responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 32
عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ وَيَجُوزُ عِنْدَ الْفَرَّاءِ، وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ مَجْرُورٌ عَلَى أَنَّهُ حُذِفَ الْمُضَافُ وَتُرِكَ الْمُضَافُ إلَيْهِ عَلَى إعْرَابِهِ كَانَ جَائِزًا إلَّا أَنَّهُ قَلِيلٌ نَحْوُ قَوْلِهِمْ: مَا كُلُّ سَوْدَاءَ تَمْرَةٌ وَلَا بَيْضَاءَ شَحْمَةٌ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَتَقَدَّمَ فِي اللَّفْظِ ذِكْرُ الْمُضَافِ، ثُمَّ نَجَاسَةُ سُؤْرِ الْكَلْبِ مَذْهَبُنَا، وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ طَاهِرٌ يُشْرَبُ وَيُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِهِ سَبْعًا تَعَبُّدًا، وَلَنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ ثُمَّ لِيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» وَالْأَمْرُ بِالْإِرَاقَةِ دَلِيلُ التَّنَجُّسِ، وَأَقْوَى مِنْهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «طُهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعًا» فَهَذَا يُفِيدُ النَّجَاسَةَ؛ لِأَنَّ الطُّهُورَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الطَّهَارَةِ فَيَسْتَدْعِي سَابِقَةَ التَّنَجُّسِ أَوْ الْحَدَثِ، وَالثَّانِي مُنْتَفٍ فَيَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النُّصُوصِ أَنْ تَكُونَ مَعْقُولَةَ الْمَعْنَى فَإِذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ كَوْنِهِ مَعْقُولًا وَتَعَبُّدًا كَانَ جَعْلُهُ مَعْقُولَ الْمَعْنَى أَوْلَى لِنُدْرَةِ التَّعَبُّدِ وَكَثْرَةِ التَّعَقُّلِ، ثُمَّ عِنْدَنَا يَطْهُرُ بِالثَّلَاثِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا بُدَّ مِنْ السَّبْعِ لِمَا رَوَيْنَا فَيَكُونُ التَّعَبُّدُ فِي الْعَدَدِ عِنْدَهُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ لِأَنَّهُ أَقَلُّ خُرُوجًا عَنْ الْأَصْلِ.
وَلَنَا مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ يُغْسَلُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» وَهُوَ الرَّاوِي لِاشْتِرَاطِ السَّبْعِ، وَعِنْدَنَا إذَا عَمِلَ الرَّاوِي بِخِلَافِ مَا رَوَى أَوْ أَفْتَى لَا تَبْقَى رِوَايَتُهُ حُجَّةً لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا فَيَعْمَلَ أَوْ يُفْتِيَ بِخِلَافِهِ إذْ تَسْقُطُ بِهِ عَدَالَتُهُ فَدَلَّ عَلَى نَسْخِهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ هَذَا كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ حِينَ كَانَ يُشَدِّدُ فِي أَمْرِ الْكِلَابِ، وَيَأْمُرُ بِقَتْلِهَا قَلْعًا لَهُمْ عَنْ مُخَالَطَتِهَا، ثُمَّ تُرِكَ وَهَذَا كَمَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَأْمُرُ بِكَسْرِ الْأَوَانِي حِينَ كَانَ يُشَدِّدُ فِي الْخَمْرِ قَلْعًا لَهُمْ عَنْهَا وَحَسْمًا لِمَادَّتِهَا ثُمَّ نَهَى عَنْ كَسْرِ الْأَوَانِي أَوْ تُحْمَلُ السَّبْعُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْكَلْبِ يَلَغُ فِي الْإِنَاءِ أَنَّهُ يُغْسَلُ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا» فَخَيَّرَهُ وَلَوْ كَانَ السَّبْعُ وَاجِبًا لَمَا خَيَّرَهُ، ثُمَّ إنَّ الشَّافِعِيَّ جَعَلَ الْعَدَدَ تَعَبُّدًا فِي وُلُوغِ الْكَلْبِ وَعَدَّاهُ إلَى الْبَوْلِ وَإِلَى رُطُوبَةٍ أُخْرَى مِنْ الْكَلْبِ وَإِلَى الْخِنْزِيرِ.
وَالشَّيْءُ إذَا ثَبَتَ تَعَبُّدًا لَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ، وَقَدَّرَهُ أَصْحَابُنَا بِالثَّلَاثِ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ لِمَا رَوَيْنَاهُ وَلِحَدِيثِ الْمُسْتَيْقِظِ، وَأَمَّا نَجَاسَةُ سُؤْرِ الْخِنْزِيرِ فَلِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ، وَأَمَّا سُؤْرُ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ فَلِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ لَحْمِهِ وَلَحْمُهُ حَرَامٌ نَجِسٌ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ طَاهِرٌ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قِيلَ لَهُ أَيُتَوَضَّأُ بِمَا أَفَضَلَتْهُ الْحُمُرُ فَقَالَ نَعَمْ وَبِمَا أَفَضَلَتْهُ السِّبَاعُ»، وَلَنَا مَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطُّيُورِ»، وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَاءِ فِي الْغُدْرَانِ يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سُئِلَ عَنْ الْحِيَاضِ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ تَرِدُهَا السِّبَاعُ وَالْكِلَابُ وَالْحُمُرُ وَعَنْ الطَّهَارَةِ بِهَا، فَقَالَ لَهَا مَا حَمَلَتْ فِي بُطُونِهَا وَلَنَا مَا غَيَرَ طَهُورٍ» وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا» لِأَنَّهُ قَالَهُ حِينَ سُئِلَ عَنْ الْحِيَاضِ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ تَرِدُهَا السِّبَاعُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ سُؤْرُ السِّبَاعِ نَجِسًا لَمْ يَكُنْ لِتَقْيِيدِهِ بِالْقُلَّتَيْنِ فَائِدَةٌ عَلَى زَعْمِهِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ حُجَّةٌ عِنْدَهُ فَنُلْزِمُهُ بِمَا يَعْتَقِدُ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ فِي مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا فِي سُؤْرِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ السِّبَاعِ إشْكَالًا فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ لَحْمٍ نَجِسٍ، ثُمَّ يَقُولُونَ إذَا ذُكِّيَ طَهُرَ لَحْمُهُ؛ لِأَنَّ نَجَاسَتَهُ لِأَجْلِ رُطُوبَةِ الدَّمِ وَقَدْ خَرَجَ بِالذَّكَاةِ فَإِنْ كَانُوا يَعْنُونَ بِقَوْلِهِمْ نَجِسٌ نَجَاسَةَ عَيْنِهِ وَجَبَ أَنْ لَا يَطْهُرَ بِالذَّكَاةِ كَالْخِنْزِيرِ، وَإِنْ كَانُوا يَعْنُونَ بِهِ لِأَجْلِ مُجَاوَرَةِ الدَّمِ فَالْمَأْكُولُ كَذَلِكَ يُجَاوِرُهُ الدَّمُ، فَمِنْ أَيْنَ جَاءَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي السُّؤْرِ؟ إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ وَيَتَنَجَّسُ بِمَوْتِهِ حَتْفَ أَنْفِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا فِي الْمُذَكَّى فِي حَقِّ الْأَكْلِ، وَالْحُرْمَةُ لَا تُوجِبُ النَّجَاسَةَ وَكَمْ مِنْ طَاهِرٍ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ إلَّا جِلْدُهُ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ لَحْمِهِ لَا لِكَرَامَةِ آيَةِ النَّجَاسَةِ لَكِنْ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ جَلْدَةٌ رَقِيقَةٌ تَمْنَعُ تَنَجُّسَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ فِي اللَّفْظِ ذِكْرُ الْمُضَافِ) هَذَا شَرْطٌ فِي الْغَالِبِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ، وَقَالَ مَالِكٌ إنَّهُ طَاهِرٌ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَعِنْدَ مَالِكٍ سُؤْرُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَكُلِّ سَبُعٍ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ طَاهِرٌ لِكَوْنِهِ حَيًّا، وَيَنْجُسُ بِالْمَوْتِ اهـ.
(قَوْلُهُ وُلُوغُهُ) قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْوُلُوغُ بِضَمِّ الْوَاوِ إذَا شَرِبَ قَلِيلًا، وَإِذَا كَثُرَ فَهُوَ بِفَتْحِهَا. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ «فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ») جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي بَدَنِ الْمُصَلِّي. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْعَدَدِ) أَيْ لَا فِي نَفْسِ الْغَسْلِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ السَّبْعُ) الَّذِي فِي مُسَوَّدَةِ الشَّارِحِ التَّسْبِيعُ (قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ) أَيْ فِي غَيْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ (قَوْلُهُ عَلَى زَعْمِهِ) إنَّمَا قَالَ عَلَى زَعْمِهِ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ إذَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ عَشْرًا فِي عَشْرٍ يَتَنَجَّسُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَكَمْ مِنْ طَاهِرٍ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ) أَيْ كَالضِّفْدَعِ وَالسَّرَطَانِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ لَحْمِهِ لَا لِكَرَامَتِهِ) أَقُولُ مُجَرَّدُ حُرْمَةِ اللَّحْمِ لَا لِلْكَرَامَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ النَّجَاسَةَ كَمَا فِي الضِّفْدَعِ وَقَدْ اعْتَرَفَ بِهِ أَوَّلًا فَالْأَوْلَى أَنْ يُعَلَّلَ بِمَا ذَكَرَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَنَّ حُرْمَةَ الْأَكْلِ تَثْبُتُ لِفَسَادِ الْغِذَاءِ كَالذُّبَابِ وَالتُّرَابِ وَالْخُنْفُسَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ فِي الْأَصْلِ إنَّمَا أُبِيحَ لِلْغِذَاءِ، أَوْ لِلْخَبَثِ طَبْعًا كَالضُّفْدَعِ وَالسُّلَحْفَاةِ مِمَّا يَسْتَخْبِثُهُ النَّاسُ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ، وَإِلَيْهِ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] وَلِلنَّجَاسَةِ كَمَا فِي الْخِنْزِيرِ وَلِلِاحْتِرَامِ كَمَا فِي الْآدَمِيِّ وَالْكُلُّ مُنْتَفٍ إلَّا النَّجَاسَةَ، أَمَّا الِاحْتِرَامُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فَسَادُ الْغِذَاءِ فَلِأَنَّهُ غِذَاءٌ قَوِيٌّ، وَأَمَّا الْخَبَثُ الطَّبِيعِيُّ فَلِأَنَّهَا قَبْلَ التَّحْرِيمِ كَانَتْ مَأْكُولَةً فَلَمْ يَبْقَ إلَّا النَّجَاسَةُ. اهـ. يَحْيَى

اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 32
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست