responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 345
لَا يُنَافِي الْمَشْرُوعِيَّةَ لِأَنَّ مُوجِبَهُ الِانْتِهَاءُ وَالنَّهْيُ عَمَّا لَا يُتَصَوَّرُ لَا يَكُونُ فَيَقْتَضِي تَصَوُّرَهُ وَحُرْمَتَهُ فَيَكُونُ مَشْرُوعًا ضَرُورَةً وَالنَّهْيُ لِغَيْرِهِ وَهُوَ تَرْكُ إجَابَةِ دَعْوَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُنَافِي الْمَشْرُوعِيَّةَ فَيَصِحُّ نَذْرُهُ وَلَكِنَّهُ يُفْطِرُ احْتِرَازًا عَنْ الْمَعْصِيَةِ ثُمَّ يَقْضِي إسْقَاطًا لِلْوَاجِبِ عَنْ ذِمَّتِهِ وَإِنْ صَامَ فِيهِ يَخْرُجُ عَنْ الْعَهْدِ لِأَنَّهُ أَدَاءٌ كَمَا الْتَزَمَهُ نَاقِصًا لِمَكَانِ النَّهْيِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ كَانَ نَوَى يَمِينًا كَفَّرَ أَيْضًا) أَيْ مَعَ الْقَضَاءِ تَجِبُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لِأَنَّهُمَا صَحَّا فَيَجِبُ عَلَيْهِ إذَا أَفْطَرَ مُوجِبُهُمَا الْكَفَّارَةُ بِالْيَمِينِ وَالْقَضَاءُ بِالنَّذْرِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى سِتَّةِ أَوْجُهٍ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَوْ نَوَى النَّذْرَ لَا غَيْرُ أَوْ نَوَى النَّذْرَ وَنَوَى أَنْ لَا يَكُونَ يَمِينًا يَكُونُ نَذْرًا فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ لِأَنَّهُ نَذْرٌ بِصِيغَتِهِ فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَوْ عِنْدَ نِيَّتِهِ لَهُ فَإِنْ نَوَى الْيَمِينَ وَنَوَى أَنْ لَا يَكُونَ نَذْرًا يَكُونُ يَمِينًا لِأَنَّ الْيَمِينَ مُحْتَمِلُ كَلَامَهُ لِأَنَّ النَّذْرَ إيجَابُ الْمُبَاحِ وَهُوَ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْبِرَّ وَقَدْ عَيَّنَهُ بِعَزِيمَتِهِ وَنَفَى غَيْرَهُ وَإِنْ نَوَاهُمَا جَمِيعًا يَكُونُ نَذْرًا وَيَمِينًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَكُونُ نَذْرًا لَا غَيْرُ وَإِنْ نَوَى الْيَمِينَ يَكُونُ أَيْضًا نَذْرًا وَيَمِينًا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ يَكُونُ يَمِينًا لَا غَيْرُ وَلَهُ أَنَّ النَّذْرَ فِيهِ حَقِيقَةٌ وَالْيَمِينَ مَجَازٌ فَلَا يَنْتَظِمُهَا لَفْظٌ وَاحِدٌ وَالْمَجَازُ يَتَعَيَّنُ بِنِيَّتِهِ وَعِنْدَ نِيَّتِهِمَا تَتَرَجَّحُ الْحَقِيقَةُ وَلَهُمَا أَنَّهُ لَا تَنَافِي بَيْنَ الْجِهَتَيْنِ لِأَنَّ النَّذْرَ إيجَابُ الْمُبَاحِ فَيَسْتَدْعِي تَحْرِيمَ ضِدِّهِ وَأَنَّهُ يَمِينٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] ثُمَّ قَالَ {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] فَكَانَ نَذْرًا بِصِيغَتِهِ يَمِينًا بِمُوجِبِهِ كَشِرَاءِ الْقَرِيبِ تُمْلَكُ بِصِيغَتِهِ تَحْرِيرٌ بِمُوجِبِهِ حَتَّى إذَا نَوَى عَنْ الْكَفَّارَةِ أَجْزَأَهُ أَوْ نَقُولُ إنَّهُمَا يَقْتَضِيَانِ الْوُجُوبَ أَمَّا النَّذْرُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْيَمِينُ فَلِأَنَّهُ يُوجِبُ الْبِرَّ إلَّا أَنَّ النَّذْرَ يَقْتَضِيهِ لِعَيْنِهِ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ وَالْيَمِينُ يَقْتَضِيهِ لِغَيْرِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ هَتْكُ حُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَجَمَعْنَا بَيْنَهُمَا عَمَلًا بِالدَّلِيلَيْنِ كَمَا جَمَعْنَا بَيْنَ جِهَتَيْ التَّبَرُّعِ وَالْمُعَاوَضَةِ فِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَكَمَا جَمَعْنَا بَيْنَ جِهَتَيْ الْفَسْخِ وَالْبَيْعِ فِي الْإِقَالَةِ فَإِذَا جَازَ ذَلِكَ مَعَ اخْتِلَافِ الْحُكْمِ فَمَعَ اتِّفَاقِهِ أَوْلَى أَنْ يَجُوزَ وَهَذَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا لِعَيْنِهِ وَوَاجِبًا لِغَيْرِهِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ كَمَنْ حَلَفَ لَيُصَلِّيَن الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةَ أَوْ لَيُطِيعَن أَبَوَيْهِ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْجِهَتَيْنِ مُؤَكِّدَةً لِلْأُخْرَى فَلَا تَنَافِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ Q ( قَوْلُهُ وَالنَّهْيُ عَمَّا لَا يُتَصَوَّرُ لَا يَكُونُ إلَى آخِرِهِ) أَيْ فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ أَنْ يُجْعَلَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ غَيْرَ مَشْرُوعٍ بِحُكْمِ النَّهْيِ بَعْدَمَا كَانَ مَشْرُوعًا بِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ النَّهْيَ غَيْرُ النَّسْخِ فَالنَّسْخُ تَصَرُّفٌ فِي الْمَشْرُوعِ بِالرَّفْعِ أَوْ الِانْتِهَاءُ أَوْ بِعَدَمِ فِعْلِ الْعَبْدِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَشْرُوعًا وَلَا صُنْعً لِلْعَبِدِ فِي الشَّرْعِ وَالنَّهْيُ مَنْعُ الْمُكَلَّفِ مِنْ فِعْلِ مَا هُوَ مَشْرُوعٌ فِي الْوَقْتِ فَيَبْقَى الْحَالُ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ مَعَ مَنْعِهِ وَيَصِيرُ فِعْلُهُ حَرَامًا وَقَدْ يُوجَدُ النَّسْخُ وَلَا نَهْيَ كَصَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ انْتَسَخَ وُجُوبُهُ وَبَقِيَ نَدْبُهُ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَدَّاهُ كَمَا الْتَزَمَهُ) أَيْ كَمَا لَوْ سَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ الَّذِي تَلَاهَا فِيهِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ نَاقِصًا) قَالَ فِي الْكَافِي كَمَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ هَذِهِ الرَّقَبَةَ وَهِيَ عَمْيَاءُ خَرَجَ عَنْ نَذْرِهِ بِإِعْتَاقِهَا وَإِنْ كَانَ لَا يَتَأَدَّى شَيْءٌ مِنْ الْوَاجِبَاتِ بِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ يَكُونُ نَذْرًا) أَيْ لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ) أَيْ وَبِالْإِجْمَاعِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ يَكُونُ يَمِينًا) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى الْيَمِينَ) أَيْ وَلَمْ يَخْطِرْ بَالُهُ بِالنَّذْرِ. اهـ. (قَوْلُهُ لَهُ أَنَّ النَّذْرَ فِيهِ حَقِيقَةٌ وَالْيَمِينَ مَجَازٌ) أَيْ حَتَّى لَا يَتَوَقَّفُ الْأَوَّلُ عَلَى النِّيَّةِ وَيَتَوَقَّفُ الثَّانِي. اهـ. هِدَايَةٌ
(قَوْلُهُ وَالْمَجَازُ يَتَعَيَّنُ بِنِيَّتِهِ) أَيْ فَيَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ بِالْإِفْطَارِ دُونَ الْقَضَاءِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ نِيَّتِهِمَا تَتَرَجَّحُ الْحَقِيقَةُ) لِقُوَّتِهَا إذْ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ مُمْتَنِعٌ فَإِذَا أَفْطَرَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَهُمَا أَنَّهُ لَا تَنَافِي بَيْنَ الْجِهَتَيْنِ) أَيْ فَجَازَ أَنْ يَجْتَمِعَا. اهـ. كَافِي وَالْجِهَتَانِ الْكَائِنَتَانِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَهُوَ لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا جِهَةُ الْيَمِينِ وَجِهَةُ النَّذْرِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ يَقْتَضِيَانِ الْوُجُوبَ) أَيْ وُجُوبَ مَا تَعَلَّقَتَا بِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ هَتْكُ حُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ) أَيْ بِالْحِنْثِ فَالنَّاذِرُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِالنَّذْرِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى قَالَ السَّرَخْسِيُّ وَكَانَ اللَّفْظُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً لِأَحَدِهِمَا مَجَازًا لِلْآخَرِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ اللَّفْظِ الْعَامِّ إلَّا أَنَّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُحْمَلُ عَلَى النَّذْرِ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ فِيهِ وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْأَلْفَاظِ الْمُشَكِّكَةِ تَكُونُ وَاحِدًا إلَّا أَنَّهُ فِي الْبَعْضِ أَصْدَقُ كَالْبَيَاضِ فِي الثَّلْجِ، وَالْعَاجُ أَصْدَقُ مِنْ الثَّوْبِ وَفِي التَّحْرِيرِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعَمَلِ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا مِنْ بَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي دَارِ فُلَانٍ فَدَخَلَهَا رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا يَحْنَثُ (قُلْت) الْمُرَادُ ثَمَّةَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الصُّوَرِ كُلِّهَا وَهُوَ الْحُصُولُ فِيهَا وَهَذَا كُلُّ وَاحِدٍ مُرَادٌ وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا يُصْرَفُ إلَى الْيَمِينِ وَفِي الْمَقِيسِ عَلَيْهَا يُصْرَفُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ فَلَمْ تَكُنْ مِثْلَهَا
وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّ ذَلِكَ عَمَلٌ بِلَفْظَيْنِ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِلَّهِ يَمِينٌ عَلَيَّ كَذَا نَذْرٌ فَيَكُونُ إيجَابُ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ مُوجِبَ النَّذْرِ وَالْيَمِينِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي لَفْظِهِ ذَكَرَ ذَلِكَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْخَلَّاطِيُّ فِي جَامِعِهِ إذْ اللَّامُ تُسْتَعْمَلُ لِلْقَسَمِ قَالَ الشَّاعِرُ
لِلَّهِ يَبْقَى عَلَى الْأَيَّامِ ذُو حَيْدٍ
اهـ سَرُوجِيٌّ (قَوْلُهُ فَجَمَعْنَا بَيْنَهُمَا) أَيْ لَا نُفَارِقُهُمَا فِي الْإِيجَابِ. اهـ. كَافِي بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَالْمُعَاوَضَةُ فِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ) يَعْنِي جُعِلَ هِبَةً فِي الِابْتِدَاءِ لِلَفْظِ الْهِبَةِ وَبَيْعًا فِي الِانْتِهَاءِ لِدَلَالَةِ الْمُعَاوَضَةِ فَاعْتُبِرَتْ الْأَحْكَامُ الثَّلَاثَةُ لِجِهَةِ التَّبَرُّعِ وَهِيَ اشْتِرَاطُ التَّقَابُضِ وَالْبُطْلَانِ بِالشُّيُوعِ وَعَدَمُ جَوَازِ تَصَرُّفِ الْمَأْذُونِ فِيهَا وَاعْتُبِرَتْ جِهَةُ الْمُعَاوَضَةِ فِي الْأَحْكَامِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَاسْتِحْقَاقُ الشُّفْعَةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْخَبَّازِيَّةِ اهـ كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَمَا جَمَعْنَا بَيْنَ جِهَتَيْ الْفَسْخِ إلَى آخِرِهِ) أَيْ فَإِنَّهَا فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِصِيغَتِهَا بَيْعٌ فِي حَقِّ الثَّالِثِ بِمَعْنَاهُ. اهـ. كَاكِيٌّ
(قَوْلُهُ كَمَنْ حَلَفَ لَيُصَلِّيَن الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةَ)

اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 345
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست