responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 36
سُؤْرَ الْحِمَارِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَاءً مُطْلَقًا فَلَا يَجُوزُ الْمَصِيرُ إلَى النَّبِيذِ مَعَ وُجُودِهِ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا، وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ عِنْدَ التَّوَضُّؤِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ كَالتَّيَمُّمِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الْغُسْلِ بِهِ.
قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ يَجُوزُ الِاغْتِسَالُ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ مَا وَرَدَ مِنْ النَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ يَلْحَقُ بِهِ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ، وَالْجَنَابَةُ حَدَثٌ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَحْدَاثِ وَقَالَ فِي الْمُفِيدِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاغْتِسَالُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ أَغْلَظُ الْحَدَثَيْنِ، وَالضَّرُورَةُ فِي الْجَنَابَةِ دُونَهَا فِي الْوُضُوءِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي النَّبِيذِ الَّذِي يَجُوزُ بِهِ الْوُضُوءُ قَالَ فِي الْمُفِيدِ وَالْمَزِيدِ الْمَاءُ الَّذِي أُلْقِيَ فِيهِ تُمَيْرَاتٌ فَصَارَ حُلْوًا وَلَمْ يَزُلْ عَنْهُ اسْمُ الْمَاءِ، وَهُوَ رَقِيقٌ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا، وَإِنْ طُبِخَ أَدْنَى طَبْخَةٍ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ حُلْوًا كَانَ أَوْ مُرًّا أَوْ مُسْكِرًا قَالَ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ الْمَطْبُوخُ الَّذِي زَالَ عَنْهُ اسْمُ الْمَاءِ، وَفِيهِ بُعْدٌ وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَإِنْ غَيَّرَتْهُ النَّارُ فَمَا دَامَ حُلْوًا فَهُوَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ، وَإِنْ اشْتَدَّ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ شُرْبُهُ عِنْدَهُ وَهَذَا يُنَاقِضُ مَا ذَكَرَهُ هُوَ بِنَفْسِهِ فِي بَابِ الْمَاءِ الَّذِي يَجُوزُ بِهِ الْوُضُوءُ فَإِنَّهُ قَالَ هُنَاكَ وَإِنْ تَغَيَّرَ بِالطَّبْخِ بَعْدَمَا خُلِطَ بِهِ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي مَعْنَى الْمُنْزَلِ مِنْ السَّمَاءِ إذْ النَّارُ قَدْ غَيَّرَتْهُ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ أَنَّ الْمُسْكِرَ مِنْهُ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ لِأَنَّهُ حَرَامٌ وَإِنْ كَانَ مَطْبُوخًا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَتَوَضَّأُ بِهِ إذْ النَّارُ قَدْ غَيَّرَتْهُ حُلْوًا كَانَ أَوْ مُشْتَدًّا كَمَطْبُوخِ الْبَاقِلَاءِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي طَاهِرٍ الدَّبَّاسِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ وَهُوَ أَوْفَقُ الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُ بِالطَّبْخِ كَمُلَ امْتِزَاجُهُ وَكَمَالُ الِامْتِزَاجِ يَمْنَعُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ عَلَيْهِ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

(بَابُ التَّيَمُّمِ) التَّيَمُّمُ فِي اللُّغَةِ الْقَصْدُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ} [البقرة: 267] أَيْ لَا تَقْصِدُوا، وَقَالَ الشَّاعِرُ
فَلَا أَدْرِي إذَا يَمَّمْت أَرْضًا ... أُرِيدُ الْخَيْرَ أَيَّهُمَا يَلِينِي
وَفِي الشَّرْعِ هُوَ عَلَى مَا قَالُوا اسْتِعْمَالُ جُزْءٍ مِنْ الْأَرْضِ عَلَى أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ عَلَى قَصْدِ التَّطْهِيرِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ الْجُزْءُ عَلَى الْأَعْضَاءِ حَتَّى يَجُوزُ بِالْحَجَرِ الْأَمْلَسِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (يَتَيَمَّمُ لِبُعْدِهِ مِيلًا عَنْ مَاءٍ أَوْ لِمَرَضٍ أَوْ بَرْدٍ أَوْ خَوْفِ سَبُعٍ أَوْ عَدُوٍّ أَوْ عَطَشٍ أَوْ فَقْدِ آلَةٍ) أَيْ يَتَيَمَّمُ الشَّخْصُ لِهَذِهِ الْأَعْذَارِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] أَيْ فَلَمْ تَقْدِرُوا وَبِهَذِهِ الْأَعْذَارِ تَنْتَفِي الْقُدْرَةُ أَمَّا لِبُعْدِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ) لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْمَاءِ كَالتُّرَابِ حَتَّى لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ حَالَ وُجُودِ الْمَاءِ، وَيَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِهِ أَيْضًا عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ كَالتَّيَمُّمِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ مُسْكِرًا) فِي الدِّرَايَةِ أَنَّ التَّوَضُّؤَ بِالْمُسْكِرِ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ، (قَوْلُهُ وَفِيهِ بُعْدٌ) لِأَنَّهُ مَاءٌ مُقَيَّدٌ فَلَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ (قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَدَّ) لَيْسَتْ فِي مُسْوَدَّةِ الشَّارِحِ

[بَابُ التَّيَمُّمِ]
ِ ثَلَّثَ بِهِ تَأَسِّيًا بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّهُ قَدَّمَ الْوُضُوءَ لِأَنَّهُ الْأَعَمُّ، ثُمَّ الْغُسْلَ لِأَنَّهُ الْأَقَلُّ ثُمَّ بِالْخَلَفِ لِأَنَّهُ أَبَدًا يَلِي الْأَصْلَ. اهـ. عَيْنِيٌّ قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى: اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ابْتَدَأَ بِالْوُضُوءِ ثُمَّ ثَنَّى بِالْغُسْلِ ثُمَّ ثَلَّثَ بِالتَّيَمُّمِ اقْتِدَاءً بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ نَقُولُ ابْتَدَأَ بِالْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ الْأَعَمُّ وَالْأَغْلَبُ ثُمَّ بِالْغُسْلِ؛ لِأَنَّهُ الْأَنْدَرُ، ثُمَّ بِالْآلَةِ الَّتِي هُمَا يَحْصُلَانِ بِهَا وَهُوَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ، ثُمَّ بِالْعَوَارِضِ الَّتِي تَعْتَرِضُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يُخَالِطَهُ طَاهِرٌ أَوْ نَجِسٌ، ثُمَّ بِالْخَلَفِ وَهُوَ بَابُ التَّيَمُّمِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ التَّيَمُّمَ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوعًا لِغَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَإِنَّمَا شُرِعَ رُخْصَةً لَنَا، وَالرُّخْصَةُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ الْآلَةُ حَيْثُ اكْتَفَى بِالصَّعِيدِ الَّذِي هُوَ مُلَوِّثٌ وَفِي مَحَلِّهِ حَيْثُ اكْتَفَى بِشَطْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَثُبُوتُ التَّيَمُّمِ بِالْكِتَابِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] وَنُزُولُ الْآيَةِ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ اهـ وَفِي الْجَلَّابِيِّ شَرَائِطُ التَّيَمُّمِ أَرْبَعَةٌ النِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ حَتَّى لَا يَجُوزُ تَيَمُّمُ الْكَافِرِ بِنِيَّةِ الْإِسْلَامِ وَالِارْتِدَادُ لَا يُنَافِيهِ وَصِفَةُ مَا يُتَيَمَّمُ بِهِ وَالْعَجْزُ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَسُنَنُهُ أَرْبَعَةٌ: التَّسْمِيَةُ فِي ابْتِدَائِهِ، وَأَنْ يُقْبِلَ بِيَدَيْهِ وَيُدْبِرَ حَالَ الضَّرْبِ وَيَنْفُضُهُمَا بَعْدَهُ، وَالْبُدَاءَةُ بِالْوَجْهِ ثُمَّ بِالْيَدِ الْيُمْنَى ثُمَّ بِالْيَدِ الْيُسْرَى. اهـ. مُجْتَبَى قَوْلُهُ: وَنُزُولُ الْآيَةِ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ وَرُوِيَ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ فِي غَزَاةِ ذَاتِ الْمُرَيْسِيعِ فَنَزَلَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَسَقَطَ مِنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قِلَادَةٌ لِأَسْمَاءِ فَلَمَّا ارْتَحَلُوا ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَعَثَ بِرَجُلَيْنِ فِي طَلَبِهَا، وَأَقَامَ يَنْتَظِرُهُمَا فَعَدِمَ النَّاسُ الْمَاءَ وَحَضَرَتْ صَلَاةُ الْفَجْرِ فَأَغْلَظَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَقَالَ لَهَا حَبَسْت الْمُسْلِمِينَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَقَالَ أَسِيد بْنُ حُضَيْرٍ يَرْحَمُك اللَّهُ يَا عَائِشَةُ مَا نَزَلَ بِك أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إلَّا وَجَعَلَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ فَرَجًا». اهـ. أَقْطَعُ (قَوْلُهُ وَفِي الشَّرْعِ إلَى آخِرِهِ) قَالُوا الْقَصْدُ إلَى الصَّعِيدِ الطَّاهِرِ لِلتَّطْهِيرِ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ اسْمٌ لِمَسْحِ الْيَدَيْنِ عَنْ الصَّعِيدِ لِلطَّاهِرِ وَالْقَصْدُ شَرْطٌ لِأَنَّهُ النِّيَّةُ. اهـ. كَمَالٌ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَوْ لِمَرَضٍ) مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ يَخَافُ زِيَادَةَ الْمَرَضِ أَوْ تَطْوِيلَهُ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ أَوْ بِالتَّحَرُّكِ لِلِاسْتِعْمَالِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ إنَّمَا يَتَيَمَّمُ إذَا خَافَ تَلَفَ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ مِنْهُ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} [النساء: 43] الْآيَةَ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَوْ عَطَشٍ أَوْ فَقْدِ آلَةٍ) الْمُرَادُ مِنْ عَدَمِ وِجْدَانِ الْمَاءِ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ مَبْنِيٌّ عَلَيْهَا. اهـ. يَحْيَى

اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست