فإن الله تعالى جعل لنا فيها رزقا فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك والحممة كرطبة الفحم وما احترق من الخشب أو العظام ونحوهما وقوله رزقا أي انتفاعا لهم بالطبخ والدفا والإضاءة فيكره الإستنجاء بذلك لافساده ولا ينافي هذا الحديث ما تقرر إن ذلك كان يجعل النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يقتضي ثبوته لهم قبله فإن المعنى جعل لنا فيها رزقا بسبب جعلك إياها لنا فإنه عن الله عز وجل قوله: "فلا يتمسح بيمينه" قال العيني في شرح البخاري والنهي للتنزيه عند الجمهور لأنه لمعنيين أحدهما رفع قدر اليمين والآخر أنه لو باشر بها النجاسة ربما يتذكر عند مناولة الطعام ما باشرت يمينه فينفر طبعه عن ذلك خلافا للظاهرية والكراهة في الإستنجاء بقسميه قوله: "فيستنجي بصب خادم" هذا خلاف ما يعطيه الاستثناء فإنه يفيد عدم الكراهة باليمين حال العذر وهو كذلك فإن حصل عذر باليمين سقط الاستنجاء كما في الحموي عن المحيط.
تنبيه لو استنجى بهذه المكروهات فقال في غاية البيان عن الأقطع: فإن ارتكب النهي واستنجى بذلك هل يجزيه فعندنا نعم وعند الشافعي لا لنا أن المقصود التنقية وقد حصلت.
اسم الکتاب : حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح المؤلف : الطحطاوي الجزء : 1 صفحة : 50