responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 41
الْقُدْرَةَ فِي الْحَقِيقَةِ غَيْرُ نَاقِضَةٍ إذْ لَيْسَتْ بِخُرُوجِ نَجِسٍ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا، وَلَكِنْ انْتَهَتْ طَهُورِيَّةُ التُّرَابِ عِنْدَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُجْعَلْ طَهُورًا إلَّا إلَى وُجُودِ الْمَاءِ فَإِذَا وَجَدَهُ كَانَ مُحْدِثًا بِالْحَدَثِ السَّابِقِ، وَشَرْطٌ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهَا فَهُوَ مَشْغُولٌ بِالْحَاجَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَالْمَعْدُومِ، وَكَذَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ كَافِيًا لِلْوُضُوءِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ كَافِيًا فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ فَلَا يَنْقُضُ تَيَمُّمَهُ إذْ لَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ، وَلِهَذَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِهِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُشْتَرَطُ بَلْ يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ وَيَتَيَمَّمُ لِلْبَاقِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] وَهُوَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتَعُمُّ الْكَافِيَ وَغَيْرَهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ وَجَدَ مَاءً يَكْفِي لِإِزَالَةِ بَعْضِ النَّجَاسَةِ أَوْ ثَوْبًا يَسْتُرُ بَعْضَ عَوْرَتِهِ وَكَمَا يَجْمَعُ حَالَةَ الْمَخْمَصَةِ بَيْنَ الذَّكِيَّةِ وَالْمَيْتَةِ، وَلَنَا أَنَّ الْغُسْلَ الْمَأْمُورَ بِهِ هُوَ الْمُبِيحُ لِلصَّلَاةِ وَمَا لَا يُبِيحُهَا فَوُجُودُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ، وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُفِدْ كَانَ الِاشْتِغَالُ بِهِ عَبَثًا وَتَضْيِيعًا لِلْمَاءِ فِي مَوْضِعِ عِزَّتِهِ، وَتَضْيِيعُ الْمَالِ حَرَامٌ فَصَارَ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْمُكَفِّرُ مَا يَكْفِي خَمْسَةَ مَسَاكِينَ أَوْ بَعْضَ رَقَبَةٍ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ وَلَا يُؤْمَرُ بِالْإِطْعَامِ وَلَا بِعِتْقِ بَعْضِ الْعَبْدِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ هُنَاكَ يَقَعُ تَطَوُّعًا فَيُثَابُ عَلَيْهِ.
وَالْآيَةُ تَشْهَدُ لَنَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَنَا فِي الْوُضُوءِ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الثَّلَاثَةِ وَفِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ بِغَسْلِ جَمِيعِ الْبَدَنِ ثُمَّ قَالَ {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] فَكَانَ تَقْدِيرُهُ مَاءً يُسْتَعْمَلُ فِي ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ وَهُوَ الْكَافِي لِلْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ لَا الْقَطْرَةُ وَالْقَطْرَتَانِ وَقَوْلُهُ فَتَعُمُّ الْكَافِيَ وَغَيْرَهُ قُلْنَا لَوْ تَنَاوَلَ غَيْرَ الْكَافِي لَمَا جَازَ الْمَصِيرُ إلَى التَّيَمُّمِ مَعَهُ كَمَا لَا يَجُوزُ مَعَ الْمَاءِ الْكَافِي، وَهَذَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُجِزْ التَّيَمُّمَ إلَّا عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ، وَهَذَا وَاجِدٌ لِلْمَاءِ عَلَى زَعْمِهِ فَكَيْفَ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَنَا بِإِحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ عَلَى الْبَدَلِ وَلَمْ يَأْمُرْنَا بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْبَدَلِ فَصَارَ مُخَالِفًا لِلنَّصِّ وَاعْتِبَارُهُ بِالنَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّةِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهَا تَتَجَزَّأُ وَالْحَدَثُ لَا يَتَجَزَّأُ وَلِأَنَّ قَلِيلَهَا عَفْوٌ بِخِلَافِ الْحَدَثِ وَكَذَا سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَ أَنْ نَرَى الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَنْقُضُ إذَا وَجَدَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: 43] وَهَذَا وَاجِدٌ لِلْمَاءِ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «فَإِذَا وَجَدْت الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَك» أُمِرْنَا بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ عِنْدَ وُجُودِهِ مُطْلَقًا فَدَلَّ عَلَى بُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ، وَلِأَنَّ التُّرَابَ لَمْ يُجْعَلْ طَهُورًا إلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ فَيَبْطُلُ بِوُجُودِهِ وَلِأَنَّهُ قُدِّرَ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَدَلِ فَبَطَلَ حُكْمُ الْبَدَلِ كَالْمُعْتَدَّةِ بِالْأَشْهُرِ إذَا حَاضَتْ فِي عِدَّتِهَا، وَلَوْ كَانَ فِي النَّفْلِ فَرَآهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ احْتِيَاطًا وَكَذَا لَا فَرْقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ أَنْ يَرَاهُ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ أَوْ بَعْدَهُ، وَتَأْتِي مَعَ أَخَوَاتِهَا فِي مَوْضِعِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَهِيَ تَمْنَعُ التَّيَمُّمَ وَتَرْفَعُهُ) أَيْ الْقُدْرَةُ عَلَى الْمَاءِ تَمْنَعُ جَوَازَ التَّيَمُّمِ ابْتِدَاءً وَتَرْفَعُهُ بَعْدَمَا تَيَمَّمَ، وَقَدْ مَرَّ الْوَجْهُ وَهَذَا تَكْرَارٌ مَحْضٌ لِأَنَّهُ لَمَّا عَدَّ الْأَعْذَارَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَلَمَّا قَالَ وَقُدْرَةُ مَاءٍ عُلِمَ أَنَّهُ تَرْفَعُهُ الْقُدْرَةُ وَلَا يَبْقَى إلَّا فِي مَوْضِعٍ يَجُوزُ ابْتِدَاءً فَلَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهِ ثَانِيًا، وَلَا يَلِيقُ بِمِثْلِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ.

