اسم الکتاب : حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح المؤلف : الطحطاوي الجزء : 1 صفحة : 381
أمن المكر كفر كالقنوت من الرحمة وجمع بين الرجاء والخوف لأن شأن القادر أن يرجى نواله ويخاف نكاله وفي الحديث "لا يجتمعان في قلب عبد مؤمن إلا أعطاه الله ما يرجو وأمنه مما يخاف" فلإنعامك علينا بالإيمان وتوفيقك للعمل بالأركان ممتثلين لأمرك مقتصرين على القلب واللسان إذ هو طمع الكاذبين ذوي البهتان نعتقد ونقول "إن عذاب الجد" أي الحق وهو بكسر الجيم اتفاقا بمعنى الحق وهو ثابت في مراسيل أبي داود فلا يلتفت لمن قال أنه لا يقول الجد "بالكفار ملحق" أي لاحق بهم بكسر الحاء أفصح وقيل بفتحها يعني أن الله سبحانه وتعالى ملحقه بهم ولما روى النسائي بإسناد حسن أن في حديث القنوت "وصلى الله على النبي" صلينا عليه صلى الله عليه "و" على "آله وسلم" كما
ـــــــــــــــــــــــــــــ.
معناه أنه يوصل إليه بسبب استرساله في المعاصي قال تعالى: {فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} قوله: "كالقنوط من الرحمة" أي اليأس منها والجزم بأنه من أهل العذاب فإنه يؤدي إلى تقليل العمل وإنكار الرحمة وفيه ما تقدم في الأمن قال تعالى: {إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} قوله: "أني يرجى نواله" أي إنعامه ونكاله عقابه قوله: "لا يجتمعان الخ" قد علمت أن الرجاء لا يتحقق إلا مع الأعمال الصالحة وإلا فهو طمع قوله: "بالأركان" أي الأعضاء قوله: "ممتثلين لأمرك" حال مؤكدة قوله: "لا مقتصرين على القلب واللسان" بأن يرجو بقلبه أو ينطق بلسانه من غير عمل الأركان قوله: "ذوي البهتان" هو الكذب وفسره في القاموس بأن يقول على الشخص ما لم يفعل قوله: "نعتقد ونقول" معلول مؤخر عن علته وهو قوله فلإنعامك علينا بالإيمان ولا شك أن هذا الإعتقاد والقول علته الإنعام بالإيمان قوله: "بكسر الحاء" قالالنووي هذا هو المشهور وقالالجزري هكذا روينا قوله: "وقيل بفتحها" قاله ابن قتيبة وغيره ونص الجوهري على أنه صواب قوله: "وصلى الله على النبي" هذا هو الذي رواه النسائي فقط بدون وعلى آله وسلم كما يفهم من الشرح قوله: "صلينا" معلول لقوله ولما روى النسائي قوله: "وعلى آله وسلم" في الواقعات بعد ما ذكر اختيار الفقيه أبي الليث أنه يصلي قال والمستحب في كل دعاء أن يكون فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد" اهـ فهذا يفيد أن كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت بهذه الكيفية ويشهد له ما أخرجه النسائي بسند صحيح عن زيد بن خارجة قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف الصلاة عليك فقال: "صلوا علي واجتهدوا في الدعاء وقولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وعنه صلى الله عليه وسلم الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد حتى يصلى على فلا تجعلوني كغمر الراكب صلوا علي في أول الدعاء وأوسطه وآخره" [1]. [1] قوله والغمر بكسر الغين إلخ الذي في القاموس والصحاح أنه كصرد وأورد الحديث في اللسان مضبوطا هكذا فتنبه.
اسم الکتاب : حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح المؤلف : الطحطاوي الجزء : 1 صفحة : 381