responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 333
(فَصْلٌ فِي الْعَوَارِضِ).
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (لِمَنْ خَافَ زِيَادَةَ الْمَرَضِ الْفِطْرُ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يُفْطِرُ إلَّا إذَا خَافَ الْهَلَاكَ مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ فِي التَّيَمُّمِ وَنَحْنُ نَقُولُ إنَّ زِيَادَةَ الْمَرَضِ وَامْتِدَادَهُ قَدْ يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ فَيَجِبُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَطَرِيقُ مَعْرِفَتِهِ الِاجْتِهَادُ فَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَفْطَرَ وَكَذَا إذَا أَخْبَرَهُ طَبِيبٌ مُسْلِمٌ حَاذِقٌ عَدْلٌ وَالصَّحِيحُ الَّذِي يَخْشَى أَنْ يَمْرَضَ بِالصَّوْمِ فَهُوَ كَالْمَرِيضِ وَكَذَا الْأَمَةُ الَّتِي تَخْدُمُ إذَا خَافَتْ الضَّعْفَ جَازَ أَنْ تُفْطِرَ ثُمَّ تَقْضِيَ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلِلْمُسَافِرِ وَصَوْمُهُ أَحَبُّ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ) أَيْ لِلْمُسَافِرِ الْفِطْرُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِمَنْ خَافَ زِيَادَةَ الْمَرَضِ وَإِنَّمَا جَازَ الْفِطْرُ لِأَنَّ السَّفَرَ لَا يَخْلُو عَنْ الْمَشَقَّةِ وَلِهَذَا قِيلَ الْمَسَافَةُ مَسُّ آفَةٍ وَأُقِيمَ نَفْسُ السَّفَرِ مَقَامَهَا وَأُدِيرَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَرَضِ لِأَنَّهُ يَزِيدُ بِالْأَكْلِ وَيَخِفُّ بِتَرْكِهِ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ الْمُبِيحُ بِمُجَرَّدِهِ وَالصَّوْمُ أَفْضَلُ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْفِطْرُ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» وَعَلَى قَوْلِ أَهْلِ الظَّاهِرِ لَا يَجُوزُ لِمَا رَوَيْنَا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] فَقِيلَ إدْرَاكُ الْعِدَّةِ يَكُونُ قَبْلَ وُجُودِ السَّبَبِ فَصَارَ رَمَضَانُ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ كَشَعْبَانَ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] وقَوْله تَعَالَى {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] عَامٌّ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَإِنَّمَا أُجِيزَ لَهُ التَّأْخِيرُ رُخْصَةً فَإِذَا أَخَذَ بِالْعَزِيمَةِ كَانَ أَفْضَلَ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ فَلَمْ يَعِبْ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ الْوَقْعُ الْإِنْكَارُ وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» خَرَجَ فِي مُسَافِرٍ ضَرَّهُ الصَّوْمُ عَلَى مَا رُوِيَ فِي الْقِصَّةِ أَنَّهُ غُشِيَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ رَمَضَانَ أَفْضَلُ الْوَقْتَيْنِ فَكَانَ الْأَدَاءُ فِيهِ أَفْضَلَ وَلِهَذَا كَانُوا يَجْتَهِدُونَ عَلَى تَحْصِيلِهِ فِي رَمَضَانَ حَتَّى رُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ حَتَّى إنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ مَا فِينَا صَائِمٌ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ «سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ أَيَّامِ الْبِيضِ الثَّالِثَ إلَخْ) وَقِيلَ الرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ وَالسَّادِسَ عَشَرَ وَالْمُرَادُ بِأَيَّامِ الْبِيضِ أَيَّامُ اللَّيَالِي الْبِيضِ لِأَنَّ الْقَمَرَ يَبْقَى فِي هَذِهِ اللَّيَالِي مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا وَإِلَّا فَالْأَيَّامُ كُلُّهَا بِيضٌ. اهـ. دِرَايَةٌ فِي آخِرِ بَابِ الِاعْتِكَافِ وَلَا يُكْرَهُ صَوْمُ التَّطَوُّعِ لِمَنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ إلَّا رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مِمَّنْ عَلَيْهِ فَرْضٌ. اهـ. دِرَايَةٌ فِي الِاعْتِكَافِ