قَالَ (وَرَاجِي الْمَاءِ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ Q؛ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ ضَرُورِيَّةٌ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا. اهـ. يَحْيَى وَلَوْ أَنَّ مُتَوَضِّئًا سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَخَرَجَ لِيَتَوَضَّأَ فَلَمْ يَجِدْ الْمَاءَ فَتَيَمَّمَ، ثُمَّ قَبْلَ الِانْصِرَافِ إلَى مَكَانِهِ وَجَدَ الْمَاءَ تَوَضَّأَ وَبَنَى وَلَوْ انْصَرَفَ إلَى مَكَانِهِ، ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ تَوَضَّأَ وَاسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ اسْتِحْسَانًا. اهـ. ظَهِيرِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا سَتْرُ الْعَوْرَةِ) أَيْ يَتَجَزَّأُ وَقَلِيلُهَا عَفْوٌ كَمَا يَأْتِي اهـ.
(قَوْلُهُ جَوَازُ التَّيَمُّمِ ابْتِدَاءً وَتَرْفَعُهُ) لَا الْوُجُودُ وَإِنْ كَانَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ هُوَ الْوُجُودُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُجُودِ هُوَ الْقُدْرَةُ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَيَكُونُ قَوْلُهُ فَهِيَ تُمْنَعُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ مَنْ يَقُولُ الْمَانِعُ الْوُجُودُ فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ التَّكْرَارُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ النَّاقِضَ قُدْرَةُ الْمَاءِ فَيَعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهَا تَكُونُ مَانِعَةً فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ ثَانِيًا بِقَوْلِهِ فَهِيَ تُمْنَعُ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ دَفْعُ تَوَهُّمِ مُتَوَهِّمٍ أَنَّ الْوُجُودَ هُوَ الْمَانِعُ. اهـ. رَازِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَهَذَا تَكْرَارٌ مَحْضٌ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ بَيَانٌ لِحَاصِلِ مَا ذَكَرَ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى مُخْتَصَرَةٍ فَلَا يَكُونُ مِنْ التَّكْرَارِ فِي شَيْءٍ، بَلْ هُوَ دَأْبُ الْمُحَقِّقِينَ فِي تَقْدِيرَاتِهِمْ يَحْيَى (قَوْلُهُ لَمَّا عَدَّ الْأَعْذَارَ) أَيْ الْمُبِيحَةَ لِلتَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ وَلَا يَلِيقُ) أَيْ التَّكْرَارُ. اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَرَاجِي الْمَاءِ) وَالْمُرَادُ بِالرَّجَاءِ غَلَبَةُ الظَّنِّ أَيْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَجِدُ الْمَاءَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ، وَهَذَا الِاسْتِحْبَابُ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْضِعٍ يَرْجُوهُ مِيلٌ أَوْ أَكْثَرُ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَا يُجْزِيهِ التَّيَمُّمُ، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ وَقْتِ الصَّلَاةِ. اهـ. كَاكِيٌّ.
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَيُسْتَحَبُّ لِعَادِمِ الْمَاءِ وَهُوَ يَرْجُو أَنْ يَجِدَهُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ فَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ وَإِلَّا تَيَمَّمَ وَصَلَّى لِيَقَعَ الْأَدَاءُ بِأَكْمَلِ الطَّهَارَتَيْنِ، وَصَارَ كَالطَّامِعِ فِي الْجَمَاعَةِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّ التَّأْخِيرَ حَتْمٌ؛ لِأَنَّ غَالِبَ الرَّأْيِ كَالْمُتَحَقَّقِ، وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الْعَجْزَ ثَابِتٌ حَقِيقَةً فَلَا يَزُولُ حُكْمُهُ إلَّا بِيَقِينِ مِثْلِهِ اهـ قَالَ الْكَمَالُ قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَالِبَ الرَّأْيِ كَالْمُتَحَقِّقِ مَعَ قَوْلِهِ فِي وَجْهِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْعَجْزَ ثَابِتٌ حَقِيقَةً فَلَا يَزُولُ حُكْمُهُ إلَّا بِيَقِينِ مِثْلِهِ مَعَ أَنَّهُ مَنْظُورٌ فِيهِ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ فِي الْعُمْرَانَاتِ وَفِي الْفَلَاةِ إذَا أُخْبِرَ بِقُرْبِ الْمَاءِ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ قَبْلَ الطَّلَبِ اعْتِبَارًا لِغَالِبِ الظَّنِّ كَالْيَقِينِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ لَزِمَهُ التَّأْخِيرُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَكِنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ خِلَافُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ مِيلٌ جَازَ التَّيَمُّمُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَفِي الْخُلَاصَةِ الْمُسَافِرُ إذَا كَانَ عَلَى تَيَقُّنٍ مِنْ وُجُودِ الْمَاءِ أَوْ غَالِبُ ظَنِّهِ عَلَى ذَلِكَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ فَتَيَمَّمَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَصَلَّى إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ مِيلٌ جَازَ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ وَلَكِنْ يَخَافُ الْفَوْتَ لَا يَتَيَمَّمُ اهـ

اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 41
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست