responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 34
سِبَاعِ الطَّيْرِ فَقَدْ قِيلَ هُوَ جَوَابُ الِاسْتِحْسَانِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ نَجِسًا؛ لِأَنَّ لَحْمَهَا حَرَامٌ كَسِبَاعِ الْبَهَائِمِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهَا تَشْرَبُ بِمِنْقَارِهَا وَهُوَ عَظْمٌ جَافٌّ بِخِلَافِ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ فَإِنَّهَا تَشْرَبُ بِلِسَانِهَا، وَهُوَ رَطْبٌ بِلُعَابِهَا وَلِأَنَّ فِي سُؤْرِ سِبَاعِ الطَّيْرِ ضَرُورَةً وَعُمُومَ بَلْوَى فَإِنَّهَا تَنْقُضُ مِنْ عُلُوٍّ وَهَوَاءٍ فَلَا يُمْكِنُ صَوْنُ الْأَوَانِي عَنْهَا لَا سِيَّمَا فِي الْبَرَارِي فَأَشْبَهَتْ الْحَيَّةَ وَنَحْوَهَا، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ مَا يَقَعُ مِنْهَا عَلَى الْجِيَفِ فَسُؤْرُهُ نَجِسٌ، وَمَا يَأْكُلُ اللَّحْمَ الْمُذَكَّى لَا يُكْرَهُ سُؤْرُهُ، وَأَمَّا سُؤْرُ سَوَاكِنِ الْبَيْتِ فَلِلضَّرُورَةِ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ نَجِسًا؛ لِأَنَّ لَحْمَهَا نَجِسٌ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ طَوْفَهَا أَلْزَمُ وَهُوَ الْعِلَّةُ فِي الْبَابِ لِسُقُوطِ النَّجَاسَةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ فِي الْهِرَّةِ «إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ.»

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْحِمَارُ وَالْبَغْلُ مَشْكُوكٌ) أَيْ سُؤْرُهُمَا مَشْكُوكٌ فِيهِ أَمَّا الْحِمَارُ فَلِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «أَمَرَ يَوْمَ خَيْبَرَ بِإِكْفَاءِ الْقُدُورِ مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَقَالَ إنَّهُ رِجْسٌ» وَرُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ «قَالَ لِأَبْجَرَ بْنِ غَالِبٍ حِينَ قَالَ لَهُ لَيْسَ لِي إلَّا حَمِيرَاتٌ كُلْ مِنْ سَمِينِ مَالِكِ» وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ كُلُّ مَا يَعْتَلِفُ الْقَتَّ وَالتِّبْنَ فَسُؤْرُهُ طَاهِرٌ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ إنَّهُ رِجْسٌ، وَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْكَلْبَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ غَيْرُ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَيُشْبِهُ الْهِرَّةَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُرْبَطُ فِي الدُّورِ وَالْأَفْنِيَةِ فَتَعَارَضَتْ الْأَدِلَّةُ فِيهِ فَوَقَعَ الشَّكُّ ثُمَّ قِيلَ الشَّكُّ فِي طَهَارَتِهِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ يُشْبِهُ الْكَلْبَ مِنْ وَجْهٍ وَالْهِرَّةَ مِنْ وَجْهٍ وَقِيلَ فِي طَهُورِيَّتِهِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْهِرَّةَ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا فَيَكُونُ طَهُورًا بِاعْتِبَارِهِ، وَيُفَارِقُهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْمَضَايِقَ وَلَا يَصْعَدُ الْغُرَفَ فَكَانَ الْبَلْوَى فِيهِ دُونَهَا فِي الْهِرَّةِ فَيَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ طَهُورًا بِاعْتِبَارِهِ فَأَوْجَبَ الشَّكَّ فِي الطَّهُورِيَّةِ وَقِيلَ الشَّكُّ فِي الطَّهَارَةِ وَالطَّهُورِيَّةِ جَمِيعًا، وَأَمَّا الْبَغْلُ فَهُوَ مِنْ نَسْلِ الْحِمَارِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَتِهِ هَكَذَا.
قَالُوا فِيهِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ أُمُّهُ أَتَانًا فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْحُكْمِ، وَإِنْ كَانَتْ فَرَسًا فَفِيهِ إشْكَالٌ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْأُمِّ أَلَا تَرَى أَنَّ الذِّئْبَ لَوْ نَزَا عَلَى شَاةٍ فَوَلَدَتْ ذِئْبًا حَلَّ أَكْلُهُ وَيُجْزِي فِي الْأُضْحِيَّةِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَأْكُولًا عِنْدَهُمَا وَطَاهِرًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ اعْتِبَارًا لِلْأُمِّ، وَفِي الْغَايَةِ إذَا نَزَا الْحِمَارُ عَلَى الرَّمَكَةِ لَا يُكْرَهُ لَحْمُ الْبَغْلِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْهُمَا عَنْ مُحَمَّدٍ فَعَلَى هَذَا لَا يَصِيرُ سُؤْرُهُ مَشْكُوكًا فِيهِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي لُعَابِهَا ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ فِي رِوَايَةٍ طَاهِرٌ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى نَجِسٌ نَجَاسَةً مُخَفَّفَةً وَفِي رِوَايَةٍ مُغَلَّظَةً وَالصَّحِيحُ أَنَّ لُعَابَهُمَا وَعَرَقَهُمَا وَلَبَنَ الْأَتَانِ طَاهِرٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ بِسُؤْرِهِمَا لِلشَّكِّ الَّذِي تَقَدَّمَ فَلَا يُنَجِّسُ مَا هُوَ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ وَلَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ الثَّابِتَ بِيَقِينٍ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَتَيَمَّمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى مَا تَحْتَ قَدَمَيْهَا؛ لِأَنَّهَا رُبَّمَا تَفْتِشُ نَجَاسَةَ نَفْسِهَا فَهِيَ وَالْمُخْلَاةُ سَوَاءٌ اهـ كَافِي (قَوْلُهُ إنَّ طَوَافَهَا أَلْزَمُ) أَيْ مِنْ طَوَافِ الْهِرَّةِ؛ لِأَنَّ الْفَأْرَةَ تَدْخُلُ مَا لَا تَقْدِرُ الْهِرَّةُ دُخُولَهُ اهـ

. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالْحِمَارُ وَالْبَغْلُ مَشْكُوكٌ إلَى آخِرِهِ) وَكَانَ أَبُو طَاهِرٍ الدَّبَّاسُ يُنْكِرُ هَذَا الْقَوْلَ، وَيَقُولُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرْعِ مَشْكُوكًا وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ يَحْتَاطُ فِيهِ فَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ، وَإِذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ يَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ، وَذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَسُمِّيَ مُشْكِلًا لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ فِي طَهَارَتِهِ وَعَدَمِ طَهَارَتِهِ لَا أَنْ يَعْنِيَ بِكَوْنِهِ مُشْكِلًا الْجَهْلَ بِحُكْمِ الشَّرْعِ. اهـ. كَاكِيٌّ فَإِنْ قِيلَ كَمَا أَنَّ الدَّلِيلَيْنِ تَعَارَضَا فِي فَصْلِ الْحِمَارِ، وَهُوَ قَوْلُهُ «كُلْ مِنْ سَمِينِ مَالِكَ» مَعَ قَوْلِهِ «أَكْفِئُوا الْقُدُورَ» كَذَلِكَ فِي الْهِرَّةِ تَعَارَضَ دَلِيلَانِ، وَهُوَ قَوْلُهُ الْهِرَّةُ لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ، وَقَوْلُهُ الْهِرَّةُ سَبُعٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سُؤْرُ الْهِرَّةِ مَشْكُوكًا كَسُؤْرِ الْحِمَارِ قُلْنَا فِي فَصْلِ الْهِرَّةِ: النَّجَاسَةُ ثَبَتَتْ بِمُقْتَضَى النَّصِّ، وَهُوَ قَوْلُهُ «الْهِرَّةُ سَبُعٌ» فَإِذَا كَانَ سَبُعًا يَكُونُ نَجِسًا أَمَّا الطَّهَارَةُ ثَبَتَتْ صَرِيحًا بِقَوْلِهِ الْهِرَّةُ لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ وَبِإِرْدَافِ الدَّلِيلِ، وَهُوَ قَوْلُهُ الْهِرَّةُ لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ الطَّوَّافِينَ، وَالصَّرِيحُ لَا يُعَارِضُ الْمُقْتَضَى أَمَّا فِي فَصْلِ الْحِمَارِ كِلَا الطَّرَفَيْنِ مُقْتَضٍ وَهُوَ قَوْلُهُ «أَكْفِئُوا الْقُدُورَ» يَقْتَضِي النَّجَاسَةَ وَقَوْلُهُ «كُلْ مِنْ سَمِينِ مَالِكَ» يَقْتَضِي الطَّهَارَةَ فَلِذَلِكَ قُلْنَا بِالشَّكِّ فِي سُؤْرِ الْحِمَارِ وَالْكَرَاهَةِ فِي سُؤْرِ الْهِرَّةِ، فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَثْبُتَ الشَّكُّ بَلْ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ تَرْجِيحًا لِلْحُرْمَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ إلَّا وَقَدْ غَلَبَ الْحَرَامُ الْحَلَالَ» قُلْنَا التَّرْجِيحُ مُؤَخَّرٌ عَنْ الْجَمْعِ وَهُنَا الْجَمْعُ مُمْكِنٌ بِأَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَتَوَضَّأَ فَإِذَا كَانَ الْجَمْعُ مُمْكِنًا فَلَا يُصَارُ إلَى التَّرْجِيحِ. اهـ. (قَوْلُهُ ثُمَّ قِيلَ الشَّكُّ فِي طَهَارَتِهِ) حَتَّى لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ يُفْسِدُهُ، وَإِنْ أَصَابَ الْبَدَنَ أَوْ الثَّوْبَ لَا يُفْسِدُهُ. اهـ. قَاضِيخَانْ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ وَقِيلَ فِي طَهُورِيَّتِهِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. اهـ. كَافِي وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ عَلَى الرَّمَكَةِ) هِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْبَرَاذِينِ (قَوْلُهُ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَهُمَا) أَيْ وَإِذَا كَانَتْ أُمُّهُ بَقَرَةً يَنْبَغِي أَنْ يُؤْكَلَ بِالِاتِّفَاقِ. اهـ. عَيْنِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَبَنُ الْأَتَانِ طَاهِرٌ) وَهَذَا فِي الْعَرَقِ بِحُكْمِ الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ صَحِيحٌ أَمَّا فِي اللَّبَنِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا أَنَّ الرِّوَايَةَ فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ بِنَجَاسَةِ لَبَنِهِ أَوْ تَسْوِيَةِ النَّجَاسَةِ وَالطَّهَارَةِ بِذِكْرِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَمْ يُرَجِّحْ جَانِبَ الطَّهَارَةِ أَحَدٌ إلَّا فِي رِوَايَةٍ غَيْرِ ظَاهِرَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ فِي تَعْلِيلِ سُؤْرِهِ وَكَذَلِكَ اعْتِبَارُ سُؤْرِهِ بِعَرَقِهِ يَدُلُّ عَلَى طَهَارَتِهِ، وَاعْتِبَارُهُ بِلَبَنِهِ يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَتِهِ فَجُعِلَ لَبَنُهُ نَجِسًا كَمَا تَرَى وَفِي الْمُحِيطِ لَبَنُهُ نَجِسٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ طَاهِرٌ وَلَا يُؤْكَلُ، وَاعْتَبَرَ التُّمُرْتَاشِيُّ وَالْبَزْدَوِيُّ فِيهِ الْكَثِيرَ الْفَاحِشَ هُوَ الصَّحِيحُ وَعَنْ عَيْنِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ نَجِسٌ نَجَاسَةً غَلِيظَةً لِأَنَّهُ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي طَهَارَتِهِ رِوَايَتَانِ. اهـ. كَاكِيٌّ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ لَبَنَهُ نَجِسٌ. اهـ. كَاكِيٌّ.
وَقِيلَ سُؤْرُ الْفَحْلِ نَجِسٌ لِأَنَّهُ يَشُمُّ الْبَوْلَ فَيَنْجُسُ فَمُهُ، وَسُؤْرُ الْأَتَانِ مُشْكِلٌ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْفَرْقِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَوْهُومٌ فَلَا يَنْجُسُ بِهِ. اهـ. كَاكِيٌّ

اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست