اسم الکتاب : حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح المؤلف : الطحطاوي الجزء : 1 صفحة : 317
الدعاء أسمع قال جوف الليل الأخير ودبر الصلوات المكتوبات ولقوله صلى الله عليه وسلم: "والله إني لأحبك أوصيك يا معاذ لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" "رافعي أيديهم" حذاء الصدر وبطونها مما يلي الوجه بخشوع وسكون ثم يختمون بقوله تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} الآية لقول علي رضي الله عنه من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه إذا قام من
ـــــــــــــــــــــــــــــ.
وأن يخص صلاة أو وقتا بدعاء لأنه يقسي القلب وأن يعتدي في الدعاء لقوله عز وجل انه لا يحب المعتدين واختلف في تفسيره فقيل هو أن يدعو بمستحيل شرعا أو عقلا وقيل هو طلب ما لا يليق به كمراتب الأنبياء وقيل هو الصياح به وقيل تكلف السجع وقيل الإطناب فيه وقيل طلب أمر لا يعلم حقيقته وأفاد المصنف بقوله وللمسلمين جواز الدعاء لهم عموما لقوله تعالى حكاية عن إبراهيم: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} [إبراهيم: 41] وقوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19] ولا يلزم من سؤال المغفرة أن يغفر لهم فقد لا يستجاب له ويكون في الدعاء بالاستغفار إظهار الافتقار إلى الله تعالى وعلى تقدير الإجابة لا يلزم أن يغفر لهم جميع الذنوب فقد يغفر لهم البعض دون البعض كما ذكره ابن العماد وبهذا يسقط ما ذكره العراقي من حرمة الدعاء للمؤمنين بغفران جميع الذنوب قوله: "والله اني لأحبك الخ" ينبغي العمل بها لأنها وصية المحب للمحبوب ومن الأدب في الدعاء أن يدعو بخشوع وتذلل وخفض صوت أي بأن يكون بين المخافتة والجهر كما في الأذكار عن الأحياء ليكون أقرب إلى الإجابة قوله: "حذاء الصدر وبطونها مما يلي الوجه" الذي في الحصن الحصين وشرحه أن يرفعهما حذاء منكبيه باسطا كفيه نحو السماء لأنها قبلة الدعاء اهـ قال بعض الأفاضل ولا منافاة بينهما لأن المراد أن لا يجعل بطونهما جهة الأرض والتفاوت في مقدار الرفع قليل كما يشير إليه ما في أبي داود عن ابن عباس قال المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك أو دونهما وأما ما روي أنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه فمحمول على بيان الجواز أو على حالة الاستسقاء ونحوها من شدة البلاء والمبالغة في الدعاء وفي النهر من فعل كيفيته المستحبة أن يكون بين الكفين فرجة وإن قلت وأن لا يضع إحدى يديه على الأرض فإن كان لا يقدر على رفع يديه لعذر أو برد فأشار بالمسبحة أجزأ اهـ لكن في شرح الحصن الحصين والظاهر أن من الأدب أيضا ضم اليدين وتوجيه أصابعهما نحو القبلة وفي شرح المشكاة ورد أنه صلى الله عليه وسلم يوم عرفة جمع بين كفيه في الدعاء وأن أريد بالضم في كلام القرب التام لا ينافي وجود الفرجة القليلة وأما قوله جمع بين كفيه لا ينافيه أيضا لأن المعنى جمع بينهما في الرفع ولم يفرد أحدهما به قوله: "رب العزة" أي العظمة وقيل هي حية عظيمة دائرة بالعرش قريب ذنبها من رأسها فإذا اجتمعا قامت القيامة قوله: "من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى" المراد به تكثير الأجر.
اسم الکتاب : حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح المؤلف : الطحطاوي الجزء : 1 صفحة : 317