[فَصْلٌ فِي الْعَوَارِضِ]
وَهِيَ حَرِيَّةٌ بِالتَّأْخِيرِ الْأَعْذَارُ الْمُبِيحَةُ لِلْفِطْرِ الْمَرَضُ وَالسَّفَرُ وَالْحَبَلُ وَالرَّضَاعُ إذَا أَضَرَّ بِهَا أَوْ بِوَلَدِهَا وَالْكِبَرُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ وَالْعَطَشُ الشَّدِيدُ وَالْجُوعُ كَذَلِكَ إذَا خِيفَ مِنْهُمَا الْهَلَاكُ أَوْ نُقْصَانُ الْعَقْلِ كَالْأَمَةِ إذَا ضَعُفَتْ عَنْ الْعَمَلِ وَخَشِيَتْ الْهَلَاكَ بِالصَّوْمِ وَكَذَا الَّذِي ذَهَبَ بِهِ مُتَوَكِّلُ السُّلْطَانِ إلَى الْعِمَارَةِ فِي الْأَيَّامِ الْحَارَّةِ وَالْعَمَلُ حَثِيثٌ إذَا خَشِيَ الْهَلَاكَ أَوْ نُقْصَانَ الْعَقْلِ وَقَالُوا الْغَازِي إذَا كَانَ يَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّهُ يُقَاتِلُ الْعَدُوَّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَيَخَافُ الضَّعْفَ إنْ لَمْ يُفْطِرْ قَبْلَ الْحَرْبِ مُسَافِرًا كَانَ أَوْ مُقِيمًا انْتَهَى فَتْحٌ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لِمَنْ خَافَ زِيَادَةً) أَيْ أَوْ تَأَخَّرَ بُرْؤُهُ انْتَهَى ع (قَوْلُهُ الْمَرَضُ) الْمَرَضُ مَعْنًى يَزُولُ بِحُلُولِهِ فِي بَدَنِ الْحَيِّ اعْتِدَالُ الطَّبَائِعِ الْأَرْبَعِ انْتَهَى غَايَةٌ (قَوْلُهُ الْفِطْرُ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا إذَا عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ الْفِطْرُ انْتَهَى ع (قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ الَّذِي يَخْشَى أَنْ يَمْرَضَ إلَخْ) وَفِي الْمَرْغِينَانِيِّ لَا يُعْتَبَرُ خَوْفُ الْمَرَضِ اهـ ع

(قَوْلُهُ وَأُقِيمَ نَفْسُ السَّفَرِ مَقَامَهَا) لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ أَمْرٌ بَاطِنٌ فَلَمَّا كَانَ كَذَلِكَ جَازَ لَهُ الْإِفْطَارُ وَبِمُجَرَّدِ السَّفَرِ لَحِقَتْهُ الْمَشَقَّةُ أَوَّلًا انْتَهَى أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَرَضِ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِخِلَافِ الْمَرَضِ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ ثَمَّةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِحَقِيقَةِ الْعَجْزِ لِأَنَّ الْمَرَضَ الَّذِي يَنْفَعُهُ الِاحْتِمَاءُ لَا يُبِيحُ الْإِفْطَارَ فَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ الْإِفْطَارُ بِمُجَرَّدِ الْمَرَضِ مَا لَمْ يَكُنْ صَوْمُهُ مُفْضِيًا إلَى الْحَرَجِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَالصَّوْمُ أَفْضَلُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُسَافِرَ يَجُوزُ لَهُ الْإِفْطَارُ كَيْفَمَا كَانَ يُمْكِنُ وَإِذَا لَحِقَتْهُ الْمَشَقَّةُ مِنْ الصَّوْمِ فَالْإِفْطَارُ أَفْضَلُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِذَا لَمْ تَلْحَقْهُ الْمَشَقَّةُ فَعِنْدَنَا الصَّوْمُ أَفْضَلُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْإِفْطَارُ أَفْضَلُ انْتَهَى وَلَا يَرِدُ عَلَيْنَا الْقَصْرُ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِكْمَالِ لِأَنَّ ذَاكَ رُخْصَةُ إسْقَاطٍ وَهَذَا رُخْصَةُ تَرْفِيهٍ انْتَهَى أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ الْفِطْرُ أَفْضَلُ إلَخْ) الْمَذْهَبُ عِنْدَهُمْ أَنَّ الصَّوْمَ أَفْضَلُ كَمَذْهَبِنَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ ذَكَرَ الْخُرَاسَانِيُّونَ قَوْلًا شَاذًّا ضَعِيفًا مُخَرَّجًا مِنْ الْقَصْرِ أَنَّ الْفِطْرَ أَفْضَلُ انْتَهَى غَايَةٌ وَفِي الْحِلْيَةِ
قَالَ أَحْمَدُ وَالْأَوْزَاعِيُّ الْفِطْرُ أَفْضَلُ وَفِي الْمُغْنِي عِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ مَكْرُوهٌ انْتَهَى كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» إلَخْ) مَخْصُوصٌ بِسَبَبِهِ انْتَهَى فَتْحٌ (قَوْلُهُ عَلَى مَا رُوِيَ فِي الْقِصَّةِ) هُوَ مَا رُوِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي سَفَرٍ فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا صَائِمٌ فَقَالَ لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» انْتَهَى فَتْحُ الْقَدِيرِ قَوْلُهُ فِي السَّفَرِ أَيْ لِمَنْ هَذَا حَالُهُ انْتَهَى كَافِي
(قَوْلُهُ حَتَّى رُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ) وَاسْمُهُ عُوَيْمِرُ بْنُ عَامِرٍ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنْصَارِيٌّ حَارِثِيٌّ مَدَنِيٌّ نَزَلَ الشَّامَ انْتَهَى غَايَةٌ (قَوْلُهُ مَا فِينَا صَائِمٌ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ إلَخْ) فَعُلِمَ أَنَّ الصَّوْمَ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ اخْتِيَارُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّ الصَّوْمَ عَمَلٌ بِالْعَزِيمَةِ وَالْإِفْطَارَ رُخْصَةٌ وَالْعَمَلُ بِالْعَزِيمَةِ أَوْلَى مَعَ اعْتِقَادِ الرُّخْصَةِ كَمَا فِي غُسْلِ الرَّجُلِ مَعَ الْمَسْحِ انْتَهَى غَايَةُ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ) أَيْ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ انْتَهَى غَايَةٌ

اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 333
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست