responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 90
فَذُكِرَ لَهُ الشَّبُّورُ فَقَالَ هُوَ مِنْ أَمْرِ الْيَهُودِ فَذُكِرَ لَهُ النَّاقُوسُ فَقَالَ هُوَ مِنْ أَمْرِ النَّصَارَى فَذُكِرَ لَهُ النَّارُ فَقَالَ هُوَ لِلْمَجُوسِ فَانْصَرَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَهُوَ مُهْتَمٌّ لِهَمِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَأُرِيَ الْأَذَانَ فَغَدَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَأَمَرَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنْ يُلْقِيَهُ عَلَى بِلَالٍ» قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (سُنَّ لِلْفَرَائِضِ) أَيْ الْأَذَانُ وَهُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ، وَكَذَا الْإِقَامَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ وَاجِبٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» أَمْرٌ وَهُوَ لِلْوُجُوبِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ بَلْدَةٍ اجْتَمَعُوا عَلَى تَرْكِ الْأَذَانِ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ وَاحِدٌ لَضَرَبْته وَحَبَسْته عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُقَاتَلُ عَلَى تَرْكِ الْفُرُوضِ وَقِيلَ لَا يَدُلُّ قَوْلُهُ عَلَى الْوُجُوبِ.
فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَوْ تَرَكُوا سُنَّةً مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَاتَلْتهمْ عَلَيْهَا وَلَوْ تَرَكَ وَاحِدٌ ضَرَبْته وَقِيلَ عَنْ مُحَمَّدٍ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَقِيلَ إذَا كَانَتْ السُّنَّةُ مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ يُقَاتَلُ عَلَيْهَا وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ هُوَ فَرْضٌ فِي حَقِّ الْجَمَاعَةِ وَأَوْجَبَهُ مَالِكٌ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ وَقَالَ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَنَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَّمَ الْأَعْرَابِيَّ كَيْفَ يُصَلِّي وَذَكَرَ لَهُ الْوُضُوءَ وَاسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ وَأَرْكَانَ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا لَهُ، وَلَوْ كَانَا فَرْضًا لَذَكَرَهُ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ لَا يَكُونُ حُجَّةً فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَالْأَمْرُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ لِلِاسْتِحْبَابِ وَالسُّنَّةُ تَثْبُتُ بِالْمُوَاظَبَةِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (بِلَا تَرْجِيعٍ وَلَحْنٍ) أَمَّا كَوْنُهُ بِلَا تَرْجِيعٍ فَمَذْهَبُنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِيهِ التَّرْجِيعُ لِحَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَهُ بِذَلِكَ.
وَلَنَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيعٍ وَأَذَانُ بِلَالٍ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَضَرًا وَسَفَرًا مِنْ غَيْرِ تَرْجِيعٍ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَتَلْقِينُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي مَحْذُورَةَ كَانَ تَعْلِيمًا فَظَنَّهُ هُوَ تَرْجِيعًا، وَقِيلَ: إنَّهُ كَانَ فِي يَوْمِ أَسْلَمَ أَخْفَى كَلِمَةَ الشَّهَادَتَيْنِ حَيَاءً مِنْ قَوْمِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْقِصَّةِ فَقَالَ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ارْجِعْ فَمُدَّ بِهَا صَوْتَك؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَذَانِ الْإِعْلَامُ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالْإِخْفَاءِ فَصَارَ كَسَائِرِ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ، وَأَمَّا اللَّحْنُ الْمُرَادُ بِهِ التَّطْرِيبُ فَلِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ «كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُؤَذِّنٌ يُطْرِبُ فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ» وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ عُمَرَ إنِّي لَأُحِبُّك فِي اللَّهِ فَقَالَ لَهُ أَنَا أَبْغَضُك فِي اللَّهِ إنَّك تَتَغَنَّى فِي أَذَانِك أَيْ تُطْرِبُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ صَاحِبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ Q ( قَوْلُهُ: فَذُكِرَ لَهُ الشَّبُّورُ) قَالَ فِي الْمُغْرِبِ شَيْءٌ يُنْفَخُ فِيهِ وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ مَحْضٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَأُرِيَ الْأَذَانَ إلَى آخِرِهِ) وَلَا اسْتِبْعَادَ فِي ثُبُوتِ الْأَذَانِ بِالرُّؤْيَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّهَا الرُّؤْيَا حَقٌّ» وَالرُّؤْيَا الَّتِي أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَقِيقَتِهَا مُلْحَقَةٌ بِالْوَحْيِ وَقَدْ تَأَيَّدَتْ رُؤْيَا ابْنِ زَيْدٍ بِرُؤْيَا مَنْ تَنْطِقُ السَّكِينَةُ عَلَى لِسَانِهِ وَهُوَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ السُّهَيْلِيُّ مَا حَاصِلُهُ: إنَّ الْحِكْمَةَ فِي ثُبُوتِهِ بِالرُّؤْيَا دُونَ الْوَحْيِ أَنَّ تَعْظِيمَ الْإِنْسَانِ عَلَى لِسَانِ غَيْرِهِ أَعْظَمُ وَأَقْرَبُ إلَى الْقَبُولِ فَإِظْهَارُهُ لِغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الْيَقِظَةِ؛ لِأَنَّهُ وَحْيٌ وَالْوَحْيُ مُخْتَصٌّ بِالْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَنَامِ وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ الْأَذَانَ فِي السَّمَاءِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ سُنَّةٌ فِي الْأَرْضِ وَبِهَذِهِ الرُّؤْيَا تَبَيَّنَ أَنَّ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا أَرَاهُ أَنْ يَكُونَ سُنَّةً فِي الْأَرْضِ وَقِيلَ: إنَّهُ ثَبَتَ بِأَذَانِ الْمَلَكِ الَّذِي خَرَجَ مِنْ الْحِجَابِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَقِيلَ بِتَأْذِينِ جِبْرِيلَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْأَذَانَ شُرِعَ بِالْمَدِينَةِ وَالْإِسْرَاءُ كَانَ بِمَكَّةَ فَكَيْفَ تَأَخَّرَ وَكَيْفَ اهْتَمُّوا لِتَعْيِينِ الْعَلَامَةِ وَاخْتَلَفَ آرَاؤُهُمْ فِيهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَسْمُوعَ مِنْ الْمَلَكِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَشْرُوعًا فِي حَقِّ الْبَشَرِ فَتَأَخَّرَ الْأَمْرُ إلَى أَنْ أَذِنَ لَهُ بِذَلِكَ وَحْيًا أَوْ رُؤْيَا صَادِقَةً مُلْحَقَةً بِالْوَحْيِ.
هَكَذَا وَجَدْت بِخَطِّ الشَّيْخِ الْعَلَّامَةِ نِظَامِ الدِّينِ يَحْيَى السِّيرَامِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَتَبْت مِنْ خَطِّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا نَصُّهُ أَقُولُ ثُبُوتُ الْأَذَانِ وَهُوَ مِنْ مَعَالِمِ الدِّينِ بِالرُّؤْيَا فِيهِ فَوَائِدُ الدَّلَالَةِ، عَلَى أَنَّ الرُّؤْيَا أَمْرٌ مُحَقَّقٌ لَا خَيَالٌ بَاطِلٌ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ جُمْهُورُ الْمُتَكَلِّمِينَ وَظُهُورُ ثُبُوتِهِ مَنَامًا كَمَا ظَهَرَتْ يَقِظَةً وَتَعْظِيمُ شَأْنِ الدِّينِ رُئِيَ هَذِهِ الرُّؤْيَا حَيْثُ ثَبَتَ بِهَا مَا هُوَ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَمَعَالِمِ الدِّينِ. اهـ. يَحْيَى (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا لَهُ) أَيْ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ (قَوْلُهُ: لِلِاسْتِحْبَابِ) أَيْ بِدَلِيلِ حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: تَثْبُتُ بِالْمُوَاظَبَةِ) أَيْ لَا بِالْأَمْرِ (قَوْلُهُ: بِلَا تَرْجِيعٍ) التَّرْجِيعُ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَ أَنْ خَفَضَ بِهِمَا.
(قَوْلُهُ: وَلَحْنٍ) قَالَ الشَّيْخُ بَاكِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عِنْدَ قَوْلِهِ بِلَا تَرْجِيعٍ وَلَحْنٍ يُقَالُ لَحَنَ فِي الْقِرَاءَةِ طَرِبَ وَتَرَنَّمَ مَأْخُوذٌ مِنْ أَلْحَانِ الْأَغَانِي فَلَا يُنْقِصُ شَيْئًا مِنْ حُرُوفِهِ وَلَا يَزِيدُ فِي أَثْنَائِهِ حَرْفًا، وَكَذَا لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ كَيْفِيَّاتِ الْحُرُوفِ كَالْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ وَالْمَدَّاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لِتَحْسِينِ الصَّوْتِ فَأَمَّا مُجَرَّدُ تَحْسِينِ الصَّوْتِ بِلَا تَغْيِيرٍ فَإِنَّهُ حَسَنٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِحَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ) فَإِنْ قِيلَ أَذَانُ أَبِي مَحْذُورَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ وَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي أَوَّلِ شَرْعِ الْأَذَانِ فَيَكُونُ مَنْسُوخًا قِيلَ لَهُ أَلَيْسَ قَدْ رَجَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْمَدِينَةِ وَبِلَالٌ يُؤَذِّنُ مَعَهُ وَبِالْمَدِينَةِ بَعْدَ رُجُوعِهِ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَا تَرْجِيعٍ فَقَدْ أَقَرَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى الْأَذَانِ الَّذِي هُوَ أَذَانُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ؛ وَلِأَنَّ مَا يَخْفِضُ بِهِ صَوْتَهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ فَائِدَةُ الْأَذَانِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ فَلَا يُعْتَبَرُ. اهـ. سَرُوجِيٌّ (قَوْلُهُ: حَيَاءً مِنْ قَوْمِهِ إلَى آخِرِهِ) وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ أَشْبَهُ فَإِنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ كَانَ أَخْلَصَ فِي إيمَانِهِ مِنْ أَنْ يَبْقَى مَعَهُ حَيَاءٌ مِنْ قَوْمِهِ. اهـ. كَاكِيٌّ.
(قَوْلُهُ: ارْجِعْ فَمُدَّ بِهَا صَوْتَك) وَقَدْ سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْهُ فِي الْقِرَاءَةِ فَكَرِهَهُ وَمَنَعَهُ فَقِيلَ لَهُ لِمَ فَقَالَ لِلسَّائِلِ مَا اسْمُك قَالَ مُحَمَّدٌ فَقَالَ أَيُعْجِبُك أَنْ يُقَالَ لَك يَا مُوحَامَدُ وَإِذَا لَمْ يَحِلَّ هَذَا فِي الْأَذَانِ فَفِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْلَى اهـ فَتْحٌ

اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 90
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست